تجارب ومواقف غريبة

قصتي مع الجن

بقلم : فاطمة البريكي – الإمارات
للتواصل : [email protected]

قصتي مع الجن
كنت خائفة من أن يظهر لي الجني بشكله الحقيقي

بالرغم من حبي لسماع قصص الجن و البيوت المسكونة المرعبة و التظاهر بالشجاعة لحين الانتهاء من سرد القصص رغبة في إشباع فضولي إلا أنني لم أكن لأتصور أن أكون واحدة من شخصياتها ، و قدرتي بالتحدث إلى الجن بشجاعة خرافية لم أعهدها في نفسي من قبل .

بداية القصة :

كانت زوجة أخي تترقب حملها الأول بفارغ الصبر و السرور حتى أتتها البشرى بأنها حامل في أولى أيامها من شهرها الثاني ، ففرحنا بهذا الخبر كثيراً و توقعنا اهتماماً كبيراً من جانبها للمحافظة على جنينها حتى يرى النور ، إلا أن ما حدث كان العكس تماماً ، فقد كانت تتعمد بشكل ملحوظ لا يخفى على أحد إهمال نصائح والدتي بما يتعلق بصحة الحامل و جنينها ، من اختيار الملابس المريحة و الطعام المناسب لها و لجنينها ، فقد كانت تتعمد لبس الكعب العالي رغم تحذيرات أمي المستمرة ، و شرب عصير الأناناس بحجة أنها تحبه بعدما نبهتها أختي من شربه مراراً و تكراراً مما أدى إلى فقدانها للجنين بعد عدة أسابيع .

فبعد أن أعلمت الممرضة زوجة أخي بأنها فقدت جنينها صرخت و أجهشت في البكاء ، و عملنا جميعاً على مدار الأيام القلائل المقبلة على تهدئتها و طمئنتها على أن هذا الأمر قد يحصل لأي حامل ، كنا نتوقع هذه النهاية نتيجة لممارستها لعادات خاطئة أثناء فترة حملها ، لكن ما لم نستطع تفسيره هو .. لماذا كانت تفعل ذلك رغم فرحها و سرورها عندما أعلمتها الطبيبة بأنها حامل في بداية الأمر ؟؟

تغيرات مفاجئة :

بعد حادثة فقد زوجة أخي لجنينها و خصوصاً في آخر أيام شهر رمضان المبارك ، لاحظ أخي على زوجته أنها تتصرف بطريقة تتعمد فيها أن تعانده في كل صغيرة و كبيرة ، و دائماً ما أسمع أصواتهما العالية خلال مشاحناتهما المتواصلة و صفقهما للباب بقوة عندما يخرج أحدهما من الغرفة معلناً نهاية الجدال ، حتى صار روتين يومي تعودت أن أشهده كل يوم ، خصوصاً وقت الليل بحسب موقع غرفتي التي تلاصق غرفتهم .

لكن الأمر لم يتوقف بين أخي و زوجته ، بل تعداه إلى نشوب بعض المشادات الكلامية بيننا و بين زوجة أخي ، الأمر الذي جعلنا نقف حائرين لإيجاد تفسير منطقي لتصرفها بهذا الشكل ، و بسبب تناقض أقوالها مع أفعالها في أحيان أخرى كثيرة .

السبب :

بحكم علاقة أخي بها – كزوج لها – فقد كان الأكثر احتكاكاً بها و ملاصقا لها معظم الوقت ، فما أن يكون معها حتى تتحول إلى شخصٍ آخر تماماً ، حيث تتفنن في معاندته و عصيان أوامره ، و تفعل عكس ما يقوله لها تماماً لتثير غضبه و حنقه ، بل إنها تصبح سعيدة جداً عندما تراه يستشيط غضباً منها !

و لكن مع مرور الوقت ، اكتشف أخي السبب الحقيقي وراء تصرفات زوجته المثيرة للريبة ، ففي البداية انتابت أخي حيرة كبيرة بشأن تصرفاتها ، و فسرها بعد وقت بأنها قد تكون متلبسة من أحد الجان ، و فعلاً .. هذا ما اتضح فيما بعد عندما أخذها بالحيلة لأحد المشايخ للقراءة عليها ، فتكلم الجني الذي تلبسها حيث كان اسمه اسماعيل و معه أربعة آخرون هم السبب وراء أفعالها الغريبة التي تناقض شخصيتها ، و هم وراء إجهاضها لطفلها الأول ..

و قد علمنا فيما بعد أنه في إحدى المناسبات شربت قهوة كان بها سحر ، و الهدف منه هو التفريق بينها و بين زوجها ، و منذ ذلك الوقت ، اعتنى كل من أخي و عائلتي بها لتخليصها مما هي عليه ، و ذلك بتشغيل القرآن في كافة أنحاء البيت ، و رش المنزل من الداخل و الخارج بماء مقري عليه لمدة لا تقل عن شهر .

حوار مع الجن :

لقد تعود أخي أن يبقى مع زوجته معظم الوقت بسبب التغير المستمر في حالتها ، فهو من كان يقرأ عليها و يهدئها عندما تثور ، و يتحدث مع المتلبس بها كل ليلة تقريباً ، فما إن تدخل في إحدى نوباتها حتى تسوَد حدقة عينيها و تنظر مباشرة إلى شخص معين بثبات و صرامة ، و يأخذ أصبعها الإبهام ليدها و قدمها بالاهتزاز بسرعة كبيرة ، و أحياناً أخرى تحرك رأسها يميناً و شمالاً و لأسفل و لأعلى و هي مغمضة العينين ، و هذه علامة على أنه تلبسها للتو (و كل هذي العلامات لم أكن أعلمها إلا فيما بعد )

و لكن في يوم من الأيام ، اضطر أخي إلى أن يذهب لمدينة أخرى لدواعي العمل ، و قبل ذهابه أوصانا مراراً و تكراراً ألا نتركها وحيدةً أبداً مهما كانت الظروف ، فهي ستخلق أي عذر للذهاب إلى غرفتها لتقفل على نفسها و ستبدأ في الوسوسة و التكلم مع الجان ، و قد تؤذي نفسها بشكل لا نتوقعه .

فما إن جاء الليل حتى ذهبت إلى غرفتها ، و كنت أفكر في خلق أي حوار طويل حتى لو بدا مملاً أو سخيفاً فمهمتي تقتضي بأن ألهيها حتى تنام ، و لكن ما إن وصلت غرفتها و أدرت مقبض الباب حتى وجدته مقفلاً من الداخل ! كنت أتمنى في داخلي أن تستجيب لندائي الأول و تفتح لي الباب لأن لدي ليلة طويلة لا أدري كيف سأقضيها ، و لكنها استجابت لي بسرعة و فتحت الباب لي .

نظرت إليها متسائلة ماذا تفعلين ، و بينما هي تجيب كنت أدرس وجهها و حركاتها لأتأكد من غياب تلك العلامات التي تخبرني بأنه ليست زوجة أخي هي من تكلمني ، فقالت لي بأنها تشاهد مسلسلاً و بعدها ستجهز حقيبة السفر ( لأنه تقرر أنها و أخي سيسافران إلى مكة للعمرة) ففرحت بذلك جداً لأنه يوجد شيء سيشغلها قليلاً بدلاً من الجلوس وحيدة تتأمل الجدران و خاصة الثريا المعلقة في غرفتها لأوقات طويلة .

أظهرت لها بأنني أريد مساعدتها ، فقلت لها أبقي باب غرفتك مفتوح لأجلب جهازي المحمول للبحث عن تجارب لفتيات سافرن من قبل لمعرفة الضروريات من الأغراض التي يجب عليها أخذها خلال سفرها ، استحسنت الفكرة و بدأنا فعلاً في قراءة بعض المقالات بهذا الخصوص ، إلا أنني لاحظت بعد دقائق معدودة بالملل على وجهها و كأنها كانت تسايرني فقط و ليس لأنها كانت تود القراءة معي ، فارتأيت أن نخلد للنوم بعدما أحست بألم الصداع و بدأت جفونها تتساقط من فرط النعاس ، فوافقت على الفور مسرورة بسبب الساعات التي ظللت فيها مستيقظة لكي لا أتركها وحيدة فريسة لهلوساتها حيث كانت الساعة تشير إلى حوالي الواحدة و النصف بعد منتصف الليل .

فقامت زوجة أخي بخفض الضوء و تركت ضوءاً خفيفاً ينطلق من الثريا فوقنا ، فاستلقيت بجانبها على السرير حيث كانت هي الأقرب للباب ، و كنت أنا في الجهة الأخرى ، نمت على جنبي الأيسر حيث كان بمقدوري رؤيتها ، و ما إن شرعت في قراءة المعوذات في سري حتى لاحظت أن إصبع السبابة ليدها اليسرى كان يهتز لأعلى و لأسفل في حركة سريعة جداً ، و كذلك أصبع قدمها من تحت الغطاء ، فارتفع نظري لاإرادياً لوجهها فرأيتها تنظر إلى الثريا المعلقة فوقنا نحو نقطة معينة بعينين ثابتتين و كأنها ترى شيئاً لا أستطيع أن أراه ، و تهز رأسها إيجاباً و كأنها موافقة على شيء ما ، فظللت أحملق فيها مشدوهةً و قلقة ، و ما لبثت أن حركت رأسها بسرعة كادت تكسر رقبتها معها لتواجهني بنظرات غريبة و مخيفة لم أعهدها منها من قبل ..

شعرت بمعدتي تهضم نفسها من شدة الرعب ، و أحسست بجفاف في حلقي ، فلم أستطع أن أنطق بكلمة واحدة أو أعبر عن خوفي ، أردت أن أبدو متماسكة الأعصاب أمامها قدر الإمكان ، فناديت بإسمها بصوت خافت أقرب للهمس فأشاحت بوجهها عني ببطء لتنظر إلى تلك الثريا مجدداً ، و أردفت قائلة :

هل تستطيعين أن تري ما أراه ؟

فعرفت وقتها أن اللحظات التي كنت مرتعبة منها طوال الليل قد حان وقتها ، بما أنها المرة الأولى التي أقضي فيها الوقت مع شخص مستلبس ، فلم تكن عندي دراية بالكيفية الصحيحة للتعامل معها ، و خصوصاً مع تلك الهواجس نتيجة القصص التي قرأت و سمعت عنها ، فيخيل إلي أنها ستهجم علي و تكسر لي ذراعاَ أو ساقاً ، و تارةً أخرى أتخيل بأن الجني الذي يتلبسها سيظهر شكله الحقيقي لي .

و لكن شيئاَ من ذلك كله لم يحدث ، و إنما ظل يسرد لي حكايات و قصص عني و عن أهلي مظهراً لي أنه يعلم أسباب بعض المشاكل التي تحدث لنا ، و أن أشخاصاً عملوا لنا سحراً ، فما كان مني إلا أن سايرته و أظهرت له استغرابي و إن استحق الأمر “غبائي” عن بعض القصص التي تحدث عنها حتى لا يغضب أو يشعر بالإهانة ، حيث علمت من قرائتي لبعض قصص الجن أنه من الأفضل أن لا نغضب الجني أو نسخر منه حتى لا يؤذي المُتلبس به .

و بما أنني كنت بعيدة من الباب لا أعرف كيف واتتني الشجاعة بأن أحمل هاتفي و أكتب رسالة استغاثة لأختي التي كانت تسهر في الغرفة المجاورة كي تأتي على وجه السرعة ، حيث أنني لم أستطع الاستمرار بالتظاهر بالنوم و الخوف يأكل قلبي من أية مباغتة من قبل الجني .

فجاءت أختي بعد دقائق قليلة و كأن دهراً مر قبل مجيئها و فتحت الباب تسألني فيها إن كنت أريد شيئاً ، و كأن مجيئها كان مصادفة و ليست نتيجة رسالة كتبتها لها ، فرددت عليها كاذبة بأنني لا أريد شيئاً غير أنني كنت بحاجة ماسة لشخص بأن يقتحم الغرفة ، و يبدد شعوري بالخوف و الوحشة التي كنت أعانيها منذ ساعات ، و عندما لم تلاحظ أختي أي شيء و لم أكن بدوري قادرة على التفوه بأية كلمة لاستبقائها لوقت أطول ، خرجت من الغرفة و أغلقت الباب وراءها معلنة بذلك ساعات أخرى من الترقب و الوحشة حتى يبزغ نور الفجر ليبدد مخاوفي ، و لترقد زوجة أخي بسلام و دعة .

لم أستطع مقاومة النوم من شدة التعب و النعاس و نمت حتى الساعة الحادية عشرة صباحاً و أنا أشعر بجسدي متخشب بسبب نومي على نفس الجهة ، حيث لم أستطع أن أتقلب على السرير كما أفعل عادة بسبب الخوف ، عندها استيقظت و رأيت زوجة أخي نائمة كما تركتها الليلة الماضية و خرجت بهدوء لغرفتي و لأكمل نومي بهدوء و راحة ، في العادة نحن لا نخبرها بأي شيء تفعله عندما لا تكون بوعيها حتى لا تشعر بالخوف أو بالإحراج .

و عندما استيقظنا على وقت الغداء ، سألتني كيف دخلت إلى غرفتها حيث أنها أغلقت الباب بالمفتاح من الداخل ، فأجبتها مستغربة بأنك أنت من فتحت لي الباب .. لبثت دقائق معدودة أفكر قليلاً في سؤالها و أسلوبها الذي يعتريه الحيرة ، حتى اقشعر بدني من الاستنتاج الذي توصلت إليه ، و هو أن من كان يتحدث معي طيلة الليلة الماضية حتى قبل موعد النوم لم تكن زوجة أخي و إنما الجني الذي بداخلها !! عندها آثرت الصمت و أنا أفكر في خوف كيف سأميز بين زوجة أخي و الجني الذي بداخلها في المرات القادمة ؟؟

ملاحظة : كل كلمة كتبتها في القصة حقيقية ، و زوجة أخي ما زالت تعاني من هذا التلبس ، فأرجو ممن يقرأ قصتي أن يدعو لها بالشفاء العاجل .

تاريخ النشر : 2017-02-10
guest
39 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى