قصص الافلام

سلسلة لذة القتل -2- مشروع ساحرة بلير

بقلم : د. مؤمن احمد عباس
سلسلة لذة القتل -2- مشروع ساحرة بلير
ملصق فلم مشروع ساحرة بلير

مرحبا بكم..
اليوم موعدنا مع فيلم جديد من أفلام الرعب التي تعج بها (هوليوود)..
ولكنه ليس بأي فيلم..

إنه الفيلم الذي حقق أكبر ربح مسجل في تاريخ السينما حيث بلغت إيراداته 248.639.099 دولار..منها ما يقرب من 160 مليون دولار داخل (الولايات المتحدة الأمريكية) فقط..في حين لم تتعد تكلفة إنتاجه ال22000 دولار!!..ليتم تسجيله في موسوعة الأرقام القياسية بمعدل ربح بلغ 10000 دولار لكل دولار واحد..
كل ذلك بالرغم من أن الفيلم لم يتم تصويره سوى بكاميرا فيديو واحدة فقط..بل وخرجت كادراتها مهزوزة لأن من قامت بالتصوير كانت مبتدئة!!..فقد كانت طالبة ماتزال تدرس الإخراج السينمائي في الجامعة وقتها وتلقت تدريبات من طاقم الإخراج على استخدام تلك الكاميرا لمدة يومين فقط..
بل إن الفيلم -البالغة مدة عرضه 86 دقيقة- لم يكن ضمن أحلام مخرجيه أن يتم عرضه على شاشات السينما أصلا..وكان كل ما يخططان له أن يتم عرضه – كفيلم وثائقي- على القنوات التليفزيونية مباشرة!!..

بل إنهما لم يتعجلا عملية المونتاج التي بلغت ثمانية أشهر كاملة!!..وتمت الدعاية له عن طريق شبكة الإنترنت فقط..
ولكن وعلى خلاف كل التوقعات حقق الفيلم نجاحا مبهرا فاق كل خيال..
واستغلالا لهذا النجاح تم إصدار جزء ثان من الفيلم بعنوان:
(كتاب الظلال 2- ساحرة بلير) ((Book Of Shadow 2- Blair Witch..
والذي عرض في السينما لأول مرة في 27 أكتوبر عام 2000 إلا أنه استقبل استقبالا فاترا من النقاد..
ثم تم الإعلان عن إعداد جزء ثالث إلا أن هذا المشروع تم إلغاؤه بعد ذلك..
وقد تم إصدار ثلاث ألعاب كمبيوتر مستمدة أحداثها من الفيلم..
كما أبلى الفيلم بلاء حسنا عندما صدر على أسطوانات (D.V.D) رغم أن طبيعته كفيلم مصور بكاميرا فيديو وخال من المؤثرات الخاصة جعلته لا يستفيد كثيرا بالجودة الفائقة لهذه التقنية..
أعلم أن كل هذا يثير دهشتكم إلى أقصى حد..
ولكن الأكثر إثارة للدهشة لم يأت بعد..
فالفيلم لم يكن مقتبسا من قصة حقيقية ككل الأفلام المقتبسة..بل إن أحداثه في حد ذاتها حقيقية تماما..
بصورة أوضح..أقول إن أبطاله الثلاثة لم يكونوا يمثلون..بل كانوا يسجلون الواقع تماما كما يحدث مع الأفلام الوثائقية..
فقد ظهروا بأسمائهم الحقيقية..وحتى الناس الذين سجلوا معهم حقيقيين..
باختصار لم يكن هناك تمثيل على الإطلاق..
وهنا يبرز السؤال الذي يتقافز على ألسنتكم:
ما الذي جعل هذا الفيلم يصل إلى تلك المكانة؟؟..حتى وإن كانت أحداثه حقيقية..بل حتى وإن كانت مرعبة؟؟..
ولكم كل الحق بالفعل..
إذ إن إثارة الخوف في النفوس لعمل هين بالفعل..
فهناك المئات من الأفلام التي تعج بمصاصي الدماء والمستذئبين وكائنات العوالم الأخرى المتوحشة التي تفتك بالبشر..فيمتلئ الفيلم بمشاهد الدم والأشلاء المبعثرة التي تثير في النفس التقزز والرعب..
وتلكم الأفلام تكون مصورة بتقنية متطورة تجعلك تشعر فعلا بأنها واقعية وليست محض خيال..
كل هذا جميل..ولكن فيلمنا اليوم يلعب على وتر مختلف من أوتار الرعب..
إنه الخوف من المجهول..وهو لعمري أقسى أنواع الرعب طرا..
إنه يلغي لديك مفعول سنوات طويلة من التطور ليجعلك تستحضر الصورة الأولية للخوف..
الخوف من الظلام..

سلسلة لذة القتل -2- مشروع ساحرة بلير
في الفلم تتمنى مع كل لحظة ان لا تغرب الشمس مجددا

ففي الفيلم تتمنى مع كل لحظة ألا تغرب الشمس مجددا حتى لا يبدأ الرعب..وتدعو الله في سرك أن ينجي الأبطال من المصير المجهول الذي ينتظرهم..
بل إن النقاد قالوا إن مشهد الفتاة (هيثر) الذي يظهر على أفيش الفيلم لقادر على إصابة المشاهد بالكوابيس لفترة طويلة..
لذا يعد فيلم (مشروع ساحرة بلير) (Blair Witch Project) أحد أقوى أفلام الرعب في تاريخ السينما على الإطلاق..
وأكاد أجزم أن أغلبكم قد شاهد الفيلم..أو أنني أتمنى ذلك بالفعل..
ففي هذا الفيلم تتحول الطبيعة الخلابة في الغابة إلى مسرح للأحداث المرعبة..
ثلاثة من الشباب الذين ألقت بهم مصائرهم هاهنا يصارعون المجهول..
فيلم بلا قطرة دم واحدة..ولا مؤثرات خاصة..ولا أي شيء من هذا القبيل..
فلا حاجة لها..
إذ إن صمت الطبيعة يتكفل بإثارة أقصى درجات الرعب..إنه رعب الحقيقة..أو..الحقيقة المرعبة..
وقبل أن نخوض في أحداث الفيلم دعونا نستعرض بعض المعلومات عنه:
بدأت فكرة الفيلم في ذهن اثنين من المخرجين هما(Eduardo Sanchez) و ((Daniel Myrickعام 1993..
فقد كانا يفكران في صنع فيلم يتوه أبطاله في الغابة..
كان اختارا للفيلم اسم (مشروع التلال السوداء) (The Black Hills Project)..
وقد وضعا له سيناريو خاص..
من ثم أعلن المخرجان في إحدى المجلات عن حاجتهما لممثلين موهوبين لديهم القدرة على الارتجال.. وقد تقدم لهما ما يزيد على ألفي ممثل..
وتم اختيار ثلاثة منهم هم ((Joshua Leonard و( (Michael C. Williams و ((Heather Donahue
الذين كانوا يدرسون فن السينما في (Montgomery College) واتفقوا على أن يجعلوه مشروع التخرج الخاص بهم..
وهنا اقترحت (هيثر) موضوعا مختلفا تماما..
لقد سمعت في صغرها عن أسطورة (ساحرة بلير)..
وتم الاتفاق على تقصي حقيقة أسطورة (ساحرة بلير)..
من ثم تم تغيير القصة لتكون مرتجلة تماما..
فما هي قصة (ساحرة بلير)؟؟..
تقول القصة:

سلسلة لذة القتل -2- مشروع ساحرة بلير
اشعلوا النار فيها وسط ضحكاتها ..

– في فبراير عام 1785 في قرية (Blair) بولاية (Maryland) الشمالية الواقعة شمال (Washington) اتهمت العجوز (Elly Kedward) بممارسة السحر..حيث اتضح أنها تقوم باستدراج الأطفال إلى منزلها لاستنزاف دمائهم ومن ثم استخدامها في أعمال السحر..
لذلك تم تكوين محكمة مرتجلة من الأهالي سرعان ما أصدرت حكمها عليها بالإعدام حرقا كما كانت العادة قديما..
وعندما كان يتم تنفيذ الحكم وقفت (إيلي) على منصة الإعدام..وتوعدت جميع من حكموا عليها بل والقرية كلها بالانتقام..
ولكن ذلك لم يفت في عضد الأهالي الذين سارعوا بتنفيذ الحكم وأشعلوا النار فيها وسط ضحكاتها التي بدا وكأنها قادمة من أعماق الجحيم..
وظن الأهالي أنهم استراحوا..ولكن..
بعد ذلك بأيام بدأت سلسلة من حوادث الاختفاء غير المفسرة تضرب القرية مع عدم العثور على المختفين أو حتى جثثهم أبدا..
ليس هذا فقط بل بدا أن تلك الحوادث كانت تستهدف أشخاصا معينين..فمع حلول نوفمبر عام 1786 اختفى كل من شارك في الحكم على (إيلي) بالإعدام..ليس هذا فقط..بل لقد اختفى نصف أطفال القرية أيضا..
وأيقن الأهالي أن هناك لعنة تطاردهم..لذا كان قرارهم بالفرار من تلك القرية..وعدم ذكر اسم (إيلي) ثانية ما بقوا على قيد الحياة..
وتحولت القرية إلى مجموعة من الأكواخ الخربة المهجورة تختفي وسط الغابة المحيطة بها..
– في نوفمبر عام 1809 ظهر إلى الوجود كتاب (The Blair Witch Cult) الذي وثق تلك الواقعة وادعي أن البلدة كلها ملعونة من الساحرة (إيلي)..وأن هذه اللعنة ستستمر إلى الأبد..وأن (إيلي) ستنتقم من كل من يدنس أرض القرية..

المثير أن هذا الكتاب الذي لم يكن عليه اسم مؤلفه اختفى فور صدوره..وصار من النادر بل ومن المستحيل تقريبا العثور على نسخة منه..

سلسلة لذة القتل -2- مشروع ساحرة بلير
كوخ ساحرة بلير

– بحلول عام 1824 برزت إلى الوجود قرية (Burkittsville) محل قرية ((Blair..وبالرغم من ذلك فلم تتوقف بالفعل حوادث اختفاء الأطفال كما أشار الكتاب..
ففي أغسطس عام 1825 يشهد أحد عشر شخصا بأنهم رأوا يد امرأة شاحبة شعثاء الشعر تمتد من خلال الماء على شط جدول (Tappy East Creek) لتختطف الطفلة (Eileen Treacle) ذات العشر أعوام وتغوص بها في الماء..
وعلى الفور هب الأهالي للبحث عن الطفلة في الجدول..
وطوال ثلاثة عشر يوما..وبالرغم من البحث المضني الذي وصل لحد أن الأهالي قاموا بعمل سد من العصي والأخشاب على جانبي الجدول..
إلا أن كل تلك الجهود لم تفلح في العثور على الطفلة المفقودة وذهبت سدى..
– في مارس من عام 1886 اختفى الطفل (Robin Weaver) ذو الثمانية أعوام..
وكون الأهالي عدة فرق للبحث عنه..
وكما اختفى الطفل فجأة عاد للظهور فجأة بعد يومين..ولكن لم يكن لديه أية معلومات عن لغز اختفائه..وبدا وكأن تفاصيل يومي غيابه قد انمحت من ذاكرته تماما..
المثير أن إحدى فرق البحث عنه لم تعد..وانطلق الأهالي للبحث عن المفقودين الجدد الذين كانوا هذه المرة خمسة رجال..
وكالعادة فشلت كل الجهود في العثور عليهم..
وبعد ثلاثة أسابيع كاملة عثر عليهم بالصدفة..أو بالأحرى على جثثهم..فقد كانت جثثهم مربوطة بعضها إلى بعض بجوار (صخرة التابوت) (Coffin Rock) وقد تم تقييد أيديهم وسيقانهم ونزع أحشائهم تماما!!..
– في نوفمبر 1940 بدأت سلسلة جديدة من اختطاف الأطفال..وكانت البداية مع الطفلة (Emily Hollands) ..وبحلول مايو 1941 كان عدد الأطفال المختطفين قد بلغ سبعة أطفال لم يعثر لأي منهم على أثر..
وفي 25 مايو 1941 انطلق الراهب (Rustin Parr) إلى سوق القرية وصاح في الناس قائلا:
(وأخيرا انتهت مهمتي)..
بالطبع ظنه الناس مجنونا وأبلغوا البوليس الذي توجه رجاله إلى كوخ الراهب المنعزل على مشارف الغابة..
وبعد تحقيق استمر لمدة أربع ساعات عثر رجال الشرطة على جثث الأطفال السبعة المفقودين في قبو الكوخ وقد قتلوا بذات الطريقة السابقة وربطوا بجوار بعضهم البعض وقد انتزعت أحشائهم تماما..
وسرعان ما اعترف (روستن) أنه قام بقتل الأطفال وانتزاع أحشائهم بناء على أوامر تلقاها من شبح امرأة عجوز كان يظهر له في أثناء خلواته في الغابة..
وسرعان ما أدين (روستن) وأعدم..
……………………………………………………………………………..

سلسلة لذة القتل -2- مشروع ساحرة بلير
تم التحضير لكل شيء بدقة واخذنا معدات التخييم

عندما عرضت (هيثر) فكرتها تحمس الجميع لتنفيذها..
وقام المخرجان بتدريب (هيثر) على استخدام كاميرا الفيديو لمدة يومين..
تقول (هيثر) في مذكراتها:
(الأربعاء 19/10:
تم التحضير لكل شيء بدقة..أخذنا معدات التخييم..وسيارة قوية..وخريطة توضيحية للغابة وبوصلة..وتدربت جيدا على استخدام كاميرا الفيديو..
وامتنعنا عن شرب الكحوليات قبل موعد ذهابنا بيومين..
كان الاتفاق أن نمكث هناك ثلاثة أيام..هي الجمعة والسبت والأحد..
في اليوم الأول نقوم بعمل لقاءات مع أهل القرية..
ثم ننطلق للغابة ونزور صخرة التابوت في يوم السبت..ونسجل مشاهداتنا ثم نعود..
وفي يوم الأحد نقوم بزيارة مقبرة الأطفال السبعة..ثم تنتهي مهمتنا عند ذلك الحد..
ثم اختلفنا على من سيكون القائد..ودخلت في مشادة مع (جوش) الذي بدا لي لامباليا وقحا..كان لا يفكر سوى في نفسه وكيفية إشباع رغباته فقط..
في حين بدا (مايك) أكثر احتراما وإن كان ضعيف الشخصية لا يصلح للقيادة..
بدا لي الاثنين غير مباليين بالموضوع أساسا..
وهذا ما أثار حنقي بشدة..
لذلك..وبعد مشادات ومداولات اتفقنا على أن أكون أنا القائدة..في حين يقود (جوش) السيارة..ويساعدني (مايك) في حمل المعدات أثناء التجوال في الغابة..
إنهما لا يعتمد عليهما..في حين إن هذا المشروع هو حلم عمري منذ صغري..
آه لو استطعنا حل لغز ساحرة بلير..سيكون شيئا رائعا..وستبلغ شهرتنا الآفاق..
إن هذين الصغيرين غير مدركان لما نحن مقبلون عليه..
على كل الأحوال..وبرغم التوتر الذي يعتريني..وبرغم قلبي الذي يتواثب بين ضلوعي..ينبغي أن أنام الآن..أنام بعمق..فغدا ينتظرنا يوم شاق..)
وفي 20 أكتوبر عام 1994 وصل الفريق الثلاثي إلى القرية..
وذات يوم وصولهم..وبحماس الشباب أجروا مقابلات مع العديد من سكان القرية لسؤالهم حول الأسطورة..
واختلفت روايات السكان ما بين مصدق ومكذب..
ولكن الفريق الثلاثي وجد ضالته مع حلول المساء في العجوز (Mary Brown) التي أمضت طيلة حياتها في كوخها المنعزل بجوار الغابة..
وفي صباح اليوم التالي أجرى الفريق مقابلة مع اثنين من الصيادين وسألوهما عن موقع صخرة التابوت..
فأخبرهم الصيادان أنها في الغابة على بعد عشرين دقيقة من القرية..ويمكن الوصول إليها عبر الطريق القديم وحذروهما من أن الغابة مسكونة..
وتوجه الطلاب إلى الغابة..
وكانت تلك آخر مرة تتم مشاهدتهم فيها..
فمنذ ذلك الحين لم يرهم أحد مرة أخرى..بل ولم يتم العثور على جثثهم قط..
فماذا حدث لهم؟؟..
هذا ما سنعرفه الآن ونحن نطالع مذكرات (هيثر) التي كتبتها بخط يدها أثناء الرحلة..
…………………………………………………………………………….

تقول (هيثر) في مذكراتها:
(الخميس 20/10:
إنه يوم صحو ومشرق..يبدو أن الطبيعة تساعدنا..
بدأنا في إعداد الكاميرا للتجول في القرية وتسجيل اللقاءات..
وكما توقعت..استمر (جوش) في لامبالاته..ولم يقم بمساعدتنا في أي شيء..وأعلن أنه لا يفقه شيئا في تلك المعدات..
في حين وافق (مايك) على أن يقوم بدور المذيع ويحاور الناس..بالطبع لم تكن له أية دراية بكيفية تشغيل الكاميرا حتى..
إنهما يجعلاني أشعر أنني معلمة في مدرسة ابتدائية..ويجبراني على أن أشرح لهما تفاصيل كل خطوة..
يا إلهي..لماذا أشعر أنني وحيدة؟؟..هل ينبغي أن أعطيهما نقودا ليبدوا اهتماما أكثر بالمشروع؟؟..
عدنا في المساء إلى السكن بعدما أجرينا مقابلات مع الناس هنا..
الناس هنا بين مصدق ومكذب للأسطورة..ولكننا عثرنا على عجوز غريبة الأطوار تسكن في أطراف القرية تدعى (ماري براون) قالت إنها عاشت حياتها كلها في هذه القرية.. لأول وهلة شعرنا أن (ماري) مختلة تماما..وقد صدق حدسنا عندما أخبرتنا أنها شاهدت شبح الساحرة في يوم ما وهي صغيرة عندما كانت بجوار جدول (Tappy East Creek) وقالت إنها عجوز شعثاء الشعر نصفها العلوي بشريا ونصفها السفلي حيوانيا!!..
كما لاحظنا أن كوخ (ماري) قديم تماما لا يتفق مع مباني القرية الحديثة بل إنه مبني من عروق الخشب والألياف المجدولة!!)
أخبرنا الناس أنه من المتوقع سقوط أمطار مع حلول عطلة نهاية الأسبوع..
أعرف أن (جوش) و (مايك) سيتذمران..يمكنني توقع ذلك..علي أن أكون حازمة معهما..بل وفي منتهى القسوة..أشعر أنني على وشك الإصابة بجنون العظمة..(جوش) لا يستمع لتعليماتي على الإطلاق..في حين يبدو (مايك) مستعدا لتنفيذها على مضض..أعتقد أن المال سيحل كل شيء..
ليلة الغد ستكون باردة جدا..أتوقع ذلك..وأتوقع أن يمتنع رفيقي عن الخروج..
أرجو من الله أن يخيب ظنوني ويكون الجو دافئا لنتمكن من العمل…)

…………………………………………………………………………………….

(السبت 22/10:
أشعر أنني في منتهى القذارة..رائحتي لا تطاق..مرهقة للغاية وأعاني من بعض التقرحات والخدوش في كتفي وعنقي..كما أنني في غاية العطش وأشعر أن حلقي في منتهى الجفاف..ولا أقدر على الكتابة..ولكني سأكتب..يجب أن أسجل كل التفاصيل..
بالأمس ذهبنا إلى صخرة التابوت (Coffin Rock)..شاهدنا ما تبقى من عظام وجماجم فريق البحث المقتولين..صورنا كل شيء..وصار لدينا ما يكفينا من اللقطات..وهكذا عدنا إلى السيارة..نصبنا المخيم..وقضينا ليلتنا الأولى..
صباح اليوم قررنا التوغل في الغابة مستعينين بالخارطة للذهاب إلى مقبرة الأطفال السبعة..
انطلقنا مسترشدين بالخارطة التي كان يحملها (مايك)..
سرنا كثيرا جدا..ولكننا كنا نفاجئ بأننا نعود إلى نفس النقطة ثانية..
بدا وكأننا ندور في دائرة مغلقة برغم أننا كنا متأكدين أننا نسير في خط مستقيم!!..
كنت متأكدة أننا بقرب المقبرة..وأنها حولنا في مكان ما..ربما تداريها الأشجار..
قضينا أغلب النهار في البحث..
وبحلول الرابعة نفذ صبر (جوش)..وصار في قمة العصبية..لقد دخل معي في مشادة وكاد يعتدي علي..
اتهمني بأنني السبب في ضياعنا لأنني لا أجيد قراءة الخرائط..
بالرغم من أن الخريطة كانت مع (مايك)..
وفجأة..وجدنا أنفسنا بالفعل أمام المقبرة..وكان المنظر بشعا بحق..
لقد تغوط (مايك) في سرواله ولست أدري إن كان قد فعل ذلك لأننا أخيرا وجدنا المقبرة أم لأنه كان مرعوبا؟؟ برغم أنه كان حريصا على ألا يبدو خائفا أمام (جوش)..إلا أنني أعتقد أنه كان خائفا جدا..
لذلك لم نمكث طويلا..قمت بتصوير ما يكفي من اللقطات..وقررنا المبيت هنا الليلة لأن الظلام قد حل..
وقام (مايك) بنصب المخيم حيث نحن..
أعتقد أنني كسبت احترام الشابين بعد العثور على المقبرة التي كانا يظنان عدم وجودها أصلا..
أعتقد أن الإرهاق والسير لمسافات طويلة وسط الأحراش قد أطار صوابهما ولكنني أعذرهما..
على أي حال..لقد أنجزنا مهمتنا بنجاح وحان موعد العودة..وغدا سنبيت جميعا في أسرتنا الدافئة وسط أسرنا..
أما الآن فأنا مرهقة جدا وأريد أن أنام..)

…………………………………………………………………………….

سلسلة لذة القتل -2- مشروع ساحرة بلير
سرنا كثيرا جدا ..

(الأحد 23/10:
للأسف لم نعد إلى منازلنا بعد..لقد قمنا في الصباح وحزمنا أمتعتنا للذهاب إلى حيث تركنا السيارة..
ولكن للأسف..كما حدث معنا من قبل.. سرنا كثيرا جدا..ولكننا كنا نفاجئ بأننا نعود إلى نفس النقطة ثانية..
بدا وكأننا ندور في دائرة مغلقة برغم أننا كنا متأكدين أننا نسير في خط مستقيم!!..
وفي لحظة يأس صرخت:
(إيلي)..أأنت هنا؟؟
كنت متأكدة من المكان الذي تركنا به السيارة..ومع ذلك لم نستطع الوصول أبدا..
وهكذا اضطررنا للمبيت في ذات المكان لليوم الثاني على التوالي..
وبرغم كل شيء لم نضيع اليوم عبثا..
لقد التقطنا المزيد من اللقطات الرائعة..
وما سرني أن الشابين تغيرا كليا..
(مايك) كان هادئا جدا على غير المعتاد..في حين كان (جوش) يساعدنا بجدية!!..بل ويعتذر لي عن عصبيته..ويطلب مني الصفح..هذا الفتى مدهش بحق..
لا أخفيكم أني قد أعجبت بهما..ولأول مرة يفارقني الشعور بالوحدة قليلا..
لا بأس..سنكون غدا بمنازلنا..وسيكون كل شيء على ما يرام..
والآن..سأنام قليلا..)

…………………………………………………………………………………

(الثالثة صباحا :
لليوم الثاني على التوالي نستيقظ على صوت ضوضاء وجلبة في الغابة حولنا..
بالأمس حدث نفس الأمر ولكننا أقنعنا أنفسنا بأنها أصوات الغزلان البرية في الغابة..
لأننا بمجرد خروجنا لاستطلاع الأمر وجدنا أن الأصوات قد اختفت تماما..
اليوم تتكرر نفس الأصوات..بالواقع لا يمكن أن تكون تلك أصوات حيوانية البتة..
هي أقرب لأصوات البشر..صراخ أنثوي عميق مبهم إن شئنا الدقة..
وللمرة الثانية حاول الشابان إقناعي بأنه صوت غزالة برية..ولكنني اندفعت أقول ما كنا نخشاه جميعا:
من الجائز أن هذا هو صوت ساحرة بلير..
وهنا اندفع الشابان ينفيان هذا الاحتمال تماما..لم يكونا على استعداد لتصديق ذلك ولو لثانية بالرغم من أنني لم أجزم بأنه صوت الساحرة..لقد قلت فقط إنه من الجائز أن يكون صوتها..
لذا تظاهرت بتصديقهما..فأنا لا أريد المزيد من المشاجرات..لقد انتهيت من تصوير الفيلم وأريد الحفاظ عليه لحين عودتنا..
وفي حين تظاهرا بالنوم..كنت واثقة أنهما ليسا بنائمين..ولكنهما يتظاهران بذلك خشية مواجهتي..
إنه ليس صوت غزالة برية..أنا واثقة من هذا..
من غير المعقول أن تتمشى الغزلان حول معسكرنا في الثانية أو الثالثة صباحا كل يوم!!..
إن هذا يخالف كل قواعد المنطق والعقل..
في الحقيقة لست أدري كنه هذا الصوت..
ولكن اعتقادي أنه صوتها..شيء ما بداخلي يؤكد لي ذلك..
أريد أن أتغوط ولكني لن أجازف بالخروج الآن..ولن أفعلها بالتأكيد في سروالي..
على أي حال..سنعود لمنازلنا غدا..وسأتمتع بالدفء الأسري الذي أفتقده الآن بشدة..
بالواقع أنا لست خائفة على الإطلاق من هذا الصوت..وكنت أود البقاء هنا ليوم آخر..ربما يمكننا استكشاف الأمر ومعرفة مصدر الصوت..
ولكني بالطبع لن أغامر بمصارحة الشابين برغبتي تلك..فأقل الاحتمالات أن يتركاني هنا وحيدة ويعودا هما..
وهذا ما لا أريده..فالعودة معهما أفضل بكثير من البقاء وحيدة في هذه الغابة الموحشة..
للأسف لن تكون هناك المزيد من الليالي..ولن أستطيع معرفة سر هذا الصوت أبدا..)

………………………………………………………………………………………….

(إنه الصقيع..إننا نتجمد من البرد..إننا مفقودون الآن تماما..
في الصباح حزمنا أمتعتنا وقررنا السير باتجاه الجنوب مستعينين بالبوصلة..ولكن كالعادة كنا نعود لنفس النقطة ثانية رغم أننا نسير في خط مستقيم بمعاونة البوصلة..
والآن ها نحن نجلس في الخيمة الباردة وقد نصبناها ثانية مع حلول الظلام..وقد نام الشابان بعدما نال منهما الإرهاق بشدة..
إننا في اللامكان..لقد ضعنا..أنا خائفة جدا..جائعة..مرهقة..أكاد أتجمد من البرد..وبرغم كل شيء أشعر بالحنين لمشاهدة ما قمت بتصويره..
لقد انتهزت فرصة ابتعادي عن الشابين لبعض الوقت بداعي الحاجة للتغوط ثم قمت خلسة بتصوير بعض الكادرات بكاميرا 16مم أحملها معي..
لم نشعل النار هذه الليلة لأننا لم نرد لفت أنظار الصوت المجهول إلينا..كما أنه لا يوجد معنا شيئا لنطبخه ونأكله على أي حال فقد نفذت المؤن..
بقدر ما كنت متحمسة لمعرفة مصدر الصوت بالأمس..بقدر ما أريد الآن أن نعود جميعا لمنازلنا سالمين..
ليكن سحرا أو لتكن فزاعة..لا أريد أن أعرف الآن..
يوما ما..بينما سنكون في منازلنا نأكل ونشرب ونمرح..سنتذكر تلك الأحداث ونضحك..
نضحك من خوفنا..نضحك من قلوبنا..
أشعر أننا على مشارف حدث جلل..كأننا نقطع الطريق بين عالمين..
يجب أن نخرج من هنا..أشعر أن المصائب ستحيق بنا سريعا..
أرجوك يا إلهي..ساعدنا للخروج من هنا..)

……………………………………………………………………………………………

(إنه الغد..
أعصابي لم تعد تحتمل..فأقل صوت يبدو هائلا وصداه يتردد حولنا في الغابة..
بالرغم من أن ضوء النهار يبعث على قليل من الطمأنينة لأنه يبدد الظلام الجاثم على أرواحنا..
وها نحن نستعد لاستئناف المسير..
مجددا في خط مستقيم..باتجاه الجنوب..بمعاونة الخريطة والبوصلة..
أتمنى من الله أن نجد طريقنا للخروج..

……………………………………………………………………………………………..

إنه الليل..
للأسف تكرر ما يحدث كل يوم..وها نحن ننصب الخيمة من جديد..
هناك خبر سيء..لقد فقدنا الخريطة..لقد قذفها (مايك) في الجدول في لحظة يأس دون أن يخبرنا..ولكن هذا لن يفرق كثيرا..إننا مفقودون..تلك هي الحقيقة..
أنا في غاية الإرهاق..وينبغي أن أنام..الشابان يغطان في نوم عميق..ولكني أكتب..أكتب لأسجل تفاصيل الأحداث..برغم علمي أني أكتب لنفسي..فأنا أشعر أن أحدا لن يقرأ ما كتبت..
الحقيقة أنني أكتب في الظلام..فأنا لن أجسر على تشغيل ضوء مصباح كاميرا الفيديو..هذا كفيل بإيقاظ الشابين من النوم ليصبا اللعنات فوق رأسي..هذا إن كانا نائمين بحق..
ولكني برغم كل هذا لا أستطيع التوقف عن الكتابة..فتلك الخربشات هي وسيلة الترفيه الوحيدة التي أملكها الآن..)

…………………………………………………………………………………………………..

سلسلة لذة القتل -2- مشروع ساحرة بلير
هيثر تقوم بالتصوير

(لقد أشرقت الشمس..
(جوش) اقترح اقتراحا غريبا..
بحلول منتصف النهار سيتسلق تبة عالية ثم سيبدأ في إطلاق النار في الهواء والتلويح براية للفت أنظار الطائرات المحلقة هذا إن كانت هناك طائرات في الجو في هذه المنطقة أصلا..
اقتراح غريب هو ولكن ينبغي تنفيذه فنحن لا نملك ترف الاختيار..
ما يعنيني أنني صرت في قمة القذارة..وقد أصبحت بالزكام..وعندما كنت أتمخط كنت أتمخط في قفازي..وكانت الرائحة كريهة للغاية..
لم أعد أدري كم مر علينا من الوقت ها هنا..يبدو وكأنه دهر كامل قد مر علينا..أشعر أنني فقدت الذاكرة تماما..وصار كل شيء مختلط في ذهني..
لماذا يبدو كل شيء متشابها برغم أن أي شيء لا يبدو متشابها؟؟..
ما علاقة كومة الحجارة تلك بالمخيم؟؟..
وما علاقة (ماري براون) بالكتاب المقدس؟؟..
وهل وردت قصتها فيه؟؟..
أنا لا أتذكر..لقد كنت بالخارج وقتها..ربما لم أكن معهم..
ماذا يعني أن تجد كومة من الحجارة في طريقك فتعرقلك؟؟..
يا إلهي..ما هذا الذي كتبته؟؟..
إنني أهذي..لقد جننت أخيرا..
أرجوك ربي..إنني بحاجة إلى التركيز والتبصر..
ساعدني يا إلهي..
يجب أن أكون أكثر هدوء..
الهدوء..
يجب أن نخرج من هذا المأزق..
(نخرج من هذا المأزق)!!..
أليست هذه هي نفس الجملة التي يقولها الناس عند التعرض لحادث ما؟؟..
الآن تصبحون على خير..
سأنام قليلا..
اللعنة..لا أستطيع النوم..
سأتمشى بالخارج قليلا..ولكن حتى هذا لا أستطيعه في وجود هذا الصوت الذي مازال يحاصرنا بالخارج..
لابد أن نجد السيارة في الغد..)

………………………………………………………………………………………….

(اليوم كان يحدونا الأمل..
وبآخر طاقة لدينا انطلقنا مع أول ضوء للشمس..
سرنا لمدة 11 ساعة متواصلة بلا انقطاع..
ولكن كالعادة..كنا ندور في دائرة كبيرة..
وفي كل مرة نعود إلى نفس النقطة مجددا..
لقد نفذ طعامنا منذ فترة طويلة..
جائعين..يائسين..مرهقين..
نمضي سويا..نتوقف قليلا..نتشاجر..وكل منا يلقي بسبب وجودنا هنا على الآخر..
ثم نتصافى ونكمل السير..
نحن الآن على وشك النوم..
ولكن ما هذا؟..
أسمع من بعيد صوت صراخ..ولكنه ليس مثل السابق..
يبدو هذه المرة كأنه صراخ أطفال معذبين..
هل أهذي أم أن هذا حقيقي؟..
نظرة واحدة إلى (جوش) و(مايك) جعلتني أوقن أنني لا أهذي..
ولكن لم يعد هذا يخيفنا..
ثم صوت الخربشات على جوانب الخيمة من الخارج..
هذا ما كان ينقصنا..
سأصلي من أجل خلاصنا..
إن الجو في منتهى البرودة..وقد تسلقنا اليوم تباب عديدة..كان يوما شاقا..
أعرف أنني أكتب أي شيء الآن للهروب من مخاوفي..
للهروب من نفسي..
إنها محاولة يائسة..
أعلم ذلك تماما..
وسواء قتلنا أو نجونا لم يعد الأمر ذا فارق..
المهم أن ينتهي كل هذا بسرعة..بأقصى سرعة..
(جوش) و(مايك) منهاران تماما..
وأنا لا أختلف عنهما كثيرا..
يبدو أنني تغوطت في سروالي..
ولكن لا..
لن أنهار..سأحمل الكاميرا وألتقط المزيد من اللقطات..
لن أتخلى عن حلمي..
وسنخرج من هنا..بالتأكيد سنخرج..
وغدا يوم آخر..)

……………………………………………………………………………

(لقد قمت بخياطة سروال (مايك) الممزق..وارتديت آخر زوج من الجوارب الجافة الخاصة بي..
لم أغير سروالي منذ أن غادرنا..ولكني لا أملك ترف الوجود لثانيتين وحيدة في هذا العالم المتوحش..
فقد قررنا أن نبقى سويا..
مازلت لا أجد تفسيرا لكوننا نسير طوال الوقت في دائرة مغلقة فنعود لنفس النقطة من جديد..
كنا نسير دوما في اتجاه الجنوب وفي خط مستقيم..وقد حددنا علامات مميزة لمكاننا قبل الانطلاق..
وكلما مرت خمس دقائق نقوم – ثلاثتنا- بفحص البوصلة..
كنا متأكدين أننا نسير باتجاه الجنوب..
ولكن يوجد شيء ما خطأ..
لذا كان يجب أن نتوقف ونحاول البحث عن خطة جديدة..
(خطة بديلة؟؟..أريد العودة إلى المنزل..)
هكذا صرخ (مايك)..ولكن (جوش) قال:
(لنفكر قليلا..بالتأكيد هناك أشخاص يبحثون عنا الآن..
إن لم يكن من أجلنا فمن أجل الأجهزة والمعدات التي معنا..
وينبغي علينا التوقف هنا لننتظرهم..
سننصب المخيم هنا..ثم سنجمع بعض الأخشاب ونشعل النار..
وبالتأكيد ستتكفل النار بلفت أنظار من يبحثون عنا..
سواء كانت أنظار من يسعون لإنقاذنا..أو كانت أنظار من يسعون لقتلنا..
المهم أننا لن ننتظر كثيرا..
وأعتقد أن هذا أفضل الحلول الآن لتوفير المتبقي من طاقاتنا الموشكة على النفاذ من الجوع والإرهاق..
وأعتقد – وأشار بيده ناحية شجرة توت- أن ثمار تلك الشجرة كفيلة بحل مشكلة الطعام..)
فسألته بتوجس:
(ولكن كيف لنا أن نعلم إن كانت تلك الثمار صالحة للأكل أم أنها سامة؟..)
نظر لي بيأس وقال:
(لا أعلم..لا أعلم..لا أعلم…)
ذهبت إليها متصنعة الشجاعة وقد تطوعت تلقائيا أن أكون أول من يتذوقها..
فقط لأجد دمية رديئة الصنع متكئة على أحد فروع الشجرة..
قال (مايك) بتوجس:
(ما هذه؟؟..)
أطلقت ضحكة عصبية ساخرة وقلت:
(لا ريب أنها دمية أحد الأطفال السبعة ضحايا (إيلي)..
يبدو أنه كان يلعب بها آخر مرة ها هنا..)
ثم ألقيت بالدمية بعيدا بلا اهتمام..)

……………………………………………………………………………………

(لقد اختفى (جوش)..لقد استيقظنا صباحا أنا و (مايك) ولم نجده بجوارنا..
بحثنا عنه في كل مكان..
ولكننا كنا نعلم أننا لن نجده..وقد صدق حدسنا..
لا أعلم لماذا مازلت مصرة على إكمال تصوير الفيلم والتقاط المزيد من اللقطات؟؟..
أو حتى حمل الكاميرا من الأساس..
مازال لدي الكثير من البطاريات الجافة..فقد حملت منها الكثير معي تحسبا لأي ظرف طارئ..
ومازلت أحمل كل ذلك على ظهري المنهك منذ أسبوع..أتراه أسبوع حقا؟؟..
ويبقى السؤال:
هل سيشاهد أحدهم هذا الفيلم؟؟..
قلبي يجيبني بنعم ولكن..
هل سأستطيع أنا مشاهدته؟؟..
أنا خائفة..مرعوبة..لا أعرف ما الذي يمكن أن يحدث لنا بعد ذلك..
لا أريد أن أكون جثة في قبر مجهول تحت كومة من هذه الحجارة..
لا أريد أن أكون ضحية أخرى من ضحايا (إيلي)..
أشعر بالانهيار التام..
أين ذهب (جوش)؟؟..
هل ذهب للبحث عن مساعدة كما يقول (مايك)؟؟..
إذن لماذا ترك كل أغراضه في المخيم؟؟..
ولماذا وجدنا بعض الأغراض متناثرة خارج الخيمة؟؟..
أحس أن رأسي قد توقف عن التفكير..
كان يجب علي ألا ألقي بتلك الدمية – التي وجدناها معلقة على شجرة التوت- بعيدا..
لقد فعلت ذلك لأثبت لهما شجاعتي ولأبدد مخاوفنا..
ولكن هل كانت مجرد دمية فعلا؟؟..
اختفاء (جوش) أوضح الحقيقة بجلاء..
كنت خائفة من الضياع..ولكن الآن هناك خطر يهدد حياتي نفسها..
ليس لدي أي خيار..ولكن إن حاول أحدهم إيذائي فلن يمكنني أن أدافع عن نفسي..لأني لا أملك أي شيء للدفاع عن نفسي..لم أتحسب لهذا إطلاقا..
لا يوجد منطق يقول إن ثلاثة أشخاص يسيرون في خط مستقيم باتجاه الجنوب طيلة اليوم فقط ليعودوا من حيث بدءوا ثانية..
شيء ما يحدث حولنا..وهذا يرعبني جدا..أريد أن أبكي..لم أعد أحتمل..
لقد بكيت..بكيت بشدة..ولكن البكاء لن ينقذ حياتي..
لا يمكن أن يكون هذا حقيقة..لابد أنه حلم..كابوس سأستيقظ منه قريبا..
لا ريب أن (جوش) وجد المساعدة..ولا ريب أنهم في طريقهم إلينا الآن..
ومجددا..
هل نختبئ؟..أم نحاول إظهار أنفسنا قدر المستطاع؟؟..
الآن نحن مختبئان في الخيمة..ولكني لا أستطيع النوم..يجب أن أبقى مستيقظة وأراقب كل شيء..حتى حذائي لا أستطيع أن أخلعه..فربما احتجت للركض للهروب سريعا..
ولكن جسدي لم يعد يستجيب لي..أنا منهكة تماما وأشعر أنني على مشارف الهلوسة..
بالله عليكم كيف يمكن لعقل بشر أن يحتمل كل هذا..
بالليل تسمع صراخ أطفال يأتي من اللامكان..وخربشات على جدران خيمتك..
ثم تستيقظ في الصباح لتجد أن صديقك قد اختفى..
أنا واثقة أن هناك عمل شيطاني يحاك حولنا..
أنا مرعوبة..لا لا..
أنا متأكدة أنني سأكون أفضل غدا..
لماذا لا أستطيع تذكر آخر مرة أكلت فيها؟؟..ما الذي يمكنك أن تأكله في الغابة؟؟..وما الذي يجب عليك أن تعافه فيها؟؟..
لماذا يبدو كل ما حولي متشابها؟؟..
تلك الشجرة هناك..ألم تكن على اليسار أمس؟؟..
لماذا أبكي مرة أخرى؟؟..
ها هو أحد الحيوانات يصيح في الغابة..أم تراه صوت الأطفال مجددا؟؟..
لا أستطيع التمييز..بل لا أستطيع أن أنسى صوت الأطفال..
إنه يتردد في أعماقي..
أنا أكتب..أكتب..أكتب..
ليتني كنت بيتزا بالجبن والبصل والزيتون الأسود..تنتهي حياتي في معدة أحدهم..
أفتقد (جريج) بشدة..
أفتقد لمساته الحانية وحضنه الدافئ..
أين أنت يا (جريج)؟..ليتك كنت معي لتنقذني مما أنا فيه..
أفتقد الملابس النظيفة..رائحتي لا تطاق..
أنا أضحك الآن..
أنا أسمع أصواتا الآن..أصوات تهشم الفروع الجافة طيلة الوقت..
لقد عرفت الحل..
لو أن شجرة وقعت في الغابة ولم يكن بجوارها أحد ما سمعها أحد..
أنا أسمع كل هذا فقط لأني هنا..
حسنا حسنا..مازلت أنا و (مايك) على مايرام..لم نصب بأذى بعد..
سأغفو قليلا الآن..
لم أعد أستطيع فتح عيني..)

………………………………………………………………………………………

(12.30 صباحا:
كلما غفونا يحدث شيء خطير..
لقد استيقظنا فزعين على صوت..على صوت (جوش)..
نعم..لقد كان يصرخ كما لو أن الشيطان نفسه يعذبه..
ظننا لوهلة أن الصوت يتردد في عقلينا فقط..ولكنه كان واضحا..ملموسا..
(مايك) بجواري يتظاهر بالنوم..
وأنا أكتب مجددا..
بعد قليل لن نعود إلى النوم..إن الأمان في بقائنا مستيقظين..
سنعيد تشغيل الكاميرا..
لقد قررت تتبع الصوت ومحاولة إنقاذ (جوش)..
أريد أن أكتب..ولكن لا أعلم ماذا أكتب..
أمي..أبي..أرجو أن تكونا بخير..
إن الجوع شعور فظيع لا يجعلك قادرا على التفكير..
لقد كتبت كل هذا ليعلم الناس ما حل بنا..ومن أجل هذا أيضا التقطت مئات اللقطات في الغابة..
هناك الآن الكثير من الأصوات حولنا..ولكن (مايك) لن يغامر بالخروج من الخيمة الآن..وأنا لن أسأله أن يفعل..
أشعر أنني أغرق..ولكن لم يزل لدي الأمل في أن ينقذني شخص ما..
لا يمكنني أن أنام مجددا..
لا يمكن..لا يمكن..لا يمكن..
بالرغم من أن جسدي منهك جدا..لكن إرادتي يجب أن تبقى قوية..يجب أن تكون كذلك..
لن أتخاذل الآن..)

………………………………………………………………………………………….

(لقد فقدت الأمل تماما الآن..
أنا لا أعلم أين أنا..بحثنا طويلا..وانتظرنا طويلا..ولم يعد لدينا شيء لنفعله..
لم يعد لدي شيء لأقوله..أعلم أنني على وشك الموت..
إلى والدي (جوش) ووالدي (مايك):
أنا آسفة لما حدث لابنيكم..آسفة لما حدث لنا جميعا..
لتكن أمنيتي الأخيرة هي:
الفيلم..الفيلم..
هناك من يتربص بنا..ولكني على الأقل سجلت كل ذلك..
لذلك أرجو من الله أن يجد أحدهم هذا الفيلم يوما ما..
ولتكن رسالتي الأخيرة هي:
أنا أحب كل الناس..أحبكم جميعا من كل قلبي..
أحبوا بعضكم..ساعدوا بعضكم..الدنيا زائلة..
وختاما :
سأظل أحبكم جميعا أينما كنت..
والآن لم تعد لدي القدرة على مجرد الإمساك بالقلم..
ولكن مهلا..
أنا أرحب بأي شيء يضحكني الآن..
أريد أن أضحك..أريد أن أضحك…أريد أن أضحك..)

………………………………………………………………………………………………

سلسلة لذة القتل -2- مشروع ساحرة بلير
اختفى ابطال الفلم الى الابد ..

وبعد..
كانت هذه هي آخر كلمات سجلتها (هيثر) في مذكراتها التي عثر عليها مع الفيلم المسجل في كوخ مهجور في الغابة بعد عام كامل من اختفائهم..
فقط كان هذا هو كل ما عثرت عليه الشرطة..فلم يتم العثور على الطلاب أو جثثهم أو حتى بقاياهم حتى الآن..
وتم تسجيلهم في عداد المفقودين..
وهنا..ومن أجل كلمات (هيثر)..وتخليدا لذكراها..قرر المخرجان عرض الفيلم..
قاما باستئذان أسر الطلاب بل وعمل لقاءات معهم بعد ذلك تم عرضها في الجزء الثاني من الفيلم..
ثم قاما باختيار ثلاثة أبطال جدد وقاما بالذهاب بهم إلى القرية ثم إلى الغابة من جديد..
واصطحبوا معهم المصور السينمائي الشهير (Antonio Cora)..وهناك قام الفريق بتصوير 19 ساعة كاملة..
وقد حرص المخرجان على أن تكون الأحداث طبيعية تماما كما حدث مع أبطال القصة الحقيقية..
فقد أرهقا الممثلين بالمشي في الغابة طيلة النهار لأيام متعددة كما فعل الأبطال الحقيقيون..
بل وصل الأمر لحرمانهم من الطعام والشراب تماما لأيام كما حدث أيضا مع أبطال الفيلم..
في النهاية كانا يهدفان لتوضيح ما حدث للأبطال الحقيقيين..
مجرد رتوش بسيطة لإكمال الصورة..
ومن باب الأمانة كانا يعرضان اللقطات الغير حقيقية بالأبيض والأسود بينما اللقطات الحقيقية تعرض ملونة كما تم تصويرها..وتم الحرص على عدم العبث بها..
بل إن الغني عن الذكر أن الممثلين الغير حقيقيين لم يظهروا بوجوههم أبدا في الفيلم برغم أنه تم التأني في اختيارهم ليكونوا مشابهين تماما للأبطال الحقيقيين..
وكما أسلفت فقد استغرقت عملية المونتاج ثمانية أشهر كاملة..
وقد قام منتجا الفيلم (Robin Cowie) و (Gregg Hale) بعمل دعاية جيدة له على الإنترنت قبل عرضه بفترة..ولكن الدعاية الحقيقية بدأت مع عرض قناة الخيال العلمي الشهيرة (SCI FI Channel) لفيلم تسجيلي بعنوان:
(لعنة ساحرة بلير) (The Curse of The Blair Witch)..
وتم عرض الفيلم في مهرجان (كان) (Cannes) السينمائي عام 1999..وأثناء المهرجان تم وضع بوسترات كبيرة للطلاب الثلاثة كتب تحتها كلمة (مفقودون) (Lost)..
(شهر أكتوبر من عام 1994..ثلاثة طلاب إنتاج سينمائي اختفوا في غابة بالقرب من (Burkittsville) في (Maryland) أثناء تصويرهم فيلم وثائقي..بعد سنة من ذلك تم العثور على الفيلم..)
بهذه الكلمات يبدأ الفيلم أحداثه..
بالطبع فإن الكثير من أحداث الفيلم مفتوحة لتفسير المشاهد.. بما فيها الختام الذي قدم فقط بضعة دلائل ملموسة حول مصير هؤلاء الطلاب..
حيث كنا قد تركنا (هيثر) مع مذكراتها وقد قررت مع (مايك) تتبع مصدر صوت (جوش) ومحاولة إنقاذه..وتدور الأحداث كما يلي طبقا للفيلم الذي صورته (هيثر):
تقوم (هيثر) و(مايك) بإخلاء المخيم وتشغيل الكاميرا والتحرك ببطء باتجاه مصدر الصوت..وكالعادة يسيرون طوال اليوم دون أن يصلوا إلى شيء..ولكن في هذه المرة لا يعودان لذات النقطة التي انطلقا منها..
وفي المساء ينصبان الخيمة من جديد..وكالعادة يسمعان صراخ (جوش) في الظلام..
ولكن في هذه المرة كان الصوت قد اقترب كثيرا..
كان يبكي ويتعذب ويطلب الرحمة..
وفي الصباح تجد (هيثر) خارج الخيمة فرشاة الأسنان الخاصة ب(جوش) مع بعض قصاصات ملابسه وقد اختلطت بالدم والأنسجة البشرية..
من ثم تنطلق مع (مايك) في اتجاه الصوت ليفاجئا بكوخ قديم كان مختفيا بين الأشجار يظهر أمامهم مباشرة..
وهنا يقرر (مايك) الدخول إلى الكوخ أولا بصفته الرجل..ويتفق مع (هيثر) على اللحاق به إذا سمعته يصرخ مستغيثا..
ويدخل (مايك) إلى الكوخ..ويغيب لفترة..ثم تسمع (هيثر) صرخته الشنيعة القادمة من قبو الكوخ..
فتدخل مسرعة إلى الكوخ..وتهبط إلى القبو بخطوات متعثرة بعد كفاح مرير..
وفجأة نرى (مايك) متكوما في زاوية القبو..وتصرخ (هيثر) بارتياع..وتسقط الكاميرا على الأرض..و..
وينتهي الفيلم…

المصادر:
……………

1- الموسوعة الحرة (ويكيبديا) (Wikipedia)

تاريخ النشر 15 / 02 /2012

guest
109 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى