أدب الرعب والعام

التلفاز

بقلم : مصطفى جمال – مصر
للتواصل : https://www.facebook.com/profile.php?id=100012779294789

التلفاز
بدأ يتذكر ما شاهده في التلفاز؛حيث كان جميع الممثلين ينظرون الى ستيف ..

في احدى ليالي مانهاتن الباردة ذهب باك لزيارة صديقه ستيف ليحكي له مشاكل حياته اليومية التي يعاني منها اي شخص, مع ان باك بإمكانه حل مشاكله لكن هذه احوال البشر يحبون الثرثرة عن اي شيء يحدث في حياتهم دون اي فائدة.

باك شخص مبذّر ,مسرف, كثير المشاكل بسبب ديونه, و ستيف بالنسبة لباك مستمع جيد فلم يكن ليقول الكلام التافه, لم يكن يعنفه بسبب غبائه او ينصحه تلك النصائح التي لن يقوم بها بالطبع.

و ككل مرة ذهب باك ليحكي لستيف ثرثرته اقصد مشاكله..

جلسا في غرفة المعيشة يشاهدان التلفاز. كان ستيف بالنسبة لباك مخلوقاً بلا مشاكل فلم يتحدث و لو لمرة واحدة عن مشاكل حياته, و لما لا ؟ فهو اعزب و لديه عمل و غير مسرف يكفيه مرتبه ,على عكس باك فزوجته هجرته و لديه طفلان و غير مستقر في عمل و مرتبه لا يسد الرمق هذا غير ديونه و مصاريف اطفاله.

باك كان شارداً في تلك الليلة حيث انه لم يكن مركزاً في حديثه مع ستيف بل كان يبدو مركزاً في التلفاز كلما ابتعد ستيف او انحنى. و لم يكن ستيف افضل حالاً  فقد شرد اكثر من مرة تلك الليلة..

قرر باك الذهاب مبكراً في ذلك اليوم و ظل ستيف يلح عليه بشكل غريب ان يظل معه ساعة اخرى, لكن باك تحجج ان اطفاله في المنزل بمفردهم ليس باليد حيلة, و ذهب تاركاً ستيف بمفرده.

قام ستيف ليؤدي بعض الاعمال في المنزل ,وبعد ان انتهى شعر بالنعاس فأطفأ التلفاز و ذهب إلى فراشه ثم نام..  استيقظ مرعوباً في منتصف الليل لأنه سمع صوت يعرفه جيداً..

في تلك الأثناء كان باك في طريقه الى المنزل حيث انه و كالعادة لم يخرج نظيف الجيب فقد اخذ بعضاً من تعب صديقه ستيف كثمن ثرثرته أي ككل مرة يقترض النقود من صديقه الحميم او صديقه ال ATM في نظره.

و بالطبع كان يجب عليه تنظيف جيبه المليء بالنقود لذا ذهب للمقامرة ثم عاد سكيراً و بلا نقود..

عندما وصل بدأ يتذكر ما شاهده في شاشة تلفاز صديقه ؛حيث كان جميع الممثلين في البرنامج ينظرون الى ستيف .. ربما هذا جعله يشعر بالقشعريرة لكنه ليس بالمرعب فهي مجرد صدفة..

و بدء يضحك بغباء.. في حين أن صديقه كان يحاول الهرب دون جدوى في منزله و دون سبب .. حيث كان خائفاً و قلقاً من اللّا شيء.

مضى يومين لم يتصل ستيف بباك.. شعر باك بالقلق , أو يجب علينا أن نقول بدأت النقود تنفذ و عليه أن يذهب لماكينة الصرافة أقصد ستيف.. ظل يدق الجرس و يطرق الباب ,و عندما لم يفتح اتصل به عبر الهاتف, لكن الغريب ان هاتف ستيف كان مغلق !! منذ متى و هو يغلق هاتفه ؟ و اين سيذهب في هذا الوقت ؟ انه دائماً ما يكون موجوداً في هذا الوقت..

تكرر الامر نفسه في اليوم التالي فقام بسؤال الجيران لكن احداً لم يعرف شيئاً عن ستيف ..حينها اتصل باك بالشرطة خوفاً على ستيف أو بالأحرى خوفاً على كنزه عندما اقتحمت الشرطة المكان و فوجئوا بستيف مشنوقاً و على الطاولة القريبة يوجد رسالة.. كان نصها :

لقد سئمت من الحياة لم أعد احتمل نظراتهم !!..

عرف رجال الشرطة انه انتحر بعدما تأكدوا من خط اليد و البصمات ..و بعد التحقيقات عرفوا انه كان مصاب ببعض الأمراض النفسية و الاضطرابات العقلية و خصوصاً بعد أن وجدو سجلات و أوراق تدل على ذهابه لعدد ليس بالقليل من الاطباء النفسيين..

قال باك في نفسه :

اذاً في النهاية كان مجنوناً ..لكن أي جنون هذا يجعله يعتقد ان الممثلين في التلفاز ينظرون اليه في كل الاوقات ؟!

ذهب باك الى منزل ستيف ليقطع الشك باليقين و فتح التلفاز على القناة التي كان يشاهدها ستيف يومياً.. كان كل شيء عادياً, لكن الغريب هو أن الممثلين نظروا اليه نظرة غريبة فتراجع الى الوراء خوفاً و اطفأ التلفاز.. الآن سيضطر للبحث عن ATM  جديد ..

هكذا اذاً .. ستيف هو من كان يحتاج إلي اكثر من حاجتي اليه .. لقد كنت أخفف عنه الخوف و بالتأكيد مشاكلي كانت بالنسبة له كالموسيقى العذبة التي تسري عنه وحدته !! و النقود كانت كثمن البقاء معه و عدم تركه وحيداً !!

في النهاية ستيف بالفعل يمتلك مشاكل , لكن المرعب بحق أن البرنامج كان برنامجاً كوميدياً !!

تاريخ النشر : 2016-08-06

guest
93 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى