أدب الرعب والعام

عذاب الخطيئة

بقلم : فراوله – الكويت

عذاب الخطيئة
يا الله ما أجملها .. لم يغيرها الزمن كما عبث بي

في شتاء سنة ٢٠٠٠ عزيز رجل في أول أربعينات من عمره يجلس على سجادة بسيطة في وقت الضحى في يوم مشمس شاتي وتتقدم والدته بصينيه الشاي لتضعها أمامها وتصب له سكانه (قدحا صغيرا) وهي تردد : اذكر الله كل شيء بأمره .. أين زوجتك الآن ؟ .

عزيز : لا ادري ؟ .

أمه : إياك ان تكون تركتها .

عزيز لا يرد …

أمه : والله حرام ما تفعله بها , وماذا يعني ان يكون حملها السادس بنت أيضاً , نعمه .. نعمه فضيلة من الله .

عزيز يرشف رشفتين ويسرح ببصره باتجاه بيت الجيران.

طوى الزمن عقدين أو اكثر , تذكر نفسه وهو ابن عشرين سنة يماطل في غسيل سيارته ليرى نوره , كانت سمراء طويلة ناحله بعينين عسليتين ورموش طويلة تمر منه تبتسم فتشرح أساريره .

تقطع أم عزيز شريط ذكريات عزيز وهي تقول : عزيز ! .. ابو بشاير

عزيز: نعم هلا هلا

أمه: سمعت ما أقوله ؟

عزيز يغير الموضوع ويقول : أمي ما هي أخبار نوره ؟ .

الأم: الله يستر عليها , لا ادري عنها لكن صار لي أسبوعين أراها في بيت أمها .. عزيز ابني أنت مريض ؟ .. ما هي قصتك ؟ .. أكلمك عن زوجتك فتسألني عن نوره ! ..

عزيز : خلاص أمي .. فهمت .. سأراضيها وسأزورك معها هي والبنات غداً .. جيد هكذا ؟

الأم : جيد الله يهديك ويهدي سرك مع زوجتك عبير أم بناتك .

يهم عزيز بالخروج ويخرج من بيته فيلمحها .. نوره .. وهي تهم بالدخول , يا الله ما أجملها , لم يغيرها الزمن كما عبث بي , لا تزال جميله ورائعة .

***

ظهيرة اليوم التالي تهم عبير وبناتها بالدخول إلى بيت أم زوجها , وأم عزيز تهلي وترحب وعزيز يمشي متثاقل وراءهن .. أم عزيز تداعب كنتها وتضع يدها على بطنها وهي تقول : البنت هذه سأسميها عزيزه .. لأنها ستكون عزيزه على قلب عزيز .

عزيز – من وراء قلبه – : أكيد أمي كل بناتي عزيزات على قلبي .

وفي المساء تجلس عبير مع أم عزيز بالصالة وعزيز خرج لصلاة العشاء فلمح بطرف عينيه طيف جميل لامرأة رشيقة ترتدي شال ازرق وتحتسي الشاي .

نوره ! .. هي نوره .. هكذا ردد في نفسه .

نوره: عزيز كيف حالك ؟ .

رد بارتباك : بأحسن حال .. وأنت كيف حالك؟ .

نوره : حالي ما يعلم فيه إلا الله , على العموم لو أردت معرفة أحوالي انتظرك هنا الساعة العاشرة. الآن كل الحي يتجهون للمسجد وأكيد ليس من الأفضل رؤيتنا نتحدث معا هكذا .

ذهب عزيز وصلى ولا يعرف كيف صلى , كانت نوره تجتاح تفكيره , ورجع عزيز للبيت ينتظر الساعة العاشرة .

كانت نوره بانتظاره بشالها الصوفي ولقد جهزت له القهوة والحلويات , كانت الجو بارد لكنه شعر بأنه يتصبب عرقا ..

نوره وهي تضحك : عزيز أصبحت خجول!!!!..

عزيز: وأنت أصبحت جريئة , لم أحلم أن أجالسك يوما

نوره: لم تحلم ولكن أحلامك تحلمها وتعيش واقعها معي وقد يتكرر كثيراً إن أحببت

عزيز : أكيد أحب .

مرت ساعة ساعتين وثلاث ساعات .. حكت فيها نوره عن زواجها التعيس وأنها تطلقت منذ أسبوعين , وأنها رزقت بولدين , وحكى هو له بدوره عن زواجه القسري من عبير وخيبة أمله من كثرة البنات حوله , فهي علاوة على أنها بنت خالته فهي يتيمة ولا احد لها وإلا لما تزوجها أصلا ولا أبقاها على ذمته .

أصبح الوقت بعد منتصف الليل , كل ذهب بحال سبيله , وأصبح فؤاد عزيز فارغا إلا منها .. نوره .. لا تفارقه أبدا , لقد ارجع زوجته وبناته لبيته وصار لا يقطع زياراته اليومية لبيت والدته .

وفي يوم مطير تلاقى الاثنان بالحديقة كعادتهم , كانت زخات المطر خفيفة ثم اشتدت شيئا فشيئا , ضحكت نوره وقالت : لابد أن المطر حاقد علينا , أظن بأن علينا بالانصراف ..

وفجأة انقطعت الكهرباء وحل ظلام دامس وهدأت الدنيا إلا من هدير المطر وصوت الرعود , قالت نوره لعزيز بقلق : هلا أوصلتني للبيت أنا أخاف من الظلام .

وافق عزيز ودلفا للبيت المعتم , كان السواد يعمه , هنا قال عزيز ” سأحضر لك مصباح كهربائي .

ردت نوره: لا أرجوك لا تتركني وحدي في هذا الظلام .

عزيز: إذن ما العمل ؟

نوره: هناك في غرفتي شموع.

عزيز : أين غرفتك ؟

نوره: في الأعلى تعال معي

صعدا السلم بحذر ودخلا غرفة سوداء حالكة الظلام بدأت نوره تتحسس الأدراج إلى أن عثرت على الشموع العطرية وأشعلتها بصعوبة .

أنبهر عزيز من ديكورات الغرفة القرمزية والتفت قائلا : ذوقك رائع .

ردت نوره بحزن: ذوقي رائع وحظي رديء .

بدأت نوره تسرد بصوتها الحزين خيبات أملها وعذابها على ضوء الشموع البرتقالية المتوهجة والظلال المهتزة المنعكسة على جدران غرفتها القرمزية وروائح اللافندر والصندل والمسك تتعالى وتفوح بجو إغوائي شيطاني سيطر على الوضع خصوصا بعد أن خلعت نوره بلوزتها الصوفية لتريه كدمات زرقاء على ذراعيها وتقول أن طليقها الرياضي الضخم لا يقف عن ضربها على أتفه الأسباب ..

نهض عزيز فجأة كما لو لدغته أفعى .

نوره – تكفف دمعها – : ماذا بك ؟

عزيز : يجب أن اذهب

نوره: أرجوك .. لالالا .. ليس الآن أنا أحتاجك

عزيز : نوره أرجوك

نوره: أرجوك أنت ..

وطوقت رقبته بذراعيها واحتضنته بقوة وعم الصمت ووقع المحظور ….

***

تحول هدير المطر في الخارج إلى نغمات هادئة .. تك تاك .. كل شيء مبتل وهادئ , تغريد خجول هنا من عصفور , وهدير سيارة فوق بركة ماء هناك .. ويقطع هذا الجو صخب ساعة حائط بصوتها الصاخب تك تك تك …

نهض عزيز يتحسس السرير , ليس سريره ! .. يشعر بدفء جسد بجانبه .. إنها نوره.

لم يكن حلما .. لم يكن حلم يا الله ..

تستيقظ نوره فزعه : يا الله .. أمي! .. أمي على وصول , الساعة السابعة الآن .

يضطرب عزيز ماذا يفعل , يركض على غير هدى , تلثم بشالها وخرج من بيتها , لحسن حظه كان الشارع خالي من المارة , قفز من حديقتها على حديقة بيت أمه وتسلل كالأطفال على أطراف أصابعه ودخل غرفته وأوصد بابها وغرق في بكاء وعويل , لم يصدق ما فعل.

ودخل عزيز بحالة اكتئاب وتأنيب ضمير , لم يخطأ وهو فتى ليخطأ في عمر الخمس والأربعون .. يا الله .. عاهد نفسه أن يتوب ويستغفر , وبعد أن كان دائم الزيارة لأمه صارت أمه تؤنبه لانقطاعه عن زيارتها .

أرغم نفسه على زيارة أمه برا بها , وذهب هناك ودخل لغرفته ليجد شال نوره , يا الله اللهم لك الحمد ان أمي ضعيفة البصر ولم تلحظه , وأرسل لنوره يريد رؤيتها .

نوره: أخيراً

عزيز: سأعطيك أمانه لك عندي وانصرف

نوره: وأنا أيضاً عندي لك أمانه

تلاقيا بالحديقة , عزيز يمد يده بالشال لنوره وهو يتحاشى النظر لوجهها .

نوره: هذه الأمانة !!!! .. أأتركها تذكار لك .

عزيز :لا اريد ان اذكر شيء

نوره: لم تسألني عن أمانتك

عزيز: أين هي

نوره: في قلبي .. في حشاي

عزيز بغضب وجدية : نوره أنت لستِ صغيره .. لا أريد مزاح .. سأنصرف

نوره: عزيز أنا حامل

عزيز: وما شأني ؟!

نوره بصدمة وهي تغالب دموعها: عزيز الموضوع لا يحتمل مزاح , شأنك من شأن شالي الذي بيدك , ما الأمر نسيت أم تتناسى ؟!! .

عزيز: اذهبي بنت الناس بحال سبيلك ما حصل حصل .. استري نفسك فالخطأ خطأك وحدك وأنا رجل لا يعيبني شيء وأنا لا دخل لي في شيء , أنا متزوج امرأة أصيله بنت حلال تساوي الدنيا بمن فيها ولي بنات تهمني سمعتي أمامهن .

نوره ودمعة تهرب على خدها: ماذا افهم تخليت عني؟؟؟

عزيز: أفهمني ما تريدينه ..

وأدار ظهره وذهب قبل حتى أن يسمع ردها .

***

أذن المغرب بيوم بارد وتوضأ عزيز وصلى وطلب من الله لو أراد أن ينتقم منه فلينتقم من شخصه دون بناته وبكى كثيرا .

وفي يوم ربيعي معتدل ولدت زوجته عبير بنتا كالقمر وأسماها عزيزه , كان سعيدا هذه المرة ولم يمارس ساديته بتأنيب زوجته على إنجاب البنات كما يفعل دائماً , كان سلوكه كما لو كان يعتذر عن خيانته لها , فرح ببنته وحملها بين ذراعيه وأذن بأذنها واقترب من زوجته وتحمد لها بالسلامة وقبل رأسها وجلس يداعب بناته ويضحك معهن بجو بهيج ثم انصرف .

نظرت عبير لام عزيز قائله : يا خاله كأن عزيز تغير ؟؟؟

ردت أم عزيز ضاحكة : حتى تعرفين تأثير دعواتي وتصدقيني عندما أقول لك دعواتي مستجابة ..

بعد عدة أشهر ينجو عزيز من حادث سيارة مروع , يصحو عزيز ينادي : أمي أمي

عبير: نعم حبيبي  

عزيز :عبير .. أين أمي أين أنا ؟ .. أين رجلي ؟ .

عبير: اسم الله أنت في المستشفى وأمك الآن ستأتي ورجلاك أمامك .

عزيز : لا اشعر بهما !

عبير تبكي : خير خير إن شاء الله الآن سيشرح لنا الدكتور تفاصيل الحادث .

دخل الدكتور وقال : سيد عزيز أنت رجل مؤمن عليك أن تشكر الله انك لا تزال حي , لقد نجوت بأعجوبة سيد عزيز , لكن لقد تأذت فقرات ظهرك كثيراً مما تسبب في فقدك المشي والقدرة على الإنجاب

عبير تبكي وتعض على شفتها : الحمد لله رب الأقدار

عزيز: لن امشي بعد الآن ؟ .. لن يكون لي ولد وسند بالدنيا , ليس لأجلي لأجل ثمانية نساء ليس لهن في الدنيا سواي .. يا ربي يا الله …

وبكى وبكت عبير وردد الدكتور : لا حول ولا قوة إلا بالله .

***

بعد أسابيع جاء الدكتور بالبشرى , الإصابة التي أثرت بالمشي ليست بالغة كما الإصابة التي أثرت بالإنجاب .

تسأل عبير بلهفة : هل سيمشي ؟

الدكتور: بمشيئة الله لكن يحتاج جهد كبير ووقت طويل من العلاج الفيزيائي والتمارين.

مرت بعدها شهور تثابر بها عبير وتتناوب مع أم عزيز برعاية بناتها حين وبرعاية زوجها أحيانا كثيرة .

وفي يوم قالت أم عزيز: اشتقت لبيتي , فبعد الحادث الذي حدث لعزيز لم أراه من حينها .

ردت عبير: خلاص خاله أنا اتفق مع شركة تنظيف يرسلون لنا خادمتين هناك للتنظيف ويكون تحت إشرافك أو إشراف بشاير ويتم تنظيف البيت ثم نجتمع فيه كما كان نفعل بالأيام الخوالي .

ردت ام عزيز : لا بشاير صغيره , أنا اشرف عليهن وبشاير تساعدك بالعناية بوالدها .

بعدها بيوم تصرخ عبير ببناتها هيا يا بنات ألبسوا سنذهب لمكان تحبونه .. فبدأت البنات بالقفز والتصفيق والبهجة

عزيز: سنخرج اليوم ؟

عبير : نعم

عزيز: جيد مللت من البيت

وصل الجميع لبيت أم عزيز  ..

عزيز: لو ادري إننا أتون لهذا البيت الملعون لما قبلت المجيء

عبير: أعوذ بالله .. لماذا تلعن بيت ترعرعت فيه وكنت لا تنفك على التردد عليه وتقول انك متعلق به .

عزيز بضيق وغضب: عبير كفى ..

دخلوا للبيت كانت أم عزيز قد حضرت وليمة فاخرة وألعاب وحلوى فعمت البهجة والسعادة وسط ضحكات البنات وسعادتهن .

عبير: الحمد لله كنت خائفة أشوف نوره .

أم عزيز : وما شأنك بها ؟ المرأة رجعت لزوجها .

عبير: حقاً ؟! .. الحمد لله , هذه الإنسانة اشعر أنها غير طبيعية .

أم عزيز: الله يرحم حالها , تزوجت رجل متعافي يصبحها بضرب ويمسيها بتكسير .

عبير : إذن لماذا رجعت له ؟ .

أم عزيز : مسكينة اكتشفت أنها حامل وهي في عدة الطلاق فتراجعت عن قرارها بطلب الطلاق .

عبير: من فضل الله علي , نظراتها لي كانت كلها حقد , كما لو كنت زوجة والدها أو ضرتها .. ههههههه

عزيز : عبير عبير ممكن الا تأتوا بسيرة نوره أنت وأمي مره أخرى

عبير وأم عزيز : لماذا ؟

عزيز : هكذا .. أم لأني أصبحت عاجز لم يعد احد يسمع كلامي .

عبير وأم عزيز : خلاص خلاص كما تريد .

***

ومرت سنوات .. وتبعتها سنوات .. وحل خريف عام ٢٠١٥ …

تزوجت بشائر – أبنة عزيز البكر – وسرعان ما حملت وأنجبت وأصبحت تدعى أم عزيز بعد أن أسمت ابنها على اسم والدها , وأصبح عزيز قادر على المشي بواسطة عكاز , ونصحه الأطباء بكثرة المشي لصقل عضلات رجله وأعصابها , وبقى أن نقول بأن أبنته الصغيرة عزيزه كانت اسم على مسمى , كانت أعز وأغلى شيء على قلب والدها عزيز وصديقته المقربة .

عزيز اليوم في الستين من عمره يمشي بواسطة عكاز لبيت والدته , تستقبله والده بترحابها المعتاد , لم تعد قادرة على إعداد الشاي كما في السابق , أصبحت تساعدها خادمها اسمها سينيتيا وتعد لها ولضيوفها الشاي الذي لم يعد عزيز يحبه حلوا كما كان يفعل , إذ صار يشربه بلا سكر حتى يخفف السكر الذي أصابه .

أم عزيز: كيف حالك يا ولدي وحال بنتك عزيزه ؟

عزيز: بخير يا أمي

ام عزيز: متى ستزوجها ؟

عزيز: صغيره يا أمي بالكاد تبلغ الستة عشر عاما

ام عزيز: ليست صغيره , عندما كنت في عمرها كنت أنت على كتفي .

عزيز: أنتم غير وهم غير .

ام عزيز: عندي لها زوج مناسب , عامر ولد نوره الصغير , اصغر منها بعام تقريبا .

عزيز: هذا يعتمد على جماله , بنتي تحب الحلوين , ويجب أن تراه لتحدد رأيها بالموضوع هههههههه

أم عزيز: على العموم هو جارنا الآن , سكن مع جدته لان والداه سافرا أمريكا لرحلة علاج بعد إصابة والده برقبته , وأخيه الأكبر متزوج ويسكن مع زوجته بشقة , وأخوه الأصغر منه ببعثة دارسيه بالخارج ؛ والآن يا بني أتركك وأترك المزاح وسأذهب مع سينيتيا لأخذ إبرة الكالسيوم وأعود فورا لك حبيبي لننمم على الناس وتوزع حسناتنا عليهم هههههه

عزيز : في أمان الله أمي

وبعد ربع ساعة شاهد عامر , وكانت صاعقة مدوية حلت عليه , عامر نسخه منه ! .. نفس ملامحه ونفس الطول غير انه أضخم بفعل تربيت أبوه الرياضي , لقد رأى نفسه بصباه بجسد قوي رياضي , ابتلع عزيز ريقه وهو يتأمل الفتى , لم تكن تكذب , كانت صادقه .. هو .. هو ابني .. ولدي .. رددها في نفسه وأغمض عينيه وفتحها , تذكر كلام أمه وزوجته حول رجوعها لطليقها بعد أن عرفت أنها حامل , يردد في نفسه : والله هو هو ابني , حلمي هو حلمي , حقيقة بأوج عنفوانها , صبي بعنفوان الشباب , فتي قوي ذو عضلات نافرة وصوت أجش يشبهني ..

وسمع صوتها يتردد صداه في أذنه قادما من الماضي البعيد .. صوت نوره وهي تقول له : أحلامك تحلمها تصبح واقعك معي .

يا الله .. عبير عشت معها عشرين سنه لم تنجبه وتجنبه نوره في لحظة عابرة ! .. كنت أتمنى أن يكون لي ابن حلال فأرزق به من حرام ؟! .. كنت أظن أن عقابي نلته بعجزي فإذا بعقابي يكون بتحقق حلمي بعيدا عني وفي يد غيري .

***

أصبح عزيز يتلذذ بتعذيب نفسه بمشاهدة ابنه يوميا , ويسمعه يكلم زوج نورة مناديا إياه أبي , وأصبح يتجرع العلقم وهو لا يستطيع أن يصرح بما لو كشف عنه وفضح حقيقته لخربت كثيراً من البيوت العامرة ..

اكتفى بمراقبته يوميا بعينيه المجعدتين يتجرع حسرات خطيئته ويعيش أحلام اليقظة ويتخيله عضيده وسنده ويتخيله رجلا يساند أخواته ويتخيل ويتخيل …. ويستيقظ من حلمه على صوت عامر متحدثا بهاتفه المحمول : أهلا أبي .. كيف حالك ؟ ..

فيفز قلب عزيز من مكانه : أنا هو أبوك … أقسم بالله … أنا أبوك .

تاريخ النشر : 2015-12-03

فراوله

الكويت
guest
27 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى