أدب الرعب والعام

جسد بلا روح

بقلم : Dina Mohamed – مصر

جسد بلا روح
لا أعلم كيف فعلت هذا ولكنني فعلتها ..

ها أنا ذا في عيادة الطبيب النفسى أنتظر دوري فربما وجدت عنده دواءً يداوي مالا تستطيع الأيام والليالي مداواته فقد أصبحت في هذه الحياة وكأننى جسد بلا روح ، وها أنا ذا أتذكر مقتطفات من حياتى كنت أتمنى أن تكون طي النسيان .

ها هي فيدرا كلبة حبيبى وخطيبى وجارى فراس فدائماً ما يبعث لى معها الكثير من الخطابات التى تُدخل على قلبى السعادة والبهجة .. ولكن محتوى الخطاب هذه المرة أثار في نفسي القلق والحيرة فقد قِيل به :

( أرجوكِ فلتأتي إلي الآن ولا تخبرى أحداً فهناك مصيبة )

وبسرعة وصلت إلى فيلا فراس لأجد يداه ملطختان بالدماء ودار بيننا الآتى :

فراس : لم أقصد أن أقتلها صدقينى ، ولكنها من اضطرتنى لذلك . لقد حاولت قتلى كنت فقط أدافع عن نفسي . لا أعرف ماذا أفعل . ساعدينى أرجوكِ .

أنا : يجب إبلاغ الشرطة وسوف تُقدر الأمر. لا تخف سأكون بجانبك .

فراس : لا أريدك أن تُملي علي ماذا أفعل بل أريدك أن تساعدينى فى تنفيذ خطتي .

سوف تتصلي بمروان أخو ياسمين وتستدرجيه إلى هنا فإنه الوحيد الذى قد يشك باختفاء ياسمين ويجب التخلص منه هو الآخر فهما لا يملكان إلا بعضهما .

أنا : ولكني لا أستطيع فعل هذا فلتفكر جيداً . هذا ليس بالقرار الصائب صدقنى أرجوك كما أنه لا ذنب له .

فراس : انصتى إلي أنا لا أطلب منكِ شيء بل هذا أمر فأنتِ شريكتي في هذه الجريمة .

أنا : ماذا تقول ، أنا لم أفعل شيئا أجننت أنت !!

فراس : نعم ، أنتِ شريكتي فكل هذا بسببك فلو أني لم أتركها لخطِبتك ما كان سيحدث هذا ، كما نشبت بينى وبين مروان عداوة بسبب حبه لكِ . أنتِ مجبرة على تنفيذ أوامرى .

أنا : لا يا فراس لا أستطيع فعل ذلك لا أستطيع .

فراس : انظرى حولك . انظرى إلى حال ياسمين . هل تريدين اللحاق بها ! فكرى فالأمر بيدك .إما ان تكوني شريكتى في هذه الجريمة أو ضحيتى الثانية . فكرى جيداً يا سلوى فلتتذكري ما خططنا أن نحياه معاً . أستُضيعين كل هذا ! فلتطلبى منه المجئ فقط ولا شأن لكِ بالباقى هذا وعد .

وأمام هذه التهديدات لم أجد أمامى إلا الاتصال بمروان كما قال لى .

أنا : مروان أريدك أن تقابلنى فى حديقة فيلا فراس فوراً .

مروان : حسناً ، ولكن ما الخطب ؟

أنا : لقد تشاجرت معه . فلتحضر أولاً .

سلام .

وأخذت أفكر ماذا سأفعل عندما يأتى مروان وماذا سأقول له ، ولكن قاطع تفكيرى صوت صرخة مروان بعد أن هاجمه فراس بضربة على رأسه .

أنا : فراس انتظر من فضلك لا يمكنك قتله . ما زال بامكاننا الهرب .

فراس : لقد انتظرت فرصة الانتقام من هذا المتعجرف منذ سنين وها أنا اليوم سأحقق حلمى . سأقتله ببطئ حتى يتألم و يتألم .

ولكن قبل أن يكمل فراس كلماته الساخرة داهمته بطعنة فى ظهره . لا أعلم كيف فعلت هذا ولكنني فعلتها .

صدقونى كل شئ فى المحاولة الأولى يكون صعباً ولكن سرعان ما سيكون هذا الأمر يسيراً. ولكننى ظللت صامتة من هول المفاجأة حينها .

مروان : سلوى فلتسرعى فكي قيودي لنتأكد من موته . لا تخافى .

فى هذا الوقت فكرت بنفس فكرة فراس أن أقتل مروان لأنجو بحياتى فلا أتحمل أن أرى نفسي في قفص المجرمين هذا مستحيل . ولكنى لم أستطع قتله فهو لا ذنب له بشيء إطلاقاً .

مروان : أرجوكِ هيا . سأساعدك على التخلص من هذا ولكن فقط حُلي قيدي .

وفى هذا الوقت وثقت به وقد كان حقاً أهلاً بالثقة . فبعد أن حللت قيده اتصل بمالك الشركة الذى أعمل عنده وطلب منه أن ينقلني إلى فرع الشركة بايطاليا ، لأبتعد عن هذه الأمور وقال لى أنه لا شأن لى بالباقى كل ما علي هو أن أخبر أسرتى بأننى تشاجرت مع فراس وقررت السفر إلى ايطاليا لأبدأ حياة جديدة بعد أن ترك فيلته وذهب مع إمرأة أخرى . وبالفعل صدقني الجميع وذهبت إلى ايطاليا وكأن شيئاً لم يحدث .

فحقاً قد استحق فراس هذا وذلك بعدما علمت من مروان أن فراس كان على علاقة بياسمين وعندما ذهبت إليه لتهدده بأنه إن لم يعلن عن علاقتهما فسوف تفضحه وتكشف الأمر قتلها .

حقاً لم أعد أبالى وظللت هكذا حتى جاء هذا اليوم المشئوم الذى دق فيه الباب فإذا بى أفتحه ظناً منى أنها صديقتى وشريكتى فى الشقة ولكنه كان هو …………

كان فراس ولم يمت كما ظننت فإذا به يقابلنى بابتسامة تنُم عن الشر ويدفع الباب ليدخل .

فراس : لقد تغيرتى كثيراً.

كيف لا تطلبين من حبيبك الدخول !!

أنا : أنت لم تمت كيف ؟

فراس : لا تحدثينى بهذه النظرة المرتجفة فطالما عشقت نظرتك الواثقة وعيونك التى لا تنطق لى إلا بكلمات العشق.

لا تخافى فأنا هنا لنعيد ما كان بيننا من جديد . أنا هنا من أجلك .

أنا : اذهب من هنا . اتركني وشأني لم يعد بيننا شيء .

فراس بتلك الابتسامة الساخرة : حسناً لقد غيرت رأيي فأنتِ كما أنتِ منذ رأيتك فى المرة الأخيرة لم يعد يؤثر بك الكلام المعسول .

حسناً فلنلجأ للتهديد كالعادة . فلتكوني معي وإلا لن تكوني معى أو مع غيري .

انظري فى تلك المرآة يا له من وجه جميل طالما أعجبنى وجهك هذا بملامحه البريئة وأسلوبك اللبق . هذا ما جعلنى أحبك أنا ومروان وربما غيرنا ، وكذلك كان سبب توظيفك فى هذه الشركة . ولكن للأسف إن لم تطيعينى فأعدك أعدك بحبي لك أننى سأشوه هذا الوجه الجميل وسأقطع لسانك أيضاً وأتركه معى للذكرى الخالدة .

سأذهب الآن وأعود غداً لأعرف قرارك .

انتظرى لقد نسيت أن أعطيكِ الهدية التى جلبتها لك .

فإذا بي أرى علبة جميلة وأفتحها لأرى ما بها وياليتنى لم أفعل .

فراس : لم تقولى شيئاً . أحقاً لم تعجبكِ الهدية !!!

إنها عيون مروان الزرقاء لطالما عشقتى اللون الأزرق . أرجو أن تعجبكِ . سأذهب .

والآن لا أجد أمامى إلا حلاً واحداً . لم يرحني من قبل ولكن هذه المرة فالدافع قوي إما حياتي أو حياته .

لقد استأجرت قاتلاً ولكن الآن حان دوري كما خطط له فراس من قبل ، أتصل بالضحية وأعطيها مكان المقابلة ثم يأتى موعد الغدر وموعد الخلاص .

أنا : فراس لقد اتخذت قراري أريد مقابلتك ولكن ليس في شقتي ، فكما تعلم فأنا لدي شريكة سكن .

وبعد أن حددنا المكان وموعد اللقاء بعثت بذلك القاتل ، وذهبت لأتأكد من بعيد أن الأمر قد تم هذه المرة . وها أنا أراه غارقاًفى دمائه . لقد نجحت أخيراً لقد ثأرت لنفسي . ولكنني مع ذلك ظللت خائفة فهو لا يفارق خيالي أو أحلامي . فأصبحت وكأننى جسد بلا روح لا أعرف من أنا !

والآن قد قطع أفكاري صوت الممرضة وهى تطلب مني أن أستعد لأن المريض السابق سيخرج الآن . فنظرت إلى الباب وأنا أنتظر خروج المريض فإذا الباب يُفتح لتخرج منه تلك الابتسامة الساخرة على وجه فراس .

فإذا هو أمامي حياً من جديد ………………….

تاريخ النشر : 2015-08-18

guest
34 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى