أدب الرعب والعام

أنا و أختي الشبح

بقلم : كاميليا – الجزائر

انا شبح اختك التي توفّيت مع والديك..

والداي متوفيان قبل 13 سنة و عشت معظم حياتي في دار للأيتام ثمّ تبنّاني شخص ثري عندما كان عمري 16 وعرفت مؤخّرا أنّه الوزير مادلين… حياتي في دار الأيتام كانت أسوء سنوات عمري فانا لم أكن محبوبة من طرف مديرة المركز لأنّ مظهري يميل للبشاعة أكثر من الجمال فلدي عين مشوّهة و فكّ معوجّ و هذا لأنني نجوت بأعجوبة من الحادث الذي قتل فيه والداي و ليتني لم أنجو أصلا لكان أفضل من العيش بوجه مشوّه إنني اكره نفسي بحق و من بين الحوادث الكثيرة التي اكرهها في دار الأيتام :

عندما حان يوم ميلاد إحدى الفتيات و الذي يصادف يوم ميلادي حظيت هذه الفتاة باهتمام الجميع و حتى المديرة و تحصّلت على هديّة من عندها و عندما ابديت اعتراضي سخرت منّي المديرة و قالت انّ هذا اليوم الجميل لا يجب ان افسده بوجهي القبيح… لا تعرفون كميّة الدّموع التي ذرفتها حينها ليتني متّ و كنت نسيا منسيًا… فجأة أمسكت يد بعنقي و بدأت بخنقي بشدّة ثمّ فكّت وثاقي … كدت أموت أيّتها المغفّلة لارا ماذا تفعلين بربّك تريدين قتلي؟ لكن ما هذا لارا ماتت ! انت لست لارا اذن من هذا الذي يقلّد لارا في حركتها هذه؟…استدرت ورائي لأرى ما هالني… انّه بالتأكيد شبح لارا… تأملته لبرهة ثمّ لذت بالفرار لكنّه ظهر أمامي فجأة من العدم عندها جريت في الاتجاه المعاكس و قبل ان ادرك كنت فد ابتعدت مسافة كبيرة عن المركز…

توقفت قليلا لالتقط أنفاسي ثمّ عدت ادراجي نحو المركز لكن…؟ ايـ..أين…أين المركز لقد كان هنا أقسم لكم بذلك…

ورحت أنادي : آنسة لورا (مديرة المركز) .. دينا (صاحبة حفل عيد ميلادها) .. لينا…

و لكن لم يردّ عليّ أحد… جريت نحو الطريق لاستشير احدهم و أأكّد لنفسي بأنّ المركز في الجوار… يا سلام تلك سيارة و رغم أنّ الماركة غريبة علي لكنّي سأوقفها و أسأل صاحبها… سيّدي هل هناك مركز لرعاية الأيتام هنا؟

أجابني بالنفي و قال أنّه سمع بهذا المركز و لكنّ الزلزال هدمه و قتل كلّ من كانوا فيه ، لكن كانت هناك فتاة مفقودة و يعلم مصيرها لحدّ الساعة.

– شكرا لك سيّدي و لكن هل تعرف متى حدث ذلك و ما اسم هذه الفتاة؟

– اسم تلك الفتاة ان لم تخنّي الذاكرة كريستال… حدث هذا قبل 50 سنة… حادث مأساوي بالفعل… لكن من أنت صغيرتي؟

– انا…أنا كريستال

– كفّي عن المزاح صغيرتي انت حتى لا تبدين عجوزًا و اركبي سأوصلك الى المنزل

– منزلي الوحيد هدم بسبب هذا الزلزال

– لا عليك صغيرتي سأوصلك الى مركز لرعاية الطفولة و سيكون كل شيء على ما يرام

فجأة ظهر شبح لارا من جديد و قد بدا شديد البياض و الغريب انّ هذا السيد لم يره… خلت أنّني سمعتها تقول سأجعلهم يندمون على سخريّتهم منك عزيزتي وعندها فقط فهمت انّ هذا كلّه بسببها. استدرت قليلا لأفكّر في اقتراح السيد ثمّ استدرت اليه لأجيبه و العجيب انّى لم أجده اين ذهب انا لم أسمعه يحرّك سيارته؟

– انا قضيت عليه

– من انت ؟ .. لارا هل هذه انتي؟

– نعم كريسي عزيزتي سأجعل من يؤذيك يندم

– لماذا لارا هذا الشخص لم يؤذني

– كان يريد استغلال براءتك لاغتصابك

– هذا…هذا فضيع للغاية…لكن لارا لما انا هنا؟ .. ولماذا مرّت 50 سنة

– أتذكرين عندما حاولت خنقك و فررت بعد ذلك؟

– نعم لما؟

– كلّ خطوة خطوتها جعلتك تعبرين سنة

– و بالتالي خطوت 50 خطوة

– نعم و عندما استدرتي قبل قليل وخطوت خطوتين

– مرّت سنتين !

– صحيح

– و ماذا فعلت له

– لقد قتل في حادث سيّارة

– لكن لما تفعلين هذا

– لأنتقم منك

– انا؟ لماذا ما الذي فعلته؟

– عندما يحين الوقت ستعرفين عزيزتي

ثمّ رحل شبح لارا و في الوقت الذي كنت اتحدّث فيه معها وجدت نفسي في قصر ضخم و ملابسي مذهلة و لدى استدارتي… كانت المفاجأة الكبرى .. أين التشوّه الذي بوجهي؟ .. لقد رحلت تلك اللّعنة .. شكرا للرب شكرا

– صغيرتي هل انت مستعدّة

– ماذا من هناك؟

– انّه انا والدك هل نسيتني لانّني اتغيّب كثيرا

– لكن…والداي توفّيا ليس لديّ أب

– آه صغيرتي اعرف و انا تبنّيتك

– متى حدث هذا؟

– قبل سنتين هل نسيتي؟ وجدتك على حافّة الطريق و كنت تشعرين بالبرد و الخوف

– قلت في نفسي : “لماذا الوقائع التي يسردها ليست كما اذكر…لكن ماذا يهمّني ما دمت سأعيش في قصر بوجه جميل” ثمّ قلت له : حسنا ابي و لماذا استعدّ؟

– هل اصابك الزهايمر المبكّر؟ اليوم عيد ميلادك الـ 16 .. عيد ميلاد سعيد أيّتها الشقيّة

– شكرا ابي شكرا انا سعيدة

– اعرف…اعرف انت لم تعدّي عيد ميلاد مطلقا لما كنت في دار اليتامى

– صحيح كيف عرفت؟

– اعتقد أنّ علينا زيارة الطبيب اليوم…ما بك؟ انت أخبرتني بهذا في عيد ميلادك ال15

– فجأة ظهرت لارا أو ربّما خلتها لارا… لقد كانت فتاة في مثل عمري تقريبا

– عزيزتي سوزي تعالي الى هنا

– نعم ابي ماذا هناك

– لوسي هنا

– قلت لك لا تنادها لوسي انّها كريستال

– حسنا حسنا فهمت استعدّا فاليوم عيد ميلادكما

– لقد جهزت نفسي لنذهب

– حسنا تعاليا

منذ تلك اللحظة لم استطع التّحدّث ، انا متأكّدة من أنّها لارا ، لكن لارا ماتت و هذه الفتاة حيّة من طين… و ما أكّد لي شكوكي عندما استدارت لي من مقعدها الامامي في السيارة و قالت: “أنا هنا دائما لأحميك … انا منحتك هذه الحياة المترفة بعد ان قتلت ابنة الوزير و كلّ عائلته و استعرت جسد ابنته و بالتالي هو يظنّني ابنته المتوفّاة و جعلته يتبنّاك لنكون معا الى الأبد…أليس هذا كلّ ما تمنّيته… لقد حقّقته لك يا أختي الصغيرة”

– لارا انت تخيفينني حقا من انت؟

– انا شبح لارا عزيزتي انا في الواقع منذ ان عرفتني أوّل مرّة و انا شبح و لكنّك لم تدركي هذا الّا عندما تفاقم حقدك على مديرة مركز اليتامى و على دينا و حفلة عيد ميلادها

– من تكونين؟

– انا شبح اختك التي توفّيت مع والديك…أنا اختك المفقودة التي توفّيت في حادث السيارة

– انا لا أذكر هذا الحادث

– كنا قد اختطفنا من قبل شخص و لكن والدانا تمكّنا من انقاذك أمّا انا فلا و بعد المراوغات انقلبت سيّارة والدينا فماتا اما انت نجوت… و انا تمّ اغتصابي و قتلي من طرف ذلك المتوحّش

– و من هو هذا الشخص؟

– انّه الوزير مادلين و سأنتقم منه

– لكنّه لطيف معنا للغاية

– هذا لا يغفر له جريمته

– لكن…

– اسكتي كريستال و لنرحل بسرعة قبل ان تصابي بمكروه

– ها؟ ماذا؟ لماذا؟

– هذه السيارة ستنقلب في الطريق الفرعي المؤدّي الى حفلة عيد ميلادنا

– حـ…حسـ…حسنا…

استغربت كثيرا ان الوزير لم ينتبه لما كنا نتحدّث عنه حتى انّه لم ينتبه عندما فتحنا ابواب السيارة و ترجّلنا عنها… اصبت ببعض الجروح و لكن سرعان ما التأم الجرح… و عندما سألت لارا عن هذا قالت أنّه قد مرّت عدّت أيّام على الحادث

– هل تعرفين ماذا الآن؟

– ماذا؟

– لقد أصبحت الأغنى و الأجمل على الاطلاق فقد ورثت كلّ ما تركه الوزير الأحمق…هل تشعرين بالسعادة

– ليس تماما لدي شعور بالذنب

– على الأقل انت تشعرين بالذنب انا حتى لا استطيع ان أشعر بشيء…

– انا اكره نفسي عزيزتي لارا…انا اشعر بالوحدة

– هل تفتقدين احدهم

– نعم افتقدك و ابواي

– تعالي معنا نحن هنا جميعا و لكنّك لا ترين سواي

– اريد ذلك حقا لكن كيف؟

– يجب ان تموتي لتشعري بالسعادة

– لكنّك لا تشعرين بشيء كما قلتي

– نحن نشعر بكل شيء عندما نتعامل مع الاشباح و لكن لا نشعر بأي مشاعر تجاه الأحياء

– اريد ان اموت لأني لا أشعر بالسعادة مع الأحياء .

 

و بعدها لم أشعر الّا…في الواقع لم أشعر بشيء…أشعر فقط بأصوات مشوّشة تناديني باسمي

– كريستال…كريسي…استيقظي

– ماذا؟ اين انا؟

-انت في منزلك و بين احبابك حبيبتي..

– نحن عائلتك .. انا ابوك و هذه أمّك

– و اين اختي؟

– ماذا بك ؟! .. اختك ما تزال حيّة

– لقد متنا نحن و لكن جميل ان ينجو احدنا

– و لكن..

ثمّ أكملت في نفسي : ” لقد قتلتني لتغيّر من مجريات التاريخ لتكون هي من عاشت و انا من متّ…الآن فهمت ماذا تقصدين بأنّك تنتقمين منّي… كنت تشعرين بالغيرة لأنّ القدر اختارني للعيش”…

تاريخ النشر : 2015-12-11

كاميليا

الجزائر
guest
32 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى