تجارب ومواقف غريبة

مسرات المشعوذة

بقلم : hesham80s – مصر
للتواصل : [email protected]

مسرات المشعوذة
بدأت مره أخرى تتمتم بعبارات مسموعة كأنها تهمس

ندى هذا هو أسمي , سيده في الخمسينات من عمري , متزوجة و رزقني الله باثنين من الأولاد, أعيش حياه عاديه و لكنى أبدا لم أنسي تلك التجربة المريرة التي مررت بها, كنت في العاشرة من عمري , ربما هو سن صغير لأتذكر تلك الأحداث و لكن هول ما رأيت لا يمكن نسيانه .

كنت أعيش مع أبى و أمي و أختين في بيت بإحدى أحياء مصر الشعبية , أمي و أبى غير متعلمين ، و لكن الحمد لله أصروا على تعليمنا, بدأت القصة حين أُصيبت أختي الصغيرة بالحمى أدى لارتفاع شديد في حرارتها و كان تشخيص الطبيب أنها أصيبت بحمى شوكيه أثرت على المخ و أصبحت تعانى بشبه تخلف عقلي , بالطبع فعل والدينا ما استطاعوا من أجل إنقاذها , فتنقلوا من طبيب لأخر و من دواء باهظ لغيره ، و لكن أصبح هذا هو الواقع ، مع الوقت تعايشنا مع الوضع ، و لكن أمي لم تمل من رقية أختي و الذهاب بها من راق لأخر, فكما ذكرت لكم أن أمي كانت غير متعلمة و فكرة أن المرض عضوي لم تكن مؤمنة بها بشكل كبير ، و ذات يوم و في أثناء وجود أبى في العمل فوجئت أمي بإحدى جيراننا تطرق الباب و معها سيده مريبة الشكل , أوضحت جارتنا أن السيدة مسرات هكذا أسمها ، عالمه بأمور السحر و بأن نعطيها فرصه لترى أختي و أننا لن نخسر شيء , بالطبع كانت أمي تذهب للرقاة و لكنها تعلم أن الأمر هنا مختلف, فهي لم تكن لتفكر من قريب أو بعيد أن تلجأ لأمور السحر, و لكن بعد الإلحاح من جارتنا وافقت من باب أننا لن نخسر شيء .

دخلت مسرات بيتنا بهيئتها الغريبة و المثيرة للنفور و برائحتها التي تشبه دخولك مكان مغلق من عشرات السنين ، رائحة تزيد من حالة الرعب التي أدخلتها في نفسي منذ رأيتها , انصرفت جارتنا و بقيت في المكان مع أمي و أختي و مسرات ، في البداية جلست مسرات و طلبت أن تكون أختي أمامها , أمي كانت جالسة على المقعد المجاور, أما أنا فكنت في أحد أركان الغرفة و لم يكن أحد منتبها لي ، وضعت يدها على رأس أختي و بدأت تتمتم بكلام خافت, بالطبع هيئة تلك المرأة لم توحي أبداً بأنها تقرأ من القران , ظلت لفترة على هذا الحال ثم التفتت لأمي و طلبت من أمي أن تأتى لجوارها ، جلست أمي إلى جانبها فبدأت مسرات بالكلام, صوت رفيع , حاد و صارم , كان هذا هو صوتها حين بدأت بالكلام مع أمي

– ابنتك مربوطة .
تفاجأت أمي من حديثها
– ماذا ؟
– لن أكرر حديثي ، ابنتك مربوطة , ابنتك تعرف مكان شيء لم يعلمه أحد من البشر سواها, فقام عمار البيت من أهل الجن بربط لسانها .
– ماذا تقولين ؟

أكملت المرأة حديثها دون أي اعتبار لردود أفعال أمي و صدمتها من ما تسمع وواصلت مفاجأتها لنا حين أكملت :
– أن كنت تريدين شفائها فعليك أن تفعلي ما أقول , زوجك معه ثلاثة ألف من الجنيهات في دولاب غرفة النوم , الرف الثاني , ستأتي لي بنصفهم و سأحضر لكم ما يلزم للتطهير .

كان كل ما تقوله المرأة صحيح , كانت أمي تعلم أن أبى بالفعل يملك هذا المبلغ في ذلك المكان .

– أنا لست كاذبة يا هانم يا ابنة نعمات ، أعلم ما تفكرين فيه ( كان أيضاً أسمى أمي و جدتي صحيحين ) واعلمي أنى استطيع أن أضرك على ما تقولين عني في نفسك .

بالطبع لم تنطق أمي بكلمة , ثم أكملت مسرات :
– سنقوم بالتطهير لابنتك من الذين يمسكون لسانها و ستكونين أنت أيضا حاضره , و سأحضر لكي الآن ما تشربينه مع الماء لتكوني جاهزة أنت أيضا للتطهير.

و بدون مقدمات, أسدلت المرأة خمار من على رأسها ، و لكنه لم يمنع بشكل كامل رؤية وجهها من تحته , و بدأت مره أخرى تتمتم بعبارات مسموعة كأنها تهمس , و هنا تغير وجهها بالكامل من تحت الخمار الشفاف , أصبح وجهها أكثر سواداً بينما أستطيع أن أؤكد أن عينيها أصبحت بلا سواد على الإطلاق لقد أصبحت بيضاء تماماً ، أثناء ذلك وجدنا ما يشبه الكبسولة الصغيرة و كأنها تسقط من الأرض إلى السقف من تحت أقدامها , تناولتها بيدها و أعطتها لأمي قائله :

– هذا ما ستشربينه بالماء عند التطهير, و ستحضرين لي الآن ما سألت .

بدون أي كلمة انطلقت أمي إلى دولاب الغرفة ، و الذي كان الجالس في صالون البيت يستطيع رؤيته , أحضرت المبلغ المطلوب و أعطته لها, أخذت المرأة المال و قالت:

– موعدنا هنا مره أخرى بعد ثلاثة أيام , سأحضر المطلوب و أنت كوني مستعدة ، دون أي كلمة أخرى توقفت , و اتجهت نحو الباب و غادرت ،

ظلت أمي بلا كلام أو حركه لفترة , كانت مصدومة تماماً , لم نأكل ذلك اليوم حتى جاء أبى, روت له أمي ما حدث , ثار أبى كما لم أره من قبل و أمي أيضاً كانت منهارة بشكل كبير, و كأن هناك نار تأكل البيت , ثم أقسم أبى أنه سيقتل تلك المرأة إذا لمحها , بالطبع توجهوا إلى جارتنا التي نفت أي معرفه لها بها, و أنها فقط أي مسرات امرأة معروفه في الحي بأنها مبروكة و ساعدت كثير من جيراننا من قبل ، لم تظهر مسرات مره أخرى و لم يرها أحد في الحي بعد ذلك , لا ندرى هل لخوفها من أبى الذي لم يكن ليتردد في قتلها ؟ أم لأنها قد أخذت ما تريده من هذا الحي ؟ أم لسبب أخر ؟

لكنى بلا شك مررت بتجربة لن أنساها ما حييت , تجربه مع إنسانه إن كانت هكذا غير طبيعية , نسميها دجالة أو مشعوذة , أو نصابة , لكنها بالتأكيد فوق مستوى الطبيعة .

 

تاريخ النشر : 2016-08-07

guest
23 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى