أدب الرعب والعام

تصفيق , تصفيق

بقلم : روان – سوريا
للتواصل : [email protected]

كان شكل الكوخ مخيف و بعض نوافذه مكسورة , و سطحه بدا متهالكاً

في يومٍ من الأيام ..ذهب الزوجان الشابان في رحلةٍ لتسلّق الجبال ..و قبيل غروب الشمس , قرّرا العودة قبل ان يحلّ الظلام .. و بعد مدّة من السير , اكتشفا بأنهما تائهان بعد ان ضلاّ طريق العودة
-عزيزي ! أنا قلقة .. اظننا تُهنا !
-لا تقلقي عزيزتي ..سنجد طريق العودة للسيارة

و بعد المشي لعدة ساعات متواصلة , بدأ اليأس يتسلّل لقلبيهما .. فالظلام أصبح حالكاً , و الأشجار و الطرقات صارت تُشابه بعضها .. فأحسّا و كأنهما يسيران في دوائر , ليعودا إلى نفس المكان في كل مرّة ! و بينما هما يمشيان , ظهر لهم كوخ من بعيد ..ففرحا و قرّرا الذهاب إليه , لعلّ أحد ما هناك يستطيع مساعدتهم
عندما اقتربا اكثر من الكوخ , بدا كأنه مهجور ! كان شكله مخيف و بعض نوافذه مكسورة , و سطحه بدا متهالكاً ..
طرق الزوج على الباب .. و عندما لم يحصل على اجابة , فتح بنفسه الباب ..

و هنا !! وقف الزوجان في منتصف المنزل , مُمسكين بأيدي بعض .. و قد لاحظ الزوج وجود قنديل فوق المنتضدة القريبة من الباب , فأوقده بولّاعته .. ثم صارت عيونهم تجوب أرجاء المكان بخوفٍ و قلق ..و كان يوجد القليل من الأثاث المهترئ المغطّى بطبقة بيضاء سميكة من الغبار .. و رائحة العفن تعبق في المكان .. لكن عندما قرّبا القنديل من الجدران .. اتسعت اعينهم رعباً من الكلمات المكتوبة باللون بالأحمر , و التي تغطي كل شبرٍ من تلك الجدران ..و هذه الكلمات عبارة عن كلمة واحدة , مكرّرة مرّة تلو الأخرى : و هي ” الموت ” !

-هذا المكان مُخيفٌ حقاً ! أشعر بالرعب الشديد
-علينا المبيت هنا , عزيزتي .. فالجبال خطرة جداً في هذا الظلام الحالك
– لا أظن باستطاعتي البقاء هنا و لا للحظةٍ واحدة !
– هذا المكان يظل أفضل , من أن تأكلنا حيوانات الجبال البريّة المتوحشة

ثم صعد الزوجان إلى الطابق العلوي .. و وجدا هناك سريراً صدىء ..
فاستلقوا عليه و قاموا بلفّ أجسادهم بقطعة قماش قديمة مهترئة , كانت يوماً لحافاً سميك !
…و في النهاية , استسلما للنوم.

بعد منتصف الليل ..استيقظ الزوجان على صوتٍ آتٍ من الخارج .. بدا و كأن هناك أحداً أو شيءً ما يتحرّك بالأرجاء خارج الكوخ .
-هل سمعت هذا الصوت ؟!
– نعم .. أعتقد بأن هناك أحداً في الخارج ! سأقوم و ارى ..

ثم نهض الزوج و اتجه ناحية النافذة , و نظر الى الأسفل ..لكن الظلام في الخارج كان حالكاً جداً , فلم يستطع رؤية شيء على الإطلاق ..
ففتح النافذة و أطل برأسه خارجها , و نادى بصوتٍ عالٍ
– هل من أحدٍ في الخارج ؟!!!

و سكت قليلاً منتظراً الإجابة , لكن الهدوء كان يعمّ المكان و ما من مجيب !
– غريب ! لما لا يردّ ؟!
-ربما كان رجلاً اخرس .. حاول من جديد , عزيزي
و هذه المرّة .. نادى الزوج صارخاً :
-هل من أحدٍ هناك !! إذا كان الجواب : نعم .. فقم بالتصفيق مرّة واحدة !!

و فجأة ! سمعا صوت تصفيقة واحدة عالية .. فنظر الزوج الى زوجته قائلاً :
-أنتِ محقة !! أظنه لا يستطيع الكلام !
فعاد الزوج و قال بصوتٍ عالي :
-سوف أسألك عدّة أسئلة .. و انت صفّق مرّة واحدة : لنعم ..و مرتين : للا !!..
.. هل أنت مالك هذا الكوخ ?!!
تصفيق ، تصفيق
-اذاً لا .. طيب هل أنت رجل ?!!
تصفيق ، تصفيق
-اذاً انتِ امرأة , اليس كذلك ؟!!
تصفيق ، تصفيق

فقال الزوج لزوجته بدهشة :
– يبدو انه لم يفهم السؤال !
ثم عاد و سأله بنبرة ساخرة (محاولاً اخفاء توتره)
-ماذا يعني هذا ؟! الست انساناً ?!!
تصفيق ، تصفيق

و على الفور !! سرت قشعريرة في جسم الزوجين ..
ثم قام الزوج ببلع ريقه بصعوبة , و قال بصوتٍ خائف :
-هل أتيت لوحدك ?!
تصفيق , تصفيق

-كم عدد الذين معك ? ..صفّق مرّة عن كل شخص !!
تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ، تصفيق ……..

تاريخ النشر : 2015-12-21

روان

سوريا
guest
47 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى