اساطير وخرافات

العملاق الأناني – من التراث الانجليزي –

بقلم : **مُليكه** – مصر

اينما رقص وتحرك ذلك الصبي تحول الشتاء تحت قدميه لربيع !

في قديم الزمان.. في قرية من قرى الريف الانجليزي كانت هناك حديقة جميله يطلق عليها أسم (حديقة العملاق)..

العملاق مالك الحديقة عاد لتوه من رحلة طويلة , والغريب أن العملاق نسي أصلا سبب رحيله عن حديقته ! .. حيث انه هاجرها منذ وقت طويل وكان عمره آنذاك ثمانية عشر عاما , أي قبل 30 عاما , نعم .. ما أسرع مرور السنين , ثلاثون عاما مضت منذ أن غادر حديقته الجميلة , ولم لم يكن يعلم بالتغيرات التي طرأت على المكان خلال تلك السنون المتمادية .

العملاق الأناني - من التراث الانجليزي -
انزعج العملاق لوجود الاطفال فقام بطردهم

عند وصوله تفاجأ بمجموعة من الصغار يلعبون ويرتعون ويمرحون بحديقته الجميلة فغضب غضبا شديدا وطردهم جميعا وبني سياج مرتفعا حول الحديقة حتى لا يسمح للأطفال بالمرور ثانية .

ظل العملاق بحديقته وحيدا.. يفكر مطولا في السبب الذي دفعه لمغادرة الحديقة بالمقام الأول والذهاب في سفرته الطويل .. ظل يفكر ويفكر حتى حل الشتاء .. لكنه لم يتذكر أبدا ولم يدرك السبب ! ..

كان الشتاء طويلا حقا , ومن المفروض طبعا أن يبدأ فصل الربيع بعده , لكن هذه المرة يبدو أن الشتاء قد طال كثيرا حتى أن العملاق بدء يشعر بالانزعاج .

ويالها من ظاهرة غريبة! فقد حل الربيع على الوادي بأسره منذ فترة طويلة ولكن الربيع لم يحل على حديقة العملاق! المحاطة بسياج مرتفع .. وبسبب العاصفة فقد حدث كسر في سياج الحديقة فدخل الأطفال من تحته , وفجأة تحول الشتاء إلي ربيع ! ..

العملاق الأناني - من التراث الانجليزي -
حل الشتاء وكان طويلا كأنه بلا نهاية

فزع العملاق كثيرا بحلول الربيع , لكن سرعان ما انزعج عندما وجد الأطفال يلعبون بالحديقة , فطردهم جميعا , فعاد الشتاء من جديد , فتعجب العملاق القاسي! ..

وفجأة وجد صبيا صغيرا واقفا لم يذهب , فنهره قائلا: هيه أنت أيها الصبي لماذا لم تذهب مع الأطفال .. هيا اغرب عن هنا!

فبدأ الصبي يقفز ويرقص فتتحول الأرض تحت قدميه من ارض باردة لا حياة فيها إلى أشجار وزهور وريحان .. وهكذا تحول الشتاء إلى ربيع دافئ من جديد..

فأدرك العملاق بأن المكان الذي لا يُسمح فيه بدخول الأطفال لا يدخله الربيع أبدا.. ثم عمد إلى سور حديقته الجميلة وحطمه تحطيما.. وسمح للأطفال بالدخول , ومنذ ذلك الحين والربيع لم يغادر الحديقة أبدا..

العملاق الأناني - من التراث الانجليزي -
كان العملاق سعيدا لأنه محاط دوما بالأطفال

ومرت سنوات وسنوات وتقدم السن بالعملاق , لكنه كان سعيدا لأنه دوما محاط بالأطفال المرحين..

وذات يوم كان العملاق جالسا يرنو ببصره إلى الأطفال وهم يلعبون ويمرحون في حديقته فتمتم مع نفسه قائلا :

– كم أنا مشتاق لرؤية ذلك الطفل الرائع الذي رقص فحول شتاء قلبي إلى ربيع .. لكنه للأسف لم يعد ثانيتا إلينا .. ماذا يا تري يفعل الآن ؟؟ ,,

ورمت سنوات أخرى طويلة , وتقدم السن بالعملاق كثيرا , وهو يستعد الآن لرحله نوم لا يقظة بعدها …

فجأة ظهر ذلك الطفل ثانية .. فقال العملاق بحبور رغم أنه كان يحتضر على فراشه :

– أووه .. أنت يا عزيزي !! ..

قال الطفل وهو يبتسم ابتسامته الرائعة :

– جئت لأخذك ..

فقال العملاق :

– أهلا بك يا عزيزي .. بالطبع أنا جاهز للذهاب معك , أنا أشكرك , فبفضلك عرفت معنى الربيع وطعم الدفء .. أشكرك من الأعماق .. من الاعماااق يا عزيزي..

فأستدرك الطفل قائلا :

– هل تذكرت لماذا غادرت الحديقة منذ سنين؟

فأجاب العملاق :

– نعم .. نعم تذكرت .. لقد كنت وحيدا , وعشت وحدة قاسية ومؤلمة , أنا متأسف جدا على ضياع ذلك الوقت الثمين من عمري يا عزيزي .. نعم صدقني..

فقال الطفل :

– فعلا لقد أدركت ذلك في الوقت المناسب , لكنك لست وحدك الذي يعاني من الوحدة , يوجد الكثيرون في هذا العالم مثلك , لأسباب مختلفة … هيا بنا الآن لنذهب لرحلة طويلة , لكن هذه المرة لن تكون وحيدا , سأكون معك..

 

ورحل العملاق والصبي إلى العالم الآخر حيث السعادة المطلقة والراحة المستديمة والألفة والدفء الأبدي الذي لا ينتهي في أحضان الرحمة هناك..

وبهذا انتهت حكايتنا.. أتمنى أن نجد فيها عبرة جميلة وألا نوصد الأبواب على الطارقين مهما كانت طبيعتهم , فنحن لا نقدر قيمه الأشياء إلا عند فقدانها .. فتمسكوا بأعزائكم وأحبابكم ..

تاريخ النشر : 2016-01-16

guest
27 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى