أدب الرعب والعام

كيف يكون الموت ؟؟

بقلم : Shadwoo Shadwoo – مصر

كيف يكون الموت ؟؟
كنت نائما فظهر لي ، مد إلي يده و قال هيا بنا .. فمضيت معه و لا أعرف إلى أين !!
أتعلمون كيف يكون الموت ؟؟

لا يهم اسمي أو عمري أو من أين أنا ، فعلمي أن موتي قادم لم يعد يجعلني أهتم بشيء ، سأقص لكم قصتي و أظن أنها تشبه كثير من القصص .

شاب ككثير من الشباب ، حياته ليس بها شيء يذكر ، ودعني صديقي و لم أكن أظن أن وداعه سيكون هذه المرة شيء مؤكد و ليس كسابقه ، لقد توفي بحادث ، كان هو الصديق الصالح الذي أعرفه ..

بيوم من الأيام كنت جالس بالمقهى مع أصدقائي كالعادة نتبادل الحديث تارةً حول المباريات و تارةً حول الفتيات ، لم نكن نهتم أن كلماتنا ربما تكون بذيئة و تزعج ذلك الرجل مع زوجته ، أو أن دخان الشيشة يزعج ذلك العجوز الذي حمل لتوه جهاز الربو يتمنى أن يستنشق منه قبل أن يختنق … هكذا كنت أنا .

أنا أحمد .. هه ، و ياله من اسم جميل لا أستحقه ، عمري 24 عاماً ، دعوني أكمل لكم قصتي …

رن هاتفي و خرجت أقف أمام المقهى أضحك تارة و أتمايل تارة حتى وجدت يداً تربت على كتفي ..

– عفواً هل أساعدك بشيء ؟

صمت قليلاً ثم تابع …

– نعم هل يمكنك أن تدلني على هذا العنوان ؟

أرشدته إلى المكان المطلوب ثم عدت إلى أصدقائي و تابعنا الحديث ، لكن تعجبت أنه ظل يحدق بي من خلف الزجاج ثم رحل ، لم أهتم ربما ينظر لشخص آخر أو أني أشبه أحداً ما يعرفه .

بدون مقدمات و في اليوم التالي وجدته يصعد معي إلى سيارة التاكسي ..

– هل تسمح لي أن أذهب معك ؟ فالمكان الذي أقصده ليس ببعيد .

– ألست أنت من سألني على المكان الفلاني أمس ؟

ابتسم متابعاً .. نعم أنا .

هل تعلم تلك الابتسامة التي تذكرك بالطمأنينة ؟ كانت تلك ابتسامة لم أعهدها أبداً على وجه أحد ممن أعرفه ، طبعاً .. فكيف لتلك الابتسامة أن ترتسم على وجه شخص يسخر من عجوز ليُضحِك أصدقاءه أو يتكلم عن فتاة يعتبرها دقة قديمة كما يقول ، فقط لأنها رفضت أن تحادثه … ليس هذا موضوعنا لنعود للقصة .

أخبرته بالطبع ، تبادلنا أطراف الحديث بالطريق ، نسيت أن أخبركم أنه يدعى خالد .. عمره قريب من عمري ، وجدته أخرج كتاباً من حقيبة معه و وضعه أمامي أو بالاحري أمامنا ، و كأنه كان يريد أن يلفت انتباهي له ، و من فضولي أدرت بنظري إليه لأقرأ عنوانه ( وصف الجنة ) …

– هل أعجبك ؟

ابتسمت و قلت :
– الكتاب باين من عنوانه ، فكيف لا يعجبني .

لم أرد إطالة الحديث أكثر حتى لا أشعر بالإحراج ، فكما قلت لكم كيف هي حياتي ، و هو من بين من يقال فيهم ( سيماهم على وجوههم ) ، فاكتفيت بالنظر من النافذة تفادياً لفتح حديث آخر ، و يبدو أن الأمر لفت انتباهه ، و الدليل ابتسامته .

وصلت لمكان العمل ثم ودعته و غادرت ، توالت الصدف و أنا أراه هنا و هناك حتى شعرت أنه يتبعني ، لكن لم أهتم بهذا فيما بعد ، فلقد صرنا أصدقاء ، لكن ما يحيرني هو عند سؤاله عن منزله أجده يفتح حديثاً آخر حتى توقفت عن سؤاله .

أذكر عندما كنا نجلس مع الأصدقاء و وجدوا خالد يقبل علينا سخر صديق لي منه بقوله .. حضر سيدنا الشيخ ، و تبعه الآخرون بالضحك ، لا أدري الحقيقة إن كانوا يتحدثون عن خالد أم الرجل الذي خلفه لكني رأيت و لأول مرة الفرق بين خالد و هؤلاء الذين أسميتهم أصدقائي .

شعرت بالاختناق وقتها ، و جيد أن خالد أخذني للخارج ، ظللنا نتحدث حتي سمعنا آذان العشاء فابتسم قائلاً :

– هل نذهب ؟
– إلى أين ؟
– ضحك متابعاً … أنت خفيف الدم يا رجل .

ثم سحبني من يدي تجاه المسجد ، وجدت نفسي أتوقف فجأة و لا أدري ما السبب هل الأمر صعب لهذه الدرجة ؟ وجدت خالد يبتسم لي و يقول :

– حسناً يا أحمد إما الآن أو غداً .

تباعدت خطواته و أدرت ظهري و أنا أشعر بالإحراج ، لكن أوقفني ذلك الصوت ، صوت سيارة تتوقف فجأة و كأنها اصطدمت بأحد .. نعم لقد كان خالد ، ركضت نحوه ، و الغريب بالأمر أنه لم يلق أحد بالاً لما يحدث ، ظللت أبكي بجانبه و أصرخ للمساعدة و أنا أتلمس دمائه بيدي ، وجدته يمسك يدي و تعود تلك الابتسامة على وجهه من جديد حتى اشتطت غضباً و أنا أصرخ به :
– لم هذه الابتسامة ؟ لن تذهب لأي مكان ، سأجلب المساعدة .

أمسك يدي سريعاً قبل أن أتحرك ثم همس لي قائلاً … أحمد إما الآن أو غداً .

ثم فارقت يداه يدي و أنا لا أصدق ما حدث ..

مرت الأيام و أنا أشعر بالوحدة ، فقد كان لي أخا و صديقاً ، بعد ثلاثة أسابيع على الحادث ، و ذات يوم أرسلني المدير مع رجل لأحضر غرضاً ما من منزل ذلك الرجل .

بالطريق تحدثنا و علمت أنه يعمل منذ زمن بتلك الشركة ، و لا أدري كيف لم أره من قبل !!
وصلنا إلى منزله ، كان بسيطاً لكن جوه دافئ يشعرك بالأمان ، لا أدري لم شعرت هكذا عند دخولي ، دخلت و انتظرت الرجل ليحضر ذلك الغرض بينما زوجته أعدت لي الشاي .

كانت سيدة كبيرة بالسن ، و يبدو أنها تعيش مع زوجها فقط بهذا المنزل ، أقصد أنه ليس لهم أولاد ، و إلا لكنت رأيت حتى صورة لهم ، انتظرت أتأمل أركان المنزل ، فلفت انتباهي صورة تظهر نصفها و النصف الآخر مختبئ بين تلك الكتب ، اقتربت أكثر منها لأمسكها ، و تفاجئت بتلك الصورة ، فلقد كانت لخالد و هو بحفل تخرجه ، لفتت نظراتي لتلك الصورة انتباه المرأة ، اقتربت و هي تضع الشاي متابعة …

– إنه ابني خالد رحمه الله عليه .

تابعت و الدموع بعينيها … لقد توفي بحادث سيارة منذ ثلاث سنوات.

ابتسمت بتعجب و قلت :
– تقصدين ثلاث أسابيع .
مسحت دموعها متابعة …
– لا يا بني لقد توفي منذ ثلاث سنوات ، هل تعرفه ؟

وضعت الصورة و يداي ترتعش و قلت :
– لا لا أعرفه ، يجب أن أذهب الآن .

خرجت من المنزل و أنا أتخبط يميناً و يساراً ، و كأن سيارةً صدمتني ، كيف يكون ميتاً منذ ثلاث سنوات ؟ إذن من كان معي كل ذلك الوقت ؟!!

لا .. هناك شيء ما غير صحيح ؟ لم أتيقن بكلامها ، ربما من الحزن عليه لم تعلم ما تقول ، سألت زوجها فيما بعد عندما رأيته بالشركة عن تلك الصورة و ردد نفس كلماتها .

خرجت من عنده و أنا أحدث نفسي .. هل جننت أم ماذا ؟ أكان من معي شبحاً ؟ ربما شخصاً ما يشبهه ، فكما يقال يخلق من الشبه أربعين ، لكن ليس لهذه الدرجة حتى نفس الاسم !!

عدت للمنزل ، و مرت الأيام و أنا في حيرة من أمري ، حتى جاء اليوم الذي غير حياتي ، خلدت للنوم و رأيت خالد يمد لي يده قائلاً :

– هيا .
– إلى أين ؟

ابتسم متابعاً ..
– ماذا ؟ ألست مستعداً ؟ و لماذا ظننت أني أتيت لك ؟

– لا أفهم شيء .

ضحك و قال :
– بل تعلم .

استيقظت على أذان الفجر ، و سمعت خطوات أمي و هي ذاهبة لتتوضأ ، و بالرغم من شعوري بالضعف و التأنيب إلا أني وضعت الغطاء على رأسي و خلدت للنوم.

لم ألقِ بالاً إلى تلك الاشارات التي توالت واحدةً تلو الأخرى تحذرني من ذلك اليوم .. يوم موتي .

سرت و أنا أجر أقدامي للعمل و بداخلي أردد ؟ هل هذه النهاية ؟ مازلت شاباً ، هل هذا صحيح أم أنها أضغاث أحلام ؟ نعم أنا من ذلك النوع الذي لن يهتم و لن يتأكد من شيء إلا عند حدوثه ، حتى لو لم أكن مستعداً له .

سأخبركم بالحدث الذي قلب حياتي رأساً علي عقب ، كنت جالساً وحدي كالمعتاد بالمقهى حتى بعث لي صديقي برسالة مضمونها ” تعال إلى منزل صديقنا فلان ، السهرة عنده اليوم “

غادرت المقهى و وصلت إلى منزل صديقي المذكور ، طرقت الباب ففتح لي أحد أصدقائي ، وجدتهم مجتمعين و أمامهم طاولة عليها جميع أنواع المخدرات التي تخطر بعقلك ، في البداية أردت الانصراف فإن كنت متهوراً ، فليس لتلك الدرجة فأنا أعلم خطورتها .

لكن صديقي أجلسني و قال دقائق و نذهب ، و توالت الدقائق حتى أكملت ساعة ، بعدها لم أعد أشعر بشيء ، وجدت صديقي يمرر لي قرصاً مخدراً و هو يقول :

– جرب ولن تندم.

هه .. و بالفعل ندمت ، ما إن أخذته حتى شعرت بدوار ، ثم وجدت نفسي بطريق مظلم ، ظللت أنادي على أحد وصدى صوتي يرتد بالمكان ، حتى وجدت ضوءاً من بعيد ، ركضت نحوه و ياليتني لم أفعل ، أسرعت و أنا أجد أصوات صراخ لا أدري من أين ، و النور يعلو أكثر فأكثر حتى انمحت تلك الابتسامة على وجهه .

لم يكن ذلك نور بل نار ، و تلك الأصوات لأشخاص يلقون بها ، وجدت من بعيد رجل ملامحه تبشر بخير و ليس مثل هؤلاء ، دققت النظر أكثر فوجدته خالد ، ركضت نحوه ربما يساعدني لكن قبل أن أتحرك من مكاني وجدت الأرض تنشق بيني و بينه و يظهر جسر رفيع جداً ..

ناديته ليساعدني فقال بكل هدوء :
– اعبر

نظرت للطريق كيف ذلك ؟ سأقع هكذا ، لكنه لم يهتم بل ردد مرة أخري بكل هدوء ..
– اعبر

خطوت بأقدامي و أنا أرتعش من الخوف ، و تلك الأصوات المزعجة ترعبني ، ظللت أردد بداخلي متى ينتهي ذلك الكابوس ؟ لكنه أصبح أسوأ بدأت أشعر أن ذلك الطريق يضيق و لايتسع لموضع قدمي حتى انزلقت و أنا أصرخ على خالد ، ثم استيقظت و أنا ألتقط أنفاسي و حولي رفاقي مذعورين .

– ما الذي حدث ؟
– لقد ظننا أنك مت .
– لماذا ؟ ما الذي حدث ؟
– ما إن أخذت ذلك القرص حتى سقطت أرضاً و لم نستطع حتى سماع تنفسك …

خرجت من المنزل و أنا مذعور ، أشعر بالبرد من ذلك العرق الذي يتصبب مني ، حتى وصلت لمنزلي ، لا أدري كيف !! لكن المهم اني خرجت من ذلك الكابوس .

شعرت أمي بالقلق عندما رأتني هكذا ، لكني طمأنتها أني بخير و أحتاج فقط للنوم ، و على الرغم أنها اشتمت مني تلك الرائحة النتنة للمخدرات إلا أنها تركتني استريح قولاً منها أنها ستحدثني عن الأمر بالصباح .

خلدت للنوم و رأيت خالد مرة أخرى ، هذه المرة كان يتجنبني و هم بالرحيل فناديته قائلاً :

– هل أنت غاضب مني ؟

لم يلقِ بالاً إلي و تابع خطواته فصرخت قائلاً :

– أخبرني ما الذي فعلته ؟
– وجدته أدار وجهه و نظر الي متابعاً :

– أنت لم تفعل شيء ، و أخذ يكررها ثم أختفى .

استيقظت على صوت أمي و هي توقظني ..

– ماذا ؟
– كنت تبكي يا بني و أنت نائم ، هل هناك شيء ؟

تلمست دموعي و قلت :

– لا شيء يا أمي .

قطع صوتنا آذان الفجر ، فوجدت أمي ترفع يديها و تدعو لي ثم قالت.. هيا يا بني قم لتصلي .

شعرت من أعماقي أني أحتاج لمن أشكو له ما بداخلي ، قمت و توضأت و ذهبت للمسجد ، خطوت بقدمي و كأنها أول مرة أدخل بها مكان هكذا ، شعرت كمن قضى حياته بعرض البحر و أخيراً وجد اليابسة ، بعدما صليت اختليت بنفسي قليلاً بركن المسجد و أنا أشعر أني بحاجة للبكاء حتى أخرج ما بداخلي .

جلست أسترجع ذكرياتٍ لي كانت مختبئة بركن الذاكرة ، و كأنها تخشي أن يعبث بها أحد ، كنت كلما مررت بجنازة أحد لم أكن أتخيل نفسي مكانه ، نعم .. كنت آخذ عمري حجة – أستغفر الله – و نسيت أن الموت ليس له عمر .

قاطع شرودي صوت عجوز بجانبي ..

– ماذا بك يا بني ؟
– لا شيء .

– لكن دموعك تنطق بشيء آخر .

دموعي ؟! لم أشعر بها و هي تنهمر على خدي ، وجدت نفسي أحدثه بما حدث و كأني أعرفه منذ زمن ، و توقعت أنه سيواسيني لكن ما حدث كان غير ذلك ، ذلك السؤال الغريب الذي نطرحه دائماً عندما يتعلق الأمر بالموت .

– مم أنت خائف يا بني ؟

نظرت له طويلاً و كأني لا أعلم مما أنا خائف ، و كأن الموت مرتبط بالبكاء و لا يهم السبب وراء ذلك .

تنهدالعجوز ثم تابع قائلاً :

– يا بني لا تعتقد أن الموت هو النهاية ، بل البداية ، نعم بداية لحياة تختارها أنت ، هناك من يخاف من أن يترك وحيداً و ينساه الناس و كأنه لم يكن ، و من هو خائف من الحساب و كأن حظه السيئ سيلاحقه بعد الموت .

التفتُّ إليه و كأن كلامه أصاب الجرح بقلبي و كأنه علم ما أريد قوله ، أحنيت رأسي قائلاً :

– لكني …
وجدته قاطعني بقوله :
– الله يغفر الذنوب يا بني .
– و كيف علمت ما سأتحدث عنه ؟
ضحك متابعاً :
– و هل هناك شيء يؤرق علينا سوى أعمالنا … الخوف يلاحقنا يا بني و هذا ما يجعلنا نعمل لها .

نهض ليرحل لكني أمسكت بيده و الدموع بعيني و قلت :
– و الحل ؟
– ابتسم متابعاً … من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، اعمل للقائه يا بني إنه كريم سيكرمك .

ثم تركني و غادر ، قررت أن أفعل ما وجب علي أن أفعله من قبل ، حدثت نفسي ساخراً .. و هل تلك الحياة تستحق أن أحزن لأجلها بالطبع لا ، منذ ذلك اليوم تركت أصدقائي هؤلاء ، و صرت ملتزماً بالصلاة و مرافقاً لأمي دائماً ، عسى رضاها علي يكون سبب نجاتي ، شعرت و كأني دخلت الجنة قبل موتي ، كم هي جميلة تلك الريح التي تداعب قلبك ، تشبه نسمة باردة بيوم صيف حار ، و كم ندمت على كل يوم فاتني لم أستغله كان سينفعني …

توالى حضور خالد بمنامي على مر الأيام ، جعلني أشعر كم أنا محظوظ أن الله أرسل لي أحداً ليساعدني قبل رحيلي ، فكم من أناس ماتوا فجأة و لم يتمكنوا من التوبة ، نعم أنا محظوظ ، الخوف ؟ نعم مازلت خائفاً قليلاً ، فالخوف لابد منه ، فكما قال لي العجوز من قبل
– إنه ما يجعلك تعمل.

الآن هل تعلمون كيف يكون الموت ؟
هه .. بالطبع لا ، فأنتم لم تجربوه ، أنا لا أعلم لكني فقط أنتظر …

هذه ربما تكون آخر قصة لي ، فإن صدقت تلك الرؤى فأتمنى من الله أن يسامحني و يتغمدني برحمته ، و إن لم تصدق فأنا الآن إنسان أفضل … و بيوم من الأيام حتماً ستصدق ..

فقط تذكروني بدعوة و سامحوني إن أخطأت أو لم أخطئ فالموت قادم لا محالة .

ذكرني الأمر بقوله عز وجل ..

( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ )

صدق الله العظيم .

تاريخ النشر : 2016-12-28
guest
37 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى