أدب الرعب والعام

رعب المقبرة القديمة ٢

بقلم : عدوشه – الأردن

رعب المقبرة القديمة ٢
لقد رأيت بنفسي كل اعمال المشعوذة ام ماجد الشريرة

-اسمها حنان ..و قد علمت من الطبيب : انها تعاني انهياراً عصبياً ، بسب فقدانها لأطفالها ..و قد احضروها الينا , بعد ان اصبحت تهلّوس عن مقبرة قديمة في قريتهم !

‏كان حوار الممرّضتان هو اول ما تذكّرته , عندما فتحت عينايّ بصعوبة , لأجد نفسي داخل هذا المكان المظلم ! و الأسوء انني وجدت نفسي مقيّدة بوتدٍ خشبي ! حاولت النهوض , لكن قدمايّ كانتا مربوطتان بإحكام !

احسسّت بأنفاسٍ حارّة على عنقي ! ثم سمعت صوته .. كان صوتاً حادّاً و مزعجاً :
-انت الآن ملكي , يا حنان !!

ثم اخذ يضحك .. رأيته امامي ..كان اسود البشرة , احمر الشعر , و عيناه صفراوان ! و نظراته تتفحّص كل جسدي .. صرت احاول ان افكّ قيودي و انا اصرخ و اطلب النجدة !! و اذّ بهذا الشخص المرعب يتحوّل لضباب و يخترق جسدي الذي بدأ ينتفض بغرابة .. ثم توقف جسمي عن الإهتزاز , و سكن للحظة .. قبل ان اسمع صوتها ..

نعم ! هذا الصوت سمعته من قبل ..
انها المشعوذة ام ماجد , كانت تحادث شخصاً خارج الغرفة :
-اطمئن !! سيكون كل شيءٍ كما تريد .. فقط احضر لي المال الذي طلبته , و سترى كيف سينقلب حال اخيك رأساً على عقب !!)

و بعد قليل .. فُتحَ الباب الخشبي ليدخل نور الشمس , الذي ابان امرأة بثيابٍ سوداء .. و عندما اقتربت مني , كانت فعلاً ام ماجد كما توقعت ..

و قالت لي بصوتها الأبحّ الكريه :
-لقد افشيتي سرّي !! لذلك انتِ هنا بحوزتي ..و سأفعل بكِ ما اشاء !! انهم يبحثون عنك في كل مكان .. لكن لن يخطر ببال احد , انكِ هنا !!
‏ -ارجوك يا ام ماجد , دعيني اخرج !!

لكنها لم تجبني و بقيت تحدّق بي بطريقه غريبة ! احسسّت وقتها بأني مسلوبة الإرادة ..

و فجأة ! خرج صوت من داخلي يقول :
-انا تحت امرك , مولاتي !! ان اردّتِ , اقتلها الآن !!
فأجابته اللعينة :
-لا ليس الآن .. فأنا احتاجها في جلسة اليوم

ثم خرجت .. و اغلقت باب المخزن بإحكام

***

لم اتبين الوقت الذي كنت فيه ..أهو نهار ام ليلٌ دامس ؟! و كل ما سمعته و شعرت به , كان صوت السيارات في الشارع المقابل..

لقد اصبح المكان الآن اكثر ظلمة ! ربما حلّ المساء .. قلبي مازال يخفق بقوّة .. فأنا سجينة لدى اكثر النساء شراً ..و اين ؟ .. في نفس المقبرة القديمة التي ذُقت من رعبها ليلةً كاملة , حتى اصبت بالجنون ! .. يالا حظيّ السيء !!

ثم سمعت اصواتاً تأتي من داخل المقبرة ! كانت اصواتاً مختلطة من : انين اشخاص و بكاء اطفال و صراخ نسوة ! هل يعقل انها تعود للموتى ؟! ..لا !! لا !! و اخذت اطمّئِن نفسي , لعلّي ابعد شبح الخوف عنّي !

و هنا !! انبعث ضوءٌ خافت من تحت الباب .. و شعرت بالخوف يعتصر جسدي .. ثم رأيت دخاناً يتشكّل على صورة فتاة قالت لي :
-الست حنان , بنت ابو خالد ؟

و ما ان قالت ذلك , حتى فُتح الباب بعنف لتظهر ام ماجد و معها رجلين غريبين .
ثم قامت ام ماجد بفكّ قيد قدمي .. و قال احد الرجلان :
-ايها الخادم !! اخرج منها !!

فشعرت و كأن جسمي يحترق بأكمله ! .. و صرت انظر للرجلين برجاء , علّ احدهما يساعدني , لكن دون فائدة !
ثم اشعلت ام ماجد ناراً .. و اجتمع الثلاثة حولها

بينما اجلسوني انا في الوسط , قرب النار .. و بدأت ام ماجد بتمّتمة تعويذات بلغة غريبة ! و الرجلان يردّدان الكلام خلفها .. ليتشكّل دخانٌ اسود , التفّ حولي ..و دخل جسمي , لأغيب عن الوعيّ !

فتحت عيني و وجدت نفسي غير مُقيّدة !.. و كان يبدو المكان خالياً .. و اذّ بي ارى تلك الفتاة و قد اقتربت مني , و اخذت تمسح جبيني .. ثم قالت :
-اهربي و سوف اساعدك

حاولت الوقوف بصعوبة و تعب ..
لكنه فجأة !! ظهر لي مخلوقاً غريباً , سدّ الباب بجسده الضخم !
و امام عيني ..صار يتعارك مع طيف تلك الفتاة , الى ان غلبته .. فاختفى المخلوق تماماً !

و اسرعت انا بالخروج من الباب ..لأجد ام ماجد تقف امامي و عيونها تشعّ ضوءاً أحمراً..
و ضربتني بيدها القوية ، و ثنت ذراعي بعنف خلف ظهري , و اعادتني للمخزن ثانيةً ..

ثم قيّدت يدايّ , و هي تهدّد و تقول :
-ستموتين الآن !! ستلحقين بأطفالك الأربعة !!

ثم اشعلت ناراً لتدفأ نفسها , فالجوّ اصبح بارداً ..ثم قالت بلؤم :
-سأحضر ساطوراً و اعود , يا حلوة .. و لا تحاولي الهرب , لأنك لن تستطيعي ابداً النجاة مني

..ثم خرجت و اغلقت الباب خلفها ..

فظهرت لي تلك الفتاة مجدداً .. فسألتها بتعب :
-من انت ؟!
-انا اماني , ابنة ابو مروان .. و قد متّ قبل ست سنوات ..و كنت قد رأيت بنفسي كل اعمال ام ماجد الشريرة .. فهي لم تكتفي بالشعوذة ..و انما اصبحت قاتلة , تتفنّن بتشويه اجساد الموتى , و تحوّل ارواحهم الى عبيدٍ لها , تماماً كما فعلت لروح ام وليد .. اظنك سمعتي عن شبحها الذي يظهر للناس ليلاً في المقبرة

فأجبتها : نعم , سمعت عنها .. لكن كيف و انتِ ميتة , تستطيع هي ..
فقاطعتني قائلة : للأموات حياةً أخرى.

ثم اقتربت مني و فكّت وثاقي .. و من بعدها اختفت !

فتوجّهت بسرعة نحو الباب !! الاّ ان ام ماجد وصلت في الوقت المناسب , و كانت تحمل بيدها ساطوراً كبيراً !

و استطاعت بقوتها ان توقعني ارضاً .. ثم هوت بالساطور على رقبتي فأبعدته بيدي , لأتفاجأ بالدماء تنفرّ بغزارة من يدي , بعد ان قطع الساطور اصابعي .. و رغم صريخي المؤلم الا انها عادت لتذبحني , فابتعدت عن الساطور باللحظة المناسبة , ليغرز نصله بالخزانة التي كانت وراء رأسي ..

و على اثر هذه الضربة .. سقطت قارورة من اعلى الخزانة لتنكسر على الأرض.. و بالوقت التي انشغلت فيها ام ماجد بسحب الساطور العالق بالخزانة ..كنت انا قد هربت من الباب , بينما وصل السائل الذي سال من القرورة الى النار (التي كانت اولعته ام ماجد سابقاً) ..

و يظهر انه كان بنزيناً , لأني سمعت صوت لهيب النار و هي تلتهم غرفة المخزن , و ام ماجد عالقة في الداخل ، و كنت اثناء هروبي اسمع عويلها و استغاثتها ..

لكن قبل ان اخرج من ذلك المخزن الكبير .. اغميّ عليّ بعد ان نزفت كثيراً من يدي .. و لم اعد اشعر بأيّ المٍ بعدها !

***

قبيل غروب الشمس .. استيقظت لأرى نفسي و انا امشي بين القبور القديمة ..

ثم انتبهت الى صوتٍ اعرفه ! كان صوت مالك , زوجي الحبيب ..

حيث كان يتكلّم بحزن مع صديقه امام احد القبور :
-كان يوماً مشؤوماً .. احترق فيه المخزن المجاور للمقبرة .. فاحترقت اللعينة ام ماجد .. و ماتت ايضاً زوجتي و حبيبتي و هي في طريقها للهرب ..

ثم اخذ يناجي بأعلى صوته :
-حنان !! حنان !! لما تركتني حبيبتي ؟! حنان !!!!

فعرفت بهذه اللحظة , انني متّ !

اما الآن , فاعذروني .. عليّ ان أذهب للبحث عن اطفالي في عالم الأموات .. فكما تعرفون .. للأموات حياةً أخرى ! ‏‎

..انتهت .

تاريخ النشر : 2016-01-12

عدوشه

الأردن
guest
34 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى