تجارب ومواقف غريبة

انا وصاحبي والجني!

بقلم : ابو العز

انا وصاحبي والجني!
سرت في طريق منعزل لأختصر الطريق ..

ذات مساء خرجت أنا واحد أصدقائي في وقتا متأخر من الليل للتنزه وقتل الفراغ والروتين اليومي , ودار بيني وبينه معظم الأحاديث الطريفة وبعض المواقف المضحكة التي حصلت بيننا في الماضي ..

لقد كان الحديث مشوقا ما جعلنا نسير مسافات بعيدة عن قريتنا وبلحظة وجدنا أنفسنا قد وصلنا القرية الثانية التي تجاور قريتنا .

قطعنا كل تلك المسافة دون أن نشعر بها لقد كان موقفا مثيرا للإعجاب فعلا .

قررنا العودة ولكن طرأت فكرة على صديقي حيث عرض علي أن يزور خالته المتزوجة في هذه القرية وان أعود وحدي لأنه سيبيت عندها .

لم يكن عندي أي مانع وخاصة انه منذ يومين يريد زيارتها كي يبارك لها بشفاء ابنها من مرضا خطير . فذهب هو إلى منزل خالته وأنا عدت أدراجي .

بعد ذلك حاولت أن اختصر على نفسي المسافة فقطعت نحو منطقة منعزلة تماما خالية من السكن والسكان كي أصل بأسرع وقتا لأنني بدأت اشعر بالبرد القارص الذي يلسعني كلسع الأفاعي .

كنت أسير بتلك المنطقة المنعزلة والموحشة بمفردي وكانت شديدة الظلام بسبب غياب القمر الذي غطته الغيوم ولا اسمع صوتا سوى صوت احتكاك قدمي بالأرض وصوت الكلاب البعيدة ( أكرمكم الله ) التي تنبح دون أن تعرف معنى النوم أو الصمت .

وأثناء هذه اللحظات سمعت صوتا بعيدا قادما من تلك القرية لم اهتم كثيرا له بل تجاهلته ( طنشته ) ولكن شعرت كأن ذلك المنادي يقترب مني . فتوقفت وكتمت أنفاسي كي اسمعه بوضوح .

وما هي إلا ثواني حتى بدا ينادي وتفاجئت حين سمعته يناديني باسمي .. إذن هذا النداء خاصا بي أنا وليس بغيري ..

– أبو العز انتظرني أنا قادم ..

– يا الهي !! أنا لا اعرف أي إنسان في هذه القرية ، إذن من هذا الشخص القادم إلى هذه المنطقة المنعزلة ، والذي يطلب مني
الانتظار ؟ .

كان تفسيري الوحيد هو أن صديقي تراجع عن زيارة خالته وقرر العودة معي إلى بيته لعله شعر بالحرج خصوصا أن الوقت كان متأخرا ولا يصلح للزيارات . انتظرته وفي غضون دقائق وصل إلي وفعلا كان المنادي هو نفسه صديقي ولم يخب ظني .

– أيها الأحمق الم تقل لي انك ستزور خالتك وتقضي ليلتك معهم ؟! .

– اعذرني يا أبو العز ، ما أن وصلت عندهم وطرقت الباب ولم أجد أحدا في البيت وتبين لي أنهم في زيارة لأحد أقربائهم وبعد ذلك عدت على الفور .

– حسنا لا بأس .

مشينا قليلا وفجأة طلب مني الوقوف .

همسته : ما الأمر ؟ .

فقال لي انه أضاع 500 ليرة ( 4 دولار ) ويجب عليه البحث عنها .
استغربت هذا الأمر فالمبلغ بسيط ولا يساوي مجهود البحث أو مجابهة البرد .

– متى أضعتها ؟!

– أثناء قدومنا إلى تلك القرية !!

هنا تبين لي أن ثمة شيء غريب يحدث الآن فنحن الاثنان لم نأت من هذا الطريق بل أتينا من طريقا آخر و أنا وحدي سرت في هذا المكان في محاولة لاختصار المسافة . ومن هنا بدأت الشكوك تساورني … أما أن يكون صاحبي كاذبا وفي نفسه غاية أو إنه حدث له شيء غريب جعله يهذي بما لا يدري .

كان يبحث عن المال بشكل جنوني وبتعصب شديد وكأنه أضاع خزائن قارون ، بعد ذلك عرضت عليه أن نأتي في الصباح ونبحث عن المال لعل الضوء يساعدنا ولكنه رفض وأصر على مواصلة البحث . ثم عرضت عليه أن أعطيه الـ ( 4 دولارات ) ولكنه قابلني بالرفض الشديد .

عندها علمت أن الأمر اكبر من إضاعة مال . وقررت العودة ولكنه لم يقبل وتوسل لي كثيرا أن أبقى معه . فبدأت اشعر بان خطرا ما يتربصني , فانا لم اعهد صديقي مولعا بالمال إلى هذا الحد , والمثير للغرابة كيف خطر في باله إنني قد عبرت نحو المنطقة المنعزلة دون غيرها من الطرق . ثم بدأت اسمع صوتا يصدر منه كصوت لهث الكلاب . هنا بدأ الرعب يدب في قلبي خصوصا أن هذه المنطقة سمعت عنها الكثير من الغرائب التي تنتاب زائريها أثناء صغري .

ثم قال لي : لن أعود حتى أجد المال .

كنت احمل مصباحا صغيرا في جيبي استعمله عند الضرورة اللازمة . فأشعلته وصوبت الضوء نحو رأس صديقي .. وكانت الفاجعة .
لقد كانت إذنيه طويلة كإذن الشياطين وكان وجهه ضاحكا بعكس تصرفاته وكلماته التي تبين انه في غضبا شديد .

والأغرب من هذا أن عيونه بيضاء اللون كعيون الأموات .
يا إلهي انه شبح وليس صاحبي .

وبعد أن علم أن أمره افتضح بدأ بمهاجمتي وهو ينبح كنباح الكلاب تماما . فضللت في مكاني استعيذ بالله واقرأ ما تيسر من القرآن وقراءة المعوذات حتى هرب واختفى عن أنظاري متلاشيا وكان هذا بفضل الله ثم بفضل ما قرأته من الآيات القرآنية .

عدت إلى منزلي وأنا مذعورا من تلك الحادثة الغريبة بالفعل . وضلت أياما وأسابيع تدور في ذهني حتى استوعبت إن ما حدث كان نتيجة احتكاك الجن بالإنس وهذا الاحتكاك سنة من سنن الحياة

تاريخ النشر 19 / 02 /2014

guest
64 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى