أدب الرعب والعام

صاحبة الوجه الغريب

بقلم : عدوشه – الأردن

ليتفاجىء بأبشع وجهٍ رآه في حياته !

ليس منّا من لم يخطأ ، لكن اخطاءنا ليست بنفس الدرجة .. فهناك اخطاءً تودي بأصحابها في غياهب الخطر ، و بعضها تكون البوابة لنهاية الحياة.

(عليا) كانت اجمل نساء القرية ، و كانت مُراد كل الرجال حيث استطاعت سحر عقولهم بجمالها و دلالها .. و كان منهم رجلاً يدعى (سعيد) و هو الأثرى بينهم .. و قد احبها لدرجة انه تقدّم لخطبتها .

و بعد ان تزوجت عليا الحسناء من الثري سعيد ، ظلاّ حديث الناس .. و مثار النقمة و الضغينة من فتيات القرية اللاتي اطلقنّ عليها لقب العروس المحظوظة .. لكن السعادة لم تكن حليفة العروس , فقد مرّت السنوات تلوّ الأخرى , دون ان يرزقا بطفلٍ واحد .

سعيد (بغضب) : اسمعيني جيداً !! ان لم تحبلي بنهاية هذا الشهر , فسأتزوج على الأكيد .. و لن تستطيعي منعي ، و ان كنت اجمل النساء .

فحارت عليا في امرها ! كيف ستسمح لزوجها بأن يتزوج من امرأة أخرى ؟ و ماذا سيقول الناس عنها , بعد ان عرفوها بسيدة السعادة و الحياة الرغيدة ؟

و في يوم من الأيام .. و بينما كانت تسير مُتبخترة في احد شوارع القرية ، سمعت سيدتان تتهامسان عن شخص يدعى (أبو العهود) .. و هو ساحرٌ معروف و مبروك .. ثم سردت احداهما للأخرى , كيف انه استطاع ردّ زوج احداهنّ لبيته , بعد ان كان هجره لسنوات ..

و ظلّت عليا تتنصّت عليهنّ من خلف احدى الزوايا ، حتى عرفت مكانه ..و عزمت على الذهاب اليه , لعلّه يساعدها في حلّ مشكلتها .

و في اليوم التالي .. استأذنت عليا زوجها بزيارة احدى قريباتها , و طلبت منه السماح لها بالمبيت عندها.. و قبل ان تذهب من البيت , جمعت مصاغها الذهبية في صرّة خبأتها بملابسها , بعد ان عزمت على الذهاب لأبي العهود

***

قصدت الجبل الموحش في وقت الغروب .. و كان أبو العهود يعيش في دارٍ صغيرة على سفح الجبل .. فصعدت الجبل وحيدة ، يلفّها البرد .. لكن ما صبّرها على هذه المشقّة , هو تيقنها بأنها ستجد الحلّ لديه ..

و اخيراً وصلت لداره , و كانت ليلة سرمدية حالكة .. قرعت الباب والخوف يعتصر قلبها .. و فُتح الباب ..ليظهر منه رجلاً مرعب الهيئة , بعينٍ مقلوعة و لحيةٍ بيضاء ، و ثيابٍ بالية ..

و قال لها بصوتٍ خشن :
-اهلاً يا عليا .. تفضلي

فدخلت و عيناه تلاحقان جسدها الجميل , و تتفّحص وجهها الملائكي المرتعب
فقالت بخوف : سيدي ..ارجوك ساعدني ..اريد ان انجب طفلاً , قبل ان يتزوج زوجي بأخرى ..ارجوك .
فقال لها ابو العهود : اعلم .. اعلم ..

ثم جلسا حول وعاءٍ يغلي بموادٍ غريبة , و كانت رائحة البخور تعبق في المكان .. ثم بدأ الساحر يصدر همّهماتٍ غير مفهومة , و هو يضع اعواداً و اعشابٍ يابسة في ذلك القدر ..

ثم قال لها :
-من حسن حظك ان حلّ مشكلتك سهل .. سأقوم الآن بكتابة بعض الكلمات على هذه البيضة .. و من بعدها , افقسيها و خذي ما في داخلها و ادهني بها وجهك .. و حينها لن يتزوج سعيد بأخرى , مهما حصل بينكما

فحملت عليا البيضه بفرح , و هي لا تدري ما سيحصل بعدها ..

ثم قال لها ابو العهود :
‏-عليك الآن ان تأكلي من هذه اللحمة المباركة , لأن ببركتها ستهبك طفلك الأول

فتردّدت عليا قليلاً , قبل ان تتناول قطعة صغيرة من تلك اللحمة النيئة .. و ما ان بلعتها حتى ظهرت لها من العدم , امرأة طويلة جداً , لها قرون كقرون التيس ..

فأسرع ابو العهود بالقول , بعد ان رأى نظرات عليا الفزعة :
-لا تخافي .. هذه زوجتي و هي من الجن ..ستخدمكِ بأيّ شيءٍ تريدين ..لأنها اخبرتني بأنها احبتكِ ..اليس كذلك عزيزتي ؟

و نظر الى الجنية , التي اومأت برأسها ايجاباً مع ابتسامةٍ غريبة.

و بعد انتهاء الجلسة الروحانية , اعطته عليا بعضاً من مصاغها الذهبي , و طلبت منه ان لا يخبر احد بقدومها اليه .. لكن ابو العهود كان يخطّط للنيل منها , بعد ان فُتن بجمالها.

فطلب منها المبيت في داره , لأن لديه عملاً بالخارج و لن يعود حتى الصباح .. كما انها لا تستطيع نزول الجبل في مثل هذا الوقت المتأخر .. فوافقت عليا بعد تردّد ..

و امضت ليلتها و هي تفكّر بحياتها القادمة التي ستخلو من المشاكل , بعد نجاح هذا السحر ..

***

اشرق نور الصباح ، فنهضت من نومها لتجد ابو العهود يجلس حول ذلك القدر الغريب .. ثم اومأ لها بالإنصراف دون ان يتكلم بكلمة .

اما هي فقد عادت بفرح لبيتها , و كأنها تدخله كعروس .. ثم انتظرت حتى المساء .. و بعد نوم زوجها و الخدم .. ذهبت الى المطبخ و دهنت وجهها بالبيضة السحرية ..

فشعرت على الفور بالحرارة تسري في وجهها ..و احسّت بأنها اصبحت اكثر جمالاً … ثم ما لبثت ان شعرت بأنها مسلوبة الأراده , لتخرج بعدها من منزلها مُسرعةً نحو الجبل ..

و صعدت الجبل و كأنها تسعى لتلتقي بعزيز , دون خوفٍ او تردّد .. و وصلت لمنزل ابو العهود , الذي كان ينتظرها على الموعد..

دخلت منزله مسحورة خائرة الأراده , لتضيع و تكون ضحيّة الساحر اللعين .

استمر الحال لياليٍ عدّة و على نفس الوتيرة .. فبدأ زوجها يشكّ بزوجته التي كانت تختفي ليلاً , لتظهر صباحاً و هي ذابلة و خائرة القوى ..فقرر في احدى الليالي اللحاق بها , علّه يمسكها بجرمها المحرّم .

و فعلاً لحقها في الليل المعتمّ , و رآها تدخل منزل ابو العهود .. فثار جنونه !! و قرّر قتل الإثنين معاً ..

و لكن في ذلك الوقت ..كانت زوجة ابو العهود قد امسكت بعليا و بدأت تضربها بقسوة , لأنها اخذت منها زوجها المشعوذ

ثم قامت الجنية بقتل ابو العهود , بعد ان فصلت رأسه عن جسده .. ثم اخذت وجه عليا الجميل , لتغوي به الرجال .

و في هذه الأثناء .. سمع سعيد صراخ زوجته عليا .. فاقتحم المكان ليجد رأس الرجل مفصولاً عن جسده ..و عليا في احدى الأركان تضع يدها على وجهها , محاولةً تغطيته ..

فأقترب منها زوجها الغاضب ليقتلها , ليتفاجئ بأبشع وجهٍ رآه في حياته ! …ففرّ هارباً بعد ان افزعه منظرها

ومن يومها يا خالد , و طيف هذه المرأة المسحورة يظهر ليلاً , سائراً نحو الجبل ..و كل من رآى وجهها المخيف , يفقد صوابه …
فاحذر بنيّ من ذلك الجبل

خالد : شكراً لك يا جدي على هذه القصّة المشوّقة !!

تاريخ النشر : 2016-03-01

عدوشه

الأردن
guest
32 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى