أدب الرعب والعام

هل اختفى حقاً ؟

بقلم : سعد بدر – مصر
للتواصل : [email protected]

هل اختفى حقاً ؟
أمسكت مسدسي وبحذر تحركت نحوه ..

” لا أفهم ما الذي يحدث ، أرجوك لا تعتقد بأني فقدت عقلي.. الحقيقة هي أنني أشعر به ولا أراه ! في بعض الأحيان عندما أكون نائمة أصحو على صوته و عندما أستيقظ لا أجده.. , و أحياناً في المساء أسمع صوت المياه فى الحمام كأن هناك من يستحم بالداخل – و هذه كانت عادة زوجي قبل أن ينام – و عندما أدخل الحمام لا أجده .. و صوت المياه يختفي ! لا أعلم حقاً إن كان حياً أم ميتاً… أم أصبح خفياً..!!! “

***

أنا شريف أنور ، ضابط شاب ، أو أكبر من ذلك بقليل .. منذ أيام قليلة قدمت استقالتي من الخدمة لأمور شخصية.. و قد قررت أن أدوِّن أهم و أخبث القضايا التى مرت بي أثناء خدمتي ، ومن يدري .. ربما سيهتم بها أحدٌ يوماً ما أو حتى يلقيها في القمامة ، ذلك لا يهمني ، ما يهمني هو أن أدون ..

كلما تذكرت تلك القضايا الخبيثة التى مرت بي تقفز إلى ذهني تلك القضية ، قضية “الرجل الذي اختفى” ..

عندما كنت فى أول شبابي كنت ممتلئاً بالطاقة و النشاط , تسلمت عدة بلاغات من صحفية تدعي أن زوجها الدكتور محفوظ – و هو دكتور فيزياء بإحدى الجامعات – قد اختفى فى ظروف غامضة …. و هكذا بدأت بالبحث و التحقيق فى تلك القضية …
بدأت تحقيقي مع الزوجة ، وقد دار بيننا الحوار التالي ..
– متى اختفى زوجك؟
– منذ شهر تقريبا ..
– و لماذا لم تقدمي بلاغاً فور اختفاءه ؟
– لو قدمت بلاغاً لكم بعد أن اختفى زوجي بيومين لظننتم بأنني مجنونة .. كان يجب أن أتأكد بأنه اختفى بالفعل ، على الرغم من أنني لم أره يرحل من الأساس !!
– ماذا تقصدين ؟
– سأقص عليك ما حدث فى اليوم الذي اختفى فيه بالضبط ..

لقد عاد من عمله لكن مبكراً جداً عن كل يوم ، كان يغمره العرق ، وصدره يعلو ويهبط من الجهد ، وكان يحمل فى يده شيئاً ملفوفاً بقماشٍ قديم ، و قبل أن ينطق بحرف دخل إلى القبو و أغلق على نفسه الباب ..
لم أهتم كثيراً وقتها ، فكما تعلم زوجي عالم فيزياء ، و عادةً ما تجده يحمل الكتب أو الأوراق القديمة و يتجه بها إلى القبو ، فهو يشعر بالعزلة هناك ، و يجزم بأنه يستطيع أن يركز بصورة أفضل ، و يمقت من يخرجه من تركيزه وقتها .. المهم ، مرت ساعة ساعتان ثلاث ساعات .. 6 ساعات و هو بالداخل ، فشعرت تدريجياً بالقلق عليه ، لذلك نزلت الى القبو أطرق عليه الباب لكن بلا استجابة ، حاولت أن أفتح الباب لكن دون جدوى ، فالباب مغلق من الداخل ، تذكرت بأني أملك نسخةً من مفتاح القبو ، فذهبت إلى غرفتي و أحضرت المفتاح ، و عندما دخلت القبو لم أجد زوجي ! ..

نعم لم يكن هناك أحد بالداخل ، كانت الغرفة مظلمة لكني استطعت رؤية أوراق مبعثرة ولفافة القماش التي كان يحملها ملقاةً على الأرض ، و ذلك نتيجة للضوء الخافت الذي كان يتسسل عبر النوافذ المغلقة …

– هل من الممكن أن يكون قد خرج من الباب دون أن تلاحظي ذلك ؟ .. ربما تكونين قد غفوت قليلاً مثلاً ..

– مستحيل .. لقد كنت مشغولة جداً ، كان يجب أن أسلم للجريدة مقالاً فى صباح اليوم التالي ، لذلك جلست طوال الست ساعات على أريكة مواجهة لباب المنزل ، اكتب المقال ، فمستحيل أن يخرج أو يدخل أحد من الباب دون أن أراه .

– و ماذا عن الباب الخلفي ؟
– لقد أغلقناه نهائياً أنا و زوجي منذ أن اشترينا المنزل ، لقد كنا خائفين من اللصوص حيث أننا دائماً ما ننسى إغلاقه قبل النوم ..
– ألا يمكن أن يكون زوجك د. محفوظ قد خرج من إحدى النوافذ بالقبو ؟
– لا .. جميع نوافذ القبو من النوع الذي لا يفتح ، فهي عبارة عن لوح زجاجي يدخل منه الضوء فقط .
– سؤال أخير .. هل ظهر على زوجك أي علامات تغير قبل اختفائه ؟
– اطلاقاً .. عدا بعض الحركات المريبة التي لاحظتها في اليوم الذي سبق اختفائه .
– ماذا حدث ؟؟

هنا قاطعني أحد العناصر و دخل الى المكتب قائلاً “في شخص مهم عايز يقابل حضرتك حالا يا باشا”..
لم أفهم من هو هذا الشخص المهم ، فقلت له “و من يكون هذا المهم؟! ”
فأجاب “معرفش ، لكنه ينتظرك فى سيارته بالخارج “..
ما هذا؟! … لم أفكر كثيراً و استأذنت من السيدة هدى و خرجت لأرى من هناك ..
بحثت بعيني عن السيارة التى وصفها لى ذلك العنصر لكني لم أجدها ، دخلت أبحث عن العسكري بعصبية و قلت له غاضباً ” أين هذا الرجل المهم ؟!! “
فخرج معي للشارع و أخذ يبحث ، و أرتبك ثم جلس يقسم لي بأنه كان هناك أحدهم يرتدي بدلة سوداء ونظارة شمس كبيرة ..
تركته غاضباً و دخلت المكتب لأنهي تحقيقي مع زوجة د. محفوظ..

-آسف على التأخير .. أكملي إذاً .. ماذا حدث في اليوم الذي سبق اختفائه ؟

– فى ذلك اليوم عاد متأخراً للمنزل و دخل لينام .. فى الثالثة صباحاً تقريباً استيقظت لأجده يحدث نفسه و هو مستلقي بجانبي على السرير ، لكني عندما نظرت اليه وجدته يتمتم بكلمات لم أدركها و كانت عيناه مفتوحتان على اتساعهما ، هززته فلم يستجب لكنه سكن بعد ثوانٍ قليلةِ و عدت أنا للنوم ..
و في الصباح قال لي أنه كان يعاني من كابوسٍ سيئ .

– هل كان للدكتور صبحي صديقاً مقرباً أو زميلاً في العمل ؟؟

– نعم .. د. كمال ، و هو دكتور كيمياء كان زميلاً للدكتور محفوظ فى العمل و الصديق المقرب له ..
– حسناً … شكراً لك سيدة هدى ، سأواصل تحقيقي و سأبلغك بأي تقدم إن شاء الله .
– مم .. لحظة من فضلك .
– ماذا ؟
– لا أفهم ما الذي يحدث ، أرجوك لا تعتقد بأني فقدت عقلي.. الحقيقة هي أنني أشعر به ولا أراه ! في بعض الأحيان عندما أكون نائمة أصحو على صوته و عندما أستيقظ لا أجده.. , و أحياناً في المساء أسمع صوت المياه فى الحمام كأن هناك من يستحم بالداخل – و هذه كانت عادة زوجي قبل أن ينام – و عندما أدخل الحمام لا أجده .. و صوت المياه يختفي ! لا أعلم حقاً إن كان حياً أم ميتاً… أم أصبح خفياً..!!! “

– حسناً.. لا تقلقي أنا أتفهم ” تقريباً ” تستطيعي أن تذهبي الآن ..

قامت بهدوء و خرجت من المكتب و أنا في حيرةٍ من أمري .. هل كلامها صحيح أم أنها فقدت عقلها بالفعل ؟!!
بصراحة كنت أميل للرأي الثاني ، لكن لدي شخص آخر أحقق معه و هو د. كمال ، لكن الوقت قد تأخر الآن ، سأبيت اليوم في المكتب و في الصباح سأتجه للتحقيق مع د. كمال …

استيقظت متأخراً فى العاشرة صباحاً تقريباً .. أسرعت إلى السيارة و اتجهت للجامعة حتى أقابل دكتور كمال ، و عندما وصلت قيل لي أنه فى محاضرة الآن ، فجلست أنتظره فى مكتبه ، و بعد حوالى ربع ساعة جاء الدكتور كمال .
قدمت له نفسي فرحب بي و طلب لنا قهوة ثم سألني عن سبب مجيئي و دار بيننا الحوار التالي :

– هل يمكن أن أعرف سبب مجيئك إلي أيها الضابط شريف ؟

تعجبت من سؤاله.. فهو صديق د. صبحي المقرب و من المفترض أن يكون قد خمن سبب مجيئي!.. قلت له بتعجب:
– ألم تخمن سبب ميجيئي؟
فقال في نفاد صبر :
– لا
بدأت أزيد من حدة صوتي و قلت له :
– أنا هنا للتحقيق فى أمر اختفاء د. صبحي .
فجأة وجدته يضحك بطريقة لم ترق لي و قال :
– أتسخر منى يا هذا !! د. صبحي توفاه الله هو و زوجته منذ ثلاثة سنوات تقريباً فى حادث سيارة !!
– أنا.. أتكلم عن دكتور صبحي أبو الفدا و زوجته السيدة هدى؟
– بالضبط .. إذا ما هي القصة ؟؟

لم أجبه .. وقفت مستأذناً و اتجهت إلى الباب وخرجت من المكتب .. ركبت سيارتي و قدتها مسرعاً إلى مكتبي .. هنالك شيء مريب فيما يحدث .. الأمر ليس بسيطاً على الإطلاق .. هناك سر في الموضوع و يجب أن أكتشفه .

” خبر عاجل : منذ قليل تم سماع دوي ثلاثة انفجارات بوسط القاهرة ، و ميدان الساعة بالاسكندرية ، و في مدينة طنطا .. و كان التفجيرات الثلاث في نفس التوقيت تقريباً ، و اتضح فيما بعد أن هذه التفجيرات كانت نتيجة لقنابل صوت يدوية صنعت يإحترافية و لا يزال الفاعل مجهولاً ..
و يؤكد رجال الشرطة أن الثلاث تفجيرات لنفس الفاعل حيث أن القنابل الثلاثة صنعت بنفس الأسلوب تقريباً و لايزالـ….”

أغلقت المذياع وجلست خلف مكتبي .. لا أعلم ماذا يحدث لكنني أشعر أن تلك التفجيرات مرتبطة بالقضية التى معي .. أو لعله فقط مجرد ظن خاطئ !!
اتصلت بأحد الأصدقاء لأتكد من أن د. صبحي و زوجته ماتا بالفعل ، فأخبرني بعد أن سأل عنهما بأنهما بالفعل قد ماتا في حادث سيارة منذ ثلاث سنوات !!

هنا تذكرت شيئاً ! عندما كنت أحقق مع السيدة هدى – أو من كانت تزعم أنها هدى – دخل عنصر و قال لى أن هناك رجل مهم يريدني ، و خرجت أبحث عنه و لم أجد أحداً !
أمن الممكن أن تكون القصة كلها ملفقة ؟! .. بالتأكيد هذا الرجل له علاقة بزوجة الدكتور صبحي المزيفة .

أعتقد بأنني بدأت أفهم شيئاً تقريباً .. هل ممكن أن يكون الغرض من الخدعة كلها أن تجلس تلك السيدة فى مكتبي وحدها و أنا بالخارج لبضع دقائق ؟ .. لكن ما هو الشيء المهم فى مكتبي ؟ فأنا أضع جميع الأوراق فى الدرج و أغلقه بالمفتاح ..
الحاسب الآلي!!! نعم بالتأكيد هذا هو حلقة الوصل ! ..
هرعت إلى الهاتف و اتصلت بالمركز التقني التابع لنا -نحن رجال المباحث – و بالمناسبة مكتبهم فوق مكتبي.. نزل أحدهم و جعلته يشكف على الحاسب الآلي الخاص بي.. و بالفعل اتضح أن جهازي مخترق !

ذهب التقني إلى المكتب الخاص به و أخد معه الحاسب و أخبرني أنهم سيحاولون تتبع المخترق ، انتظرت عشرين دقيقة تقريباً حتى اتصل التقني بي و قال لي أن التتبع مستحيل ، لربما يأخذ عدة أسابيع .. المخترق هو شخص محترف أو بمعنى أدق مجموعة محترفة ، سألته عن سبب الاختراق و مالذي يحاول المخترقون الوصول اليه فقال لي:
– يحاولون الدخول الى “الخادم السري للأمن-The Security secret server”!.. و على الأرجح أن أمامهم ساعتان تقريباً لتحقيق مرادهم.
قلت له : أهناك حل؟
فقال بهدوء : لا حل عندي سوى إغلاق الخادم و هذا لن يفيد كثيراً ، فمن الممكن أنهم قد استطاعوا الدخول عليه بالفعل و أيضاً هذا سيسبب الكثير من التعطيل للعمل .

أغلقت الهاتف و أخذت أفكر .. ما الذي حدث بالضبط ؟! حدسي يخبرني أن تلك العصابة مرتبطة بالتفجيرات التي حدثت اليوم .. حسناً لنفترض أنهما متربطتان ببعضهما ، لكن لماذا ؟! .. نعم !! بالتأكيد لو كان افتراضي صحيحاً فهم قد فعلوا ذلك ليشتتوا انتباه أجهزة الشرطة عن المناطق الثلاثة و يبعدوهم عنهم ! لكن نأتي للسؤال الثاني .. أين يختبئون ؟ أين مقرهم ؟!!

لحظة واحدة .. إن كانوا قد استخدموني كأداة للوصول إلى المعلومات فبالتأكيد يجب علي أن ابتعد عن جميع الأدلة المزيفة التى أخذتها من كلام السيدة المزيفة و هذا ما توقعوه هم .. بالطبع !
لذلك هم الآن من الممكن أنهم يعملوا فى منزل الدكتور صبحي ، فهو منزل فارغ لم يسكنه أحد منذ ثلاثة سنوات ، وهو أيضاً في حي هادئ لن ينتبه لهم أحد هناك بالطبع ! أعلم ما يجب علي فعله الآن ..

هرعت إلى سيارتي و قدتها بسرعة جنونية إلى منزل د. صبحي و أنا في الطريق أخرجت هاتفي الجوال و أرسلت رسالة فارغة للواء عز الدين ” وهذا تكنيك قد تدربنا عليه و هو أن نرسل رسالة فارغة فى المواقف الخطرة ” .

عندما وصلت إلى المنزل خرجت من السيارة و أمسكت بمسدسي و بحذر تحركت نحوه .. تفحصت النوافذ و لم أجد أحداً بالداخل ، و الغريب أنني وجدت الباب الرئيسي قفله مفتوح !! .. دخلت إلى المنزل و تفحصت الحجرات و لم أجد أحداً ، يالخيبة الأمل !!
لكن لحظة يوجد قبو فى هذا المنزل .. عدت أدراجي و بحثت عن القبو حتى وجدته نزلت بضعه سلالم و أمسكت بمقبض الباب لأفتحه بحذر ، و فجأة “طررااااااخ ” … أحدهم ضربني على مؤخرة رأسي بشيء ثقيل ! وقعت على الأرض و الدنيا تسود أمامي تدريجياً …

لا أتذكر بالضبط ما الذي حدث بعد أن فقدت وعيي ، فقد صحوت على صوت إطلاق النيران ، و وجدت نفسي مقيداً على كرسي و يوجد شريط لاصق على فمي .. ثم وجدت أمامي اللواء عز الدين يفك قيودي ثم أمسك بالشريط اللاصق و سحبه بقوة ، صرخت متألماً فضحك وقال :
– قم يا بطل .
فقلت بسخرية:
– على الأقل استجبتم لرسالتي !
قال بعد أن استعاد وجهه علامات الجدية :
– هيا بنا الآن فهنالك الكثير لأفهمه منك فى مكتبي .
فقلت له وأنا أضع يدي على مؤخرة دماغي فلم أستعد توازني بعد :
– هل لي بسؤالين ؟
فقال :
– هذا على حسب ماهية الأسئلة .
– حسنا.. السؤال الأول.. ماذا حدث ؟!
قال بابتسامة :
– بعد آخر مكالمة بينك و بين التقني اتصل هو بي و أخبرني بالموضوع ، ثم بعد قليل وصلتني رسالتك فتتبعنا هاتفك الجوال و وصلنا إلى هنا و معنا الدعم بعد أن لاحظنا وجود سيارتك.. و للآن فشلت عمليتهم و الفضل يعود لك .. و لنا طبعاً لأنه كان سينتهي بك المطاف مقتولاً و ملقى في الصحراء أو فى القمامة ..
ضحك قليلاً ثم أكمل :
– كان يجب عليك أن تبلغنا قبل أن تتصرف بطيش و تذهب وحدك .
ـ آسف هذا خطئي ، لكن الوقت كان ضيقاً .. المهم الآن
السؤال الثانى.. هل صورتي ستكون موجودة فى جرائد الغد ؟
أجاب اللواء ضاحكاً :
– بالطبع.. و قد اخترنا أن نضع صورتك و أنت مقيد على ذاك الكرسي ..

و أخذ يضحك هو وزملاؤه.. و الحقيقة أنني لم أستطع مشاركتهم الضحك و تركتهم لأذهب للنوم فى منزلي الحبيب ..
في اليوم التالي عرفت التفاصيل نوعاً ما.. و الملخص هو أنهم عصابة كبيرة ، و كانت تحاول الدخول للخادم لمحو جميع بيانات أفراد العصابة و أخذ نسخة من كل البيانات التى لدينا على الخادم ، ونلت أنا الفضل فى الإيقاع بتلك العصابة و حصلت أيضاً على ترقية جديدة و زيادة في الراتب.. و هذا ما أدعوه أنا الضابط السابق شريف أنور بـ “النهاية السعيدة” ..
***
ملحوظة : تم نشر الخبر في الجرائد ، و تم وضع صورة لي أظهرتني وسيماً ، و لحسن الحظ لم أكن فيها مقيداً ..

تاريخ النشر : 2016-07-04

guest
13 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى