أدب الرعب والعام

عدالة السماء

بقلم : داستل – السعودية
للتواصل : Twitter.com/Dastel_

انا مهمّتي ان انقذ موكلي فحسب !!

عاد المحامي جاك إلى منزله , و هو يشعر بالتعب نتيجة العمل المتواصل هذا الأسبوع .. و كيف لا يكون متعباً و هو المحامي الشهير في المنطقة , و الوحيد القادر على تخليص موكليه من أي قضيةٍ , و خلال جلسةٍ واحدةٍ .. فهو من المحامين الذي لا يهتمون بأخلاق العمل أو تحقيق العدالة , بقدر اهتمامه بالمال ..

و في مساء احد الأيام .. عاد إلى منزله , و كانت زوجته قد اعدت له طعام العشاء ..

و عندما جلسوا لتناوله , دار بينهم الحوار التالي :
– الزوجة : كيف العمل اليوم , يا عزيزي ؟
– جاك : كالمعتاد .. فقد قمت بإنقاذ موكّلي من السجن , في قضية تتهمه بقتل احدهم .

– الزوجة : و هل هو بريءٌ فعلاً ؟
– جاك : هذا الأمر لا يعنيني ، كل ما يعنيني هو مساعدة من وكّلني بقضيته .

– الزوجة متضايقة : أعتقد أن ما يعنيك هو المال فقط !!
ثم ذهبت الزوجة لتغسل الأطباق ..

و في الليل .. خلد جاك إلى النوم , فحلم بحلمٍ غريبٍ .. حيث رأى رجلاً ضبابياً يقف بعيداً , و هو يشير إليه و يقول :
-(لن تنجو من عدالة السماء) !!

فاستيقظ فزعاً ..و أيقظ زوجته و أخبرها بما رآه , فقالت له :
-ربما أضغاث أحلام .

فعاد للنوم من جديد , بعد ان تقلّب كثيراً على فراشه

و في اليوم التالي ..تكرّر الكابوس نفسه.. لكن هذه المرة كان هناك رجلين , و كانا أوضح بقليل من المرة السابقة ..فقالا له تماماً مثل الليلة السابقة

فاستيقظ فزعاً و أيقظ زوجته , و أخبرها بأن الحلم تكرر معه ثانيةً..
– الزوجة : لربما كان إنذار , لأنك ظلمت الكثير من الأبرياء

– جاك : و لماذا أنا بالذات ؟ كما اني لا علاقة لي بأحد ، فأنا أقوم بعملي و حسب .
– الزوجة : سأعود للنوم , و استمرّ أنت بتبرير أخطائك .

في اليوم الثالث ..تكرّر معه نفس الأمر ..لكن ازداد الموجودين داخل الحلم , و وجوههم اصبحت اكثر وضوحاً ، و قد قالوا له الشيء ذاته ..
و عندما اخبر زوجته بالحلم , قالت بفزع :

-مؤكّد أن هذا إنذار من ﷲ .. و يبدو ان عقابك سيكون قريباً .. و أنا لا اريد ان اكون موجودة معك , عند نزول العقاب

و عندما حلّ الصباح , حزمت أمتعتها و ذهبت إلى منزل والديها .. بينما ظل هو لوحده في المنزل , بعد ان تَغَيّب عن العمل ..

ثم جلس يفكر بكلام زوجته و قال :
-هل من المعقول أن يكون الحلم إنذار من ﷲ ؟ .. لكن لماذا ؟! فأنا أقوم بعملي , و هو مساعدة وكيلي ..فأنا لست قاضياً لأحكم عليه .

و اذّ به يسمع همساً , يقول له : بلى !! انت كذلك
فالتفت لمصدر الصوت , و قال بفزع : من قال هذا ؟!

-الصوت : أنت مسؤولاً أيضاً .. و من المفترض أن لا تساعد الشخص المذنب ضدّ الشخص البريء
– جاك بخوف شديد : لكن أنا ….

-الصوت مقاطعاً : لكن أنا ماذا ؟!! هيا أخبرني ؟ و أنت تعرف هذا مسبقاً .. أتتذكر مروِّج المخدرات الذي دفع لك مبلغاً كبيراً مقابل أن تنقذه من السجن ؟
– جاك بدهشة : كيف عرفت بهذا الأمر ؟!

– الصوت : أتتذكّر أيضاً ذلك القاتل الذي دفع لك مبلغاً كبيراً من المال و أهداك سيارة , فقط من اجل أن تجعل الحكم في صالحه ؟
– جاك : من أنت ؟!!! و كيف علمت بهذه الأمور ؟! هيا اخبرني ؟!!

-الصوت: هناك العديد من القضايا التي ساندت فيها الظالم , و هي كثيرةٌ لدرجة انه يصعب ذكر جميعها الآن ..لكن عدالة السماء ستأخذ حقنا منك !!

و فجأة ! يتحوّل الصوت , إلى رجلٍ يبدو و كأنه شبح ! و ظهر من وراءه , الكثير من الرجال و النساء الأشباح ..

ثم قال الصوت : أنا و كل هؤلاء أبرياء , كنا ضحاياك .. فأنت بخداعك و تحايلك على القانون , تسبّبت بالحكم علينا بالإعدام أو السجن , و من سُجن منا لم يحتمل هذا الظلم فقام بالإنتحار .. و نحن هنا لنأخذ حقنا بأيدينا .. فالقانون لم ينصفنا , بسبب من هم على شاكلتك !!

فقال جاك و هو يرتجف من الخوف : م…من…من أنت ؟

فقال الشبح و هو يبتسم : ألا تتذكرني ؟ أنا صديقك الذي فضّلت عليه ذلك السارق , من اجل حفنة من المال ! و تركتني أتعفن في غياهب السجن ..ألم تعد تتذكرني ؟

ثم ألتفت للخلف , و قال للأشباح : فلتأخذوا حقكم منه !!

و في اليوم التالي ..عادت زوجته إلى المنزل , و صدمت عندما رأت جاك ملقى على الأرض , وقد أصبح وجهه شاحباً جداً , و قد ابيض شعره من الرعب !

تاريخ النشر : 2016-03-03

داستل

السعودية
guest
15 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى