أدب الرعب والعام

شبح الضحية

بقلم : نوار – سوريا

شبح الضحية !!

ها قد وصلت ، سأكون بخير اطمئِني ، لقد كبرت وأستطيع الاعتماد على نفسي .. حسناً ..  كما تريدين ..  أحبك أمي  .

أغلقت " جوليا " الهاتف وجلست على المقعد وأغمضت عينيها وبدأت تستذكر ..
منذ شهر التقت بصديقة لها كانت تعمل سكرتيرة لدى رجل أعمال ، وأخبرتها أنها تريد ترك العمل لتسافر إلى الخارج ، و طلبت منها أن تحل مكانها في العمل ، وقالت لها جوليا أنَّ عليها استشارة والدتها بالموضوع فهم يسكنون في قرية على أطراف المدينة وربما والدتها لن تقبل بعملها ..

وبعد أن أخذت موافقة والدتها ذهبت جوليا للعمل مكان صديقتها ، وسكنت مؤقتاً عندها ، وكانت صديقتها قد أخذت على عاتقها تأمين سكن مناسب لها  ..

وها هي الآن داخل شقتها الجديدة التي لا تبعد كثيراً عن مكان عملها .. و أول شيء فعلته هو الاتصال بوالدتها وطمأنتها ..

أخذت تبتسم ، فقد أحست أن كل شيء مر معها بسلاسة .. فرصة العمل ، موافقة والدتها ، السكن المناسب ، لم تكن تعلم أن القدر يخبئ لها أحداثاً سوف تنسيها هذه الابتسامة ..

نهضت من المقعد وأوَّل شيءٍ قررت أن تفعله هو استكشاف الشقة  .. كانت الشقة عبارة عن صالة تحتوي على أريكة ومقعدين وطاولة صغيرة وتلفاز ولها شرفةً واسعةً نسبياً تطلُّ على الفناء الخلفي للعمارة المقابلة ، و تفضي الصالة في ناحيتها الغربيَّة على غرفةِ نومٍ وحمام ، أما في الناحية الأخرى يوجد المطبخ  .. هذا يكفي  ..  هكذا فكرت جوليا ، فماذا يريد إنسان يعيش وحيداً أكثر من هذا  !

دخلت غرفة النوم وانتابها إحساسٌ غريب منذ أن وضعت قدميها في الغرفة ، وقفت للحظة تتساءل عن سبب هذا الإحساس ، أهو لون الستائر أم أغطية السرير أم ماذا ؟ لم تستطع التحديد ، تجاهلت هذا الإحساس وبدأت بترتيب ثيابها في الخزانة وبعد ذلك جلست في الصالة تحتسي فنجاناً من القهوة صنعته لنفسها .

حل المساءُ سريعاً ومع حلولهِ أحسَّت جوليا بالوحشة فهذا يومها الأوُّل في السُّكنى وحيدة ، بعيدةً عن أمها وإخوتها ، " لكنّي سأعتاد ".. هكذا حدَّثت نفسها ، ولكي تتغلب على هذا الإحساس فتحت التلفاز وأصبحت تقلب بلا هدفٍ بين المحطات ، وبعد فترة أحست بالتَّعب فقررت أن تذهب للنوم وما إن دخلت الغرفة حتى عاودها ذلك الشعور الغامض لكنها تجاهلته وارتدت منامتها واندسَّت في الفراش ..

بعد دقائق قليلة غطَّت في النوم ، لكنها استيقظت فجأةً على صوت خطواتٍ خفيفةٍ في غرفتها ، استجمعت قوتها ورفعت رأسها وجالت ببصرها في أنحاء الغرفة فلم تر أحداً ، وانتبهت أنها نسيت النافذة مفتوحة والهواء يلعب بالستائر ، فنهضت وأغلقت النافذة وعادت إلى فراشها ، نظرت إلى الساعة فوجدتها قد تجاوزت الثالثة صباحاً ، فبقيت مستلقية تفكر في الصوت الذي جعلها تستيقظ ورجَّحت أنه كان نتيجةً لتحريك الهواء للستائر .. وبصعوبة استطاعت معاودة النوم  .

استيقظت صباحاً واسترجعت ما مرَّ بها في الليلة الماضية وسخرت من نفسها ، لم تكن تعرف أنها جبانة إلى هذا الحد .

أعدت لنفسها إفطاراً سريعاً وذهبت إلى عملها وفي المساء عادت إلى شقتها وكلمت والدتها واطمأنت عليها ، بعد ذلك تناولت عشاءً خفيفاً ثم ذهبت إلى الفراش ، وأخرجت كتاباً تطالعه إلى أن غلبها النوم .. ولكنها فجأة بين اليقظة والمنام سمعت صوت امرأةً تناديها بتوسل  :

أريحيني .. أنقذيني .. أنا أتعذب !!

استيقظت جوليا فزعة وهي لا تعلم أكانت تحلم أم لا ..  نهضت وأشعلت ضوء الغرفة وجالت بنظرها في أرجائِها فلم ترى أحداً ، دخلت إلى الحمام وغسلت وجهها وعندما عادت إلى فراشها عاودها ذلك الشعور الغامض الذي ينتابها كلَّما دخلت الغرفة فوقفت تتأمل السرير .. الستائر .. الخزانة .. الـ .. و لكن لحظة .. ما هذا ؟!!

فجأةً انتبهت للوحة كانت معلقة على الحائط ، نظرت إليها كأنها تراها لأول مرة ، كانت اللوحة لامرأةٍ ترتدي فستاناً أحمراً وتجلس على مقعدٍ طويل الظهر وتنظر من خلال النافذة إلى شيءٍ ما .. أحست جوليا أن هناك شيئاً منفراً في اللوحة ، اقتربت أكثر ورأت بقعة في ذيل الثوب من يراها للوهلة الأولى يظنها من الثوب ، ولكنها تمتد إلى خارجهِ بشكلٍ عشوائي ، دقَّقتِ النظر بها أكثر ، مدت يدها لتلمسها وما إن فعلت حتى ارتدت مصعوقةً إلى الخلف .

لقد اكتشفت أنَّ هذه البقعة ليست سوى دماء ..دماءٌ جافة ، ولكن ما الذي يأتي بالدماء على لوحةٍ معلقةٍ على الحائط ؟!
هكذا تساءلت جوليا وهي تدور في الغرفة كالمجنونة  .

لقد احتاجت لوقتٍ طويلٍ حتى تستطيع معاودة النوم بعد كل ما مرَّ بها من أحداث  .

استيقظت في الصباح وحاولت ألا تفكر بالليلة الفائتة ؛ فاليوم بعد انتهاء الدوام ستذهب إلى أمها وإخوتها لقضاء العطلة معهم لذلك قررت أن ترمي كلًّ شيءٍ وراء ظهرها وتستمتع بإجازتها ، وفعلاً أمضت مع عائلتها وقتاً طيباً جعلها تنسى الشقة وما جرى داخلها  ..

عندما عادت صادفت على الدرج امرأةً في الأربعين من عمرها كانت خارجة من الشقة التي تقع مباشرةً تحت شقتها ، ألقت عليها التحية وهمَّت بمواصلة صعودها الدرج ، لكن المرأة استوقفتها قائلة لها  :
–  أنتِ شجاعة !!
–  شجاعة !! .. لِمَ ؟
–  شجاعة لأنك استأجرتِ الشقة رغم سمعتها السيئة  .
–  أي سمعة ؟ وهل لهذه الشقة سمعةً سيئة  !!!
–  تتكلمين وكأنه ليس لديك علم ، أولا تعرفين أن هذه الشقة حدثت فيها جريمة قتل ؟؟!!

صعقت جوليا عندما سمعت ما قالته المرأة وبكل صدقٍ وذهول قالت  :
– لا .. لم أكن أعلم ، في الحقيقة لستُ أنا من استأجر الشقة و .. اعذريني سيدتي أريد أن أصعد إلى منزلي فأنا متعبة .

أكملت جوليا صعود الدرج بخطىً متعثرة وأمسكت المفتاح بأصابع مرتجفة ودخلت ثم أغلقت الباب وراءَها ، وقفت تنظر في أرجاءِ الشقة بنظرةٍ مختلفةٍ .. نظرة و هي على علم أنه في يومٍ ما ارتكبت في هذا المكان جريمةُ قتل !!

الآن فقط استطاعت تفسير وجود بقعةِ الدماءِ على اللوحة ، لكن هذا التفسير قادها إلى تفسيرٍ أكثرَ رعباً وهو أنَّ جريمة القتل بالتأكيد حدثت في غرفة النوم ، هذا يفسر أيضاً سبب انقباض نفسها كلما دخلت الغرفة .

جلست على الأريكة منهارةً وأخذت تفكر  .. ما الذي ستفعله الآن بعد أن عرفت الحقيقة .. هل ستترك المنزل ؟ لكنها وقَّعت عقداً لستةِ أشهر ٍ.. ثم أنه ليس لديها النقود و الوقت حتى تبحث عن منزلٍ آخرَ ؛  فهي لازالت في بداية عملها ، ولا تريد أن يلاحظ عليها المدير انشغالها عن العمل بأمورٍ أخرى ، هذا فضلاً عن إحساسٍ ملحٍّ في داخلها يجبرها على البقاء هنا  ..

لذلك قررت البقاء وانتظار ما ستسفر عنه الأيام من أحداث ،  لم تكن تعلم أنها بقرارها هذا كانت تسير نحو النهاية بخطىً حثيثة ..

قضت جوليا فترةَ المساء تفكر بالجريمة ، إلى أن تعبت واستسلمت للنوم  .. لا تعرف كم مضى عليها من الوقت وهي نائمة لكنها أحست فجأةً أنها مستيقظة ولا تستطيع الحركة ولا فتح عينيها ، كانت فقط تسمع صوت امرأة يناديها بتوسل  :
أريحيني .. أنقذيني .. أنا أتعذب  .

وأحست بيدٍ باردةٍ كالثلج تلمس وجهها ، وما كادت تشعر بها حتى انتصبت واقفةً وهي تلهث من الخوف ، بقيت على هذه الحال عدة دقائق إلى أن استعادت رباطةَ جأشها و اتجهت إلى مفتاح النور وأشعلته ، غمر الضوء الغرفة فاطمأنت قليلاً ، ثم وقعت عيناها على تلك اللوحة ، فاتجهت نحوها وقلبتها إلى الجهة الأخرى وعادت إلى فراشها وهي تتحسس وجهها ، كانت لا تزال تشعر ببرودة اليد التي لمستها  .

أخذت تتساءل في نفسها عما يحدث معها .. هل كان حلماً ؟
منذ أن أتت إلى هذه الشقة وهي لا تستمتع بالنوم ، تظلُّ الكوابيس المزعجة تطاردها ، ولكن ما شعرت به لم يكن كابوساً وإذا لم يكن كابوساً هل هو .. و لكن لا .. لم تسمح لنفسها أن تفكر أبعد من ذلك  .

أجبرت نفسها على التفكير بشيءٍ آخرَ ..  بالمستقبل مثلاً ، إن استطاعت توفير المرتب الذي تتقاضاه سوف تتمكن خلال أشهرٍ قليلةٍ أن تستأجر منزلاً أوسع من هذا وتجلب عائلتها عندها ، هنا الحياة أفضل لإخوتها ومستقبلهم الدراسي ، سوف تقنع أمها بهذا الأمر ولكن ليس الآن ، الآن يجب عليها أن تجد تفسيراً منطقياً لما يحدث معها ، ومن جديد عادت تفكر بالصوت الذي سمعته وباليد الباردة التي وُضِعَت على وجهها  .

لا تعرف متى استطاعت أن تخلد إلى النوم مجدداً ، لكنها استيقظت على صوت المنبه معلناً بداية يومٍ جديد ..

عندما عادت من عملها قررت أن تذهب لزيارة جارتها في الطابق السفلي ؛ فقد كانت تريد معرفة تفاصيل أكثر عن جريمة القتل هذه .

وقفت أمام باب الشقة وطرقته ، سمعت خطوات تقترب بهدوء على إثرها فُتِحَ الباب وأطلَّت من خلفه جارتها بقامتها الرجولية الخشنة ووجهها الدميم ذو العينين الضيقتين والشفاه الدقيقة الصارمة ..

رحبت المرأة التي كانت تدعى " دورا " بزيارة جوليا وقالت لها بعد أن جلستا تحتسيان القهوة  :
–  إذاً تريدين معرفة تفاصيل الجريمة !!
–  نعم  ..
أطلقت دورا ضحكة قصيرة وقالت :
–  يبدو أنك بدأتِ تخافين
–  كلا .. لكنه مجرد فضول
–  لكنَّ الفضول في كثيرٍ من الأحيان يجرُّ على صاحبهِ عواقبَ وخيمةً .
–  هل أفهم من هذا أنك لا تريدين إخباري بشيء ؟!
–  لا أبداً.. ليس لديَّ مانع .

و وضعت فنجانها جانباً واعتدلت في جلستها وبدأت بسرد معلوماتها عن الجريمة  :

حدث هذا قبل نحو خمسة أشهر ، حيثُ جاءت للسكن في الشقة فتاةٌ شابة في العشرينات من عمرها ، كانت تضجُّ بالحياة ، مرحة وتحب الجميع ، لم يبدو عليها أبداً أنها تعاني من مشكلة ما ، لكنها في الفترة الأخيرة من حياتها كانت تبدو مشتتة الفكر ، حتى أنني أحياناً عندما كنت ألقي عليها التحية لا ترد لأنها تكون شاردة ، ظننت أن السبب بالتأكيد ضغوطات في العمل أو ما شابه ذلك ، لم يخطر ببالي أبداً أنَّ المسكينة سَتُقْتَل .. أوه يا إلهي  ..

ونظرت بعينين دامعتين إلى جوليا وعندما وجدتها مُنصِتة أكملت  :

لم أعد أراها أو أصادفها على الدرج ، في البداية لم أهتم لهذا الأمر ، لكن سؤال صديقها عنها جعلني أقلق ، فأصبحتُ كلَّ يومٍ أصعدُ إلى شقتها وأطرق الباب لكن ما من مجيب ، إلى أن أتى ذلك اليوم الذي شممت فيه رائحةً غريبةً تصدر من مسكنها فبدأت الشكوك تساورني وتذكَّرت قلقها في الآونةِ الأخيرة ، فحزمت أمري واتصلت برجال الشرطة وعندما أتوا أكَّدوا شكوكي وحطَّموا الباب ووجدوا الفتاة المسكينة مقتولةً في غرفةِ نومها بطعنةِ سكينٍ في قلبها وقد حُزَّت عنقها  ..

تكلمت جوليا لأوَّل مرَّةٍ وهي تتحسس عنقها  :
– يا إلهي إنها جريمةٌ فظيعةٌ
–  فعلاً .. أحياناً أفكِّر لو أنّي لم أتعرف على هذه الفتاة ، لقد كانت رائعة الجمال من ينظرُ إليها يستلهم قصائدَ وأشعار ، من كان يظنُّ أنَّ ذلك الوجه الجميل ستكون نهايته بتلك البشاعة !! أوه ..لا أدري ..لا أدري
–  إنه قدرها .. و ماذا كان رأيُ رجالِ الشرطةِ فيما حصل ؟

–  لم تُسفِر تحقيقاتُ الشرطة عن شيءٍ يُذكر ، فقد عرفوا أن القتيلة جاءت من بلدةٍ مجاورةٍ للعيش هنا وأنها كانت تعمل في متجر ملابس للنساء وكانت يتيمة ، لديها فقط عمةً واحدةً في مدينةٍ بعيدةٍ ، في البداية حامت الشكوك حول صديقها باعتباره الشخص الوحيد المقرَّب منها لكنَّه دافع عن نفسه بالقول أنها شكت إليه قلقها وأنَّ هناك من لا يحبها ويرسل لها خطاباتٍ غريبةٍ ، وعلى حدِّ قوله طلب منها أن تخبر رجال الشرطة لكنها لم توافق لأنها تنفر منهم ، ولم تحمل الموضوع على محمل الجد ، وقام رجال الشرطة بتفتيش الشقة لكنهم لم يعثروا على أيّةِ خطاباتٍ ، وبعد التحريات قُيِّدتِ القضية ضدَّ مجهول .

ومنذ ذلك الوقت كلُّ من يعرف أنًّ الشقة حدثت فيها جريمةُ قتلٍ يبتعد عنها وهكذا بقيت غير مسكونة إلى أن جِئتِ أنتِ للعيش فيها ، لذلك قلت عنك أنك شجاعة .

لم تشأ جوليا الخوض في تفاصيل استئجارها للمسكن لذلك قالت للمرأة :
–  من أين علمتِ بكلِّ هذه التفاصيل ؟
–  من رجال الشرطة أنفسهم فقد حققوا معي واستدعوني للإدلاء بشهادتي في المحكمة .
نهضت جوليا شاكرةً المرأةً الطيبة وفي طريقها للخروج التفتت وقالت :
–  صحيح .. ما هو اسم الضحية ؟
–  أيعقل أني نسيت أن أذكر لك اسمها ؟!!
.. اسمها لوسي .. لوسي ستيوارت

* * *

صعدت جوليا إلى منزلها ورأسها يعجُّ بشتَّى الأفكار ، تناولت عشاءها ، ثم ذهبت إلى سريرها وأرادت النوم لكنها لم تستطع ، فأحداث الجريمة بدأت تتراءى لها وعبثاً حاولت إبعاد تفكيرها عن المسكينة لوسي لكنَّ جميع محاولاتها باءت بالفشل ، أخذت تتساءل .. من الذي قتلها ، ولماذا ؟ .. وبدون أن تشعر غطَّت في النوم وحتى أحلامها لم تسلم من شبح لوسي ..

في الصباح وفي أثناء نزولها إلى عملها صادفت جوليا جارتها دورا ، وبعد إلقاء التحيَّة سألتها دورا :
–  مالي أراكِ شاحبة الوجه ؟!
–  في الحقيقة لم أنم البارحة جيداً
–  هل لي أن أعرف لماذا !!
–  بسبب الجريمة
–  ههههههه .. هل خفت إلى درجة عدم النوم ؟!!
–  لا .. ليس الأمر كذلك ولكن شبح الضحية يطاردني منذ أن قدمت إلى هذه الشقة ..
 
بدا الاهتمام والاستغراب على وجه دورا و قالت  :
–  ماذا تقصدين ؟!!!
– أقصد ..

ونظرت في ساعتها وقالت فيما بعد ..فيما بعد أقصُّ عليكِ كلَّ شيء .. لكني الآن تأخرت عن العمل ..اعذريني .
ومضت مسرعةً تاركةً جارتها في حيرةٍ من أمرها .

في المساء وبينما كانت تراجع بعض الأوراق الهامَّة في العمل دُقَّ جرس الباب وعندما فتحته وجدت جارتها تنظر إليها بابتسامة مرحة قائلة  :
–  هل يمكنني الدخول ؟
–  بالطبع .. تفضَّلي

جلستا في الصالة وبعد فترة صمت قصيرة تكلَّمت دورا قائلةً  :
–  في الحقيقة لا زلت أفكر بكلامك صباح اليوم …
–  تقصدين شبح الضحية ؟
–  نعم .. أريد معرفة تفاصيلَ أكثر لو سمحتِ ، فقد أثرتِ اهتمامي .
–  في الحقيقة لا أعرف ماذا أقول لكِ ..

منذ أن جئت إلى هذه الشقة والأمور الغريبة تلاحقني .. وذلك حتى قبل أن أعرف أن هناك جريمة قتل حدثت هنا .
وأخذت تقصُّ عليها ما مر معها من أحداث وأنهت كلامها بقول :
–  وهكذا أحسُّ أن لوسي .. أقصد روحها تريد إخباري شيئاً ما ..
–  معكِ حق .. هذا على اعتبار أنَّ ما مرَّ معكِ لم يكن محضَ أوهام .
ثارت جوليا قائلة  :
–  قلت لكِ أنَّ هذه الأشياء حدثت معي قبل أن أعرف شيئاً عن لوسي ومقتلها ، لماذا لا تصدقيني ؟!!!
–  آسفة عزيزتي ..لم أقصد تكذيبكِ
–  إذاً أنت تصدقيني . .
–  نعم
–  شكراً .. أحتاجُ لمن يصدقني .
–  لا أصدقك فحسب ، بل أستطيع المساعدة أيضاً .
–  كيف ؟؟
–  هل تؤمنين بتحضير الأرواح ؟
–  في الحقيقة سمعت عنه ، لكني لا أعرف مدى صدقهِ
–  يعني لا تؤمنين … ههههه ، لكني أنا أؤمن بهِ ، فكثيراً من الأحيان الميت يريدُ إيصال رسالةٍ ما إلى ذويه ويتم ذلك عن طريق استحضار روحه ، وإذا أردت لديًّ صديقة تعمل وسيطة روحية نستطيع جلبها إلى هنا لتستحضر روح لوسي ونعرف ماذا تريد .
–  موافقة .. فهي إن لم تنفع لا تضر .
–  حسناً .. سأتكلم معها غداً ونتفق على موعد حضورها .
–  اتفقنا .

وعادت دورا إلى شقتها تاركةً جوليا في دوامة من التفكير المضني حول ما يمكن أن يحدث في الأيام المقبلة .

عندما عادت من عملها في اليوم التالي صادفت دورا التي بادرتها قائلةً :
–  كلمت صديقتي وليس لديها مانع لكنها الآن في زيارةٍ لإحدى قريباتها في البلدةِ المجاورة ولن تعود قبل أسبوع .
–  أسبوع !!! ، صاحت جوليا
لقد كانت في عجلة من أمرها ، لكنها رضخت للأمر الواقع وصعدت إلى شقتها وهي تجرُّ قدميها جرَّاً .

في المساء كلَّمت والدتها وأخبرتها أنها لا تستطيع القدوم إليهم في هذه العطلة بسبب ضغط العمل ووعدتها بالمجيء في العطلةِ التي تليها ، لم تكن جوليا تريد أن تشغل بال والدتها بما يحدث معها لذا قررت البقاء وانتظار قدوم تلك الوسيطة الروحية التي تحدثت عنها دورا …

في منتصف الليل استيقظت جوليا فجأة على صوتٍ كان ينادي بإلحاح :
السرير .. السرير
اعتدلت في جلستها وأخذت تفكر ..هل كانت تحلم أم ماذا !! .. ثم ماذا تعني كلمة السرير ..هل المقصود هو السرير الذي تنام عليه أم سريراً آخر !!

تكوَّرت في فراشها دافنةً رأسها في الوسادة ولا تعرف كيف استطاع النوم مهاجمتها ثانيةً ..

قضت جوليا يومين وهي لا تستطيع إبعاد لوسي عن تفكيرها ، لذا في يوم العطلة نزلت إلى الشارع ، لم تكن قد خططت إلى أين ستذهب ، كان همَّها الوحيد أن تريح أعصابها ، لذا أخذت تمشي بين الأزقَّة والطرقات بلا هدف ، ووصلت إلى الحديقة العامة فجلست على إحدى مقاعدها واستمتعت بمراقبة الأطفال وهم يلعبون ويقفزون لا همَّ لديهم سوى الاستمتاع بعطلتهم  ..

ثمَّ دخلت إحدى المقاهي وطلبت لنفسها فنجاناً من القهوة وبعد ذلك تجوَّلت بين المتاجر والمحلات وجلبت لأمها شالاً جميلاً ولإخوتها بعض الهدايا البسيطة ..
كانت سعيدة .. أحست بنوعٍ من الرضا و الاطمئنان .. والسلام .

عادت إلى مسكنها في المساء وما إن وضعت قدميها فيه حتى تلاشى أيُّ اطمئنانٍ أو سلامٍ كانت قد شعرت بهما ، وحلَّ مكانهما التشاؤم والتوجس والخوف من القادم ..

تناولت طعامها بشرود ، ثم جلست على الأريكة وأغمضت عينيها و عادت للتفكير بلوسي ، ما الذي تريده منها .. لماذا يظهر شبحها .. من الذي قتلها .. ماذا قصدت بكلمة السرير ..السرير ، وأخذت تردد هذه الكلمة بلا وعي إلى أن ضربت جبهتها بيدها وهبَّت واقفةً وهي تُحدِّثُ نفسها بصوتٍ مسموع :

كيف لم أفطن ؟!! هي حتماً تقصد السرير الذي أنام عليه ، السرير الذي كان لها يوماً ما ، يجب أن أفتِّشهُ .

وانطلقت تعدو إلى مخدعها واتجهت إلى السرير ونزعت عنه الأغطية وأخذت تتلمّس الوسائد والفراش ، ثم ألقت بها جانباً وظهر لها خشب السرير خالياً ليس به شيء  .

وقفت كالمجنونة تلهث من الانفعال وهي تقول ماذا أفعل ؟ هذا هو السرير ، لا يوجد به شيء ، لكن لحظة .. خطرت في بالها فكرة غريبة نفَّذتها على الفور ، أمسكت بطرفي السرير وقامت بقلبه وإذْ بها تجد شيئاً مثبَّتاً بعناية بشريط لاصق على خشب السرير الداخلي ، وقفت مصدومة أمام ما رأت وصدرها يعلو ويهبط من شدة التعب والانفعال ، وأخيراً تجرَّأت ومدت يدها باتجاهِ ذلك الشيءِ الذي عرفت عندما دقَّقت النظر به أنه ظرفٌ من الورق  .

نزعت الشريط اللاصق عنه بحذر وأرادت فتحه لكنها لم تجد مكاناً مناسباً للجلوس في الغرفة بعد ما فعلته بالسرير ، لذا ذهبت إلى الصالة وجلست على الأريكة وبأصابع مرتجفة فتحت الظرف ووجدت فيه عدداً من الرسائل مربوطةً بخيطٍ رفيع و دفتر ملاحظاتٍ صغير ، وضعت الرسائل جانباً وفتحت دفتر الملاحظات وأخذت تقرأ …

اسمي لوسي ستيوارت وقد قدمت إلى هذه المدينة بحثاً عن حياةٍ أفضل ..
حمداً لله وجدت عملاً لدى متجر ملابسٍ صاحبته امرأةٌ ظريفة  ..
. . .
أوه .. تعرفت اليوم على شابٍّ وسيم .. يبدو أني سأقع في حبه ..
. . .
الحبُّ شيءٌ جميل ، يجعلك تشعر بالامتنان للقدر الذي وهبك كل هذه السعادة ..
. . .
اليوم حدث معي شيءٌ غريب ، فقد وجدت تحت باب منزلي رسالة غريبة ومضحكة .. لا أعرف من الذي يحاول المزاح معي  .
. . .
لا أعرف إلى متى ستستمر هذه المهزلة ..  لقد مللت من هذه الرسائل .. صديقي نصحني بإخبار الشرطة لكني لا أرى داعياً لذلك فلا أتوقع أن الأمر جدّي ، ثم أنني لا أحب رجال الأمن منذ أن اقتادوني إلى القسم وأنا صغيرة بتهمةِ سرقة إحدى زميلاتي في المدرسة .. لقد كنت بريئةً ومظلومةً وقتها .
. . .
أوه لقد تغير خطاب الرسائل وأصبح تهديداً صريحاً ، ماذا أفعل !!!
لقد ذهب صديقي لزيارة جدته ولن يعود قبل أسبوع .. أحسُّ أني ضائعة من دونه .
. . .
أنا خائفة .. أحسُّ بأني مراقبة .. لا أدري هل كان علي إخبار رجال الشرطة ؟ لكن صاحب الرسائل هددني إن أنا أخبرتهم سيقضي عليَّ مباشرةً ..
. . .
لقد قرَّرت وضع هذا الدفتر ومجموعة الرسائل في ظرفٍ وإلصاقه بالسرير على الخشب الداخلي له .. إذا حدث لي شيء ربما قادت هذه الرسائل إلى الفاعل ..
ليتني أخبرت رجال الشرطة .. غداً يجب أن أخبرهم .

انتهت جوليا من قراءة الدفتر فأمسكت بالرسائل و فكَّت الخيط الذي كان مربوطاً حولها .. كانت خمسُ رسائلَ قرأتها بالترتيب ..

الرسالة الأولى
يا ذات الشعر الأشقر أتشعرين بالسعادة ؟!!!
هههههههه .

الرسالة الثانية
ألا تخافين أن تغادرك السعادة ؟!!!

الرسالة الثالثة
إن لم تنفِّذي كلامي بالتأكيد ستندمين  ..

الرسالة الرابعة
غادري هذه الشقة وإلا .. إيّاك أن تخبري رجال الشرطة .. أنا أراقبك ، و اللحظة التي ستدخلين بها إلى القسم ستكون آخر لحظة في حياتك .

الرسالة الخامسة
أرى أنكِ مصرَّةٌ على البقاء .. حسناً لقد أعذر من أنذر .

انتهت جوليا من قراءة الرسائل وقد أحست أنها وقعت على اكتشافٍ هامٍّ ، وقفت حائرة لا تدري ماذا تفعل ، ثم قررت أن تستشير جارتها دورا وتناقش معها الخطوة القادمة .
لذا أخذت الرسائل والدفتر ومضت بهما إلى دورا .

رحبت بها دورا وعلامات الاستغراب باديةً على وجهها لكنَّ جوليا لم تدع هذا الاستغراب ليستمر ، فما إن جلست حتى بادرت بالقول  :
–  دورا لقد حللت اللغز
–  أيُّ لغز ؟
–  الكلام الذي تريد لوسي إيصاله لي والرسائل المجهولة و ..
–  انتظري أنا لا أفهم شيئاً ، اشرحي لي كل شيء بهدوء .

وهكذا شرحت لها جوليا كل ما مر بها ، و أطلعتها على الرسائل والمذكرات ، ثم قالت  :
–  أظنُّ أننا لم نعد بحاجةٍ للوسيطة الروحية فقد أصبح كلُّ شيءٍ واضحاً
–  معكِ حق .. أنتِ ذكيّة جوليا ، إذاً لم يختلق ذلك الشاب قصة الرسائل .. لقد ظننته يكذب حتى يُبعِد التهمة عن نفسه بالأخص بعد أن بحث رجال الشرطة في المنزل عن الرسائل ولم يجدوا شيئاً .
– لقد كانت فكرةً ذكيةً من لوسي مكان الإخفاء هذا .
–  بالفعل لا يخطر على البال  ..
وصمتتا وسرحت كلٌّ منهما بأفكارها لكنَّ جوليا قطعت هذا الصمت قائلةً :
–  و ما الذي علينا فعله الآن .
–  بالطبع علينا إبلاغ رجال الشرطة ، فهذا يُعتبر دليلاً هاماً ربما يستدعي إعادة فتح التحقيق .
–  وأنا أيضاً فكرت بنفس الأمر .
–  إذاً اذهبي الآن للنوم وغداً سوف نذهب معاً إلى رجال الشرطة فأنا أعرف المحقق الذي تولَّى هذه القضية .
–  اتفقنا .. موعدنا صباح الغد

ونهضت جوليا وأخذت معها الرسائل والدفتر وصعدت إلى مسكنها …

دخلت المنزل وهي تحسُّ أن عِبئاً انزاح عن كاهلها بعد أن وجدت ما أرادته لوسي ، لقد انتهى دوري .. هكذا حدثت نفسها .
دخلت مخدعها وقررت أن ترتب الفوضى التي صنعتها ، فعدلت السرير المقلوب وأعادت الفراش والوسائد والأغطية .. أحست أنها متعبةٌ ، لذا اندسَّت في الفراش وسحبت الأغطية عليها وأحست برغبةً شديدةً للنوم .. نومٌ بلا أشباحٍ وكوابيس .. نومٌ يعوضها عن سهر الليالي الفائتة .. وما هي إلا دقائق حتى ذهبت في سباتٍ عميق …

مضت ساعات و جوليا مستغرقةً في النوم لدرجةِ أنها لم تشعر بالأقدام التي صعدت إلى الشرفة ولا باليدين اللتين تعبثان بباب الشرفة إلى أن تمكَّنتا من فتحه ..

كان الظلام سائداً في الصالة ، لكن من دخل كان يعرف طريقه جيداً ، لذلك مضى بثقةٍ نحو غرفة النوم وأدار مقبض الباب ودخل واتجه إلى جوليا التي استيقظت فجأةً على صوت حركته في الغرفة ، فتحت جوليا عينيها على وسعهما من هول المفاجأة قائلةً : أنتِ !!!!

لم تكن سوى دورا …

فقد وقفت عند السرير مرتدية بيديها قفازين وممسكةً بسكينٍ حادةٍ ..
قالت والشَّررُ يتطاير من عينيها :
–  نعم أنا أيتها الفضولية المتطفلة .
–  لكن لماذا ؟؟!!
–  مع أني لست مضطرةً لإخباركِ ، لكن لا بأس .. سألبّي لكِ هذه الأمنية لأنها ستكون آخر سؤالٍ فضوليٍّ لك في الحياة ..
أنا التي قتلت لوسي ..ستسألين لماذا ؟؟ لأنها جميلة ، بل بارعة الجمال وأنا بشعة .. شديدة البشاعة  ..
قتلتها لأنها شابة مقبلة بنفسٍ متفائلةٍ على الحياة وأنا بدأت أسير نحوَ الشيخوخة ..
لم أعد أحتمل رؤيتها كلَّ يومٍ داخلةً وخارجةً من مسكنها وعلامات الحب باديةً على وجهها … لماذا هي يقع الرجال في حبها وأنا لا أستطيع إثارة اهتمام أحدهم .. لماذا كُتبَ عليَّ العيشُ وحيدةً منبوذةً لا يقترب مني أحد وهي أينما ذهبت تشرأبُّ الأعناق باتجاهها ..

لم أعد أحتمل وجودها .. لكني لم أكن أريد قتلها في البداية .. لذا أرسلت لها رسائل تهديدٍ ، لكن الغبية لم تهتم لها ، وأخذت نار حقدي عليها تزداد يوماً بعد يوم إلى أن أطفأتُها برؤيتها مقتولة وقد فارقت الحياة ..

وأخذت تضحك ضحكة هستيرية فحاولت جوليا في هذه الأثناء أن تتحرك لكن دورا قفزت نحوها وشدتها من شعرها قائلةً :
إياكِ أن تحاولي الفرار أو الصراخ ، فلن تستطيعي الإفلات مني  ..
قولي لي ما ذنبي أن أُخلقُ دميمةً وأتعرض للسخرية منذ أن كنت صغيرة ..ها ؟؟
أليس من حقي أن ألعب مع الأطفال .. أن أصبح شابة وأقع في الحب مثل بقيّة الفتيات ..أن أتزوج ويصبح لدي عائلة ..
لطالما كرهت الجميلات منذ أن كنت طفلة ..أذكر مرّةً جُرح وجه إحدى الطالبات الجميلات بزجاج النافذةِ المكسور ، ففرحت عندما وجدت الدماء تسيل من وجهها الجميل عندها عرفت أني أريد أن أرى هذا المشهد يتكرر مع كل الجميلات ..
ومرة سكبتُ على وجه إحداهن أسيداً وهربت ، لم يرني أحد ..فأحببت هذه اللعبة وكرّرتها مرةً ثانيةً وثالثة .. لكني خفت أن يُفتضح أمري فتوقفت ..

لكن مع لوسي كانت تجربتي الأولى في القتل ، جمالها المتفجر دفعني إلى قتلها ، كم أستمتع عندما أتذكر نظرات الرعب في وجهها ومحاولة هروبها مني وإمساكي بها كما يُمسك الخروف الهارب من القطيع ..
وأنتِ .. أنتِ قدركِ وضعكِ أمامي .. لماذا تدخلتِ فيما لا يعنيكِ .. لماذا ؟؟

لقد حاولتُ كسب ثقتكِ و اختلقت قصة الوسيطة الروحية حتى أبقيكِ تحت سيطرتي ، وبالفعل استطعتِ أن تجدي الرسائل التي بحثتُ عنها طويلاً دون جدوى ، كم أنت ساذجةً وطيبة القلب و … فضولية .

وعادت للضحك فاستغلت جوليا ذلك ودفعتها عنها وحاولت الركض خارج الغرفة لكن دورا استطاعت ببنيتها الخشنة أن تمسك بها ، فصرخت جوليا قائلة  :
–  دعيني أيتها المجنونة .. ابتعدي عني
–  يجب أن تموتي .. يجب إسكاتكِ للأبد حتى لا تثيري لي المتاعب . .

لماذا بقيتِ في الشقة .. لقد حذرتكِ من مغبة الفضول لكنك لم تستمعي لكلامي ..  و الآن يجب أن تلحقي بلوسي وهوت بالسكين على جوليا التي ابتعدت في الوقت المناسب لكنها أصيبت بكتفها فسقطت أرضاً و حاولت أن تزحف مبتعدةً عن دورا لكن هيهات ..
فقد ألحقتها دورا بطعنةٍ في قلبها فانتفضت على إثرها جوليا ثم سكنت سكون الموتى  …

نهضت دورا والدماء تقطر من سكينها وتلوث ثيابها ، نظرت إلى جوليا وقالت وهي تبتسم ابتسامةَ نصرٍ : لم أكن أريد قتلك لكنك من دفعني إلى ذلك .

مسحت السكين بثيابها وبحثت عن الرسائل ودفتر الملاحظات فوجدتهما في الصالة على الطاولة ، أخذتهما ومضت نحو باب الخروج ، وضعت أذنها عند الباب فلم تسمع صوتاً ، ففتحته بهدوء وخرجت وأغلقته ورائها بحذرٍ ونزلت إلى مسكنها ودخلت وأوصدت الباب وكأنَّ شيئاً لم يكن ..

لم تكن تعلم تلك المجنونة أن الطَّعنة التي وجهتها إلى قلب جوليا قد انحرفت عن موضع القلب وأنَّ جوليا لم تمت بعد ، لذلك ما إن غادرت دورا المنزل حتى زحفت بكل ما أوتيت من قوة ومن بقايا وعي إلى هاتفها واتصلت بالطوارئ وقالت لهم قبل أن تفقد الوعي :
سااااعدوووني … أناااا أموووت .. لقد .. قتلتني دورا كما قتلت لوووسي .. وأعطتهم عنوان مسكنها وهي تلهث من شدةِ الألم .. ثمَّ  سقط الهاتف من يدها .. و أغمضت عينيها للأبد ..

 

تاريخ النشر : 2016-06-17

نوار

سوريا
guest
38 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى