أدب الرعب والعام

رسائل غريبة

بقلم : محمد ابو العز – سوريا

رسائل غريبة
امسكت هاتفي دخلت الواتساب ..

ذات يوم كنت جالسا في سكني ضمن اجازتي الاسبوعية .. ودائما ما اشعر بالفراغ والملل الشديد في الاجازة فأنا من النوع الذي يحب العمل والاحتكاك بالناس ولا احبذ الجلوس بالمنزل اطلاقا ..

سكبت الشاي واشعلت السجارة وانا مستمع لاغنية ام كلثوم ( الاطلال ) .. امسكت هاتفي دخلت الواتساب اقرأ توبيكات الاهل والاصدقاء لا لشيء فقد من شدة الملل .. دخلت الرسائل sms على غير عادة ففيها مئات الرسائل المهملة غير المقروءة فأغلبها عروض فارغة ولكن لفت انتباهي رسالة من تلك الرسائل كانت تحمل النداء الامريكي ومكتوبة بالعربي ( غــدا ســـوف ازورك ) ..

عدلت جلستي زدت انارة الهاتف نظرت الى تاريخ الرسالة فوجدتها وصلت قبل ساعات اي اليوم .. شعرت انني قارئ هذه الرسالة من قبل نعم لقد قرأت هذا النوع من الرسائل في موبايلي السابق قبل عام وايضا شعرت بالحيرة حينها ولكن لم اعد اذكر تفاصيل تلك الرسالة جيدا او رقم الهاتف .. ذهبت الى خزانتي واخرجت هاتفي القديم واشعلته .. بعد بحث طويل وجدت الرسالة ومكتوب فيها ( في تاريخ كذا وكذا ســوف ازورك ) اي غــــداً سيصادف هذا اليوم تماما كما هو مكتوب عندي في هاتفي الآخر ..

انه نفس الرقم ونفس محتوى الرسائل ونفس تاريخ الموعد ولكن الغريب انني استخدمت عدة ارقام في ظرف سنة .. هل هي رسائل عشوائية ام ان هناك من يقصدني شخصيا ام انه مجرد مقلب .. ضعت بين هذه الخيارات … ولكني توصلت الى انها ليست رسالة عشوائية فتاريخ زيارته المزعومة محدد بشكل تام في الهاتفين وكذلك ليست مجرد مزحة من الاصدقاء لان المزحة لن تكون مدتها سنة كاملة … بل انا المقصود .. نعم انا مقصود شخصيا من هذا الشيء الغريب صاحب الرسالة ..

حاولت الاتصال به ولكن الرقم مغلق .. شعرت بالقلق بعض الشيء حاولت تجاهل هذا الامر والتقليل من شأنه ولكن الفضول والقلق لم يفارقاني بتاتاً ..

عند حلول المساء ذهبت الى المقهى فأصدقائي ينتظروني .. جلسنا طويلا هناك شاهدنا الكلاسيكو ولعبنا الورق تعشينا سرنا نحو البحر .. هناك عند البحر وفي تلك اللحظات تذكرت امر الرسائل او تذكرت هذا الزائر الذي سيزورني غدا رعش قلبي قليلا حدثت اصدقائي بشأنه منهم من سخر وقال انها فتاة حسناء ستزورك ومنهم من قلل من شأن تلك الرسائل مما جعلني انا الآخر اقلل من شأنها ..

عدت اخيرا الى سكني في منتصف الليل وقد ارهقني التعب وغدا لدي عملا شاق .. امسكت هاتفي قليلا لأضبط المنبه ولكن لفت انتباهي اشعاراً جديد نعم لقد وصلتني رسالة من هذا الرقم الغريب للتو ( اليوم سأزورك ) وكان تاريخ الرسالة في الساعة الثانية عشر تماما قبل نصف ساعة اي عند دخولنا اليوم الجديد ..

اتـصــلــت به لاعرف مالذي يريده بالضبط .. رن هاتفه هذه المرة ولكني اغلقت المكالمة لا شعوريا وبسرعة .. شعرت بالخوف قليلا فربما يفاجئني بصوت بشع او ما شابه ذلك ..

ثم عدت الاتصال به وزادت دقات قلبي ولكن هذه المرة الهاتف مغلق ( يبدو انه اغلق هاتفه ابن الـ…. ) قلت لنفسي

اليوم سيزورني .. لا اعلم فقد يزورني الآن .. اتصلت بأحد اصدقائي يدعى ( عمار ) بعد تردد طويل واخبرته بأن يأتي الى سكني فورا .. قال لي : خير شو في؟ .. ـ قلت : عمار تعال في سالفة مهمة ولازم تجي ـ اوك مسافة الطريق واكون عندك .. وماهي الا لحضات حتى دق جرس السكن فتحت الباب بسرعة فلم ارى احد خلف الباب التفت يمينا ويسارا لم يكن احد في الشارع نهائيا .. يا إلهي ما الخطب ؟؟؟ انها ليست مزحة بالتأكيد .. ثم افزعني صوت هاتفي حتى كاد ان يقف قلبي .. ( عمار يتصل بك )

ـ عمار : ابو العز سيارتي ما عم تشتغل ما بعرف شو فيها تقول ركبها جني حاولت اشغلها وما اشتغلت مع انو مافيها اي شي عطلان .. ـ قلت : ماشي عمار انا راح اجيك ولا يهمك .. يا الهي من الذي دق الجرس وما بال سيارة عمار .. ايقنت ان الامر في غاية الخطورة ويجب ان اغادر السكن بأسرع وقت تجنبا للمتاعب ..

خرجت للشارع الرئيسي واستقليت سيارة اجرة بإتجاه منزل عمار .. لحسن الحظ وجدته خارج المنزل يحاول اصلاح سيارته .. ـ خير شو في . ابو العز ؟؟ قال لي ..

اخبرته بكل ما حدث معي بالتفصيل الممل وقد تغير لون وجهه واصابه الذهول فهو غير معتاد على سماع هكذا احاديث ..

نادى عمار ابوه واخبره بالامر وهو الاخر تعجب مما سمع فقررنا نحن الثلاثة ان نعرف سر هذا الرقم .. كتبناه في محرك البحث جوجل فلم نعثر على معلومات مهمة بشأنه .. اتصلنا بشركات الاتصال وسألناهم عن هذا الرقم وهم الآخرون لم يفيدونا بشيء .. ما العمل الان ؟

قام ابو عمار بالاتصال بالرقم نفسه لعدة مرات ولكنه مغلق .. قلت لهم : ( النداء امريكي واكيد السر الحقيقي بأمريكيا ) … عمار : صحيح .. ابو عمار : عندي صديق بأمريكيا راح نسأله بكرة .. ناموا هلق وبكرة راح نسألوا راح يأذن الفجر وانتو لسا ما نمتوا ..

نمت في منزل ابو عمار بعد ان ارغمت نفسي على النوم ولكن كانت هناك مفاجئة من العيار الثقيل تنتظرني عند الاستيقاظ ..

استيقظت من النوم ورأيت رجل اسود البشرة ذو شعر مجعد وشفائف كبيرة خلف نافذة الغرفة وينظر الى السماء .. يحمل بيده موبايل قديم من نوع نوكيا .. ايقظت عمار : عمار عمار شوف شوف .. احسست بثقل شديد في لساني وقلبي يكاد يخرج من جسدي لهول المفاجئة .. نظر عمار حيث اشير له بيدي ولم يرى شيئا وانا الآخر لم ارى شيئا لقد اختفى ولا اعلم من هوا و ما سره او ما ماهيته او سبب نظراته او ربما اتخيل …

اخبرتهم بما حدث معي فظنوا انني اتخيل ولكن ابو عمار كان مهتم كثيراً بحديثي اما عمار فيحاول الانسحاب قدر الامكان فهو لم يعد يحتمل ما اقول …

اتصل ابو عمار بصديقه في امريكيا وسأله عن الرقم وقال انه سيرد لنا الخبر بعد قليل … لحظات والا صديقنا يتصل ويقول ان الرقم لمواطن امريكي متوفي منذ عام يدعى جون كاجان حسب ما اخبرته شركات الاتصال هناك …

وبعد تحري واهتمام من صديقنا المقيم بأمريكيا تبين ان صاحب المنزل مات منتحرا وان منزله يعج بالغرائب والارواح الشريرة … يا إلهي .. صدمنا جميعا مما سمعنا وقد تأكد ابو عمار وعمار انني كنت اعني ما اقول بل ان الامر لم يعد يقتصر علينا نحن فأغلب الاصدقاء وزملاء العمل علموا بالامر وراح كل واحدا منهم يعطي تفسيره الخاص ويحاول مساعدتي ولكن لماذا انا بالذات هذا ما اشغل تفكيري وسبب لي الرعب …

عند حلول المغرب وصلتني رسالة جديدة من هذا الرقم مكتوب فيها ( انا قادم ) … شخص ميت يكتب لي انا قادم هذا مالم احسب حسابه في يوما ما .. اخبرت عمار وابوه فقالوا .. توكل على الله وهو حسبك ..واحضرنا قرآن ووضعناه بجانبنا وشغلنا ما تيسر من القران في التلفزيون ..

فجأة سمعنا صياح قادم من غرفة النساء في بيت ابو عمار وكانت ام عمار تنادينا وتطلب منا النجدة ..

دخلنا اليهم جميعا ووجدنا ابنتهم تبكي بكاء شديد دون سبب وجميع العائلة يحاولون معرفة سبب بكائها الا انها لم تجب .. لم تكن تبكي وحسب بل بكائها ممزوج برعب شديد ورعشة في جسدها ..

التفتت يميناً فوجدت هذا الغريب ذو البشرة السوداء جالس القرفصاء في زاوية الغرفة وينظر الي ويضحك بخبث ثم اخذ هاتفه وكتب شيئا ما ودخل في الجدار واختفى ..

وصلتني رسالة جديدة منه مكتوب فيها ( وداعاً ) …

فقدت الفتاة المسكينة عقلها وانا الآخر بدأت اشك بأي شيء وصار الرعب يساورني كثيرا فتارة اتخيله ينظر الي من النافذة وتارة اتخيله يراقبني وعشت في اوهام وشكوك حقيقية ..

اما عمار وابوه لم يصدقا ما حدث وكأنهما في حلم .. كيف وصلت الينا لعنة تلك الروح وفعلت بنا هذه الافاعيل في ليلة وضحاها ….

طابت ليلتكم .. لنا لقاء في مقال آخر ان شاء الله .. وتحياتي للجميع ..

تاريخ النشر : 2015-10-31

guest
30 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى