قصص الافلام

أيام الغضب

بقلم : اياد العطار

أيام الغضب
من الأدوار المميزة للفنان الراحل نور الشريف ..

في طفولتي كنا ننام فوق سطح المنزل , كل ليلة من ليالي الصيف بعد انتهاء سهرة التلفاز , ونادرا ما كانت تطول لما بعد منتصف الليل , كنت أتسلق درجات السلم بتشوق كبير صعودا إلى أعلى المنزل , تتبعني أمي وهي تحمل آنية الماء البارد , وما أن أفتح باب السطح حتى تطالعني تلك القبة الزمردية البهية التي أبدعها الخالق وهي مطرزة بملايين اللآليء والمصابيح المضيئة , كان عقلي يتوقف .. يصاب بالذهول أمام هذا المنظر الساحر الذي يخلب اللب والبصر , خصوصا بالنسبة لطفل صغير مازال يكتشف الدنيا , كنت أتمدد على السرير وأظل أرنوا إلى السماء أفكر في النجوم وأناجي القمر حتى يغلبني النعاس .. وها قد مضت أربع عقود على تلك الذكريات , لم نعد ننام فوق السطح , لأن حرارة الجو غدت لا تطاق , ولم تعد السماء , حين أرنوا إليها في المساء , تزخر بالنجوم كما عهدتها في السابق , بسبب تلوث الهواء , لم أعد أرى فيها سوى بضعة نجوم باهتة متناثرة هنا وهناك .. أين ذهب الدب الأكبر .. أين توارت بنات نعش .. وأين اختبأت الجوزاء ؟ .. لا أعلم .. ما أعلمه هو إن السماء لم تعد هي السماء , ولا الأرض عادت هي الأرض , ولا الناس هم الناس , ولم أعد أنا ذلك الطفل البريء الحالم الذي أفتقده وأشتاق إليه كثيرا .

أيام الغضب
نور الشريف .. الفنان الإنسان ..

كل شيء أختلف , وكما خلت سماء الواقع من نجومها فأن سماء الفن العربي فقدت الكثير من بريقها ونجومها أيضا , من مطربين وممثلين ومقدمي برامج ومذيعات جميلات الخ .. وأنا أتحدث هنا عن حقبة السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم , أي من عرفتهم وعاصرتهم في طفولتي وشبابي وأكاد لا أعرف غيرهم لأني لم أعد أتابع الدراما والأفلام العربية إلا ما ندر منذ منتصف تسعينيات القرن المنصرم . هؤلاء تساقطوا واحدا تلو الآخر , بفعل الشيخوخة والمرض والهموم وملمات الزمان , وكان آخرهم للأسف الشديد هو النجم الكبير نور الشريف الذي أعتبره شخصيا أحد أعظم من أنجبت السينما العربية على مدى مشوارها الطويل , فالرجل لم يكن يمثل وإنما كان يتقمص الدور حتى يجعلك تنسى بأن ما تشاهده هو تمثيل , وهي موهبة ندر حدوثها وعز وجودها . وكان صاحب قضية , مثقف وإنسان , كريم الطباع , خافض الجناح , جميل التبسم , محمود الرأي والصفات .. لا عجب بعد ذلك أن نال حب الجميع , الجمهور وزملاءه في الوسط الفني , ويقيني لو أن نور الشريف أتيحت له الفرصة , وهو يستحقها بلا شك , لكان فنانا عالميا من الطراز الأول . لقد كان موهبة فذة متفردة , تارة يجعلك تبكي وتعتصر عينيك , كما في "سواق الأتوبيس" و "العار" , وحينا يجعلك تضحك ملئ شدقيك , كما في " غريب في بيتي " , وقد يدفعك للتفكر والتبصر والتأثر عبر تناوله وتبينه لقضايا إنسانية تهم وتخاطب المجتمع كما في فيلم "ألحقونا" و " آخر الرجال المحترمين" وغيرها . والفيلم الذي سنتطرق إليه في هذه المقالة هو من تلك العينة , أي الأفلام ذات البعد الإنساني التي تحرك الوجدان وتخاطب الضمير.

فيلم (أيام الغضب) من أنتاج عام 1989 , إخراج منير راضي , بطولة نور الشريف , يسرا , سعيد عبد الغني , نجاح الموجي , إلهام شاهين , محمد خيري .. وغيرهم .

قصة الفيلم تدور حول مغترب مصري يدعى إبراهيم (نور الشريف) يعود إلى الوطن بعد سنوات طويلة من الغربة والشقاء يحدوه شوق كبير للقاء زوجته صفاء – وهي ابنة عمه أيضا – التي كان قد عقد عليها قبل سفره لكنه لم يدخل بها , وكان خلال سنوات غربته يبعث لها كل ما يكسبه من مال لكي تشتري وتجهر شقة تكون عشا للزوجية .

في المشهد الأول للفيلم نرى إبراهيم جالسا على مقعده في الطائرة التي تحمله إلى الوطن عائدا من غربته برفقة صديقه , ونراه يتطلع من شباك الطائرة ويتمتم قائلا : " الله .. مصر حلوه أوي من فوق ".

أيام الغضب
يتشاجر مع عزت ويهاجمه بالسكين

في المطار يفاجئ إبراهيم بعدم وجود زوجته صفاء ولا أي احد في استقباله , فيذهب إلى منزل عمه مباشرة لكنه لا يجد أحد أيضا , وتخبره الجارة بأنهم ذهبوا لشقة صفاء , فيفرح كثيرا لهذا الخبر عن اكتمال واستلام الشقة ويذهب إلى هناك مباشرة , لكن تكون بانتظاره مفاجأة وصدمة كبيرة , حيث يجد زوجته صفاء حاملا , ويكتشف بأنها طلقته غيابيا وتزوجت من عزت (محمد خيري) , وهو مدير مخازن إحدى شركات الأدوية , وقد استوليا على شقته وجميع مدخراته . أمام هذا الوضع يفقد إبراهيم أعصابه فيتشاجر مع عزت ويهاجمه بسكين فيتم ألقاء القبض عليه وتحويله إلى قسم الشرطة , هناك يدبر له عزت مكيدة تؤدي إلى رميه في مصحة للأمراض العقلية , ويستغل عزت علاقاته مع الأطباء بحكم عمله لكي يضمن بقاءه في المصحة .

أيام الغضب
ينقلوه إلى مستشفى الأمراض العقلية

إبراهيم يحاول بكل وسيلة أن يثبت سلامة قواه العقلية , ويجد في الدكتورة كوثر (يسرا) عونا له في مسعاه لمغادرة المصحة , لكن آماله تصدم بوجود أدارة بيروقراطية فاسدة للمصحة تسعى بكل وسيلة للحفاظ على مصالحها ولو على حساب المرضى , وبصراحة فأن الفيلم هو مرآة عاكسة لحال معظم المصحات العقلية في بلداننا العربية حيث عدم تفهم المرض العقلي وعدم وجود كوادر مؤهلة – إلا ما ندر – وعدم التعامل الإنساني مع المريض . وهكذا نرى المرضى في الفيلم يسامون سوء العذاب ويتجرعون كؤوس المرار على يد شخصية سادية شريرة تتمثل في المضمد – التمرجي – الريس ضياء (سعيد عبد الغني) الذي يعد – على صغر شأنه – هو المدير الفعلي للمصحة ويفعل كل ما في وسعه لاستغلال المرضى من أجل منافع شخصية . وكان لإبراهيم طبعا نصيب من هذه المعاملة القاسية التي تتضمن الضرب والتعذيب والإذلال .

أيام الغضب
الريس ضياء هو الحاكم الحقيقي للمصحة

أحداث الفيلم تستمر بالتفاعل , أحيانا في قالب من الكوميديا السوداء , وصولا إلى نقطة الذروة والانفجار عند اكتشاف المرضى قيام الريس ضياء باغتصاب مريضة تدعى سميحة (الهام شاهين) ومن ثم قتلها أثناء محاولة إجهاضها على يد زوجة ضياء . فيثور المرضى ويهاجمون ضياء ويقتلونه ويهربون من المستشفى . وأثناء الهرج والمرج يأخذ إبراهيم السكين التي تم بواسطتها قتل ضياء ويذهب مباشرة إلى شقة صفاء حيث يقوم بقتل عزت طعنا بالسكين .

الشرطة تلقي القبض على إبراهيم , ونراه في المشهد الأخير للفيلم وهو جالس باستكانة في مؤخرة شاحنة مغلقة مخصصة لنقل السجناء , ويبدو أنه فقد رشده فعلا جراء ما كابده من عذاب نفسي وجسدي , فيتخيل بأنه جالس في الطائرة عائدا لوطنه , ويستأذن من الشرطي الذي يحرسه أن ينظر لبرهة من شباك الشاحنة , فيتطلع إلى الخارج مع ابتسامة باهتة مرسومة على شفتيه وهو يردد جملته الأخيرة : " الله .. مصر حلوه أوي من فوق ".

أيام الغضب
الله .. مصر حلوه اوي من فوق

الفيلم مؤثر جدا , وفيه جرأة كبيرة , فالعبارة التي يرددها البطل في بداية ونهاية الفيلم لها مغزى واضح لا يخفى على كل لبيب , كما أن تعرض الفيلم للإهمال والفساد والروتين في المؤسسات الحكومية لم يكن أمرا يتم التغاضي عنه بسهولة في ثمانينات القرن الماضي حين كانت الأنظمة العربية تقبض بيد من حديد على كل مفاصل الحياة في ظل غياب كامل للإعلام حر وعدم وجود وسائل اتصال تتيح نشر الأخبار بكل يسر وسهولة بعيدا عن القيود والحواجز كما هو الحال في أيامنا هذه . وهذا أمر يحسب طبعا للكاتب والمنتج ولجهاز الرقابة آنذاك .

على أن الفيلم , برغم طابعه السوداوي , لا يخلو من لمسة كوميدية تجسدت في وجود بعض الأسماء اللامعة في عالم الكوميديا مثل المرحوم الفنان نجاح الموجي والمرحوم الفنان علاء ولي الدين – الذي كان في بداية مشواره الفني آنذاك – . وأذكر شخصيا بأن هناك أغنية يؤديها الفنان نجاح الموجي مع جوقة المجانين خلال الفيلم وأسمها " تفضل من غير مطرود " حققت نجاحا وشهرة منقطعة النظير آنذاك حتى أنه كان يعاد بثها مرارا وتكرارا من خلال التلفاز والإذاعة بناء على طلبات المشاهدين والمستمعين .

اتفضل من غير مطرود ..

أخيرا فأن " أيام الغضب " فيلم يستحق المشاهدة لأنه جمع بين روعة القصة والأداء والإخراج ويحمل بعدا إنسانيا مؤثرا .

تجربة روزنهان

أيام الغضب
ديفيد روزنهاين

مشاهدة الفيلم قد تجعل الإنسان يسأل نفسه عن صلاحية الأطباء العاملين بالمصحات العقلية وكفاءتهم في تشخيص الأمراض العقلية والتمييز بين العاقل والمجنون . فهل يعقل أن الأطباء يعجزون أن يشخصوا حالة شخص مثل (إبراهيم) مع أنه من الجلي والواضح بأنه عاقل تماما .

هذا السؤال حول كفاءة الأطباء في تشخيص الأمراض العقلية شغل فكر الباحث النفسي الأمريكي ديفيد روزنهان فحاول أن يجيب عليه بالبرهان العملي . أن تجربة روزنهاين تعد من التجارب المهمة في الطب النفسي وقد أحدثت في وقتها جدلا عارما حول جدوى طرق التشخيص والعلاج القائمة في المصحات العقلية , ودفعت البعض إلى التشكيك في علم النفس والطب العقلي ككل .

خلاصة التجربة هي أن روزنهان قام بمعاونة سبعة أشخاص آخرين , معظمهم أطباء ومتخصصين بعلم النفس , بتشكيل مجموعة أطلقت على نفسها أسم (المرضى الزائفون) , هؤلاء قاموا بزيارة 12 مصحة عقلية في عموم الولايات المتحدة الأمريكية , بعضها حكومي , وبعضها الآخر أهلي , وتظاهروا بأنهم مرضى عقليين . وجميعهم أظهروا أعراضا متشابهة كانوا قد اتفقوا عليها مسبقا , حيث زعموا بأنهم يعانون من هلوسة سمعية , أي سماع أصوات من دون مصدر خارجي , وكان هذا كل شيء , أي أنهم لا يعانون أي أعراض أخرى وهم طبيعيون تماما . والغريب أن حيلتهم انطلت على الأطباء في جميع المصحات التي قاموا بزيارتها , فتم تشخيص حالتهم على أنها فصام (Schizophrenia ) وهو مرض واضطراب عقلي معروف , وأودع كل منهم في المصحات التي زاروها لفترات متباينة , أقل شخص منهم قضى سبعة أيام , وأكثر شخص قضى 52 يوم .

أيام الغضب
هل يستطيع الاطباء حقا التمييز بين العاقل والمجنون ؟ ..

المفارقة الغريبة هي أن المرضى العقليين الآخرين في تلك المصحات اكتشفوا بسهولة زيف إدعاءات مجموعة روزنهان , أي أنهم ليسوا مرضى ولا مجانين , فيما لم يتمكن الأطباء من ذلك ! . وبحسب روزنهان فأن 35 مريضا من أصل 118 مريض كان لأفراد المجموعة احتكاك مباشر معهم , اتهموا أفراد المجموعة بأنهم ليسوا مجانين , وبأنهم ليسوا سوى منتحلين وممثلين , وربما يكونون صحفيين متخفين في مهمة لدراسة الأوضاع داخل المصحات العقلية .

وتماما كما في فيلم (أيام الغضب) فأن أعضاء التجربة دخلوا المصحة بسهولة لكنهم واجهوا صعوبة في الخروج منها , بالرغم من أنهم أخبروا الأطباء لاحقا بأنهم لم يعودوا يسمعون تلك الأصوات , لكن ذلك لم يغير شيء , لا بالعكس , أصبح مطلوبا منهم الآن لكي ينالوا حريتهم أن يوافقوا على كلام وتشخيص الأطباء في أنهم مجانين وأن يتناولوا الأدوية بانتظام . أي أنك عزيزي القارئ , لو دخلت يوما مصحة عقلية عن طريق الخطأ , أو عملوا لك مكيدة مثل (ابراهيم) , فمن غير المرجح أنهم سيتركونك تخرج منها حتى لو أقسمت لهم بأغلظ الأيمان بأنك عاقل وتصرفت وتكلمت كعاقل . لا بل كلما أصررت بأنك عاقل كلما شكوا في جنونك أكثر ! .. وعلى الأرجح لن تخرج من المصحة عاقلا مرة أخرى , لأن الأدوية التي ستعطى لك , وربما الصدمات الكهربائية , ومخالطتك للمجانين , ستترك أثرا حتميا على عقلك , إلا إذا كنت شاطرا مثل أفراد مجموعة روزنهان وألقيت الأدوية التي تعطى لك في المرحاض سرا بدلا من تناولها , أو قمت مثلهم بالاستعانة بمحامي شاطر لكي يخلصك ويضمن خروجك من المصحة , هذا طبعا بعد أن توقع أوراقا تعترف فيها بأنك مجنون وأنك تخرج على مسؤوليتك .

في مقابلة أجرتها الـ (بي بي سي) مع ديفيد روزنهان يقول : " لقد قلت لأصدقائي وعائلتي بأني سأخرج من المصحة متى ما أردت , سأبقى هناك يومين على الأرجح ثم أخرج , هذا كل ما في الأمر . لكن لا أحد كان يظن بأني سأبقى لشهرين … السبيل الوحيد لخروجي من هناك كان بقبولي لكلام الأطباء واعترافي بصحته , لقد قالوا عني بأني مجنون , فقلت : "نعم أنا مجنون , لكني أصبحت أفضل" , وكان ذلك تأكيدا مني لوجهة نظرهم عني " .

أفراد المجموعة قالوا بعد انتهاء التجربة بأنهم عانوا من انتهاك خصوصيتهم وجردوا من إنسانيتهم ورافقهم شعور بالملل الشديد أثناء تواجدهم في تلك المصحات , قالوا بأنهم كانوا يخضعون للمراقبة وافتقدوا الخصوصية حتى أثناء قضاء حاجاتهم في الحمام , وزعموا بأن طاقم تلك المصحات من عاملين وممرضين كانوا يتصرفون بعدم إنسانية مع المرضى , فعلى سبيل المثال كانوا يتبادلون الأحاديث فيما بينهم وكأن المريض ليس موجود أو كأنه قطعة أثاث , ويتجنبون الحديث معه مباشرة إلا للضرورة القصوى , كما أشتكى بعض أفراد المجموعة من تعرضهم للأذى اللفظي والجسدي على يد مرضى آخرين .

أيام الغضب
تجربة روزنهان احدثت ضجة في وقتها

بعد نشر تفاصيل هذه التجربة عام 1973 وما أحدثته من ضجة في الأوساط العلمية , تحدى طاقم إحدى المصحات العقلية روزنهان قائلين بأن مثل هكذا أخطاء في التشخيص من غير الممكن أن تقع في مصحتهم , فقبل الرجل التحدي واخبرهم بأنه خلال الثلاثة أشهر القادمة سيرسل لهم خفية شخص أو أكثر من مجموعته (المرضى الزائفين) لاختبار قدرة أطباءهم على تشخيص العاقل من المجنون . وهكذا راح الأطباء في تلك المصحة يحققون ويدققون كثيرا مع كل مريض جديد يأتيهم من اجل اكتشاف المرضى الزائفين الذين سيرسلهم روزنهان , وبنهاية مدة الثلاثة أشهر تفاخر الأطباء بأنهم استطاعوا اكتشاف 41 مريض زائف من بين 193 مريض جديد وصلوا للمصحة , لكن المفاجأة الكبرى والمفارقة المضحكة كانت عندما أعلن روزهان بأنه لم يرسل بتاتا أي شخص من مجموعته إلى تلك المصحة خلال الأشهر الثلاثة السابقة ! .

لقد كان الاستنتاج الذي توصل إليه روزنهان من تجربته هو أنه : "من الواضح بأننا غير قادرين على التمييز والتشخيص بين العاقل والمجنون في مستشفياتنا العقلية" .

ما فائدة وجودها إذن ؟! .. على هذا الأساس هي ليست سوى مراكز احتجاز تسعى للسيطرة على المجانين من خلال المهدئات والمسكنات ولا تلعب أي دور في شفائهم , بل بالعكس , قد تساهم في زيادة جنونهم .

طبعا هذا الكلام قد يكون متطرف جدا في نقده للمصحات العقلية لكنه لا يخلو من حقيقة . وطبعا الأطباء النفسيين بدورهم لم يسكتوا على استنتاجات روزنهان , وأنتقد البعض منهم تجربته بشدة , قائلين بأن تشخيص الأمراض سواء كان عقليا أو جسديا هو أمر يقبل الصواب والخطأ خصوصا حينما يجيد الشخص تمثيل دور المريض , وهذا الكلام ينسحب على جميع تخصصات الطب , خصوصا التخصصات التي لا يكون فيها المرض ظاهرا للعيان . أحد الأطباء النفسيين قال منتقدا التجربة : "تصور بأني شربت كمية من الدم عن عمد وأخفيت ذلك ثم ذهبت إلى ردهة الطوارئ في إحدى المستشفيات وأنا أتقيأ دما – الدم الذي شربته – , رد فعل الأطباء سيكون أمرا قابلا للتنبؤ , طبعا سيشخصون حالتي ويعالجوني على أني أعاني من نزيف في الجهاز الهضمي " .

لكن برغم الانتقادات تبقى تجربة روزنهان من التجارب الرائدة والمؤثرة في مجال الطب النفسي والعقلي .

هل يتم رمي العقلاء قسرا في المستشفيات العقلية ؟

نعم , للأسف يحدث ذلك , عن قصد وتعمد , وهناك سجل حافل وقصص مؤثرة في العديد من بلدان العالم بما فيها بعض دول شرقنا الأوسط "العظيم" . الكثير من السياسيين وناشطي حقوق الإنسان والمنادين بالحريات تم رميهم في المصحات العقلية وتعذيبهم سواء بالأدوية أو الصدمات الكهربائية أو بإيداعهم مع المجانين الخطرين , أو أجريت عليهم تجارب سرية .. وفي حالات كثيرة انتهى الكثير من هؤلاء إلى الجنون أو الموت .

ولولا خشية أن يطول هذا المقال عن الحد فيصاب القارئ بالإرهاق والملل لتطرقت لقصص مؤثرة من بقاع مختلفة من العالم بما فيها دول تحمل اليوم لواء الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان . لكني سأكتفي بأشهر قصة , وأكثرها مأساوية , والتي حدثت في بلد يعد اليوم واحة للسلام والحريات والازدهار الاجتماعي والاقتصادي .

قصتنا حدثت في كندا خلال حقبة الأربعينيات من القرن المنصرم , تحديدا في مقاطعة كيبك , حيث تواطأت عدة جهات حكومية ومجتمعية على جريمة نكراء يقشعر لها الضمير الإنساني , فتم إيداع عشرين ألف طفل يتيم في المصحات العقلية بالرغم من أنهم لا يعانون أي عارض عقلي ويتمتعون بكامل قواهم العقلية .

أيام الغضب
موريس دوبلسيز .. بطل فضيحة الايتام

القضية تعرف تاريخيا بأسم (أيتام دوبلسيز) نسبة إلى حاكم مقاطعة كيبك في ذلك الزمان موريس دوبلسيز . جذور القصة تعود إلى حقبة الأربعينات والخمسينات من القرن المنصرم حيث كانت الحكومة الكندية تدفع لمقاطعة كيبك بسخاء من اجل بناء المستشفيات , لكن لا شيء من أجل دور الأيتام , وكانت الإعانة الحكومية تتضمن مبلغ 2.75 دولار مقابل كل مريض عقلي , فيما لا يحصل اليتيم سوى على 1.25 دولار . لذلك تفتق عقل حاكم المقاطعة بالاشتراك مع بعض الجهات ذات الطابع الديني على تحويل جميع الأيتام إلى المستشفيات العقلية للحصول على دعم مادي أكبر . وهكذا وعلى مدى سنوات تم إرسال أكثر من عشرين ألف طفل يتيم إلى المستشفيات العقلية مع أنهم لا يعانون من أي مشاكل عقلية , لكن الأطباء في تلك المستشفيات قاموا بتشخيصهم بمختلف الإمراض العقلية , ربما على طريقة تجربة روزنهان التي تطرقنا إليها أنفا , ولمدة عشرين عام عانى هؤلاء الأطفال من تجاوزات رهيبة داخل تلك المصحات , بما فيها الاعتداء الجنسي المتكرر , والضرب , والإذلال , وإجبارهم على تناول الأدوية والعقاقير الخاصة بالمرضى العقليين , والتعرض للصدمات الكهربائية وعمليات بدائية مرعبة في المخ , وهناك من يزعم بأن قسم من هؤلاء الأطفال كانوا ضحية لتجارب سرية أجراها الجيش وجهاز المخابرات الأمريكي (CIA ) في أربعينيات القرن الماضي على البشر , وهي قضية وفضيحة معروفة في الولايات المتحدة لكن لا يوجد دليل على أنها امتدت إلى كندا .

أيام الغضب
تم رمي آلاف الاطفال الابرياء في المصحات العقلية ..

أن النتيجة الحتمية لمعاناة أولئك الأطفال كانت موت أعداد كبيرة منهم وإصابة أعداد أكبر بمشاكل عقلية ونفسية , ويقال بأن عدد كبير من أولئك الأطفال دفنوا في مقابر سرية جماعية ترفض الحكومة الإفصاح عنها . ولم تتوقف عمليات إيداع الأيتام في المصحات العقلية إلا في ستينيات القرن المنصرم .

قضية أو فضيحة أيتام دوبلسيز , والتي تعرف أيضا بأسم (المحرقة الكندية) و (جريمة العصر) , ظلت طي الكتمان حتى تفجرت من جديد في تسعينيات القرن المنصرم على يد لجنة تشكلت من حوالي ثلاثة آلاف شخص ممن تبقوا على قيد الحياة من أيتام دوبلسيز , وكانت مطالبهم تتلخص في الحصول على اعتذار رسمي من الحكومة الكندية والجهات الأخرى التي ساهمت في مأساتهم . وقد تم إغلاق القضية نهائيا عام 2001 بعد التوصل إلى أتفاق مع الأيتام يتوقفون بموجبه عن مقاضاة الحكومة أو السعي مجددا لفتح القضية مقابل حصولهم على تعويضات مغرية .

عالم مجنون

يمكن تعريف الجنون , بصورة مبسطة , على أنه السلوك والتفكير الشاذ وغير السوي والغير مبرر والغير متوافق مع المعايير الاجتماعية السائدة (Societal Norms ) .

قد يسأل أحدكم ما هي المعايير الاجتماعية السائدة ؟ .. فنقول هي السلوكيات والأعراف والأفكار المتفق عليها في مجتمع ما .

مثلا ارتداء الناس للملابس هو العرف السائد في معظم دول العالم , وعليه فأن رؤية شخص ما عاري الثياب – ربي كما خلقتني – يسعى في الشارع سيعده الناس ضربا من ضروب الجنون . وقد جرى العرف أيضا على أن لا يكلم الإنسان نفسه أمام الآخرين , وعليه فأن رؤية شخص يتحدث إلى نفسه , خصوصا حين يكون ذلك مصحوبا بحركات تعبيرية للوجه واليدين , فأن هذا الأمر يعد أيضا ضربا من الجنون أو المشاكل العقلية – مع أن الكثير من الناس يكلمون أنفسهم في خلواتهم ! – .

المجنون باختصار شديد هو شخص غير طبيعي من ناحية السلوكيات , وأظن بأن أغلبكم قد مر في حياته بشخص مجنون , سواء كان فردا من العائلة أو الأقارب أو الجيران , أو ربما رأيتم أحدهم في الشارع , ويكون على الأغلب إنسانا بائسا رث الثياب والمظهر غير مدرك لما يدور حوله وقد يقدم على أفعال مفاجأة تتسم بالغرابة والعنف . والمجنون كلغة هو فاقد العقل فاسده , وهنا يجب التفريق بين المريض العقلي والنفسي .. فالمجنون – المريض العقلي أو الذهاني – لا يدرك أنه مجنون , أي أن تصرفاته الغير سوية تكون عن غير وعي وأدارك منه , فهو يعيش في عالم منفصل تماما عن الواقع , بينما المريض النفسي أو العصابي قد يدرك جسامة وضعه وقد يسعى لتدارك نفسه بالعلاج . مثلا المريض النفسي قد يتخيل سماع أصوات لا يسمعها سواه , وهو يدرك بأن ما يسمعه غير طبيعي , أو يشك في ذلك , ويصاب بالرعب , وقد يراجع طبيبا أو يذهب إلى شيخ أو يطلب المشورة وكذا . أما المريض العقلي فتكون هذه الأصوات جزءا من واقعه , هو مؤمن تماما بأنها موجودة وحقيقية لا يشك في ذلك أبدا . وكثيرا ما يكون المرض العقلي مرتبط بخلل في وظائف أو كيمياء المخ .

أن عدم ادارك المجنون لجنونه يجعله يرى الآخرين , أي العقلاء , هم المجانين , وقد سمعت بأن المصحات العقلية أيام زمان كانت تسرح المجنون الذي يقول عن نفسه مجنون على اعتبار قوله هذا دلالة على شفاءه , أما المجنون الذي يصر على أنه عاقل فهو بالتأكيد مجنون , أي تماما كما شاهدنا في الفيلم , فالأطباء لم يلتفتوا لتأكيدات إبراهيم على أنه عاقل , بل حسبوا ذلك تأكيدا على جنونه , لأن معظم المجانين يقولون بأنه عاقلون وينظرون للعقلاء على أنهم مجانين , وهناك عبارة شهيرة بهذا الخصوص تقول : " في عالم المجانين يعتبر الشخص العاقل هو المجنون" . أي أنك لو أتيت بشخص عاقل وجعلته بين المجانين وراح يتصرف ويتحدث بينهم كعاقل فسيعدونه حتما غريب الأطوار وقد يسمونه مجنونا ! . ويقول المخرج الياباني أكيرا كوروساوا : " في عالم مجنون , فقط المجنون هو العاقل " , لذا لا تحاول أن تكون عاقلا بين المجانين , وهذا لا ينطبق على المصحات العقلية بل على الواقع العام أيضا .

وهناك حكاية طريفة أحببت أن أقصها لكم بهذا الشأن :

" يقال بأنه كان هناك ملك حكيم يحكم مدينة كبيرة , كان مرهوب الجانب وفي نفس الوقت محبوبا لحكمته . وكان يوجد في قلب تلك المدينة بئر ماءه صافي كالزلال يشرب منها جميع سكان المدينة وليس لديهم مصدر للماء غيره. وفي إحدى الليالي تسلل أحد الأعداء إلى المدينة وسكب بضعة قطرات من سائل غامض في مياه ذلك البئر ثم توارى وسط الظلام . ومنذ تلك اللحظة أصبح كل من يشرب من البئر يصاب بالجنون .

طبعا جميع الشعب شربوا من البئر , وجميعهم أصيبوا بالجنون , ما عدا الملك لأنه كان لا يشرب من البئر مباشرة ويخزن الماء في قصره .

وبالتدريج بدأ أبناء الشعب – المجانين – يتهامسون : " الملك فقد عقله , أنظروا إلى تصرفاته كم هي غريبة . لا يمكن أن يحكمنا شخص مجنون , يجب أن نخلعه عن العرش " .

الملك شعر بخوف شديد من شعبه وتوجس ثورتهم عليه , ولأنه رجل حكيم وذو بصيرة فقد توصل إلى حل نهائي للمشكلة , فقد أدرك بأن ماء البئر هي سبب جنون شعبه , فأمر بأن يحضروا له كمية كبيرة من ماء البئر وشرب منها حتى امتلأت بطنه . وفي اليوم التالي عمت الأفراح المدينة بأسرها وأحتفل الناس في الشوارع لأن ملكهم المحبوب قد أستعاد رشده أخيرا !! " .

قصة طريفة , وهي تدفعنا للتساؤل حول مقدار الصواب في المعايير الاجتماعية , القيم والأعراف والأفكار , التي يؤمن بها المجتمع , ماذا لو كانت معايير مجنونة كما هو الحال مع معايير سكان المدينة أنفة الذكر , ماذا لو كان من نسميهم مجانين هم العقلاء والعكس صحيح .

طبعا نحن لسنا بالضرورة مجانين أو مختلين عقليا , لكننا من حيث لا ندري ربما نكون جزء من فكرة أو رأي أو قيم مجتمعية مجنونة .

يقول نيتشه : " الجنون على مستوى الأفراد شيء نادر , لكنه القاعدة الشاملة على مستوى الجماعات والأحزاب والأمم والعصور " .

ولو تدبرنا هذا القول جيدا لوجدنا بأنه لا يخلو من واقعية , إن لم يكن هو عين الصواب , فتاريخ البشر على هذا الكوكب هو عبارة عن سلسلة من الجنون المتواصل والغير مبرر الذي نتج عنه ما لا يعد ولا يحصى من المجازر والمذابح والتدمير والإبادة .

أيام الغضب
المجانين هم ليسوا اولئك الموجودون في المصحات العقلية فقط

من المؤكد بأن المعايير لا تكون صائبة على الدوام , وقد تتمسك جماعة بشيء أو مبدأ ما يكون هو الجنون بعينه , لنأخذ مثلا النازية , هي في جوهرها جنون مطلق قائم على العنصرية والتمييز بين البشر , لكن يكذب من يقول بأن النازية لم تشهد رواجا عارما بين الألمان في ثلاثينات القرن المنصرم , وأن هتلر لم يكن معبود الجماهير . الأمر نفسه يقال عن الماركسية , ملايين الناس حول العالم نذروا أنفسهم في سبيلها حتى صارت هي الناموس لبعض الدول وأستمر ذلك لعقود , لكن كل ذلك انتهى إلى فشل ذريع , وكذلك الأمر بالنسبة للرأسمالية حيث يسعى ويشقى الناس طيلة حياتهم من اجل أن تتكدس الأرباح في جيوب مجموعة من الأشخاص والشركات التي تحكم العالم من وراء الستار .

قد يقول قائل بأن كلامنا هذا كله مردود علينا , لأننا كبشر لدينا عقل وأدارك ونستطيع أن نميز بين المعايير الاجتماعية الصائبة والخائبة . لكن هذا غير صحيح تماما بالنسبة لمعظم الناس , لأننا مخلوقات اجتماعية يحلو لنا أن نتماهى ونندمج مع الفكرة والتيار العام في المجتمع والجماعة كي لا نتعرض للنبذ ولا نعتبر مختلفين , لذلك غالبا ما نتبنى معايير وأفكار الجماعة حتى ولو من دون فهم كامل لها وقد نستميت في سبيلها . فلنأخذ مثالا بسيطا جدا , فقبل مائة عام لم يكن سائدا أن تحلق المرأة شعر رجليها  – وأنا هنا أتحدث عن الغرب – , لكن مع مطلع القرن العشرين , ربما بسبب ظهور التنوره والمايوه , أصبح ذلك تقليعة ثم صار أشبه بالعرف , ولا تكاد ترى امرأة إلا وتحلق رجليها , وفي ذلك من العناء والإزعاج ما تعرفه النساء جيدا , ولا ضرورة له إلا إرضاء لمعايير اجتماعية معينة , فأن تظهر المرأة بشعر ساق طويل هو أمر يثير الانتقاد والاشمئزاز مع أنه الشيء الطبيعي . وأذكر حتى ثمانينات القرن الماضي كان من العار على الرجل أن يحلق شاربه , وأنا أتكلم هنا عن المجتمع الذي عشت فيه , كان الشارب شيء مقدس , يحلف به الرجل , وينظر باحتقار للذين يحلقونه , أما اليوم فقد تبخرت تلك القدسية وأصبح حلق الشارب أمرا عاديا جدا .

هذه مجرد أمثلة بسيطة , فهناك أعراف ومعايير وقيم مجتمعية أجل شأنا وأعظم خطرا , وهي مثيرة للسخرية لو نظرت إليها بعين متجردة من العاطفة والتحيز , لكن معظم الناس لا يجهدون عقولهم بالتفكير فيها كثيرا , هم مجبولون منذ نعومة أظفارهم على السير مع الجماعة , أو كما يسميها البعض بثقافة القطيع , لا يشذون عن ذلك ولا يحاولون الخروج عن ذلك الخط المرسوم أبدا , لا بل يغضبون ممن يحاول فعل ذلك . ولأني لا أريد أن أعمم على غيري من الناس لذا سأتكلم عن نفسي فحسب , أنا أعترف بأني كنت مخلصا دوما للقطيع , مع أنه قطيع كثير العثار والغبار , ولم أسعى يوما للخروج عنه , عن أعرافه وقيمه وأفكاره , وما أنا سوى "مجعجع" أجيد تسطير الكلمات , أما الأفعال فصفر على الشمال , بعبارة أخرى أنا لم أحاول أبدا أن أكون إلا خروفا , وسأعيش خروفا وأموت خروفا , امتلكت الإدراك ولم أمتلك يوما الشجاعة ولا الجرأة . العظماء والمؤثرين والمتميزين والمجانين هم فقط من يمتلكون جرأة الخروج عن القطيع . تقول الفيلسوفة والكاتبة آين راد : " تم تعليم الرجال على أن يتوافقوا مع الآخرين , لكن المبدعون فقط هم الذين لا يتفقون . تم تعليم الرجال على أن يسبحوا مع التيار , لكن المبدعون فقط هم الذين يسبحون ضد التيار , تم تعليم الرجال على الوقوف مع الجماعة , لكن المبدعون فقط هم الذين يقفون بمفردهم " .

لكن ما معنى هذا الكلام , هل العالم كما نعرفه اليوم هو عبارة عن مجموعات كبيرة من البشر تسعى وتتصرف من دون أدارك منها وفق معايير وخطوط مرسومة وموضوعة سلفا للتحكم والسيطرة ؟ ..

نعم لم لا .. ألا يتم تجييش الملايين من الناس بأسم القومية والمعتقد والشعور الوطني والديمقراطية والدفاع عن الحريات الخ .. أنا لا أتكلم هنا عن الشرق فقط , لا بل حتى عن الغرب المتطور , وفي كل مكان , من أقصى العالم إلى أقصاه , يجري تجييش البشر لقضايا معينة , وقد يخرج الناس إلى الشوارع وهم يصرخون بغضب , وقد يحطمون كل شيء أمامهم , وقد يثورون ويسقطون حكومات … وهم لا يدركون بأنهم في النهاية ليسوا سوى بيادق صغيرة بيد مجموعة من المجانين تحرك العالم وتحكمه بيد من حديد . وأنا هنا لا أتكلم عن نظرية المؤامرة , بل عن عالم مجنون وفاقد للمنطق والعقل تماما ..

يقول غوته : " لسنا بحاجة لزيارة المصحات العقلية لنعثر على المجانين , فكوكبنا هو المصحة العقلية لعموم الكون" .

وفي عالم مجنون كهذا من الأفضل للمرء أن يكون مجنونا , أو أن يتظاهر بالجنون , "حشر مع الناس عيد " , وإياه أن يقول بأنه عاقل , لأنهم لن يدعوه ينجو أبدا من هذه المصحة العقلية البشرية العظيمة .

المصادر :

Rosenhan experiment – Wikipedia
The Rosenhan experiment examined
Duplessis Orphans – Wikipedia
Duplessis Orphans
Insanity – Wikipedia

تاريخ النشر 23 / 08 /2015

guest
110 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى