تجارب من واقع الحياة

أحببته و لكن !

بقلم : ميرال – الجزائر

أحببته و لكن !
تبادلنا الحب كلمات وهدايا ونظرات وابتسامات كان حبنا عذرياً صافياً

لطالما كنت تلك الفتاة التي تصر على المحافظة على قلبها من عواصف العواطف الهوجاء و رياح الحب الجارفة ، لطالما امتلكت الوعي الكافي الذي جعلني أتحكم في زمام مشاعري و أسيرها كما أشتهي و على النحو الذي يرضيني ، نجحت في ذلك طوال فترة دراستي وتفوقت وتخرجت من الجامعة بشهادة مرموقة ، بحثت عن عمل في ميدان تخصصي فلم أجد ، لذلك قررت أن اتجه إلى سلك التعليم لكونه يتماشى مع طموحي وكان أمنيتي منذ الصغر والحمد لله فقد تحققت وأنا الآن معلمة

هناك داخل أسوار المدرسة القديمة تعرفت على زميلاتي في العمل و كن لي نعم الرفيقات والصديقات ، و تعرفت على تلاميذي الذين أحببتهم مع مرور الأيام وأصبحوا يحتلون مكانة داخل قلبي، وهناك أيضا أعجب زميل بي كان يقدم لي المساعدة والنصائح التي تفيدني في ميدان عملي، يطلع على وثائقي الخاصة بتحضير الدروس ويصحح لي ما إن يلاحظ أي خطأ ما، يحضر لي ملخصات تساعدني على الأداء بشكل أفضل ، كان يغلف اهتمامه بي ويبرره على أنه أبوة روحية فهو يشعر تجاهي بحب أبوي خالص مع أنه يفوقني ب16سنة فقط  ، و كلما شكرته على صنيعه معي يخبرني بأنه يحتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى ، وأن مساعدته لي ما هي إلا لخدمة التلاميذ فهم أمانة سنحاسب عليها يوماً

مرت الأيام على هذا النحو إلى أن جاء ذلك اليوم الذي طلبت منه مساعدتي في انجاز بحث خاص بالمعلمين الجدد فقد طلبت منا الإدارة ذلك ، أدركننا العطلة الشتوية ولن نلتقي إلا بعد 15يوم فأعطاني رقم هاتفه لكي يزودني بالمعلومات التي أحتاجها و بالفعل حدث ذلك وساعدني كثيراً في إتمام البحث وتسليمه في الوقت المناسب وحتى يكون التعاون بينا أكثر فعالية أرسلت له طلب صداقة في الفيسبوك وتبادلنا الأفكار والآراء والأخبار المستجدة في مجال التعليم

 خلال الفترة التي كنا ننجز البحث فيها تقرب مني بشكل كبير و تحدث معي عن طموحاته ومشاكله و خصوصياته ولا أنكر أنني كنت أصغي له باهتمام كبير فله طريقة فريدة في الكلام والحوار أعجبت به ، أعجبت بشخصيته و لباقة حديثه و روحه المرحة التي تضفي على المكان جواً من البهجة والسرور والسعادة ، أبهرني صوته الرخيم في الإنشاد و بلاغة لغته العربية وتعمقه فيها و كنت كثيراً ما أناقشه في النحو والصرف والإعراب ، و إذا به يبدى إعجابه بفطنتي و ذكائي و كان يشجعني و يدعمني معنوياً ، و في إحدى مناقشتنا اعترف لي بحبه وأنه لطالما حاول جاهدا أن يجعل هذا الحب الجارف في إطار الأبوة ، لكن لم يستطع لأنني فتاة لم يستطع مقاومة فتنتها و أنوثتها و ذكائها و طريقة تفكيرها الفذة

 لا أنكر أبداً صدمتي باعترافه لي ، صحيح أنني كنت ألمح في عينيه بريقاً كلما تحدثت معه ، ألاحظ نظراته وهي تتبعني من مكان لآخر، سؤاله عني أذا غبت عن ناظريه ، كنت أظنه إعجاباً لا أكثر ، كنت أشكك في هذا الحب لأنه رجل متزوج ، نعم متزوج و كان يمدح زوجته دائماً أمامنا ، استغربت ذلك فسألته : كيف لرجل أن يحب امرأتين ؟ رد ببساطة: هذه فطرتنا كرجال نحن باستطاعتنا أن نحب 4 نساء دفعة واحدة ، هذا ليس عائقاً أبدا ، و اخبرني انه يعلم أنني معجبة به بل ومن الممكن أنني أحبه فما يظهر جلياً في نظراتي عندما أتحدث إليه والتي لا يمكن للمحب أن يخطئها ، كانت الأيام المتوالية علينا تنصفه و تسانده مواقفه معي ، فعونه لي و حرصه و اهتمامه و لهفته لرؤيتي جعلت من الحصن الذي بنيته طوال تلك الأعوام يتهدم أمام كتلة حبه الملتهبة ، جعلت منه فارس أحلامي وملكاً على عرش قلبي أحببته واعترفت له وكم كانت فرحته بالغة وهو يقرأ رسالتي التي أفضح فيها مشاعري و أفصح عنها بكل رومانسية وشاعرية

 تبادلنا الحب كلمات وهدايا ونظرات وابتسامات كان حبنا عذرياً صافياً كماء عذب زلال ، أترقب لقائه كل يوم وكم يحلو لنا الحديث عن أي شيء ، أعرب لي عن رغبته بالزواج مرة ثانية لأن زوجته مقصرة في حقه و لكنه يحبها ولا يريد أن يكسر قلبها و في المقابل لا يستطيع أن يبقى دون زواج فهو يخشى أن يقع في الحرام ، وكتب لي في إحدى رسالاته حرفيا ما يلي : أنا أحبك و خلقت لأحبك حباً طاهراً نقياً ، لكن شدة هذا الحب لا تقاوم لأنني آتي أهلي كلما اشتقت إليك و لكن تبقى نار قلبي مشتعلة هذا أغرب ما حدث لي ، كانت دهشتي كبيرة باعترافه هذا و انقطعت عن الحديث معه مدة لكنني لم استطع مواصلة تلك القطيعة لأنني أحبه كثيراً ، عدت للتواصل معه ، اعتذر عما قاله وأخبرني انه لن يعيد ما كتبه لي ولكنه يعود للغزل والكلام المعسول وعبارات الحب والاشتياق

 أعلم انه لن يستطيع الزواج بي لان لديه زوجة و طفلة و أنا لن أستطيع الزواج به لأنني لا أريد أن أظلم امرأة أخرى و حتى أهلي لن يوافقوا في حال تقدم لخطبتي فعمري 25 سنة والفرص أمامي كثيرة ، كم يؤلمني قلبي جراء ذلك وكثيراً ، ما أندب حظي لماذا وقع في حبي رجل متزوج ولماذا وقعت بدوري في حبه ؟ لماذا يحدث هذا معي ؟ و كم أشعر بتأنيب الضمير تجاه زوجته ، لكنها القلوب وحدها من تهوى و تحب لا ذنب لنا فيها والله وحده يعلم أنني لم أختر أن أحبه عمداً

دعوت الله كثيراً أن أنساه و يرتاح قلبي ، قللت من التواصل معه بغرض نسيانه لكنه يسكن القلب و الروح والعين ، أشعر بضعف شديد تجاهه و تعبت من المقاومة ، أرجوكم ساعدوني ماذا أفعل أكثر من هذا حتى أستطيع محوه من ذاكرتي ؟

تاريخ النشر : 2017-07-04

guest
42 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى