أدب الرعب والعام

لعنة قلم ج1

بقلم : شيطانة منتصف الليل – كوكب الظلام

كل ما حدث لي كان بسبب القلم

كله حدث بسببها .. نعم إنها هي سبب دماري ، القلم …القلم هو السبب ، لقد دمرني… إنه لعنة ..!! لعنة لا يمكن التخلص منها أبداً !! … لعنه أبدية ستظل ملتصقةً بي .. لقد حكمتني للأبد .

كنت في السابق فتاةً مرحة ، أعيش حياتي بسلام و لم أتسبب بالأذى أبداً لأي أحد ، لكن هذا القلم هو من دمرني !! ، كله بسببه ..!!! و سببها هي ، هي من أعطتني إياه ، و أنا .. هه بكل غباء أخذته منها !!….

*****

أنا ديفان ، فتاة خجولة جداً ، منذ أن بدأت أيامي الأولى في الأول الثانوي لم أتعرف إلى أحد بسهولة ، كنت أخجل من الكل .
أول أيامي كنت أحضر دروسي باجتهاد و أدرس ، الفتاة التي بجانبني صادقتني منذ أول يوم جلست فيه بجانبها ، كان اسمها زينة و هي أطيب فتاة التقيتها بحياتي كلها ، أحبتني كثيراً .. بعدها بدأت أكون صداقات حتى أن فتيات الصف كله صادقنني ، كنت جداً طيبة معهن .
الكل اكتشف موهبتي بالرسم عندما طلب مني الأستاذ أن أرسم في حصة علم الأحياء ، كل ما رسمته هو طير .. بالأحرى لم أرسم الطير بل رسمت هيكله العظمي ، عندها الكل تقرب مني أكثر و بعدها كشفت لهم عن موهبتي في التأليف ..

لطالما أحببت تأليف الرعب .. كان الرعب و مشاعر الهلع و الخوف من المجهول هو ما يجذبني ، التجارب مع مخلوقات غيبية هو ما كان دائماً يثير فضولي ، و هكذا اشتهرت كثيراً في مدرستي بسبب موهبتي الفذة ..
و جاءنا ذات يومٍ خبراً بأن التربية سوف تقيم مسابقةً أدبيةً تتضمن الشعر و القصص و كل ما يخص الأدب ، ألحت عليَّ الطالبات في صفي لكي أشارك ، و كذلك أساتذتي ، فقبلت و ألفت قصة رعب و دخلت بها المسابقة و فزت بالجائزة الأولى .

مضت السنة بسلام ، و بعدها انتقلت إلى الثاني الثانوي ، و أيضاً كالعام الماضي تعرفت على طالبات جدد إضافة إلى القدامى .. و في إحدى الأيام و أثناء حصة الرياضيات ، دخل علينا المدير و معه فتاة ، قال لنا : رحبوا ب” لجين ” إنها طالبة جديدة عاملوها بلطف .
دخلت لجين و جلست في آخر مقعد من الصف ، أكملنا الحصة و دق الجرس ليعلن انتهاء الدرس ، اجتمعنا حول الفتاة الجديدة لنتعرف عليها و قلت لها بلطف : أهلًا بك بيننا ، قريباً ستعتادين المكان هنا ، فالكل هنا لطيفات و سيعاملنك بلطف ، بصراحة .. بيني و بين نفسي لم أرتح لها أبداً ، كانت عيناها سوداوين و جاحظتين بشكل مخيف ، و شعرها القصير الذي يتدلى زادها رعباً !

بعدها بدأت تمضي الأيام مع هذه الطالبة الجديدة ، لم أعرها أي اهتمام ، كل ما كان يهمني هو زينة صديقتي العزيزة ، لكنها للأسف كانت في شعبة أخرى ، و كان صفها تحت لذلك مجرد ما يدق الجرس معلناً بداية الفسحة كنت أذهب إليها طيراناً ، منذ أن رأت لجين و هي تخاف منها و تنتقدها ، و ذات يوم كنت واقفة مع زينة و مرت لجين من أمامنا فقلت :
انظري لشكلها المرعب و ساقاها النحيفتان .. عندها فجأة التفتت لجين ناحيتنا و كأنها سمعت ما قلته عنها بالرغم من أنها كانت تبعد عنا بمسافة جيدة ، فأثارت الرعب بقلبي .

مضت أيام الدراسة بسلام و بعد الاختبارات التي قمنا بها خف ضغط الدروس قليلاً ، فاقترحت علي إحدى الزميلات أن آتي بقصة و أقصها عليهن فوافقت مرحبة ، و جلبت في اليوم التالي قصة مرعبة كتبتها بنفسي و عندما انتهيت من قراءتها صفقن لي زميلاتي و أثنين على أسلوبي الذي تطور في الكتابة ، و دق الجرس فخرجت الطالبات للفسحة و وضعت قصتي في الحقيبة و عندما التفت ورائي تفاجأت بلجين ، حيث وقفت تنظر إلي بعينين مرعبتين و بابتسامة صفراء ففزعت منها و قلت لها :
– آه لجين ، اخفتني !!
ضحكت و قالت بخبث :
– أعرف !! لك أسلوب جميل جداً في الكتابة ، حقاً إنه رائع .. أحسنت .
ِ- شكراً عزيزتي
– لقد أعجبت بقصصك كثيراً ، أريد أن أتقرب إليك لكي أتعلَّم الكتابة و أصبح مثلك ، أريد أن تعلميني .
عندها أجبتها بتردد :
– نعم .. بالتأكيد ، لمَ لا ؟!

و من وقتها و هي تتبعني و لا تتركني ، لقد شعرت بالانزعاج منها تدريجياً ، إلى أن صرت أنفر من رؤيتها ، وكلما ألمحها أغير اتجاهي ، و عندما يدق الجرس أهرب فوراً من صفي ، لم أسمح لها بالتقرب مني .
لكنهت كانت حتى عندما أهرب إلى زينة تلحقني و تجلس بيننا ! كان شكلها مخيف بالنسبة لي حيث أصبحت تراودني كوابيس بسببها ، حقاً عجيبٌ أمر هذه الفتاة !! لم تتوقف عن ملاحقتي ! حقاً مللت منها ، لكني لم أظهر لها ذلك في بادئ الأمر خوفاً على مشاعرها إلى أن طفح بي الكيل ذات يوم فانفجرت بوجهها قائلةً :
– اعذريني ، لكن أنت مصدر إزعاج لي ، أينما أذهب أجدك ، و بصراحة لم أعد أستطيع التحمل ، رجاءً كفي عن مطاردتي ، أنت بذلك تخنقيني و لا تتركين لي المجال حتى في الجلوس مع نفسي .
و تركتها و مضيت .. لم تنطق بكلمة واحدة حتى !! و عندما أخبرت زينة بما جرى بيننا جعلتني أقلق ، فقد قالت لي بتوتر : بصراحة تبدو إنسانة مرعبة ، و بعد أن قلتِ لها هذا الكلام.. بصراحة لا أعرف ، ربما استعجلتي ، ربما تكون مشعوذة أو ساحرة و تلقي عليك لعنة .
– ما هذا زينة ؟!! أنتِ تؤمنين بخرافات لا وجود لها

حل يوم ميلادي ، و أقمت حفلة من أجل ذلك و دعوت عليها زميلاتي ، لكني تفاجأت بقدوم لجين معهن .. من الذي جلبها و كيف عرفت أصلاً بموعد ميلادي ؟! لكني تقبلت مجيئها بصمت و رضخت للأمر الواقع .
قدمت صديقاتي لي هدايا و من بينهن لجين ، و بعد انتهاء الحفلة و ذهاب المدعوات بدأت بفتحها ، وبالطبع بدأت بفتح هدية صديقتي زينة أولاً ، كانت هديتها موضوعة بعلبة صغيرة مغلفة بشكل جميل ، فتحتها و وجدتها عبارة عن قلم ! لكنه لم يكن قلماً عادياً ، كان على شكل جذع مصنوع من الخشب و لونه أسود ، و كان كبيراً قليلاً ، جربت الكتابة به فوجدت الكتابة به مريحة و جميلة ، و تذكرت أن زينة أخبرتني بأن والدها نحات خشب ، و ينحت من جذع الشجر منحوتات رائعة ، فرحت كثيراً .. يا له من قلم جميل و غريب الشكل !

فتحت بعدها الهدايا الأخرى و كانت هدية لجين عبارة عن عدة تلوين كاملة ، ألوان زيتية و فرش بكل الأحجام ، حقاً إنها هدية محترمة و رائعة ، لكني وقتها لا أدري لمَ تذكرت كلام زينة ، ربما حقاً تكون مشعوذة و هذه العدة مسحورة ، لذلك وضعتها في مكان بعيد عن ناظري ..

كان الوقت مساءً و الليلة مقمرة ، فشعرت برغبةٍ في الكتابة و جلست في غرفتي خلف الطاولة المواجهة للنافذة و أخرجت القلم الذي أهدتني إياه زينة و بدأت بالكتابة ..
في تلك اللحظة سطع ضوء القمر على القلم ، فلاحظت أن هناك كتابات باللون الأحمر ظهرت عليه ! كتابات لم أتمكن من قراءتها في بادئ الأمر لذلك فتحت النافذة و وضعت القلم قبالة الضوء فأصبحت الكتابة واضحة و بلونٍ أحمرٍ قانٍ کالدم ، و قد كان مكتوب ما يلي :
” عند حملي تصبح ملكي .. ما تكتبه في سطور أدونه بحبور لا تمحى و لا تختفي … ليلة البدر الأحمر كل السطور تتحرك و تدور لتصبح حقيقة .. خيالك المكنون هنا على أرض الواقع سيكون … د- ديواش ، ي- يارقوش ، ف- فازاش ، أ- ازازيش ، ن- نازقياش “
كله كان مكتوب على الجذع بخطٍّ ناعمٍ جداً ، و كأنه حفر عليه ، بصراحة انتابتني الحيرة و قليلٌ من الرعب ، لكني مع ذلك كتبت به قصتي المرعبة … و يا ليتني لم أكتبها

يتبع …

تاريخ النشر : 2016-08-30

guest
42 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى