ألغاز تاريخية

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة

بقلم : Noha Boky – مصر

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة

لعلها واحدة من أكبر الغاز القرن العشرين ..

ما أكثر الأحداث الغامضة والمبهمة التي حصلت في هذا العالم سابقا ومازالت تحصل حتى الآن . قصص كثيرة أعييت الباحثين والمحققين في إيجاد تفسير مقنع لأحداثها وملابساتها حتى بعد مرور الكثير والكثير من السنوات ,, فتحولت إلى لغز يصعب حله وللأسف سيبقى لغز غامض إلى يوم الفصل .

من القصص الغامضة والمثيرة للفضول والحيرة هي قصة عائله سودر .. وهي عائلة مكونة من الأب ويدعى جورج سودر وزوجته جيني وأبنائهم العشرة .

حصلت أحداث هذه القصة في أربعينيات القرن المنصرم , تحديداً في فايتيفيل وهي مدينه صغيره تقع في ولاية فيرجينيا الغربية . كل شيء بدأ في ليله رأس السنة عام 1945 , عندما أقامت العائلة حفل صغير للاحتفال برأس السنة مع أصدقائهم المقربين , وبعد نهاية الحفل ومغادرة المدعوين بقي فقط في المنزل عائله سودر وأبنائهم التسعة , لأن ابنهم البكر كان يؤدي الخدمة العسكرية .

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
كانت العائلة تستعد للنوم عندما تلقت اتصالا غامضا ..

وفي تمام الساعة 12:30 بعد منتصف الليل تلقت العائلة اتصال هاتفي , فأجابت الزوجة جيني , وكان المتصل ذو صوت أنثوي غير مألوف بالنسبة لجيني , وقد سألت المتصلة عن اسم شخص معين , لكن جيني لم تكن تعرف صاحب الاسم فأعتذرت لها قائلة أن الرقم غير صحيح , وقبل أن تضع سماعة الهاتف سمعت صوت كؤوس وضحكات عالية والمتصلة تضحك بصوت عالي فأعتقدت أنهم في حفلة وأغلقت السماعة .

عائلة سودر خلدت إلى النوم , لكن عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل استيقظت الزوجة جيني على صوت ارتطام شيء بسقف المنزل , وسمعته يتدحرج , ولم يحدث شيء بعدها وساد الصمت , فعادت جيني للنوم .

بعد ذلك بنصف ساعة , أي حوالي الساعة 01:30 بعد منتصف الليل أستيقظ الزوجان على رائحة دخان وحريق مفاجئ شب في أنحاء المنزل , فقفز جورج من سريره مسرعا وذهب لإحضار أطفاله لكي يخرجهم من المنزل , وأستطاع بالفعل أن يخرج أربعة أطفال بالوقت المناسب قبل أن يحدث لهم أي مكروه , وحاول الدخول مرة أخرى لمساعدة الخمس المتبقين , فكسر نافذة المنزل لأن الحريق كان قد وصل إلى الباب الأمامي , فأصيب في ذراعه من اثر تناثر شظايا الزجاج , ونجح في الدخول , لكن الرؤية كانت صعبه جدا في داخل المنزل بسبب كثافة الدخان وألسنة اللهب التي اجتاحت جميع الغرف , فعاد جورج إلى خارج المنزل خالي الوفاض بعدما فشل في الوصول إلى أطفاله الخمس الباقيين , وبهذا فأن الذين نجوا من الحريق المفاجئ هم فقط جورج وزوجته وابنهم جون 23 عام , والابنة ماريون 17 عام , وأبنهم جورج جونيور 16 عام , والابنة سيليفيا 2 عام والتي كانت مع أمها , أما من بقوا داخل المنزل المحترق فهم كل من الابن موريس 14 عام , والابنة مارثا 12 عام , والابن لويس 10 أعوام , والابنة جيني جونيور 8 أعوام , والابنة بيتي 5 أعوام .. والذين ظلوا محتجزين في غرف نومهم بالطابق العلوي لأن ألسنة النيران كانت قد التهمت السلم المؤدي إلى غرفهم.

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
ابتلعت النار المنزل خلال 45 دقيقة فقط .. ويظهر إلى اليمين الموقع الذي كان ينتصب عليه المنزل

وخطر على بال الأب وهو يفكر في حل لإنقاذ أطفاله ذلك السلم المتحرك الذي يقبع دائماً خارج المنزل ولكنه تفاجئ عندما لم يجده ! , وخطر على باله أيضًا أن يقود شاحنة نقل الفحم التي يعمل عليها ويوقفها تحت نافذة غرف أبناءه , ولكن الشاحنة خذلته عندما لم يعمل محركها لسبب غامض , مع أنه كان يقودها قبل بضعة ساعات وكانت تعمل على خير ما يرام . وكانت لديه شاحنة ثانية , فحاول تشغيلها , لكنها لم تعمل هي أيضا.

وأصبح الزوجان يصيحان ويستنجدان حتى بحت أصواتهم وهب بعض الجيران للمساعدة , وحاول البعض منهم الاتصال بإدارة الإطفاء , لكنهم واجهوا صعوبة , كانت خطوط الهاتف مقطوعة , وبعد محاولات عديدة فاشلة تمكن أحدهم من الاتصال وإبلاغ المطافي , لكن بسبب برودة الجو وقلة عدد الرجال في وحدة الإطفاء – بسبب الحرب – وكذلك بعد إدارة المطافي عن مكان الحادث فأن سيارة الإطفاء لم تصل إلا عند الثامنة صباحاً , أي بعد أن أصبح المنزل كومة رماد!.

بعد توقف الحريق تولت السلطات مهمة البحث عن جثث الأطفال الخمسة , ولكن لم يبق لهم أي اثر ! ..

أين ذهبت جثثهم ؟ هل تبخروا أم استطاعوا النجاة ؟ .. كان هذا هو السؤال الذي يدور في رؤوس الجميع .

وعلى الرغم من عدم وجود جثث فقد أعلنت السلطات وفاة الخمس أطفال لأقفال المحضر مع أن والدتهم ظلت تصر على أنهم مازالوا على قيد الحياة , ولكن لم يكن بيدها حيلة فقد اقفل المحضر.

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
فقدت العائلة 5 من أطفالها .. من اليسار إلى اليمين : موريس – مارثا – لويس – جيني جينيور – بيتي

وبسؤالها لأحد أفراد المطافي قال لها إن العظام تبقى حتى بعد تعرضها للنار لمدة ساعتين ولا تتحول لرماد , أما في حالة الحريق الذي ضرب منزل إلى سودر فهو لم يستمر سوى لخمسة وأربعون دقيقة , أي أن السلطات كانت يجب أن تجد جثث الأطفال كاملة ومحترقة . وللتأكد من هذا الكلام قامت جيني بجلب هياكل طيور وحيوانات نافقة وأشعلت فيها النيران , وبالفعل بقيت الهياكل محترقة من دون أن تتحول لرماد لمدة ساعتين كاملتين ! .. لماذا إذن اختفت جثث الأطفال .. لو كانوا قد احترقوا فعلا لكان من المفروض أن تبقى جثثهم المحترقة ولا تتحول إلى رماد .

حير هذا الأمر جيني , وتذكرت أن بعض أثاث المنزل الخشبي ظل قابعا في مكانه بعد الحريق رغم تعرضه لبعض التهشيم , فكيف نجا الخشب وتبخر اللحم والعظم !! .

وبرغم محاولة الزوجين الحثيثة لفتح ملف القضية من جديد لكن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل  .

النتائج المحيرة للتحقيقات

أسفرت التحقيقات التي قامت بها الشرطة عن نتائج مذهلة وغريبة للغاية .. منها أن خطوط الهاتف قطعت عن عمد بأداة حادة ,, كما رأى احد الشهود رجل غريب يقف قرب مكان الحريق وفي يده كتلة معدنية تبين فيما بعد أنها قطعة من محرك سيارة جورج وهذا يفسر عدم قدرة جورج على تشغيل السيارة.

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
حفر أساسات المنزل خلال التحقيقات ..

وعند زيارة الشرطة للمنزل مرة أخرى بعد الحريق وجدوا قطعة مطاط قاسية تشبه الكرة الصغيرة ملقاة في ساحة المنزل تبين لاحقا إنها كانت تحوي آثار مادة متفجرة , فرجحت جيني أن تكون قنبلة , وأنها ألقيت على المنزل , وأن الصوت الذي سمعته قبل نشوب الحريق بنصف ساعة كان صوت هذه القنبلة وهي ترمى وتتدحرج فوق سقف المنزل .. ومما يدعم هذا الكلام هو أن أحد الشهود , وهو سائق حافلة , قال بأنه بينما كان يمر بحافلته قرب المنزل قرابة الساعة الواحدة بعد منتصف الليلة شاهد مجموعة من الأشخاص وهم يرمون شيئا يشبه كرة نارية على المنزل . لكن الشرطة لم تأخذ بهذا الكلام وقررت أن الحادث وقع بسبب مشاكل أو تماس في كهرباء المنزل . والمفارقة هنا أن جميع أفراد العائلة الناجون قالوا بأن مصابيح أعياد الميلاد الكهربائية التي كانت تزين جدران المنزل الخارجية ظلت تعمل بصورة طبيعية رغم الحريق ولم تنطفئ إلا بعد وقت طويل , فكيف بقيت الأنوار مشتعلة إذا كانت هناك مشكلة في كهرباء المنزل ! .

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
العظام التي عثر عليها في موقع المنزل المحترق ..

المفارقات العجيبة لا تنتهي هنا , فالشرطة استطاعت إلقاء القبض على الشخص الذي قطع سلك الهاتف الواصل إلى منزل آل سودر , وقد أعترف ذلك الشخص بأنه لص وأنه كان يسطو على أحد المنازل القريبة في تلك الليلة وأنه قطع السلك عن طريق الخطأ ظنا منه أنه سلك كهرباء , لكن السؤال الذي لم تجب عليه التحقيقات هو لماذا قام هذا اللص بقطع سلك الهاتف لمنزل آل سودر بينما هو يخطط لسرقة منزل آخر ! .. ولماذا لم يحدث ذلك إلا في تلك الليلة المشئومة ؟ ..

الشرطة أيضا استطاعت الوصول إلى منزل السيدة التي اتصلت بمنزل آل سودر قبل ساعة من وقوع الحادث , وقد زعمت هذه السيدة بأن اتصلت بمنزل آل سودر عن طريق الخطأ ولم تكن تقصد أي سوء .

أما أهم ما توصلت إليه الشرطة فهو بعض العظام البشرية التي عثر عليها بين الحطام , لكن مجموع تلك العظام لم تكن تكفي لتكوين هيكل عظمي لجسم إنسان.

ماذا قال الشهود ؟

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
إحدى الشاهدات قالت انها رأت الاطفال في سيارة بعد الحريق

الشرطة حققت مع أناس كثيرين بشأن الحادث , وبعض الشهادات كانت محيرة فعلا ..

إحدى الشاهدات وهي سيدة من سكان البلدة قالت بأنها رأت الأطفال المفقودين داخل سيارة مرت بجوارها بعد الحريق مباشرة ! .

سيده أخرى تعمل بموقف على الطريق بين فايتيفيل وتشارلستون قالت بأنها شاهدت الأطفال الخمس في الصباح بعد الحريق بساعات , حيث أنهم كانوا يستقلون سيارة تحمل لوحه ترخيص من ولاية فلوريدا  وتوقفوا في الموقف وابتاعوا طعام الفطور وكان برفقتهم رجلان وامرأتان!.

شاهدة أخرى تعمل في فندق في تشارلستون كانت قد رأت صور الأطفال في الجريدة اتصلت بالسلطات لتقول أنها رأت أربعة من الأطفال بعد الحريق بيوم وكانوا قد قدموا إلى الفندق مساءاً مع رجلان وامرأتان بدا لها أنهم من أصل ايطالي .. وأضافت الشاهدة أنها حاولت التحدث مع احد الأطفال ولكن احد الرجلين تصرف معها بطريقة عدائية واخذ يتحدث بلغة ايطالية وفي الصباح التالي أخذوا الأطفال وغادروا .

نبوءة مخيفة

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
صورة لجيني سودر في شبابها مع أبنها جون الذي كان يؤدي الخدمة العسكرية وقت وقوع الحادث

قبل أشهر من وقوع الحادث رأى جورج رجل غريب يتجول حول المنزل , ورآه مرة أخرى يتجول في الجزء الخلفي من المنزل ثم توقف أمام صندوق الكهرباء وأشار إلى جورج قائلا بنبرة تحذيرية : " هذا سيتسبب في إحراق المنزل يوما ما " , فشكره جورج على التحذير وذهب الرجل , وفكر جورج في الأمر وطلب من مسئولي الكهرباء أن يفحصوا الصندوق لكن الشركة أكدت له أن الوضع آمن تمامًا .

بعدها بشهر , جاء رجل آخر , موظف يعمل في شركه تأمين وحاول إقناع جورج بشراء وثيقة تأمين على البيت وعلى أفراد عائلته لكن جورج رفض الفكرة فغضب الرجل وقال محذرا : " منزلك الملعون هذا سوف يغطيه الدخان يوما ما وأطفالك سوف يتدمرون ". لكن جورج حمل الرجل على الخروج من المنزل ولم يعر لكلامه أي أهمية .

هل مللتم من النبوءات ؟؟

إذا ماذا سيكون رأيكم لو علمتم أيضًا أن جيني زوجة جورج رأت رجل غريب يقف أمام المنزل قرب الطريق السريع وكان يراقب الأطفال باهتمام شديد أثناء عودتهم من المدرسة .. وهذا كان قبل الحادث بفترة قصيرة جدا! ..

آل سودر يرفضون التسليم

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
جورج وجيني أمام اللافتة التي وضعاها حول البيت المحترق وتتضمن جائزة لكل من يدلي بمعلومات حول اطفالهما ..

تم إغلاق محضر التحقيقات بعدما عجزت السلطات من الوصول للأطفال أو حل لغز اختفائهم . لكن عائلة سودر لم يفقدوا الأمل أبدا في أمكانية العثور على أطفالهم واستمروا بالبحث والتحقيق علهم يصلون إلى نتيجة .

بعد عدة سنوات على الحادثة وتحديداً في عام 1948 كان جورج يتصفح إحدى الصحف فشاهد صورة تلميذة في مدرسة من مدارس نيويورك وكانت شديدة الشبه بابنته بيتي ,, لا ليست شبيهة لها , بل كان جورج مقتنع تمام الاقتناع أنها هي بيتي ابنته , ولم يضع الوقت , بل استقل سيارة بالحال واتجه إلى المدرسة ومنها علم عنوان سكن الفتاه فذهب إليها ولكن والديها رفضوا أن يراها فعاد أدراجه بخيبة أمل .

في عام 1949 قرر جورج التقدم بطلب فتح القضية مرة أخرى , فوافقت السلطات على طلبه بسبب أن جورج اثبت أن هناك تباطؤ حدث في التحقيقات وأنهم حتى الآن لم يقولوا له لمن تعود العظام البشرية التي عثر عليها في مكان الحادث ..

أرسلت السلطات العظام إلى مؤسسة سميشسونيان والتي أصدرت تقريرا جاء فيه :

أولا – أن العظام التي عثر عليها بشرية فعلا وهي أربعة فقرات قطنية تعود لشخص واحد يبلغ من العمر حوالي 15 – 17 عام ..

ثانياً – أن العظام لم تتعرض بتاتاً للاحتراق . وبرأي المؤسسة فأنه كان يجب العثور على المزيد من العظام في مكان وقوع الحادث , كان من المفترض وجود هياكل عظام كاملة للأطفال الخمسة ! ..

تقرير المؤسسة جاء ليزيد الأمر غموضًا! .. أليس كذلك ؟ .. لكن إليكم المفاجأة المدوية , فأي من العظام البشرية التي عثر عليها داخل المنزل المحترق لم تكن تمت بصلة لأي من أطفال عائلة سودر المفقودين ..

عجيب حقا !! .. لمن كانت العظام إذن ؟ ..

تبين بالتحقيقات أن مصدر العظام هي مقبرة قريبة من منزل آل سودر , وهذا يفسر أنه لم تكن هناك آثار للحروق عليها ..

لكن ما الذي أتى بعظام المقبرة إلى داخل منزل عائلة سودر المحترق ؟ .. ذلك لغز لا يعرف كنهه سوى الله ..

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
ملصق الجائزة .. 5000 دولار ثم ضاعفاها لعشرة .. وهو مبلغ كبير جدا في ذلك الزمان ..

وبالرغم كل المتناقضات والأمور الغريبة قررت الشرطة غلق القضية مرة أخرى . لكن جورج لم يستكن لهذا القرار , بل أستمر في المحاولة , فقام بطباعة صور أطفاله على لوحة كبيرة في الشارع , وكذلك ألصق الصور في أماكن كثيرة وكتب عليها نبذة مما حدث مع أطفاله مع وعد بتقديم مكافأة مقدارها 5000 دولار ثم ضاعفها لاحقا لتصبح 10000 دولار لكل من يدلي بمعلومة صحيحة مؤكدة فيما يخص مصير أطفاله.

وتوالت البلاغات عن رؤية الأطفال , وكان جورج يذهب بنفسه ليتحقق منها , لكن في كل مرة كان يعود بخيبة أمل جديدة ..

الصورة الغامضة

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
صورة لويس في طفولته وإلى جوارها الصورة التي استلمها الزوجان بالبريد عام 1968 ..

في عام 1968 , أي بعد مرور 23 عامًا على الحادث , خرجت جيني لتحضر البريد من صندوق البريد القابع أمام منزلهم الجديد الذي انتقلوا إليه بعد الحادث مباشرة , وهناك داخل الصندوق وجدت رسالة لا يوجد عليها أي عنوان , لكن طابعها البريدي كان يحمل ختم ولاية كنتاكي ..

فتحت جيني المظروف ووجدت بداخله صورة لشاب يتراوح عمره من 35 – 30 عاما , ومكتوب خلف الصورة " لويس سودر – أنا أحب أخي فرانكي" ..

كان لويس هو اسم طفل من أطفالهم المفقودين .. فهرولت جيني إلى المنزل لتري الصورة لزوجها الذي اتفق معها تمامًا انه يشبه ابنهم بشكل كبير , نفس الشعر المجعد والعينان البنتيان وكذلك نفس الأنف .. ونفس السن أيضا .. لأن لويس لو كان نجا من الحريق فأنه الآن سيكون في الثلاثينات من عمره .

وعاد الأمل مجددا إلى الأسرة , فكلف جورج محققًا خاصًا وأرسله إلى ولاية كنتاكي ليبحث عن الشاب , لكن لم يجده ولم يأتي بأي معلومة مفيدة .

ماذا حدث بعد ذلك ؟

آل سودر لم يعيدوا بناء منزلهم المحترق أبدا بل قاموا بتشييد منزل جديد في مكان قريب , وقام جورج بتغطية المنزل المحترق بالتراب وحوله إلى حديقة من اجل ذكرى أطفاله المفقودين وقام بتعليق صورهم على جدار تلك الحديقة . وكان هو وزوجته يتولون العناية بتلك الحديقة يوميا حتى وفاة جورج في عام 1969 , حيث رحل الرجل عن هذا العالم بحسرته دون أن يعرف أي شيء عن مصير أولاده , وبقيت جيني , تلك الأم الذي أثقل الحزن كاهلها , والتي ظلت ترتدي الأسود حزنًا على أولادها إلى آخر يوم في حياتها التي انتهت في يوم ما من عام 1989.

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
هنا يرقد كل من جورج وجيني سودر .. مكتوب على الشاهد ما يلي : " .. اللذان يؤمنان بالعدالة للجميع لكنهما حرما منها بواسطة القانون عندما تم خطف اطفالهم الخمسة عشية أعياد الميلاد عام 1945 في بلدة فايتيفيل

حتى بعد رحيل جورج وجيني استمر أبناءهما المتبقين على قيد الحياة في محاولة البحث , لم يفقدوا الأمل يوما حتى تساقطوا واحدا بعد الآخر .. واليوم لم يبق من العائلة نفسها سوى الرضيعة سيلفيا التي كانت على كتف أمها ليلة وقوع الحادثة , ومازالت مصرة مثل جميع أفراد عائلتها على أن أشقائهما وشقيقاتها لم يموتوا في الحريق بل خطفوا .

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
سيليفيا سودر .. آخر المتبقين من العائلة وكانت رضيعة وقت وقوع الحادث ..

ومازال البحث مستمر من قبل سيليفيا وأحفاد عائلة آل سودر ..

نظريات وفرضيات

هل أحرق موسوليني المنزل؟ .. لكن ما علاقة موسوليني بالموضوع ؟! ..

الأطفال الذين تبخروا !! .. قضية عائلة سودر المحيرة
هل كان الدكتاتور الايطالي وراء الجريمة

ستكون له علاقة إذا ما علمنا بأن جورج سودر ولد في ايطاليا وهاجر في صباه إلى أمريكا , وأن زوجته جيني هي ابنة مهاجر إيطالي , وأن نسبة كبيرة من سكان بلدة فايتيفيل هم مهاجرين ايطاليين أو من أصول إيطالية ..

وكان جورج سودر قد أشتهر بين سكان البلدة بأنه يكره موسوليني بشدة , وكان يجادل كثيرا ويدخل في معارك كلامية مع بعض سكان البلدة ذوي الميول الفاشية من محبي وعاشقي الدكتاتور , وأحيانا كان هذا الجدل يتطور إلى الشتائم والتهديدات , لا ننسى أن موسوليني كان يتمتع بشعبية كبيرة لدى بعض الإيطاليين الأمريكيين آنذاك , خصوصا لدى رجال المافيا .

فهل كانت المافيا وراء الحريق واختطاف الأطفال من اجل الانتقام من جورج ؟ .. بعض الناس يوافقون على ذلك ويعتقدون أن المافيا بعد أن خطفت الأطفال أرسلتهم إلى إيطاليا حيث عاشوا هناك لما تبقى من حياتهم ونسوا تماما ما كان من شأن عائلتهم . لكن هناك أناس آخرين لا يوافقون على هذا الرأي , فالمافيا لا تخشى أحدا ولا ترحم أحدا , وقد كانت في أوج قوتها في أربعينيات القرن المنصرم , فلماذا تكلف نفسها عناء إحراق المنزل وخطف الأطفال في حين أن بإمكانها قتل جميع أفراد العائلة بضربة واحدة , وعلى فرض أنهم خطفوا الأطفال فعلا من اجل حرق قلب والدهم ثم أرسلوهم إلى إيطاليا , فدعونا لا ننسى بأن بعضهم كانوا في سن المراهقة , أي من المستحيل أن ينسوا عائلتهم حتى لو مرت عشرات السنين , فلماذا لم يحاول أيا منهم الاتصال بالعائلة ؟ ..

هناك رواية أخرى تزعم أن السبب وراء الحادث هو عمل جورج , حيث كانت المافيا تريد احتكار تجارة الفحم في المدينة وكانوا بصدد إزاحة جميع المنافسين .

رأي آخر يزعم أن الأطفال خطفوا على يد منظمة إجرامية واسعة النشاط كانت تتاجر بالأطفال وتبيعهم للراغبين بالتبني , ومثل هذه المنظمات التي كانت تتوارى أحيانا تحت عنوان العمل الخيري ولم يكن وجودها أمرا نادرا في أمريكا , وأن التمويه على عملية الخطف والتلاعب بالأدلة وتعمد إهمال الحقائق الواضحة تم بالتواطؤ مع رجال الشرطة في فايتفيل .

وبعيدا عن حبكات وفرضيات نظرية المؤامرة , فأنه يوجد من يعتقد , وهذا رأي الشرطة , أن الأطفال احترقوا فعلا وذابت أجسادهم نتيجة الحرارة العالية وتأخر وصول الإطفاء , وأن كل ما قيل حول اختطافهم ما هو إلا نتاج خيال والديهما اللذان كانا في حالة إنكار للواقع نتيجة الصدمة .. ومعهما حق .. ففقدان خمسة أطفال مرة واحدة ليس بالأمر الهين .

ختامًا ..

القضية فعلا محيرة , لغز غامض جدا من وجهه نظري , إذا فكرنا في أن الأطفال قد لقوا حتفهم اثر اندلاع الحريق إذا أين جثثهم ؟ أو ما تبقى منها على الأقل ؟ .

وإذا فكرنا أن الأطفال خطفوا على يد المافيا أو غيرها فلماذا لم يتواصلوا مع ذويهم بعد ما مر على الحادث اكتر من 20 عاما ؟. أعني إذا فعلا قام رجلان وامرأتان بخطفهما صغاراً فأظن أنهم أطلقوا سراحهم بعد مرور فترة من الزمن , إذا لماذا لم يتواصلوا مع أهلهم ؟ .. ولماذا أصلا تم خطفهم ؟ ..

ربما تجارة أعضاء أو التبني ؟؟ لكن لماذا يكبدون أنفسهم عناء إشعال حريق في المنزل في حين أنهم يستطيعون خطف الأطفال أثناء لعبهم في الساحة أو عودتهم من المدرسة ؟.

حسنا أنا استسلم فأنا لم استطع إيجاد حل لهذا اللغز ولكن ما أنا واثقة منه هو أنه حتى الآن لا بد من وجود على الأقل طفلان منهم مازالا على قيد الحياة فأعمارهم ليست كبيره للدرجة !! ربما ذات يوم واحد منهم يزيح ستار الصمت عن فمه ويحكي ما حدث له .. آمل هذا بشدة ..

ثم , من هو فرانكي هذا الذي اسمه مكتوب خلف الصورة ؟ .. لا احد من إخوة لويس يدعى فرانكي !

المصادر :

Sodder children disappearance
Unsolved Mysteries – Sodder_Family
The Children Who Went Up In Smoke

تاريخ النشر 21 / 08 /2016

Noha Boky

مصر
guest
84 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى