منوعات

العقد النفسية و رعب الحياة الواقعية

بقلم : عادل محيش – سوريا

العقد النفسية لها تأثير كبير على سلوك وشخصية الانسان

نواجه في هذه الحياة التي نعيشها مختلف المواقف و الصعوبات التي تتطلب منا أن نتحذ قراراتنا بشجاعة وثبات حيالها لكي نحسمها , لكننا في أحيان كثيرة نحجم عن استجماع شجاعتنا و اتخاذ القرار المناسب الذي من الممكن أن يحسن استجابتنا نحو ما نواجهه من مواقف لتحسين حياتنا و يتم هذا بشكل لا إرادي دون أن يدور بخلدنا أن استجابتنا السيئة التي أدت إلى خسارة الكثير من أمكانياتنا كانت بسبب عقدة نفسية .

فيا ترى ما هي العقدة النفسية وكيف تم التأصيل لها من قبل علم النفس؟

العقدة النفسية ببساطة هي مجموعة الانفعالات و المشاعر و المواقف و الخبرات التي اختزنها اللاوعي والتي تؤدي إلى استجابة الإنسان بشكل معين إذا ما حصلت معه مواقف مشابهة أو مماثلة لما تعرض له في الماضي.

بمعنى آخر هي ليست مرضا أو جنونا بالضرورة كما يعتقد أغلب الناس بل فقط استجابة نتيجة لما اختزن في اللاوعي سواء كان هذا بشكل صحي أو مرضي سلبي أو إيجابي أي ربما تؤدي العقدة النفسية لنتائج سلبية أو إيجابية.

كمثال على ذلك لو أن أحدهم تعرض لقطع ساقه وهو طفل فربما يكون لهذا أثر عميق على حياته و حتى لو تمت معالجة هذا القطع سيختزن لا وعيه الكثير من مشاعر الألم و الدونية و المرارة و الانتصار لديه ربما تدفعه للتواكل طلبا للشفقة أو العمل بجد لإثبات ذاته و التفوق على الآخرين وغير ذلك.

العقد النفسية و رعب الحياة الواقعية
سيجموند فرويد (يمين) وكارل يونج (يسار)

تم التأسيس لهذا المصطلح من قبل العالم الكبير كارل يونج باكرا في حياته أثناء عمله في عيادة نفسية في جامعة زيوريخ من عام 1900-1908 وظهر بشكل كثيف في أعماله و أعمال سيجموند فرويد.

أحد الفروق الأساسية بين علم النفس التحليلي الذي أسسه يونج و علم النفس الفرويدي هو أن فرويد ركز على عقدة أوديب في تفسير الفعل البشري وعرج باختصار على عقدة إلكترا وهي المقابل الأنثوي لأوديب بينما كارل يونج فسره بأكثر من 30 عقدة مما أدى إلى خلاف بينهما و انفصال يونج عن فرويد ليؤسس مدرسته الخاصة.

فما هي عقدة أوديب التي ركز عليها فرويد والتي تعد أساس الفعل البشري بالنسبة له؟

يرى فرويد أن الابن في المراحل العمرية الأولى يشعر بالغيرة من أبيه نتيجة علاقته الجنسية مع الأم , وأن سلطة الأب و استئثاره بالأم تحول بينه وبين إنشاء علاقة جنسية مع أمه فيؤدي ذلك إلى رغبات جنسية مكبوتة تتوالى بسبب عدم إشباعها إلى مشاكل نفسية أخرى ويتميز من يحمل هذه العقدة بكراهية الأب و شعور جنسي نحو الأم و الحرص على إرضائها و الخوف من رفضها وتتميز بصعوبة أيجاد شريك الحياة لأنه يريدها مماثلة شكليا لأمه.

عقدة إلكترا نفسها عقدة أوديب لكن ضع البنت بدل الابن و الأب بدل الأم أي هي شعور البنت بكراهية أمها و حرصها على إقامة علاقات جنسية مع الأب و الخيالات الجنسية تجاهه وحرصها على كون شريك الحياة مشابها للأب.

الكثير من العقد النفسية تسمى بأسماء أبطال الأساطير اليونانية بسبب تشابه قصص هذه الأساطير مع مضمون العقدة النفسية و إن كان بشكل جزئي

العقد النفسية و رعب الحياة الواقعية
عثدة اوديب وعلاقة الاطفال بوالديهم

فقصة أوديب باختصار شديد وأنصحكم بقراءتها كاملة في تراجيديات سوفوكليس لأنها مؤثرة جدا أن ملك أحد المدن اليونانية تخبره كاهنة أنه إذا ولد له ذكر فسيقتله و يستولي على عرشه فيقوم الأب بقتل جميع أولاده الذكور إلا أوديب الذي ينجو بأعجوبة على يد أحد الحراس فيذهب به إلى مدينة ثانية و يكبر أوديب ويخرج من المدينة و في الطريق يختلف مع رجل مسن فيقتله ويقتل أحد الوحوش التي تهدد المدينة التي ولد فيها بالأساس فيتوج فيها بطلا و يتزوج الملكة التي مات زوجها و لم يعرف قاتله وعندما يبحث عن قاتله يكتشف أن الرجل الذي قتله هو أبوه و أن الملكة التي تزوجها هي أمه , فتنتحر أمه ويقوم هو بفقأ عينيه ثم يهيم في الارض , و نتيجة تشابه هذه التراجيديا الجزئي مع مضمون العقدة سميت العقدة بعقدة أوديب.

اعتقد يونج أنه من الطبيعي جدا أن يكون للإنسان عقدا نفسية لأن كل إنسان لديه خبرات ومشاعر واستجابات تجاه المواقف سواء كانت إيجابية أم سلبية , رغم ذلك العقدة النفسية السلبية لها نتائج سيئة و تسبب المعاناة و الألم.

و العقد النفسية هي مصدر جميع المشاعر البشرية بحسب يونج , وتكمن خطورة العقدة النفسية بأنها كائن مستقل له كيان متكامل و متساوق مع اللاوعي الداخلي ,حتى لو كان وعيك معاكسا لها و معارضا لها يستطيع السيطرة عليها لفترة محدودة بسبب محدودية التركيز وبعد انتهائها تعود العقدة من حيز اللاوعي من جديد لتهيمن على وعيك و توجهه ككائن غريب عنك.

العقد النفسية تملكنا و تمزق وعينا وكل واحد فينا يعتقد بسذاجة أن سلوكنا يصدر عن محض إرادتنا الحرة لكنه في الحقيقة ينتج عن العقد الكامنة في اللاوعي بحيث تصبح إرادتنا لفعل ما معاقة أو مستحيلة حتى أنها تؤثر على الذاكرة وتضعنا تحت نوع جبري من التصرف دون أن ندرك ذلك.

شخصيا أعتبر كلام يونج مرعبا وواقعيا جدا و توعويا أيضا و اختبرت صحته بنفسي و من تجاربي الخاصة فنتيجة لمواقف سابقة امتلكت اعتقادا معينا عرفت فيما بعد أنه خاطئ و حاولت التصرف على أساس أنه خاطئ لكن بشكل لا واعي أعود للتصرف السابق.

لكن رغم ذلك كلام يونج توعوي و مساعد للتغيير بحيث إذا أدركت أن ما يحدث معك عقدة نفسية و ليس إرادتك الخاصة عندها ستكره هذا الأمر وسيقل أثره عليك و ربما ينعدم مع مرور الوقت و يحل محله لاوعيك الجديد ممثلا بإرادتك الخاصة .

العقد النفسية التي صنفها العلماء لا يحيطها الحصر و لكيلا يطول الموضوع أكثر سأتطرق إلى ما أعتقده أنه مهم أو غريب ومن هذه العقد :

1 – عقدة أنتيجون

و هي مشابهة لعقدة ألكترا تظهر فيها البنت حيا جنونيا ليس نحو الأب فقط وإنما أيضا لأحد ذكور الأسرة كالأخ.

2 – عقدة جوكاستا

تتميز برغبة الأم الشديدة بالاحتفاظ بالابن إلى جانبها طوال الوقت وعدم تحمل غيابه وقد يعزى سبب هذه العقدة إلى غياب شخصية قوية للأب أو غياب الأب كليا.

وبسبب ممارسة الأم هذه ينمو الابن و يصبح رجلا عاجزا عن بناء حياة مستقلة واتخاذ قراراته الخاصة بمعزل عن استشارة أمه.

وتشبهها عقدة جيريسلدا عند الأب تجاه ابنته و قد يمنعها من الزواج خوفا من فقدانها.

3 – عقدة ميديا

العقد النفسية و رعب الحياة الواقعية
عقدة ميديا .. الام تكره اولادها

هذه العقدة تظهر لدى الأم متمثلة في كراهيتها لأولادها و محاولة إيذائهم جسديا و لفظيا و أخلاقيا من أجل تحقيق الانتقام من زوجها , فهي لتنتقم منه تقوم بإيذاء أولاده.

4 – عقدة أورستس

هي محاولة الابن التخلص من أمه بشتى الوسائل و عزلها عن حياته.

5 – عقدة قابيل

وتمثل في التنافس المر بين الإخوة و الأخوات من أجل أن يحقق واحد منهم أقصى نجاح اجتماعي ويحظى بحب الوالدين متفوقا على الآخرين و كارها لإخوته.

6 – عقدة الأنا

تتمثل في أن يعتبر الشخص نفسه مركز العالم و أن مهمة الجميع تحقيق رغباته ولو على حسابهم ولو أدى ذلك إلى خسارتهم وذهاب مصالحهم و تنشأ بسبب إما أن الشخص هو وحيد أمه وأبيه وعملوا لذلك على تحقيق كل رغباته أو أنه في الطفولة تم حرمانه من أبسط الرغبات فأدى هذا لنشوء عقدة لديه.

7 – عقدة الأب

و تتمثل في سعي الأب إلى أن يكون أبا مثاليا بإعطاء أولاده أفضل ما لديه دون انتظار أي مكافأة منهم أو اعتراف بالجميل و حتى لو حقق رغبات ابنه يبقى قلقا ماذا يجب أن يفعل أكثر من ذلك؟.

ومع نمو ابنه يقوم دائما بإمطاره بالنصائح يعتبرها الابن تدخلا في حياته الخاصة وحتى عندما يصبح رجلا ناضجا يبقى يعامله كطفل و يتدخل حتى فيمن يجب أن يختارها شريكة حياته.

تقابل هذه العقدة عند الأنثى عقدة الأم.

8 – عقدة المنقذ أو المخلص

وفيها يعتقد الإنسان أن له دورا في منع حصول الأمور السيئة في المجموعة التي ينتمي إليها و يتخذ هذا الدور ذريعة لما يقوم به كعدم الذهاب إلى المدرسة إذا كان طفلا أو تبرير عادات منحرفة و يشعر صاحب العقدة أن هناك مهمة تلح عليه يجب أن يحققها مهما كان الثمن ويمضي حياته في البحث عنها حتى لو كانت وهما أو غير موجودة أساسا ولدى أصحاب هذه العقدة اعتقاد غير عقلاني بتفردهم وميل للعزلة ووصف أنفسهم بعبارات نبوئية.

9 – عقدة كليوباترا

العقد النفسية و رعب الحياة الواقعية
عقدة كليوباترا .. تبدي تمنعا وبرودا تجاه الرجال

وفيها تعتقد المرأة بتفردها و استحقاقها أن تكون ملكة العالم بسبب جمالها الباهر أو موهبة عظيمة تمتلكها ,و تبدي تمنعا و برودا تجاه الرجال لاعتقادها أنه لا رجل يستحقها وتطلب التقديس و التبجيل من شركائها و في حال لم يفعلوا ذلك لا مشكلة لديها في أن تجعل العواقب وخيمة حتى عليها وفي حال ظهور منافسة لها من النساء تعمل على الإطاحة بها و إزالتها من طريقها و تظهر هذه العقدة لدى نساء الطبقات العالية.

10 – عقدة نابليون

تتميز بسعي المرء الذي يملك إعاقة معينة أو صفة معيبة ما إلى التفوق على أقرانه و قيادتهم و الحصول على شعبية كبيرة بينهم.

11 – عقدة لوليتا

و تظهر بسبب العلاقة السيئة بين البنت و أبيها في الطفولة أو بسبب غياب الأب و تعوض عن ذلك بالوقوع في الحب مع الرجال كبار السن و الحرص على لفت انتباههم وتتميز بتجنب التواصل مع أقرانها من الفتيات و النساء وتحدث عادة للفتيات المراهقات ويمكن أن تحدث مع النساء البالغات.

12 – عقدة الدونية

العقد النفسية و رعب الحياة الواقعية
عقدة الدونية يعتقد الشخص انه اصغر واقل شأنا من الآخرين

تظهر هذه العقدة نتيجة عدم القدرة على الاكتفاء الذاتي و الإحساس بعدم القدرة أن يكون مثل الآخرين.

ومن مظاهر هذه العقدة التقليل من احتياجات الشخص و رغباته و التحدث عن النفس بشكل تصغيري دون احترام و الخوف من الجهر بالرأي وتقييد للنفس لا أساس له وربما النزوع للمازوخية ويمكن أن تتطور إلى تعذيب الذات و حرمانها و للتخلص من هذه العقدة تحتاج لطبيب نفسي.

13 – عقدة التفوق

تظهر بالاعتقاد أن الإنسان أفضل من الآخرين و أنه فوق القواعد في العمل و الحياة الاجتماعية و أن الآخرين لا يستحقون مرافقته و أنهم متخلفين و النزوع إلى التحكم بكل شيء في الحياة مهما كان الثمن.

14 – عقدة الإله

وتكون في أن الشخص يعتقد أن قدراته غير محدودة ويعرض نفسه لمواقف صعبة و مهددة للحياة معتقدا أنه يستطيع النجاة منها و تولي أصعب المهام و السعي الدائم لإنجازها وتجاهل آراء الآخرين التي تتفق مع موقفه و العناد و عدم الاعتراف بالأخطاء.

15 – عقدة كاساندرا

العقد النفسية و رعب الحياة الواقعية
عقدة كساندرا .. يعاني صاحبها من عدم تصديق الناس

و تحدث مع الأشخاص الذين يعانون نفسيا أو عاطفيا ولا يتم تصديقهم عندما يشاركون سبب هذه المعاناة مع الآخرين وهم يعانون بسبب عدم تصديق الناس لهم.

وتحصل مع من يعتقد أن هناك عقابا سيحل بالناس و مصيبة ستحدث يخبئها القدر ويشعر بالحزن و المعاناة بسبب عدم تصديق الناس له.

16 – عقدة البطل

يقوم فيها من ينشد البطولة و الاعتراف بخلق مواقف يائسة بالنسبة للآخرين لكنه يستطيع حلها كافتعال الحرائق المتعمدة ثم إطفاءها.

17 – عقدة الشهيد

وهي عكس عقدة البطل إذ يقوم صاحب هذه العقدة بخلق أو التعرض لمواقف يحرص منها على كسب تعاطف الناس وحرصه على أن يظهروا الشفقة تجاهه و أخطر حالاتها عندما يكون المصاب بها مختل عقليا فمثلا يقوم بقتل ابنه ليحصل على تعاطف الناس وفي هذه الحالة يجب احتجازه.

وقد رأيت منذ سنوات في التلفاز برنامجا على قناة لا أذكر اسمها عن أم مجنونة تقتل أولادها لتحصل على تعاطف الناس و تستلذ بذلك حتى شكت الشرطة بأمرها و اعتقلتها في النهاية.

18 – عقدة الاضطهاد

هو شعور الإنسان أنه مستهدف من قبل الآخرين بالمعاملة السيئة و الأذى و الشعور بعدم الثقة تجاه العالم.

19 – عقدة عدم الحسم

العقد النفسية و رعب الحياة الواقعية
عقدة عدم الحسم صاحبها يعاني في اتخاذ القرارات

تتميز بالشعور بالضعف و الضيق عند اتخاذ القرارات وعدم الثقة بالنفس لاتخاذ قرارات حقيقية بشكل مستمر و التعويل على آراء الآخرين و انعدام التوجه في الحياة و تغيير الآراء مرات كثيرة.

20 – عقدة الاعتماد على آراء الآخرين

قلة الثقة عند الشخص تجعل آراء الآخرين و استحسانهم لرأي ما تحرضه على تبني هذا الرأي وعدم موافقتهم تجعله يميل للتخلي عنه.

وصاحب هذه العقدة تجده يتبع آراء طوائف و مجموعات معينة بشكل أعمى دون التفكير فيها وتأثير الآراء العامة على حياته الخاصة يكون كبيرا جدا و استجابته للامبالاة العامة بقراراته تسبب له معاناة عاطفية.

21 – عقدة الرجولة

تنشأ هذه العقدة في الطفولة عندما يحرض الوالدين طفلهما على ان يتصرف كرجل بالغ ويتحمل أي صعوبات تواجهه و تنمو هذه العقدة مع نمو الطفل و تتميز بالقلق الدائم لتحمل المسؤولية سواء كانت رئيسية أم ثانوية و النزوع للاكتئاب و الشدائد النفسية و السعي لإخفاء هذا عن العالم واستعراض الرجل لمزاياه الرجولية بشكل ضمني أو صريح و العدوانية و تعد هذه العقدة ميزة أكثر من كونها نقيصة وهي شكل طبيعي من تطور أي رجل.

22 – عقدة الطالب المجتهد

و هذه العقدة تنشأ لدى الطفل في مدرسته و تبقى تؤثر في كل مجريات حياته حتى بعد إتمامه للدراسة و تتميز بالتوق الشديد للإنجاز الكامل في كل مجالات الحياة و الخوف من عدم نيل العلامة الكاملة و عدم تحضير الدروس ومستويات عالية من التوتر وعدم الحصانة تجاه أنواع النقد وبمجرد إنجاز المهام الملقاة على عاتقه يختفي تأثير التوتر و العقدة عليه.

23 – عقدة كراهية الذات

العقد النفسية و رعب الحياة الواقعية
يشعر صاحبها انه لا يستحق المحبة

من أحد أسباب نشوء هذه العقدة وجود إصابة تؤثر على مظهر الشخص مما يجعله غير محبب من قبل الناس خصوصا المقربين الذين من الممكن أن تكون لديهم آراء سلبية بهذا الخصوص.

وتتميز هذه العقدة بأن صاحبها يشعر بأنه لا يستحق محبة أحد وبرفضه إمكانية أن يحبه أحد مع انخفاض في تقدير الذات و موقف لا مبالي تجاه عنايته بنفسه و مصيره.

وفي هذه الحالة تكون كورسات التقدير العالي للذات مناسبة.

24 – عقدة التوحد

تنشأ هذه العقدة بسبب علاقات غير ناجحة و غير سعيدة مع العالم الخارجي مما يؤدي إلى العزلة الاجتماعية تتميز هذه العقدة بالاعتقاد أنه لا أحد يفهم أفكاره و معاناته و بصعوبة التواصل مع الآخرين و بناء علاقات دائمة معهم و السعادة بالبقاء وحيدا.

25 – عقدة الذنب

تنشأ من ميل الإنسان الدائم إلى تحقيق العدالة و أنه يملك المسؤولية عن كل شيء لا يحصل كما يرام وتنشأ مثلا من أن الإنسان شهد حادثا في الماضي و أنه كان يريد المساعدة لكنه لم يستطع ويتمنى العودة إلى الماضي و تتميز هذه العقدة بإلحاح فكري بأن كل شيء كان من الممكن أن يجري بطريقة أفضل و الاستعداد لتحمل مسؤولية ما حصل حتى لو لم يعمل شيئا خاطئا و الحرص على تقديم كل شيء يتجاوز قدرات الشخص بشكل لا عقلاني و الحساسية الشديدة تجاه آراء الآخرين.

26 – عقدة عدم القدرة على قول لا

و تتميز هذه العقدة بحس مسؤولية زائد عن اللزوم و أنه إذا قال لا فإن ذلك سيجعل الآخرين يخذلونه و يردون له ذلك.

27 – عقدة جوناه

العقد النفسية و رعب الحياة الواقعية
لا يظهر مواهبه ويفضل عدم جذب الانتباه لنفسه

هي قيام الشخص بعدم استغلال مواهبه التي تؤدي إلى نجاحه و شهرته العظيمة خوفا من نتائج هذه الشهرة و هذا النجاح , فهو يخاف إن حقق النجاح وعندما يصبح في وضعه الجديد أنه سيصبح محل حسد الناس و أنهم سيقولون عنه متغطرس و يحب الظهور أو بسبب الخوف من الأذى الذي سيقع عليه إن ارتقى إلى مناصب عالية نتيجة الضغوطات الشديدة التي سيتعرض لها من الناس و المجتمع و وجود من يتربصون به , لذلك هربا من ذلك كله تراه لا يظهر مواهبه و يقمعها و ربما لا يعرف بها أحد و ربما تنشأ هذه العقدة بسبب أنه عندما كان صغيرا كان والديه ينصحانه بمسايرة التيار و أن يكون مثل الآخرين.

28 – عقدة كرونوس

و هي عقدة المستبدين من الكبار و الآباء و القادة الذين يريدون سحق الجميع ووضعهم تحت أقدامهم و منعهم من التعبير عن آرائهم.

29 – عقدة برجوديس

وهي أن يكره الشخص الأشخاص من طائفة معينة أو بلد أجنبي دون سبب و أن يعتدي عليهم بالسب و الشتم و يشعر بالحقد تجاههم.

30 – عقدة أمبيدوكل

هي حرص الشخص على إسعاد الآخرين ولو أدى هذا إلى الإضرار بمصالحه الخاصة.

31 – عقدة ديانا

العقد النفسية و رعب الحياة الواقعية
لديها رغبة ملحة في ان تكون رجلا

وهي رغبة المرأة الملحة في أن تكون رجلا و تبدي صفات رجولية و تترفع عن الجنس مع الرجال.

كيفية جعل العقد النفسية تعمل لصالحك إلى أقصى حد مع أمثلة تطبيقية من الحياة الواقعية

نأتي إلى القسم الأهم في رأيي في الموضوع كله , تحدثنا في الأقسام السابقة عن معنى العقد النفسية و الكثير من أنواعها و بالطبع لم نذكرها كلها لأنها كثيرة جدا لكن ما ذكر منها كفيل بأن يحدث لديك وعيا بأن كثير من مواقفك لا إرادية وهي عقدة نفسية مما يجعل تعاملك معها أفضل . و الآن سنأتي إلى الأمثلة التي يعاني قسم كبير منا منها ونرى كيف نجعل العقدة النفسية تعمل لصالحنا بحسب الموقف الذي توضع ضمنه فكما نعلم العقد النفسية ممكن أن تكون إيجابية أو سلبية بحسب الموقف وليست بالضرورة مشكلة أو مرض بحد ذاته.

المثال الأول

لنأخذ مثلا عقدة جوناه ولنفترض أنك ذو مواهب ميزة أو شخص ثري لكنك تخاف من اطلاع الناس الأقل منك عليها لكيلا يحسبوك متغطرسا أو ينظروا إليك بعين الحسد فأنت هنا لديك عقدة جوناه, طبعا لا مشكلة في ذلك إنما المشكلة في الموقف الذي تظهر فيه هذه العقدة.

لو كنت مثلا بين أقرانك الفقراء و المحرومين هنا لا بأس أن تملك هذه العقدة لأن إظهارها لا فائدة منه وفيه مراعاة إنسانية لمشاعر هؤلاء.

لنفرض أنك طالب في الصف تحب أن تشارك لكنك لا تفعل خوفا من اتهامك بحب الظهور هنا من الخطأ الفادح ألا تفعل لأن هذا سيؤثر على وضعك في الصف و سمعتك سلبا ويجعلك طالبا عاديا أو مغمورا عكس أن تكون مميزا و معروفا ومشهورا لدى الأساتذة وفعالا ذو درجات أعمال سنة عالية وحرمت نفسك بفعلتك هذه.

لعلاج هذا الأمر عليك أن تعي تماما أن من حقك ان تكون مشهورا أو ذا درجات عالية و أن هذه الرغبة مشروعة و أن حب الظهور ليس عيبا بل ميزة و أن تعي تماما أن من يقول لك عكس ذلك هو إنسان عاجز يريد أن يخفي كسله و جبنه و هو السبب الحقيقي بأنه يريد من الطالب المجد ان يكون مثله ويرميه بعيب زائف ليجعله يحجم عن التفوق عليه و يشعره بذنب هو بريء منه.

لنفرض أنك في مكان العمل شخص شديد الجدية وحريص على عدم إضاعة الوقت و الانهماك في العمل لكن أصدقاءك كسولين يهدرون وقت العمل في الثرثرة و اللهو الفارغ , تقوم أنت خوفا من أن يغتاظوا منك لأنك تظهر انهم فاشلين أو خوفا من أن يحسدوك بحركة إرضائية بأن تصبح ثرثارا مثلهم سابحا مع تيارهم للحصول على رضاهم , أنت بذلك تقوم بخطأ إجرامي بحق نفسك لأنك بسلوكك هذا ربما تفقد وظيفتك أو لا تنال ترقية توصلك إلى القمة أو تفقد تدعيم سيرتك الذاتية للبحث عن عمل في مكان آخر وتدمر سمعتك . تكون العقدة هنا شديدة الخطر و للتخلص منها يجب ان تكون على وعي تام بأن غيظهم منك و إظهارك لفشلهم لن يضرك بل سينفعك و أن عملك مشروع و أنهم على خطأ ومن حقك الكامل أن تسعى للقمة بتوفيق الله ثم بجدك و ذكائك و أن تكون على قناعة تامة أنهم بفعلهم هذا لصوص كسالى عاجزون وأن تنظر لهم بسلبية يعملون على تغطية عيبهم بتثبيطك برميك بعيب زائف بل لا بأس أن تظهر لهم حقيقة مشاعرك و بهذا تتخلص من هذه العقدة.

أظن أن الفكرة وصلت حول حل عقدة جوناه بسلبيتها و إيجابيتها.

المثال الثاني : عقدة الذنب

لنفرض أنك عملت شيئا محرما أو أفسدت أمرا ما هنا تتملكك عقدة الذنب و في هذه الحالة تكون مفيدة لأنها تحضك على التوبة من عملك المحرم و إصلاح ما أفسدت و بالتالي تعمل لصالحك.

لنفرض انك جراح مشهور عملت غاية جهدك في إنقاذ حياة مريض و ارتكبت خطأ غير مقصود أودى بحياته هنا تتملكك عقدة الذنب و ربما تشعر أنك مجرم و يصبح تأثيرها ضارا عليك وتعمل ضدك و تعكر مزاجك و ربما تودي بك إلى الانحدار ولعلاجها في هذه الحالة يجب ان تكون على قناعة تامة أن الإنسان معرض للخطأ من غير قصد و أن هذا ليس ذنبه بل هو قدر الله تعالى و عن بذل الإنسان جهده فلا ذنب عليه و بالتالي تزول العقدة لديك وتنظر للأمر على أنه قضاء و قدر بحت من رب العالمين.

لنفرض أنك في العمل ووقعت مشكلة كبيرة نتيجة خطأ جماعي مشترك مع زملائك هنا يقوم زملاؤك بلومك و يقولون أن خطأك هو السبب الأساسي في وقوع المشكلة و يحملوك هذا الذنب رغم ان الخطأ موزع بالتساوي على الجميع هنا ربما تشعر أنك السبب فعلا فلولا ما قمت به لما حصل الخطأ و بذلك أنت تدمر نفسك و لعلاج هذه العقدة يجب ان تدرك أن الذنب بالفعل متساوي بين الجميع و أنك مجرم كبير بحق نفسك إن وضعت الذنب كله عليها وظالم لها و لا يوجد إنسان أسوأ ولا أضعف ممن يجرم بحق نفسه عندها يتملكك الغضب و تقف بقوة وعناد بوجه زملائك لائما إياهم و معتبرهم اناسا ضعفاء عديمي المسؤولية غير مستعدين لتحمل أخطائهم و بهذا ترد اعتبارك و تشفى من هذه العقدة.

أظن ان الفكرة وصلت و قد بينا كيفية التعامل مع عقدة الذنب بإيجابياتها و سلبياتها.

المثال الثالث : عقدة الدونية

لنفرض أنك في جلسة اجتماعية و أن الناس الذين يجلسون معك أعلى منك جاها و مالا و نجاحا في الحياة و عندما تشعر انك أقل منهم تحجم عن مشاركتهم الحديث و الجهر برأيك الخاص الذي يختل عن آرائهم لأنك تشعر انك أقل منهم شأنا و أنهم سيحتقرونك و يصغرونك و يقولون من أنت و تصمت و تتابع دون أن تدلي بكلمة سوى موافقتهم على آرائهم و التأكيد لهم.

لعلاج هذه المشكلة عليك ان تعترف بالتأكيد انهم ناجحون أكثر منك أو اغنى منك أو كليهما معا و الاعتراف بالحق فضيلة لكن عليك ان تعي تماما أن النجاح في الحياة و المكانة الاجتماعية شيء و له ظروفه و أسبابه و مقوماته و أن صحة الرأي و سلامة القول شيء مختلف تماما له مقوماته التي لا علاقة لها بالنجاح في الحياة والمكانة الاجتماعية . و عليك ان تكون على وعي تام وثقة أن معيار صواب الكلام هو موافقته للأدلة و المنطق و العلم و هذه قواعده الوحيدة و من يملكها يحق له أن يتكلم و يتصدر حتى لو كان فاشلا عاطلا في هذه الحياة و لا توجد قوة تمنعه من ذلك.

عندما تعترف بتفوق الآخرين عليك و تؤمن أن هذا من طبيعة الحياة و أنك لست إنسانا كاملا و أن من حقك مخالفة آراء الآخرين و الجهر بهذا الرأي مهما كنت وضيعا تختفي لديك عقدة الدونية و تصبح أكثر انطلاقا في الحياة.

و قس على ذلك أي شيء أنت الأفضل فيه رغم أنك ليس بالضرورة الأكثر نجاحا أو ثروة أو مكانة فأنت الأحق به سواء كان جهرا برأي أو تولي منصب فطالوت عليه السلام لم يكن أعلى بني إسرائيل في المكانة الاجتماعية و لا في الثروة لكن الله اختاره ملكا عليهم لأنه أفضل من يملك الصفات القيادية اللازمة للملك و هي قوة الجسم و العلم.

المثال الرابع : عقدة الاعتماد على آراء الآخرين

هذه العقدة لا بأس بها شرط أن تحكم عقلك فإن كان رأي الآخرين صحيحا و هو ما يجلب لك الخير مؤديا بذلك للتخلي عن آرائك فهنا تعمل العقدة لصالحك

أما الكارثة الكبرى و الحماقة البلوى ان تعلم أن رأيك هو الصحيح المتوافق مع شخصيتك لكنك تقدم آراء الآخرين عليه لتحس بالأمان فلا تلم إلا نفسك لأنك عطلت عقلك.

وحل هذه العقدة تكمن في الاعتقاد بأن الآخرين ليس لهم شأن لك و أنك وحدك الذي تحدد مصيرك و الآخرين ليسوا سوى مستشارين تستفيد من آرائهم و ليسوا صناع قرار فالحياة هي حياتك أنت.

المثال الخامس : عقدة كراهية الذات

لو أن الله خلقك بوجه ذو منظر منفر مما يجعل الناس يصدمون عند رؤيتك أو يبدون استقباحهم تقوم انت و تقول عن نفسك أنك قبيح وترى أنك لا تستحق محبة الناس فكيف تريد أن يحبوك و أنت تكره نفسك , لعلاج هذه العقدة عليك ان تؤمن أنه لا ذنب لك في الأساس و أن شكل وجهك وملامحك اختصاص الله تعالى وهو الذي خلقك قبيحا بإرادته اختبارا لك وهو حكيم فيما يفعل و أنت لا ذنب لك و تعوض عن ذلك بالشخصية وخفة الروح فهي المحك الحقيقي لمحبة الناس لك.

و في الختام تذكر أن التحكم بنفسك و تكييفها حسب الموقف الذي تتعرض له هو المفتاح الحقيقي في تخطي ما تمر به من مواقف بأعلى احتماليات النجاح و وفقك الله.

المصدر :

1 – Complex (psychology) – Wikipedia

2 – Types of Psychological Complexes

3 – انواع العقد النفسية وكيفية التخلص منها

تاريخ النشر : 2017-10-08

guest
57 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى