تجارب ومواقف غريبة

من أين أتى الضوء ؟

بقلم : زينب عبدالله القحطاني

من أين أتى الضوء ؟
ومن أين سيحضر الضوء ؟ لا شيء بالغرفة ينير ..

أنا فتاة في الثالثة عشر من عمري ، وهذه تجربتي الشخصية ، هذه الأحداث حصلت معي وأرعبتني حقاً مع العلم أنني لم أكن أخاف من شيء من قبل ، كنت لا أصدق الخرافات ولا القصص المخيفة التي تتضمن الأشباح والجن والسحر .. وبعد الذي حصل معي لست متأكدة من أن الأمور المخيفة هذه لا تحصل , على الرغم من أنها لا تتعلق كثيراً بالذي مررت به .

حدث هذه الأمر قبل أسابيع قليلة ، وتاريخ هذا اليوم سيبقى محفوراً في داخلي إلى الأبد .. كانت ليلةً كباقي الليالي في البداية ، انتهيت من مشاهدة برنامجي المفضل مع عائلتي كالعادة وخلدت إلى النوم . كانت الساعة وقتها التاسعة .. كان علينا أنا وأخوتي النوم باكراً لأجل المدرسة ، على العموم نمت بسلام واطمئنان .. لم يخطر ببالي أبداً أن شيئاُ مريباً سيحصل .. ولكن اطمئناني هذا لم يدم طويلاً .. كنت معتادةً على الاستيقاظ في الليل .. سواء لأقضي حاجةً أو أكون قد انتهيت من حلم ولا يأتيني نوم من جديد ، ففي أيام العطل أسهر كثيراً وآخر عطلة كانت طويلة إذ كانت بمناسبة بداية سنة جديدة ولم يكن ذلك من فترة طويلة ..

استيقظت تلك الليلة الساعة الثانية أو الواحدة بعد منتصف الليل ، لا اذكر الوقت جيداً .. كنت في الغرفة مع أختيّ الصغيرتين وكانتا نائمتين , وفي الغرفة المجاورة أمي وأبي غارقان في النوم والباب مغلق ، أما الغرفة التي بمقابل غرفتنا ( بوجهنا ) فكانت مفتوحةً وينام فيها أخي الذي يصغرني بثلاث سنوات .

كل الغرف كانت معتمةً ولم يكن هناك أي ضوء منبعث من الخارج .. فلا محلات بجوارنا والبيوت قليلة ، قلقت ولم استطع النوم .. فبدأت أفكر وأفكر وأشغل مخيلتي لأتسلى قليلاً .. ولكن ما هي إلا لحظات حتى لمحت ضوءاً أبيض ، وبسرعةٍ نظرت بجانبي لأجد أنه منبعث من الغرفة التي أمامنا .. الغرفة التي ينام فيها أخي ، ما هذا ؟! .. من أن يأتي هذا الضوء ؟! .. إنه تقريباً كالدائرة التي لا بداية لها ولا نهاية , فليس ظاهراً أنه نابع من مكان ، بل هو متجمع داخل الغرفة التي بمقابلنا وغير معروف من أي ناحية يأتي .. لقد شعرت حينها بخوف ولأول مرة ، فكنت متأكدةً أن لا أحد بالغرفة إلا أخي وهو نائم ، وسريره بعيدٌ عن الباب قليلاً وهو على جهة اليمين " من ناحيتي " والباب بقربه فلا أراه .. كما أننا في الليل ولا يوجد ضوء ولا يعقل أن يكون من الخارج إذ أنني على هذه الحالة كان يجب أن أراه ممتداً من الشباك وليس متكوما من مكان واحد !!! بماذا تفكرون ؟ .. بالطبع ستقولون إنه أخي ، أخي من يفعل ذلك ويمازحني ، ولكن لا .. لا وألف لا .. فأخي لوحده يخاف من الظلام .. يخاف من ظله ! .. أمي تستلقي بجانبه كل ليلة حتى يغفو ثم تطفئ النور وتدخل غرفتها ، ثم لماذا سيفكر أخي في ذلك ؟! وفي الليل ؟! ومن أين سيحضر الضوء ؟ لا شيء بالغرفة ينير .. و " القدّاحة " لا تضيء ضوءاً كهذا الذي رأيته ، أيضاً إنني متأكدة بأن أخي لو كان مستيقظاً في هذا الوقت لكان طامراً رأسه بالغطاء فخوفه من الظلام لا يوصف .

ثم لحظة ! .. إن قلنا أنه هو .. حسناً .. كيف عرف أني مستيقظة ؟! .. كيف خطر بباله أن أحداً سيستيقظ الآن ؟! .

حسناً أصدقائي ، ربما أنا أبالغ قليلاً .. ربما يكون ضوءاً عادياً .. وما المخيف في ذلك .. لننسى الموضوع .. هذا ما قلته لنفسي قبل أن أغفو مرة أخرى بعد اختفاء الضوء ، لأني لم أستطع التحرك واكتشاف مصدره من شدة خوفي وقلقي ، ومضت الليلة وطلع النهار ولم أخبر أحداً بل حاولت أن أضع في بالي أنني توهمت أموراً مخيفة لا وجود لها وأني أكبّر الموضوع .

للآن ، إذا كنت عزيزي من النوع الذي لا يقلق ويخاف بسرعة من هذا ، ويعتبر الأمر عادياً .. حسناً ، أنا أيضا وضعت ذلك في بالي وقلت أنه يجب أن أضحك على نفسي .. ولكن ماذا لو تكرر هذا الأمر ثانيةً ولم يكن أخي أو أي شخص في هذه الغرفة ؟! .. هل سنقول أيضاً أنه عادي ؟! .. بالطبع لا !!! ..

وهذا ما حدث .. بعد أن أكملت يومي بسلام وأتى الليل الذي لم يخطر ببالي أنه يحمل لي نفس الأمر الغريب الذي حدث الليلة الماضية ، خلدت إلى النوم وأرحت عيوني المتعبة وجسدي المرهق , ولكني هذه المرة لم أنم بالوقت الذي اعتدت عليه ، لا أعني وقت الاستلقاء على الفراش ، بل الفترة التي أستغرقها للنوم بعد مزيج من الأفكار التي تراودني . مضت ربع ساعة ، نصف ساعة .. ساعة .. ساعة وربع .. ولم أنم بعد ! .. ما هذا ! .. لأول مرة لا أشعر بالنعاس في هذا الوقت ! .. هذه الليلة كان أخي ينام على الفراش الذي بجانبي وأختاي وراءنا ، لأنه كان مستلقياً يشاهد التلفاز وغفي أثناء ذلك فأراح أمي من عناء انتظاره لينام .

تك توك تك توك .. الساعة المعلقة على الحائط وعيوني التي تراقبها .. متى سأنام يا ترى ؟! , " النوم بعد قليل " .. هذا ما فكرت به وأنا أنتظر النعاس ليأتيني ، ولكني لم أتوقع أن يأتي شيءٌ آخر !! .. لكنه أتى !!!!! .. أجل ! .. إنه ذلك الضوء الغريب ! أتى ليزورني مجدداً دون التعريف عن نفسه ! نفس الضوء الذي رأيته ليلة أمس ، ولكن هذه المرة لا يمكنني أن أهدئ نفسي بقولي أنه أخي ! فأخي هنا بقربي غارق في نومه ، ولا أحد في الغرفة المقابلة .. ترى لماذا لم يخطر ببالي أن أغلق بابها قبل أن أنام ؟! .. لماذا نسيت وأوقعت نفسي في المشاكل ، هل يا ترى إن كنت أغلقته ما كان الضوء ليظهر ؟! أم أنه سيظهر في مكان آخر ؟! أخذت أتأمله بغرابة وقلق وفزع وتوتر .. لمع مرتين ، ظهر واختفى ثم كررها ، وبعد ذلك .. اختفى تماماً . وتركني في حيرة من أمري وقلق لا يفارقني .. لم أعد أرغب بالنوم أمام تلك الغرفة ، أريد النوم بين والديّ .. فإن كان هذا مجرد ضوء وأخافني .. ماذا تخبئ لي الليالي الأخرى ؟! .

عزيزي القارئ ، هل يمكنك أن تكتب لي توقعاتك وتفسيراتك المنطقية لما حدث معي ، مع العلم أنني لا أصدق بالخرافات وأعلم أن هناك تفسيراً علمياً مقنعاً لذلك . أتمنى أن أجد الردود التي تريحني علماً أن ذلك الحدث مضى عليه وقت ، ومع ذلك أخاف من أن يتكرر .

تاريخ النشر 20 / 01 /2014

guest
113 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى