أدب الرعب والعام

لغز الطبق الطائر

بقلم : بائع النرجس – مصر
للتواصل : [email protected]

لغز الطبق الطائر
المركبة الفضائية في جبال البحر الأحمر

المكان : الصحراء الشرقيّة (جبال البحر الأحمر) – مصر
الوقت : الظهيرة في أحد أيام الصيف

في جبلٍ قرب البحر الأحمر , كان يتواجد مخيماً كبيراً .. و من نوعيّة السيارات الفخمة التي إنتشرت في المكان , نفهم بأن شيئاً مهمّاً يدور هناك .. نقترب أكثر ..و ندخل الى إحدى الخيام الموجودة , لنسمع و نرى المشهد عن قرب ..

في الداخل : كان يوجد رجلٌ في الأربعين من عمره .. و رغم ظهور بعض الشيب في شعره , الاّ انه يبدو وسيماً ببشرته البرونزية المحبّبة الى النفس ..و عيونه الزيتيّة ..و شعره المسترسل الى الخلف ..و قوامه الرياضي ..و وجه الحليق ..و قد وضع فوق أرنبة أنفه , نظارته الطبّية .. مرتدياً بنطالاً من الجينز الأسود , مع قميصٍ أزرقٌ فاتح , و حذاءٍ رياضي ..

و كان في هذه الأثناء .. يقلّب مجموعة من الصور بحوزته , الواحدة تلوّ الأخرى , بإهتمامٍ واضح .. حتى إنتهى منها جميعاً ..

ثم رفع عينيه عنها , و نظر الى ذلك الرجل الذي كان يجلس خلف إحدى الإجهزة الموجودة هناك , و كان يبدو من مظهره و شعره البني و عيونه الملونة و بشرته الحمراء , و جسده الممتلىء , أنه ليس شرقياً على الإطلاق , خصوصاً أن صاحبنا الأول
قال له بالإنجليزية , و هو يعدّل نظارته :
– اليس هذا غريباً دكتور (إيدي) .. طبقٌ طائر في مصر ؟!

لم يتكلّم الأخير أو يردّ عليه , بل أتاه الجواب من خلفه بالعربية , على لسان فتاةٍ بمظهرٍ رجولي , حيث أنها قصّت شعرها لدرجة أشبه بالرجال , و قد تركت المساحيق التجميلية ..و لكن الحقّ يقال : أنها ليست بحاجة اليها.. فبشرتها البيضاء الغضّة , و شعرها الأسود الفاحم كأنه ليلٌ بلا نجوم , و عيونها السوداء و كأنها محيطٌ غامض , و أنفٌ صغير مستقيم , و فمٌ زادها جمالاً , و قدٍ ممشوق و كأنها تحفةً فنية أبدعها الخالق ..و قد تخلّت عن ملابس النساء , فارتدت بنطالاً من الجينز الأزرق , و فوقه قميص مربعاتٍ أحمر و أبيض , مع حذاءٍ رياضي .. و قالت باهتمامٍ واضح :

– دكتور(تميم) .. دعّ هذا الحديث لشخصٍ آخرٍ غيرك ..من البديهيّ أن تكون رجلاً مُتفتّح الذهن , خصوصاً أنك تعمل أنت و الدكتور (إيدي) في وكالة (ناسا) منذ فترةٍ طويلة .. و من المؤكّد أنك قابلت أموراً مُشابهة لهذه , من قريبٍ أو بعيد.. اليس كذلك ؟

– عزيزتي (دينا) .. أنا فعلاً لم أصدّق الأمر منذ أن طلبوا مني العودة الى مصر , بشكلٍ رسمي ..و لكنهم لم يخبروني بكل التفاصيل

جلبت (دينا) مقعداً كان يقبع في صمت بإحد أركان الخيمة , ثم جلست عليه .. و قالت و هي تنظر اليه :

– القصة تبدأ حينما عثر عمّال أحد المناجم أثناء بحثهم عن الذهب , على جسمٍ معدنيّ لامع , لا تؤثر فيه معاولهم أو أدواتهم الحديثة ..و لأن المنجم كان تابعاً للحكومة , فقد تمّ إبلاغ القيادة بالأمر ..و بسرعة اُخليّ المكان , و جُلِبَ متخصّصين في الآثار , و أخذوا يحاولون تحرير هذا الجسم المعدني ..

و فور الكشف عن قسمٍ منه , عرفنا أنه مركبة فضائية سقطت هنا منذ سنين , لكن لا نعرف بالضبط عددها..و لهذا قرّرت الحكومة جمع فريقٍ علميّ , لحلّ هذا اللغز

اما كيف وصلت المركبة الى باطن الكهف ؟ و لما هنا بالذات ؟ فهي أسئلة كثيرة و حائرة , و لهذا تأمل الحكومة أن نجد لها الأجوبة , بعد ان نفكّ لغز الطبق الغامض .. و هذا هو سبب اجتماعنا

– اخبروني بأنك متخصّصة في العلوم الجولوجية , و بأنك حاصلة على الدكتوراة رغم صغر سنك

فأحسّت بالفخر ..و قالت و هي تبتسم , و كأنها ثعلباً ماكر :
– طيب ..سأجيبك على سؤالك الذي لم تطرحه بعد ..لكن أرجو أن تكون قوياً لتتحمّل الصدمة

تصمت قليلاً , و كأنها تريد أن تُضفي مزيداً من التشويق لدى (تميم) ..ثم أتبعت و هي تلاحظ إنصاته و شغفه لسماع الإجابة , التى ترضي وحش فضوله , الذي أخذ ينهش قلبه , و كأنه فأرٌ صغير أمام أسدٍ عملاق ..

فقالت :
– الصخور التى حول الطبق الطائر بعد التحليل الطيفي , و بعد انهاء التحليلات الأخرى و المعقّدة ..و جدنا أنها ..

و صمتت مرّة أخرى , كاد (تميم) ان يصرخ قائلاً : (تباً لك و لأسلوبك المستفزّ …هيا أكملي !! وجدتم ماذا؟!!!)

فتابعت بعد ان وقفت و اعطته ظهرها , و كأنها تتعمّد أن لا ترى تأثير قولها على مسامعه :
– الدلائل تشير على أن هذا الطبق وقع هنا فوق الرمال , منذ ما يقارب ثمانية آلاف سنة .. ايّ قبل أن تتشكّل هذه الجبال كما نراها اليوم

ثم نظرت بطرف عينها , فلمحت ذاك التعبير المعبّر عن الدهشة على وجه صاحبنا .. فإبتسمت أكثر في جذل , و كأنها نجحت فى مسعاها ..

فإقترب هو منها قائلاً :
– و كيف هذا ؟! انا لا أصدّق ما قلته الآن ! لأن العالم بأجمعه لم يعرف شيئاً عن الأطباق الطائرة , إلاّ حديثاً !

فضحكت بسخرية , ثم التفتت اليه قائلة :
– بل ان ذلك ذُكِرَ , و منذ القدم ايضاً !! بزمن الفراعنة ..اليونان ..الأغريق ..بابل .. حضارة المايا ..الأنكا .. ..البيرو وغيرهم ..الكثير من حضارات العالم القديمة ذكروا ضيوف النجوم .. بل نقشوا ذلك على الجدران , و تُركت الكثير من الدلائل تشير الى هذا ..كما ان الكثير من آثار العالم القديمة , لا يمكن حلّ الغازها الا بكلمتين ((ضيوف النجوم)) !! .. حتى اطلنتيس , يقال أن سكانها كانوا قادمين من السماء .. فلا تغمض عينيك عن الحقائق , و كأنك لا ترى شيئاً غير ما تعتقده أنت !!

رفع حاجباه و هو يسألها :
– اذاً لم لا تدافعين عن هذه الفكرة .. اصلاً أنت من مجتمعٍ شرقي لا يؤمن إلاّ بمعتقداته , التى تربّى عليها مهما تطوّرت العلوم

– إنه الواقع يا عزيزي , و ليست مجرّد فكرة ..فأنا أعتقد أن الهرم لم تكن كل مهمته , أن يكون مقبرة فقط .. الا ترى ذلك ايضاً ؟

و قبل ان يجيبها , دخل عليهم أحد الرجال , و قال موجهاً حديثه الى (دينا) :
– كل شىءٍ جاهز يا سيدتي !! و السيد (فؤاد) ينتظركم جميعاً في الداخل

و بعد قليل .. وصل الجميع الى داخل المنجم .. و كان ينتظرهم هناك رجلاً آخر , يبدو من مظهره أنه عسكريّ ..فقد تجهّم وجهه , و بانت الجدّية و الحزم عليه في وقفته المتصلّبة و نظراته الحادّة ..

هنا قالت (دينا) معرّفة اصحابها عليه :
– هذا السيد (فؤاد) ..المختصّ العسكري بالفريق ..و هو من سيتولى تأمين المهمّة , و يسهّل لنا جميع الأمور

و قد تولّى (تميم) الترجمة لصاحبه الأجنبي ..ثم إتجه الجميع الى الطبق الطائر ..كان المنجم عبارة عن نفقٍ ممتدّ , و كأنه لا نهاية له ! و قد إنتشرت المصابيح على بعد مسافاتٍ متقاربة .. و كاد الشغف و الفضول يقتل صاحبنا و هو يمشي هناك ..

و فجأة !! دلف الجميع الى ساحةٍ واسعة , و كأنها ملعبٌ كبير لكرة القدم ! و فغرَ (تميم) فاه من هول المفاجأة ! فلم يتوقع ما رآه ..

فقال بلهجةٍ تعبّر عن دهشته و إنبهاره :
– يا الله ! ..ما هذا ؟!

و قال (إيدي) بالإنجليزية , في لهجةٍ لا تقل عنه اندهاشاً
– يا للهول ! كيف سأصف ما اراه الآن الى زملائي في العمل

ثم أقترب أصحابنا في خطواتٍ بطيئة نحو الطبق الطائر ..و أخذوا يتلمّسونه بأناملهم , و هم غير مصدّقين ! ثم أتبع (إيدي) و هو يتفحّص ذلك الطبق في إنبهار :

– رغم أنني سمعت عنه الكثير , و رأيت العديد من الصور و الكتب و الأفلام ..و شاركت العديد من المشاريع الخاصة باليوفو ..لكن هذه أول مرّة أكون فيها قريباً من هذا الشيء , لهذه الدرجة … ياله من أمرٍ مدهشٌ حقاً !

و أثناء دهشة أصحابنا , قال السيد (فؤاد) بصوته الأجش :
– لقد أخبرنا المختصّون : أن جسم الطبق الطائر مصنوعاً من مادةٍ أرضية , تسمّى التيتانيوم .. و هي مادةٌ قويّة و صلبة لدرجةٍ كبيرة ..و رغم اننا وجدنا مدخل المركبة , لكنه إستعصى على أدواتنا فتحه ! و لهذا طلبنا أجهزةً خاصة من روسيا , ستصلنا غداً .. و قد قمنا بنصب خيمةٍ كبيرة في هذا الموقع .. و سنرتاح اليوم , و في الغد سنعمل سوياً لحلّ مشكلة مدخل المركبة

ثم غادر السيد (فؤاد) و ترك أصحابنا يتجهون لخيمتهم , التي جُهزت بكل أدوات الراحة ..و هناك أخذوا يتناقشون طوال الليل في الأمر , بعد ان وضعوا عدّة افتراضات ..و في النهاية دبّ النعاس فيهم و ناموا , دون ان يلاحظ احد ذلك التوهّج العجيب الذي كان يصدر من الطبق الطائر !

في اليوم التالى ..وقف الجميع يتابعون بعض العاملين و هم يحاولون فتح باب الطبق الطائر , عن طريق قصّه بمكنةٍ خاصة ..و مرّت الساعات , قبل أن ينجحوا أخيراً في ذلك ..

و صار الجميع مُتلهّفٌ للدخول .. و بعد ان ارتدوا الملابس الواقية ذات الخوذات الشفافة , دخل العلماء الثلاثة اليها ليكتشفوا ما بداخلها ..

و اول ما ادهش (دينا) و هي واقفة عند البوابة , هي الأرضية الداخلية للمركبة .. فقد كانت لامعة و نظيفة لدرجةٍ كبيرة !.. و خصوصاً المادة المصنوعة منها , فقد كانت سوداء و بها قطعاً لامعة متوهّجة , و كأنها من الألماس !

و ما ان خطوا اول خطوة نحو الداخل , حتى سطعت كل الأنوار , و كأنها لم تتعطّل بمرور السنين ! ممّا دبّ الرعب في قلوبهم , لكن شغف الفضول كان أكبر من خوفهم ..

فتقدموا ببطء نحو الداخل .. و كان المكان مليئاً بالكبسولات لحيواناتٍ صغيرة إنقرضت منذ سنين طويلة ! لكن أجسادهم ظلّت كما هي , عائمة في سائلٍ غامض , موصولين بأسلاك للحفاظ عليها لسببٍ ما ..

و فجأة !! توقف الجميع أمام كبسولةٍ في داخلها أنثى ! يبدو أنها في العشرينات من عمرها , ذات جسدٍ ضئيلٍ , و بشرةٍ بيضاء صافية , و وجهٍ رقيق بيضاوي الملامح ..

و كانت تقف هناك مغمضة العينان , بشعرها الأحمر الذي يشبه النار المتأجّجة التي إنتشرت من حولها في مشهدٍ أسطوري , خصوصاً وجودها في ذلك السائل الغامض ! و كانت ترتدي القليل من الملابس ممّا أظهر مفاتن جسدها ..

هنا قال (تميم) و هو منبهرٌ بجمالها :
– سبحان من خلق هذا الجمال البديع !

لم يعلّق أحد على كلامه .. و أكلمت (دينا) بحثها في المكان ..

ثم سمع العالمان ندائها عبر اللاسلكي الموجود في خوذتهما , و هي تهتف :
– (تميم)(ايدي) !! تعالا الى هنا

إتجها الإثنان الى موقعها , فوجدا أمامها : مومياء لرجلٍ قد جفّ جلده عن عظمه ! فقال (تميم) و هو يتفحّص المومياء :

– يبدو أن شكل الفضائين غير الصورة المرسومة فى أذهاننا ! الاّ اذا كان رجلاً بشريّ , يرتدي حلّةَ لامعة من قطعةٍ واحدة !

(إيدي) و هو يتفحّصه ايضاً :
– يبدو أنه أصيب بشيءٍ ما , إخترق صدره ..و لم يستطع أحد إنقاذه , فلفظ أنفاسه الأخيرة وحيداً

فقال (تميم) و هو مازال لا يصدّق ما يراه :
– طيب , من أين أتى ؟! و ما كانت مهمّته ؟!

لكن لا يعرف احد الإجابة .. و صارت (دينا) تسجّل كل شيء بالصوت و الصورة ..ثم إنتقلوا جميعاً الى مكانٍ آخر , كان مكتظّاً بالأجهزة الغير معروفة من قبلهم ..

و عندما حاول (إيدي) أن يعبث بأحدِها , منعته (دينا) متحجّجة بأنهم لا يعرفون كنَّها ..

و بعد وقتٍ امضوه بالفحص و التدقيق , خرج ثلاثتهم من داخل المركبة .. و عادوا الى خيمتهم ليتناقشوا بالأمر ..

فقال (إيدي) مُفسّراً الحدث :
– يبدو أن الطبق الطائر قد وصل الى الأرض , منذ مدةٍ طويلة ..و كان في مهمةٍ , تبدو لي انها : جمع عيناتٍ أرضية لسببٍ ما لا نعرفه .. ثم أصيب الربّان بحادثٍ عرضي , فمات ..و
توقف الزمن بالنسبة للطبق الطائر , حتى أتينا نحن و وجدناه

فقالت (دينا) رافضةً هذا التفسير :
– و ربما أصلنا نحن كبشر , غير أرضي ..و أن هذه الحيوانات اصلاً أتت من الخارج..و بأننا كنا ..

فقاطعها (تميم) :
– أظن اننا اليوم رأينا بما فيه الكفاية .. دعونا نكمل بحثنا غداً .. و دعونا نرتاح لهذه الليلة .. و لنحاول ترتيب افكارنا جيداً , فقد اختلطت علينا الأمور .. فوافق الجميع على هذا الرأيّ ..

و في منتصف الليل .. سمع (تميم) صوتاً أنثوي و كأنه كيثارة عذبة , تنادي عليه بأسمه ..فاعتدل من رقدته , بعد ان تكرّر الصوت بلا توقف !

أرهف سمعه حتى سمع اسمه بوضوح .. فنظر الى أصحابه , فوجدهم نيام ..

خطى (تميم) الى خارج الخيمة .. و هناك اصبح الصوت أشدّ وضوحاً .. نظر ناحية الطبق الطائر , فوجده يتوهّج بلونٍ فيروزي ..

فلم يتمالك نفسه , بل وجد قدماه تسيران نحو الطبق , و كأنه مرغماً على ذلك ! ..صعد الدرجات الثلاثة , و الصوت يزداد عذوبة جاعلاً قلبه يدقّ بعنف , و كأنه طبولاً أفريقية ..

حتى توقف أمام تلك الفتاة ذات الشعر الأحمر , و كأنه مسلوب الإرادة ! و سمع ذلك الصوت يتخلّل عقله , قائلاً :
– أخرجني …رجاءً

فسألها بصوتٍ مسموع :
– و كيف ؟!
– إضغط على المكبس الذي خلفك

فنظر الى الخلف ..فوجد مكبسان : أحمر و أزرق .. و في بطء رفع اصبعه ليضغط على الزرّ الأحمر , فسمع الصوت يقول له , و كأنه نغماً يسري الى وجدانه :
– لا !! الزرّ الأحمر هو زرّ الرحيل .. لا تضغط عليه .. إنتبه !!

فأحال اصبعه ناحية الزرّ الأزرق ..و مرّت الثواني بطيئة كالدهر .. لأنه كان متردّداً في ضغطه .. و ما لبث ان عَزِفَ عن الأمر و توقف مُتسمِّراً ..

الاّ ان الصوت عاد له مُحثّاً ان يكمل , و بعذوبةٍ لا مثيل لها !
– هيا !! إضغط .. الا تريد ان تحرّرني ؟

و فجأة !! سمع صوت (دينا) من خلفه , و هي تصرخ معاتبة :
– (تميم) !! مالذي تفعله ؟!

و قبل ان يلتفت اليها , سمع صراخاً في اذنه قائلاً :
– إضغط الآن !!!!!!!!

و بدون تفكير , ضغط على الزرّ .. فصرخت (دينا) بغضب :
– لا !!!!! ماذا فعلت أيها الأحمق ؟!

و هنا ! تنبّه (تميم) لما فعله , و كأنه لتوّ إستيقظ من نومه !

و فجأة !! خرج من الكبسولة ذلك المحلول الغامض ..و سرعان ما سقطت الفتاة المجهولة على الأرض ..

و بعد ثواني امضتها و هي تتأوّه , و تلتفّت يميناً و يسارا , و تهمّهمّ بكلماتٍ غير مفهومة ..

اقترب اليها (تميم) و انحنى ليرفعها من على الأرض , ثم حملها و وضعها فوق المائدة المستطلية الموجودة هناك .. و قام بنزع قميصه ليجفّفها ..

و هنا !! دخل (ايدي) الى المركبة لينضمّ اليهم , بعد ان اعتلت وجهه علامات الدهشة !..

و بعد فترةٍ من الصمت , و وسط ذهول الجميع .. سمعوا الفتاة و هي تحدّثهم عبر عقولهم :
– شكراً لكم جميعاً .. ظننت أنني لن أخرج من هناك أبداً

نظر إليها (تميم) , فهام في عينيها الواسعتين , ذات اللون الأخضر , و في أهدابها الطويلة ..
ثم قال لها مستفسراً :
– من أنت ؟!

– أنا الأميرة (كيّا) .. إبنة الملك (أطلنتيس) ..أسرني هذا البشريّ ..(و تشير الى المومياء) ..و قد حاول جنودي حمايتي , لكن …

و فجأة !! بدأت تتألّم بشدّة .. ثم حدث شيءٌ عجيب ! لقد شاب شعرها بسرعة .. و تقدّم عمرها في ثواني ..و شحب لونها ..

و هتفت (دينا) بفزع :
– ما الذي يحدث لها ؟!!

لم يعلّق أحد .. بل تابعوا ما يحصل للفتاة , و هم في قمّة الرعب ..

و بعد ثواني قليلة .. لفظت الفتاة أنفاسها الأخيرة ..ثم تحوّل جسدها الى عظام , و منه الى تراب !

إنتفض (تميم) واقفاً في فزع , و هو غير مصدّقاً لما حصل .. و أخذ الجميع ينظرون لبعضهم في صمت ..ثم خرجوا جميعاً من هناك ..

لكن بقيّ شيءٌ واحد لم يخرج معهم , و هو قلب (تميم) الذي تعلّق ب(كيّا) .. فصار يسأل نفسه بحيرة :
– كيف لي ان احب إنسانة اكبر مني بآلاف السنين ؟!

لم يعرف الأجابة , لكنه يعلم شيئاً واحداً : بأن الحب لا يعرف المستحيل !

جلس الثلاثة في الخيمة , لعلّ أحدهم ينطق بكلمة .. لكن بقيّ الصمت مخيمٌ على الجميع ..

بينما الأفكار تعصف في رأس (تميم) الذي وقف فجأة , و قد إتسعت عيناه على نحوٍ غريب !
ثم انطلق مسرعاً ناحية الطبق الطائر ..

فصرخت عليه (دينا) :
– ماذا ستفعل , يا مجنون ؟!!

لكنه لم يتوقف .. بل واصل صعود الدرجات الثلاثة الموصلة للطبق , و هو يقول في نفسه :

– لقد حيّرني هذا الأمر كثيراً , و احتاج لمعرفة الإجابات .. لابد ان أرحل الى المكان الذي أتت منه الفتاة , لأعرف كل شيء .. فالمعرفة عندي أهم من أي شيءٍ آخر…الوداع ايتها الحياة الرتيبة

و تسلّل الى غرفة التحكّم بالطبق الطائر ..و بدون تفكير : خمّن بأن المكبس الأحمر هو زرّ الرحيل …

و بالفعل !! ما ان ضغط عليه , حتى توّهج الطبق ..و غشى نوره أعين أصحابه , مع أزيزٍ يصمّ الآذان ..

ثم هدأ كل شيءٍ بعد ان أختفى ! تاركاً مكانه فارغاً وسط الصخور ..

و ايضاً باب المركبة الملقى على الأرض , و المحفور عليه بخطٍ صغير لا يرى الا بزاوية معينة , عبارة (مركبة الزمن حورس 3025- مصر)

و من يومها .. اصبح (تميم) مُسافراً عبر الزمن.. لكنه حتماً !! ليس الوحيد في هذا العالم !

تاريخ النشر : 2016-02-11

guest
27 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى