أدب الرعب والعام

المخلوق الأثيري ( 2 )

 
بقلم : محمد فيوري – مصر
للتواصل : [email protected]

 

أوقفت الزمن وأصبحت أمام وجه سراج تماما

أهكذا يفعل الإنسان بأخيه الإنسان ، وهكذا تفعل “الفلوس” في الفقير وتشعره بالذل والاهانة , وتجعله رخيصا بلا ثمن ، فله الله عّم يوسف الرجل العجوز، ولها الجنة تلك الفتاة المسكينة إن فارقت الحياة .

أما أنا … فأنا محظوظ جدا جدا بأني لم أكن إنسانا .. وأنني مخلوق بلا مشاعر ..

جعلت كل شيء يعود للحركة , فالسيارات تحركت وعادة الضوضاء , و تحركت الأقدام خلف عّم يوسف وهو جالس على الرصيف , وكانت حرارة الشمس تأكل وجه الفتاة الغائبة تماما عن الوعي ، فأنا الآن لا اعلم هل اذهب أم أبقى ؟ ..

هل انتظر وأشاهدها وهي تفارق الحياة كما شاهدت الكثير والكثير من قبل ، أنا بالفعل سأذهب , لا أريد أن اعرف , فأنا عرفت الكثير بالنسبة لتلك العائلة الفقيرة , وكل حكاية من الحكايات المشابهة تنتهي نفس النهاية الحزينة ..

– وداعا عّم يوسف .. وداعا نيفين ..

لكن لحظة ! .. ما هذا ؟ .. إنها سيارة سوداء فارهة تتوقف أمام عّم يوسف تماما ، وينزل منها شخص يبدو عليه الثراء ويتجه نحو عّم يوسف ويحاول أن يساعده على النهوض بهدوء ، ثم يقف عّم يوسف بالفعل ويتحدث معه ، ثم يفتح ذلك الشخص باب سيارته ويصعد عّم يوسف إلى السيارة ومعه الفتاة ويصعد الشخص ثم تذهب مسرعة ، لأول مره اهتم بشيء إلى هذا الحد , سأذهب وارى ما يدور بداخل السيارة وأمري لله .

ذهبت سريعا ولحقت بالسيارة ودخلت لأسمع ما يدور , فوجدت سائق يقود السيارة ويجلس بجانبه ذلك الشخص ويجلس بالمقاعد الخلفية عّم يوسف ونيفين ، ثم ألتفت الشخص بنظره إلى عّم يوسف وهو يعطيه ظرف ويقول : ” دي الأشعة والتقارير بتاعت البنت يا راجل يا طيب انا جبتهم من الزباله ، انا كنت واقف ادام الباب بالصدفة وسمعتك وانت بتتكلم مع الدكتور وبتتوسل اليه .. ولما انت مشيت ونسيت الأشعة والتقارير الدكتور رماهم في الزباله وانا طلعتهم و جبتهملك ومش عايزك تشيل اي هم في حياتك من تاني انا ربنا بعتني ليك يا طيب “..

عّم يوسف : ” ايوه يابني انا مش فاهم انت مين .. ويعني ايه مش هاشيل الهم ، يعني نيفين هتعمل ألعمليه ولا هاتموت .. انا مش شايف قصادي ومش فاهم “..

الشخص : ” انا اسمي سراج يا عّم الحاج بنتي بتتعالج فالمستشفي هي مش مريضه بس بيجلها شوية قلق كده ومش بتحس باطمئنان الا لما تكون جوا المستشفي وسط الدكاتره ادعي لها ربنا يشفيها ويشفي حفيدتك ..

انا كلمتلك مستشفي تانيه وفهمتهم كل حاجه وهما هيعملوا المطلوب وهايسعدوك .. وكل شيء انت تأمر بيه من جنيه لمليون انا تحت امرك زي ما قولتلك ماتشلش هم “..

وصلت السيارة إلى المستشفي الأخرى ونزل السائق وأخذ نيفين على كتفه ونزل عّم يوسف بهدوء وهو مستغرب ومتعجب من أحوال هذه الحياة الغريبة ونظر للسماء وهو يبكي يشكر ربه .

توجه عّم يوسف والسائق ونيفين الي داخل المستشفي سريعا ثم أخذ ( سراج ) سيارته ورحل مسرعا ، وبقيت انا في الوسط هل اذهب واري ما يدور بداخل المستشفي مع عّم يوسف ونيفين ام اذهب لكي اعرف من هو ( سراج ) , اعتقد سأذهب لكي اعرف من هو ( سراج ) وسوف أعود في وقت لاحق لعم يوسف ، ذهبت مسرعا داخل سيارة سراج فوجدته يتحدث في الهاتف ويقول : ” دقيقه وهكون عندك يا حبيبتي “ ..

ويغلق الهاتف ، ثم يصل بسيارته امام باب المستشفى الأول لأجد فتاة شابه تتقدم وتفتح باب السيارة وتصعد وتغلق الباب بشدة وعصبية وهي تنظر الى وجه سراج وهو يشعل السيجار وتقول : ” يا بابا انا قولتلك كزا مره ماتسبنيش لوحدي فالمستشفي وتمشي بخاف أكون لوحدي بخاف “..

سراج : ”واللهي يا ( هند ) انا مش عارف حكاية الخوف دي آخرتها ايه معاكي .. في البيت قلقانه وخايفه وحتي في المستشفي اللي كنتي بترتاحي فيها بقيتي خايفه برده ، انتي حكيتك ايه مش عارف .. قولتلك انا مستعد اسيب كل اللي ورايا علشان خطرك ونسافر أسبوعين لندن تغيري جو وانتي اللي مش عايزه .. صدقيني يا حبيبتي هما أسبوعين نجرب وكل شيء هيكون تمام ونفسيتك هترتاح …. ها قولتي ايه “..

هند : ” انا قولتلك كزا مره لاء يعني لاء .. مستحيل اسيب ماما لوحدها وأسافر اي مكان غير وهي معنا “..

سراج : ” أياكي تجيبي سيرة أمك تاني علي لسانك انتي سمعاني .. انا كام مره حذرتك كأنك تقصدي تعصبيني “.

 

يبدو ان عائلة سراج غارقين في مشاكل مثلهم مثل الكثير والكثير من عائلات البشر ، وصلت السيارة إلي حديقة المنزل ونزلت منها هند سريعا وهي غاضبه ودخلت البيت ، فذهبت انا وراء هند ووجدتها تصعد سلالم المنزل الداخلية وهي تنادي بصوت مرتفع وتقول : ” يا داده .. يا داده .. حضريلي الحمام علشان عايزه اخد شاور“..

 

دخلت هند الي غرفتها وانا معها أتحرك وأدور حولها بهدوء ، ثم جلست هند على أريكة وثيرة وهي تتصفح الرسائل سريعا على هاتفها ثم نظرت إلى رسالة وهي تبتسم ابتسامة خفيفة ، فنظرت أنا إلى الرسالة ووجدت مكتوب بها كلمات عاطفية حارة ، ثم قامت هند بتقبيل الهاتف ووضعته على طاولة أمامها ، واتجهت الى السرير واستلقت بظهرها عليه وهي تبتسم و يبدو انها سعيده ، فارتفعت أنا الى الأعلي ما بين السقف والسرير وأنا أقوم بحركة دائرية بطيئة حول وجه هند لأتعرف على ملامحها جيدا ، ثم توجهت بنظري الى كل ركن بغرفتها المليئة بالاجهزة الترفهية الحديثة فسمعت صوت سراج قادم من نافذة غرفة هند وهو يتحدث بالحديقة الخارجية في الهاتف ويقول : ” لا اله إلا الله .. لا اله إلا الله . إنا لله وإنا إليه راجعون “..

فقامت هند مسرعة بفزع تنظر من النافذة وتقول : ” في ايه يا بابا في ايه ، ايه اللي حصل قولي في ايه “..

فتوجهت انا سريعا من النافذة الى الحديقة لأصبح بجانب سراج تماما وهو يتحدث فالهاتف ..

سراج : ” يعني ايه .. يعني ربنا بعتني للراجل العجوز ده في وقت متأخر .. طيب ربنا بعتني ليه من الأساس … استغفر الله العظيم .. استغفر الله العظيم …. البقاء لله “.. ثم أغلق الهاتف .

يبدو أن نيفين فارقت الحياة , أنا سأذهب الى المستشفي ، تركت منزل سراج و في اقل من ثانيه كنت داخل المستشفى أتحرك وأتنقل بين جميع غرف المستشفى لأجد غرفة يوجد بها طبيب وممرضة ..

ويقول الطبيب : ” اعتقد هبوط حاد فالدورة الدموية “..

ثم تقوم الممرضه بتغطية وجه عّم يوسف … عّم يوسف مات وفارق الحياة .. كيف ؟ .. متى ؟ .. لكن .. لماذا انا اهتم وأبالي بقصتك أنت وحفيدتك لماذا ؟ لماذا ؟ .. ولماذا أريد أن أقول لك كما يقولون البشر وداعا يا رجل يا طيب ..

أنا سأوقف الزمن لألقي آخر نظره إلى وجهك ولن أعود مره أخرى فأنا لا أريد أن اعرف ما سيحدث لحفيدتك بدونك في تلك الحياة المليئة بالـ …. ما دخلي أنا أن أقول كلام له معاني تنطق على لسان جميع البشر في أوقات الحزن أو السعادة , ما دخلي أنا بك أو بأي احد على الأرض .. يا ليتني ما جئت إليكم .. يا ليتني بقيت ما أتيت إليكم .

بسرعة رهيبة اخترقت جميع طوابق المستشفى وصعدت الى السماء بسرعة فائقة وأنا أرى أسطح البنايات تبتعد ثم المدينة تبتعد ثم السحب البيضاء تبتعد ثم كوكب الأرض يبتعد .. يبتعد .. يبتعد .. لأدخل في ظلام الفضاء تاركا كوكب الأرض متجها الى موطني ومكان وجودي الأصلي …. إلى ليل القمر المظلم ..

أنا ألاحظ في الآونة الأخيرة شيء غريب لم أكن معتاد عليه من قبل ، ألاحظ إنني أحاول اكتساب شعور الاهتمام بالغير، اكتساب شعور الخير للغير ، شعور المساعدة للغير ، ومن هم الغير ؟ .. أنتم يا بشر يا من تسكنون الأرض ،، فأنا لا أريد أن اكتسب مشاعركم هذه ، لا أريد .. لا أريد أن اشعر بالسعادة أو بالحزن أو بالغدر والخيانة والطمع والنشوة والشهوة والحقد والحسد والجشع والسرقة والنهب و حب المال وسفك الدماء والحروب والقتل …. ولا أي شيء من بلاويكم .. لا .. لا .. لا أريد ذلك .. فإن اكتسبت المشاعر مثلكم سوف يكون أمامي الخيار , ومن الممكن أن أصبح ملاك أو أصبح شيطان .. أنتم تمرون بإختبار صعب في حياتكم , والشعور والمشاعر جعلتكم تنسون أن أعماركم وحياتكم قصيرة جدا فأنتم خلقتم وأنا أيضا مخلوق , ولكن الاختلاف كبير بيني وبينكم ، نعم أنا مخلوق أثيري وخلقت , ومن خلقني هو من خلقكم , ولي بداية ولي نهاية مثل أي شيء , و مثلكم تماما فأمر الله لا يقدر أو يقاس بالمسافة أو بالزمن فهو مختلف , فأنا سوف انتهي وافني أن ضربت العواصف الـ جيومغناطيسية الآتية من الانفجارات الشمسية الشديدة كوكبكم كوكب الأرض وإن كان وجودي معكم في تلك اللحظة على الأرض سأنتهي وافني في وقت و زمن لا تتخيله العقول .. وضع الله في إدراكي أن نهايتي وفنائي سيكون سببه الوحيد هو الانفجارات والتقلبات الشمسية التي تولد عواصف جيومغناطيسية وسرعتها هي نفس سرعة الضوء ، وبيدي أن اختار الابتعاد عنها والبقاء أو الاقتراب منها و الفناء , فوجودي بظلام لليل القمر هو بقائي وذهابي بعيدا عنه من الممكن ان يؤدي الى فنائي , فأنا بقيت مئات السنين أريد أن أشاهد أو أرى مخلوق شبيه لي ولكن لا يوجد .. لا يوجد .. لا يوجد , كنت أبقى دائما أتحرك مع الليل المظلم ولا أرى الشمس أبدا , وكانت أأمن نقطه لي على القمر هي نقطة الجانب المخفي لكم ، ولكنني قررت الهلاك و الفناء فتركت مكاني ورحلت أتجول في الفضاء ثم ذهبت إليكم فكنت محظوظا أنني باقي إلى الآن ولم يحدث لي شيء أثناء وجودي معكم , جئت إلى كوكبكم لكي أفنى وانتهي فقط , وليس لاكتساب مشاعركم وطباعكم وحياتكم المملة ، ولكن للأسف ولأول مره سأقول هذه الكلمة … كلمة ( أشعر ) … فهي أصابتني كالعدوى وانتقلت منكم إلي … فأنا سأعود مرة ثانية إلى الأرض طالبا من خالقي أن لا يعطيني صفة من صفاتكم ، وأن لا يتغير شعوري فيصبح متنوعا بأشكاله المتخلفة ومتلونا مثلكم …

 

انطلقت مسرعا باتجاه كوكب الأرض مجددا , أوقفت الزمن وأنا اعبر الغلاف الجوي , وعاد لطبيعته بعد مروري السريع . رأيت المحيطات والبحار تقترب , و السحب البيضاء الكثيفة تقترب , ثم أصبحت السحب حولي تماما , واخترقت الكثير والكثير من الطائرات المسافرة والعابرة للقارات في قلب الليل ، ثم توجهت إلى منزل سراج في الحال ..

تخللت النسيج الزجاجي لنافذة غرفة هند , كانت الغرفة ساكنة ومظلمة ولا يوجد احد فتوجهت سريعا ابحث في كل غرف المنزل والحمامات والمطابخ .. لا يوجد احد .. فذهبت إلى الخارج , إلى حديقة المنزل لأجد سراج جالس أمام طاولة و يوجد عليها الكثير من زجاجات الويسكي وأنواع مختلفة من الخمور ويتحدث مع زميل يجلس بجانبه وكان يضع القليل من الويسكي بالكأس أمام صديقه ، ثم يمسك بالسيجار ويضعه في فمه ويشعله و ينفث الدخان ..

ويقول : ” لو مراتي ( نور ) رفضت أني اخد الطفلة الصغيرة دي وآربيها مع هند انا هاطلقها يا ( عدلي ) انا عايز اعمل خير بقي يا اخي كفايانا اللي احنا بنعمله ده ، احنا كبرنا خلاص وعجزنا ولا انت ايه رأيك “..

عدلي : “واللهي انت الظاهر انك اتجننت في عقلك يا سراج تربيها مع هند وانت فاكر ان هند لِسَّه عايله صغيره

دي هند عندها تلاته وعشرين سنه ومش محتاجه عيال تلعب معاهم ، دي بقت عروسه .. وبعدين ايه التقوي اللي نزلت عليك فاجئه دي ، أل رايح تعمل عمل خير أهو الرجل مات وانت احتست ومش عارف تعمل ايه مع البنت“..

سراج : ” انت ماتعرفش انا عملت كده ليه .. في حاجه غريبه جدا حصلتلي وانا فالمستشفي مع هند ، كنت رايح ادخن السيجار بره المستشفي وانا في طريقي مريت علي الغرفة اللي كان فيها الراجل العجوز والبنت، وكان الباب مفتوح لقيت حاجه زي ضوء او شعاع ابيض عمال يظهر ويختفي ويتحرك بسرعه من فوق الدكتور شويه وفوق الراجل العجوز شويه وفوق البنت وهي على السرير ، وأول ماشوفته حسّيت أني في حاجه غريبه .. حاجه غيّرتلي مشاعري وخلتني أفضل واقف مكاني ومش عارف أتحرك علشان اسمع كل كلمه بتتقال بين الدكتور والرجل العجوز ، واتاثرت جدا وعشان كده انا حاولت أساعد الرجل العجوز والبنت الصغيرة بأي طريقة “ ..

يقف عدلي وهو يضحك بصوت مرتفع ويقول : ” شعاع ابيض وحاجه غريبه .. انت الظاهر اتجننت زي ما بقولك واتجننت كمان زي بنتك هند وهي اللي أثرت عليك وعلى تفكيرك ، وشويه شويه تقول انك خايف وقلقان ومرعوب وبتشوف جن أو بتشوف واحد نايم جنبك على السرير و شكله اسود ، زي ما هي وجعه دمغنا بالكلام الفاضي ده ليل نهار ومدوخانا معاها بين الدكتره والمستشفيات .. فوق لنفسك يا سراج وخلي مراتك ( نور ) ترجع بيتها وخد بالك من هند وبس ….. ولا تجيب طفله ولا عيله تربيها مع هند أل …. تصبح علي خير “..

سراج : ” تعال بس رايح فين يا عدلي ……… يا عدلي “ ..

أنا موجود وسمعت كل كلمه دارت بين سراج وصديقه عدلي .. ولكن كيف ؟ . فهل سراج يعني من كلامه أنه رآني أنا ؟ ..

لا يعقل .. لا يعقل ! .. فإن كان قد رآني فأنا أمامه الآن أتحرك وهو ينفخ الدخان سارحا بفكره ، لكن أنا سأوقف الزمن لكي أتأكد من الأمر ، أوقفت الزمن وأصبحت أمام وجه سراج تماما وهو يسحب أنفاس سيجاره وكان بين إصبعيه وبين فمه ثابت و مشتعل مثل الجمر ، والدخان الكثيف ثابت في الهواء من حوله ، وبدأت أتحرك حركة دائرية , كان رأسه هو مركز الدائرة , تحركت بهدوء من الأمام الى اليسار ثم تحركت الى الخلف فأصبح شعر رأسه من الخلف أمامي فأقتربت بنظري “زوم” واخترقت رأسه وتخللت الأنسجة ووجدت الجزء المسئول عن الذاكرة ورجعت بالزمن داخل ذاكرته بسرعة مهولة لسنوات وسنوات وسنوات وصور ولقطات كثيرة وأحداث كانت قد مرت ، ثم تقدمت بذاكرته إلى الأمام بسرعة وأوقفتها أثناء وجوده أمام باب الغرفة في المستشفى ، ثم رجعت بنظري لموضعي الطبيعي خلف رأسه ثم تحركت حول رأسه ثلاثة مرات سريعا ثم توقفت ببطء أمام وجهه و تركت كل شيء يعود للحركة فنفخ سراج دخان السيجار ثم قام وتوجه مخترقا الحديقة ليدخل المنزل .

ولكن شيء لا يعقل .. شيء لا يعقل ، بالفعل سراج رآني أنا أثناء وجودي بغرفة المستشفى مع عّم يوسف ونيفين .

وبالفعل أنا من أثرت في مشاعره وجعلته يقف لا يتحرك ليستمع إلى كل كلمة .. لأنني .. لأنني .. كنت أشعر بحزن شديد وكانت تلك هي المرة الأولى في عمري امتلك الإحساس وأنا لا اعلم , وأمتلك الشعور واشعر بالحزن ، فيبدو أنني أصبحت اظهر ويراني البشر عندما يتملكني شعور شديد بالحزن ، و أنا من غيرت مجرى الأحداث لكي أساعد عّم يوسف وحفيدته المريضه نيفين ، أنا لا ادري هل هذا الأمر وهذه الصفة تجعلني سعيد أم ماذا ؟ .. لا ادري ..

لا ادري .. ولكن ، لكن هذا الشخص الملعون سراج فهو شيطان ، نعم هو شيطان على هيئة إنسان هو وصديقه الشيطان عدلي فأنا وأنا أتصفح ذاكرته شاهدت ماضيهم وحاضرهم الأسود وكانت أفعالهم الشيطانية بين البشر هي السبب الوحيد لوجود ثرواتهم وأموالهم المتكدسة في البنوك ..

عذرا عذرا .. أنا أرى ضوء سيارة قادم الآن و تقف السيارة بجواري وتوجد بداخلها هند تتحدث مع شاب ثم يقوم الشاب بتقبيلها على شفتيها ، ثم تنزل هند وتغلق الباب ، وتعود السيارة للخلف و تبتعد خارج الحديقة , تجلس هند أمام الطاولة المليئة بزجاجات الخمور وتفتح زجاجة وتصب كأس ثم تقف وتأخذ معها الكأس متجهة لتدخل المنزل , كنت انتظرها بالداخل وقبل دخولها من الباب ، وكان وجودي بجوار سراج وهو يشاهد التلفاز .

فدخلت هند المنزل وبيدها الكأس واقتربت من سراج ووضعت قبلة على خده وجلست بجواره ..

وقالت : ” تصدق فالكام ساعه دول وحشتني يا اجمل أب .. شوف ( عمرو ) جبلي ايه … ايه رأيك “..

سراج : ” ايه ده … ده الخاتم ده مايقلش عن ربع مليون جنيه .. الف مبرك ياحبيبي ياريت تكوني مبسوطة مع عمرو .. بس انا ملاحظ حاجه كده يا ست هانم ، لما بتكوني معاه بتنسي الدنيا وبتنسي اللي بيحصلك وعايز اعرف حاجه بقي .. انتي مدوخاني معاكي بين الدكتره والمستشفيات وتعباني بالطريقه دي ليه ، ماتخدي خطيبك عمرو معاكي وتريحني من وجع الدماغ ده بقي “ ..

هند : ” انا بدلع عليك يا حبيبي مش انا حبيبتك الوحيده ولا ايه … استنا استنا يا بابا بص “ ..

ثم تمسك هند بالريموت وتتحكم بمستوي صوت التلفاز لتشاهد حوار يدار ببرنامج ( توك شو ) بين شيخ و دكتور نفسي ، وكانت تحدث بينهما مشادة كلامية ومقاطعة الحديث بينهما بصوت عالي .

الشيخ يصرخ : ” يا أخي انت وامثالك اللي مشوهين صورة الدين , الجن مذكور في القرآن وانت بتلغيه بكلامك ده “..

الدكتور يقاطعه : ” يا شيخ يا شيخ يا شايخ اسمعني يا شيخ يا شيخ خليني اكمل كلامي خليني اكمل كلامي“..

ثم تتعصب هند وتقف وتغير القناة لأنها لم تصل لإجابة شافيه ، لعدم احترام الحوار والاستخفاف بعقول المشاهدين

وتنظر هند لسراج وتقول : ” ارجوك خلي ماما ترجع البيت بقي ، اصلها وحشتني … تصبح على خير “..

***

انتهى هذا الجزء من قصتنا , ولا زال عزيزي القارئ لديك خيارات لتضيفها إلى مخلوقنا الأثيري , فماذا تضيف له هل تضيف له :

1 – العودة بالزمن للوراء

2- الذهاب الي المستقبل

3 – تجعله يتحدث الي الناس وتتحدث الناس اليه

شكرًا لكم أصدقائي ودمتم سالمين .

 

تاريخ النشر : 2015-06-20

guest
63 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى