تجارب من واقع الحياة

أشعر أنني انتهيت

بقلم : الوردة الذابلة

أشعر أنني انتهيت
لا أريد أن أذبل و يدوسني قطار العمر مسرعاً
في البداية أنا فتاة أبلغ من العمر 32 سنة ، لا أعرف من أين أبدأ قصتي أو قصصي ، لقد مررت في حياتي منذ صغري و إلى الآن بمعاناة ، و أشعر أنني لم أرَ إلا الآلام ..

عندما كان عمري عامين تركتني أمي عند جدتي لأنه كان لديها طفل جديد و هي صغيرة عندما تزوجت ، لكنها لم تدرك ما سيسببه لي ذلك من ألم .. أن أعيش مع جدتي التي ليس لها أي مشاعر ، كانت تتركني مع خالتي الصغيرة تلعب بي كالدمية ، و بعدها بفترة استعادتني و الدتي و لكن ذلك ترك شرخ في شخصيتي ، حيث أصبحت انعزالية ، ألعب و حدي و لا أعرف كيف أتكلم مع من حولي ، حتى أن الوحدة أصبحت صديقتي ..

أذكر أنه لم يكن لي أصدقاء أيام دراستي ، و في صباي كنت فاتنة الجمال ، ناضجة العقل ، لكن مع ذلك و جدت الكثير ممن يحقد علي أو يعاديني بسبب الغيرة ، كنت طيبة القلب و كان الجو مليء بالظلم و الاضطهاد بشكل لا يتصور ، حيث أنني بطبيعتي لم أكن أتحمل ذلك الجو ، و كنت ألجأ إلى العزلة و كتابة بعض المقالات أو الخواطر إلا أن أمي كانت تمزق بعضها حتى لا يقرأها المحيطون بي ، ففجرت انفعلاتي بالرسم و كنت مبدعة ، إلا أنه لم يكن هناك من يدعمني بسبب فقرنا و قلة حيلتنا .

تركت الدراسة حتى يتسنى لوالدي أن يصرف على دراسة إخوتي ، أما أنا فلم أجد إلا الإحباط بسبب فقرنا و بسبب كره أقاربنا لنا و تعاليهم علينا لأننا فقراء ..

في أحد الأيام و بينما كنت أنتظر أحد إخوتي فوجئت بشخص ينظر إلي نظرات غريبة ، فرفعت نظري عنه و أغلقت الباب ، و لم أكن أعلم أنه الجحيم القادم ، أعجب هذا الشاب بي و رغم أنه شخص ناجح بحياته إلا أنني لم أكن أهتم له ، كان يريد الزواج بي إلا أن أمه رافضة بسبب فقرنا و أننا لسنا من مستواهم الاجتماعي ، فكيف تنزل مستواها لنا !!

بعد ذلك كان هو يلازم بيتنا و يجلس بشارع بيتنا دون حياء يرقبنا أو يرمقنا ، حاول مع و الدي لكن والدي رفض الزواج بحكم أنه ليس من معارفنا و بسبب اختلافات لا أحب أن أذكرها ، ذهب هو في حاله و مرت السنين .. تزوج إخوتي و بقيت أنا أخدم والدي الذي يرفض تزويجي حتى لا أخرج من العائلة .

لقد انعزلت أكثر عن المجتمع بعد مرضي بسبب إهانات والدي لي بأني عالة عليهم ، كم قهرني أنني لا أستطيع الخروج و الاستقلال بحياتي بعيداً عنهم و بعيداً عن المشاكل ، إلا أنني عندما أرى تجاعيد وجه أسامحه و أعزل نفسي في غرفتي و أستغرق في القراءة حتى أشعر أنني أضعت و قتي ، أو أذهب أتأمل منظر القمر ، و كم سحرتني الليالي المقمرة لأجلس بعيداً و أنسى من أنا .. أنسى الجحيم و أبقى و حيدة كالقمر ، تداعب شعري نسمات الريح ، و لا يفارقني الحنين ..

كم أتمنى أن أحلق كطير حر و أختار حياتي بنفسي و أختار من يشاركني حياتي بعيداً عن تعقيدات البشر ، و لكن يراودني الخوف من أن أذبل و أنهار محطمة و مهشمة ، لا أريد أن أعيش مع من يقررون وأد حياتي بأيديهم ، أريد أو أفكر بالهجرة ، لكنني أخاف الوحدة ، أخاف أن أبقى و حيدة و أرأف بأبي ، ماذا سيحدث له عندما أرحل ؟ لن يرحمه البشر اللذين يسيرون كالقطيع لا يهمهم سوى الكلام في أعراض بعضهم و كأنهم ملكوا الشرف .

لا أريد أن أذبل و يدوسني قطار العمر مسرعاً ، كم وددت أن أعيش كما خلقني ربي ، أحنو على أولادي و أنتظر في بيتنا الصغير عودة زوجي المستقبلي ، ذاك الرجل الشريف الذي لا يهمه سوى أن يسير على السراط المستقيم لنبني جيلاً صالحاً و نعمر هذه الدنيا كما أمرنا الله .. لا أريد أن أطيل و أعتذر عن الإطالة ، فأنا مولعة بالكتابة و أعتذر عن تشتت ذهني و عدم ترتيب أفكاري .

تاريخ النشر : 2016-12-09
guest
21 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى