تجارب من واقع الحياة

بائعه الأحذية الجوالة

بقلم : **مٌليكه** – مصر

ظلت المرأة تعاني الى آخر لحظه من حياتها..

القصة التي سأحكيها عن كفاح أم.. كانت امرأة عجوز أصابها الوهن والضعف لها ابن في ريعان شبابه وزوج سكير..

ترى تتسائلون ما قصتها ؟ ..

القصة باختصار يا أصدقائي هي قصه لها متشابهات كثيرة في حياتنا حين قال الله عز وجل : ((الرجال قوامون على النساء)) كانت الآية تقصد الحقوق والواجبات لكن بعض أبناء ادم ذوي النفوس المريضة هيمنوا على تلك المنحة التي وهبهم رب الملكوت إياها وتجبروا على ذالك المخلوق الضعيف الذي لا حول له ولا قوه ألا وهو(( حواء)).. وتناسوا وصيه الرسول قبل وفاته استوصوا بالنساء خيرا..

كان الأب عاطل يسب ويضرب طوال الوقت وابنه عاق ورث عن أبيه قسوة القلب والميل عن الحق.. كانت الأم هي التي تسعى وتكد في الليالي الباردة .. أم محمد .. رحمها الله المرأة التي فتحت عيناي على الدنيا فوجدتها أمامي وكم من مره اشتريت منها نعلا لقدماي وكم كانت صديقه صدوقة للعائلة .. امرأة لا تفارق الابتسامة وجهها ومن يراها يقول عنها اسعد الناس..

كعادة كل النساء يجلسن مع بعضهن ويحكين عن حياتهن وعن قسوة الأيام والفضفضة هي الميزة التي أشعلها الله في وجدان حواء لتنفس عن كبتها وتهون من ضعفها عكس الرجل.. كانت تتحدث عن عائلتها وعن زوجها الأناني الذي لا يفكر سوى بنفسه والذي لا يهتم بجهاز ابنته التي على وشك الزواج ويأخذ أموال الجهاز لينفقها علي اللهو والفسوق والضياع.. كلما كانت تعارضه في هذا كان يضربها ضربا مبرحا ربما يقتلها لولا ستر الله ورحمته..

أما الابن فهو لا يختلف عن والده تنفق عليهم كالأطفال بل ويمد يده عليها ويصفعها ويصرخ بوجهها دوما..هي الوحيدة التي تعمل بمنزل به أب وابن وابنة ومصدر الدخل تجارة الاحذية .

ظلت المرأة تعاني وتعافر الى آخر لحظه من حياتها.. اذكر بأحد الأيام أنها زارتنا لتعرض علينا بعض الاحذية فجئت من الخارج وهي موجودة فأرادت ان تسلم علي لكني استدرت وذهبت لأني لم اتعرف عليها وكنت اخجل من الغرباء فظنت اني تكبرت ان اسلم عليها وحزنت ووبختني امي لكني فعلا لم اتعرف عليها ليس لأني نسيتها بل لتبدل ملامح وجهها وكأنها شخص آخر تماما .

نحفت بعد ان كانت عفيه وذبلت عيناها وانكمش جلدها وبهت لونه لكن الشيء الوحيد الباقي هو الابتسامة التي لا تفارق وجهها.. عاهدت نفسي إن رأيتها مره اخرى ان اسلم عليها واقبل يدها لكن هذا اليوم لم يأت ابدا حيث علمت أنها ماتت بسبب مرض سرطان الثدي.. وعلمت بأن هذا هو كان السبب في تبدل ملامحها .. صحيح انها كانت تعافر المرض لكنها ماتت بين يدي زوجها وهو يضربها.. اصبحت ابنتها المسكينه تلف على البيوت لتأخذ اموال امها التي لها عند الناس لتكمل زواجها ..

اما الآن فهذان الضائعان يعملان رغما عنهما كما قالت ابنتها .. وكما يقولون ربما لا ندرك قيمه الشيء إلا بفقدانه..

سبحان الله كل من يسمع بوفاتها كان يبكي عليها سواء قريب او غريب .. أتذكر كيف بكت امي وجدتي وزوجة خالي عليها بحرقه كأنها جزء من العائلة رحمها الله واسكنها الفردوس الأعلى مع الشهداء والصديقين واتمنى ان تسامحني على ما بدر مني..

تاريخ النشر : 2015-12-16

guest
26 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى