أدب الرعب والعام

لعيونك نظرت

بقلم : ابو العز و be happy-فلسطين

لعيونك نظرت
حبك سيظل محفورا بقلبي

يكتب الحب كلمات لا نستطيع ان نعبّر بها عمّا بداخلنا , و عمّا تحمله قلوبنا من مشاعر الحب و الوفاء و الإخلاص و التضحية.. فهذه القصة لشابة تدعى رزان , كانت في سنتها الأولى

الجامعية .. تميزت بشخصيتها الحزنية و المنطوية , فهي لا تملك أيّ صديق ..كما انها خجولة لدرجة تمنعها من الدفاع عن نفسها…و تعيسة لأنها الأفقر بين زملائها !

و حتى بعد وصولها للمرحلة الثانية , كانت مازالت لم تحظى بأيّ صديق .. و حظّها لم يتغير بل صار اسوء , بعد ان بات الكلّ يلقّبها : بالبنت الفقيرة التي لولا حصولها على المنحة الدراسية , لما تمكّنت ابداً من التسجيل بهذه الجامعة الراقية , و لهذا صارت محطّ سخرية الجميع

و مرّت الأيام بنفس الروتين المملّ , الى ان انتقل حديثاً لجامعتهم , طالبٌ وسيم من عائلة غنيّة يدعى امجد .. و بوقتٍ قياسي صار هو الطالب الأشهر هناك , حيث تسابقت الفتيات لسرقة قلبه
, لكن لم تنجح ايّاً منهنّ في ذلك ..

و في احد الأيام و بينما امجد يمشي في ساحة الجامعة مع اصدقائه , لمح من بعيد فتاةً حسناء , شعرها بلون اشعة الشمس تجلس و هي تقرأ كتاباً فوق احدى المقاعد لوحدها .. فشعر بأنه يريد
الذهاب اليها و محادثتها , الا ان صديقه امسكه بعد ان لاحظ نظرات امجد اليها .. و قال له :

-دعك منها يا امجد .. فهي فتاةٌ فقيرة , و لا تناسب ابداً مستواك

فغيّر امجد رأيه و اكمل طريقه مع اصدقائه ..

و في تلك الليلة , حاول النوم كثيراً الاّ ان باله كان مشغولاً بتلك الفتاة

و في اليوم التالي , وجدها في نفس المكان بحديقة الجامعة .. فأقترب منها و سألها :

-مرحباً ..انا امجد .. هل تسمحين لي بالجلوس بجانبك ؟

فاومأت برأسها ايجاباً بخجل .. و بعد ان جلس سألها :

-هل ستعتبري سؤالي تطفّلاً , ان سألتك عن اسمك ؟

فأجابت بتردّد , و هي ما تزال تضع عينيها في الكتاب الذي تحمله

-رزان
-آه رزان .. كأني سمعت بعض الطلبة يردّدون اسمك اليوم !

-اعلم ..فأنا صاحبة المنحة الدراسية , البنت الفقي..

-(مقاطعاً) لا تكملي رجاءً !! فأنا لا تهمّني هذه الأمور .. لكني كنت اقصد , بأني سمعت بعض الطلاب يخبرون بعضهم ان غداً هو عيد ميلادك ..اليس كذلك ؟

-(متفاجئة) : و لما يهتمّون بعيد ميلادي ؟!

الاّ ان الإجابة على هذا السؤال كان في اليوم التالي .. حين دخلت رزان قاعة الدراسة , لتتفاجأ بالزينة و تصفيق الطلاب لها , و هم يقولون : كل عام و انت بخير , يا رزان !!!

بينما تجمّدت رزان في مكانها و هي مصدومة تماماً ! و قبل ان تكتمل فرحتها , اقتربت منها نفس الفتاة التي كانت تطلق عليها الشائعات و السخريات طوال سنتين , و قالت لها :

-اريد ان اقدّم لك هدية يا رزان , كيّ اعتذر عن مضايقاتي المتكرّرة لكِ

ثم رفعت الغطاء عن شيٍ كبير , كان موضوعاً فوق الطاولة , لتظهر سلّة مهملات كبيرة مزيّنة , و عليها ورقة مكتوبٌ فيها :

(كل عام و انت بخير , يا فقيرة)

و هنا !! ضحك الجميع ساخراً .. بينما اسرعت رزان بالخروج , لتصطدم بأمجد الذي كان يدخل القاعة ..

-رزان توقفي , مالذي جرى لكِ ؟

الاّ انها اكملت طريقها الى الحديقة و هي تبكي بقهر .. بينما كان امجد يعاتب الجميع بغضب بعد ان رأى فعلتهم الشنيعة..

ثم اسرع الى ساحة الجامعة للبحث عنها , فسمع بكاءً قادماً من الحديقة .. فجلس بجانبها على الأرض العشبية .. و صار يعتذر لها عن حماقات اصدقائه

-لا تعتذر يا امجد , هذا ليس خطأك .. كان اهلي معهم حق !! انا لا انتمي الى هذه الجامعة , و لا الى عالمكم

-سأجيبك على هذا الكلام بعد ايام , انتظريني

– (متفاجئة) ماذا تقصد ؟!
الاّ انه لم يجبها , بل امسك يدها و رفعها عن الأرض .. و قال :
-اليوم عيد ميلادك , دعينا لا نضيع الوقت
ثم اخذها الى مطعمٍ راقي قرب الشاطىء , و جلس يحدّثها بحنان حتى غابت الشمس .. ثم اعادها بسيارته الفارهة الى حارتها البسيطة ..

و في اليوم التالي , انتظر امجد قرب باب الجامعة ..و ما ان رآها , حتى اقترب منها و امسك يدها
-ماذا تفعل يا امجد ؟! هكذا سيرانا الجميع !

بابتسامة حنونة :

-و هذا بالضبط ما اريده !!

-امجد ..الموضوع صعب ..رجاءً اترك يدي

-فقال لها بصوتٍ حاني : تواعدنا ان نبقى سويّاً مدى الحياة ..ان نجعل حبنا يفوق الخيال .. و ان نكتب قصتنا في كل مكان , و نغسل قلوبنا من نهر العذاب.. احبك يا رزان .. احبك حقاً !!

-(بخجل) : و انا ايضاً

-اذاً !! هيا بنا

و هنا ! تفاجأ الطلاب بدخوله ممسكاً بيدها .. و كانت اشدهم غيرة , هي نفس تلك الفتاة صاحبة فكرة عيد الميلاد .. و لذلك اسرعت بنشر الشائعات : بأن الفقيرة تحاول استغلال الغني .. و
بأنها سحرته .. و شائعة اخرى : بأنها حامل منه , و هو خائفٌ عليها من عقاب اهلها .. و غيرها من الشائعات الجارحة ..لكن كل هذا لم يبعد الحبيبين عن بعضهما .. فلم يعد امام تلك الفتاة الغيورة الا ان توصل الخبر الى والده , خاصة بعد ان عرفت بأن امجد طلب يد رزان , و قد ذاع هذا الخبر في كل الجامعة كالنار في الهشيم .. و لذلك ذهبت الحاقدة الى شركة والده و اخبرته برزان , بعد ان شوّهت صورتها تماماً

و في نفس الليلة .. حصلت مشادة عنيفة بين والد امجد و ابنه , الذي رفض تماماً تزويج ابنه الوحيد من فتاة فقيرة ..

-انا احبها يا ابي , و لن اتزوج غيرها !!

– ان تزوجتها , فسأحرمك من الميراث.. اسمعت يا ولد !!

-لا يهم ابي ..حقاً لا يهم

و خرج امجد من منزل والده غاضباً ..

و في اليوم التالي .. التقى الحبيبان .. و اخبرها امجد بما حصل معه البارحة..

-(حزينة) : و كيف سنتزوج الآن , و والدك غير راضي بالموضوع ؟!

-لا يهم يا رزان ..سنتزوج ولوّ لم يكن موجوداً .. هيا لنذهب !!

-الى اين ؟!
-علينا ان نحجز قاعة العرس , و نشتري الخواتم , و ثياب العرس .. امامنا الكثير من العمل ..هيا بنا !!

و بعد اسبوعين .. دخل العريسان صالة الأفراح بزفّة فخمة على وقع الطبل و الزمر .. و بدا كل شيءٍ جميل .. حتى وصلا لنهاية الحفل .. لكن قبل ان يذهبا العريسان الى الفندق , و قبل
خروجهما من الصالة .. تفاجأ الجميع بدخول رجلٍ سكران الى الصالة , و هو يصرخ و يشتم العروس و اهلها بأعلى صوته , حيث كان يحمل بيده زجاجة الخمر , بينما يحمل بيده الأخرى المسدس .. و لم يعرفه احد , قبل ان يصرخ امجد :

-ابي !! ماذا تفعل ؟! اخفض المسدس , رجاءً !!

لكن الأب السكران اكمل كلامه مع العروس , و قال لها مهددّاً و مصوّباً المسدس نحوها :

-سآخد روحك كما أخذتي مني ولدي , ايتها الحقيرة !!

و اطلق النار , الاّ ان امجد اسرع بحماية عروسه ..لتستقرّ تلك الطلقة في قلبه ..فانهار جسده بين احضان رزان التي تلطّخ فستانها الأبيض بدمائه .. و ارتفع الصراخ في ارجاء الصالة , الذي لم يكن كصراخ الأب الذي انهار على الأرض و هو يلعن نفسه و يبكي بقهر.. ثم صرخ قائلاً :

-لن تموت قبلي يا ولدي !!

ثم اطلق النار على رأسه , فمات الوالد منتحراً.. بينما كان امجد يتنفّس بصعوبة , و هو يهمس لزوجته بكلماته الأخيرة :

-حبك سيظلّ محفوراً بقلبي .. تذكري دائماً بأني

احــــــــــــــــــبــــــــــــــــكـــــ

اشراف :
Asr

تنقيح :
امل شانوحة

تاريخ النشر : 2016-03-13

ابو العز

سوريا
guest
33 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى