منوعات

الخوف

بقلم : عمرو الجمل – مصر
للتواصل : [email protected]

الخوف
الخوف شعور مباغت يؤدي لنتائج كثيرة

الخوف شعور نابع عن تهديد أو خطر يؤدي إلى تغيير في الوظائف الكيميائية “الأيضية” و العضوية في جسم الإنسان و التي بدورها تنتج ردة فعل تتمثل بالهروب أو التجمد أو الاختباء . 
كان هذا هو تعريف الخوف بوجهة نظر علمية بحتة لكن أعتقد لو ظهر لك جن مستلقي بجانبك على الفراش لن تفكر كيف تعمل وظائفك الأيضية في تلك اللحظة .

أتذكر عندما كنت صغيراً سافرت مع أهلي إلى مدينة مرسي مطروح ، و في إحدي الليالي و الكل نيام انقطع التيار الكهربائي عن المنطقة كلها و أصبح الظلام يخيم على كل شيء و لا يوجد خيط ضوء واحد تستطيع أن ترى من خلاله ، و أنا مستلقٍ على فراشي أنظر للفراغ لأنه لا يوجد مكان آخر أنظر إليه و في انتظار قدوم الكهرباء إذ بخروج ظل أبيض اللون من الحمام المواجه لغرفتي و بسرعة كبيرة ، لا أخفيكم القول تسمرت مكاني و شعرت بفزع لم أشعر به من قبل و حاولت مناداة أحد أقربائي الذي كان ينام بقربي لكن صوتي رفض الخروج .

أردت أن أذكر هذه الواقعة لكي أوصل وجهة نظري عن الخوف بطريقة مباشرة ، ما الذي حدث ؟ ، ما الداعي للخوف ؟ هل السبب في المفاجأة ؟ هل السبب أنه كيان غير معلوم ؟ هل لو كان أحد اللصوص و تفاجأت بوجوده في المكان هل كنت سأشعر بنفس الخوف ؟ هل لو كان أحد أقربائي و ظهر بغتة هل كنت سأشعر بنفس الإحساس ؟ 

الحقيقة هي نعم ، ففي لحظة وقت وقوع الحدث الذي يصيبك بالرعب لن يقوم عقلك بوظيفته بتحليل الموقف لأنك تحت تأثير الصدمة و أقول ( وقتها ) أي هنا نتكلم بمقياس الثواني و لكن بعد وقوع الحدث يقوم العقل بوظيفته و تحليل الموقف و يأتي وقت الإدراك ، فإذا كان كائن غير معلوم كالذي رأيته فالشعور و الإحساس بالخوف و الرعب سيستمر و سيؤدي الي تغيير السلوك أما إذا كان أحد أقربائي سيكون إحساس الشعور بالخوف وقتي و لحظي من المباغتة ، لكن بعدها عندما يؤدي العقل وظيفته ستهدأ الأمور و تعود دقات القلب لوظيفتها ، أما إذا كان لص سيأتي الشعور بالخوف لكن سيكون هناك ردة فعل إما أن تتصرف و تحاول مهاجمته أو طلب النجدة من أي شخص عكس ظهور الكائن الذي بنسبة كبيرة التسمر مكانك أو الهرب إن استطعت هو ردة الفعل .

التحليل هنا كان لابد منه لكي نعلم أن الخوف شعور واحد نشعر به جميعاً في اي وقت و لكن ما يأتي بعد الحدث هو الفارق و لكن لماذا يأتي الخوف ؟ 
ما أكثر شيء سيّئ ممكن أن يصيبنا ؟ هو الموت ، فتخيلوا معي لو لم يكن هناك موت و أن هناك خلود و لا يصيبنا أي شيء هل كان سينعدم شعور الخوف ؟ هل سيكون ليس له وجود ؟ أعتقد ان الإجابة ستكون نعم و لا ، كيف هذا ؟ أرجو أن تطلقكوا لخيالكم العنان و تطلقوا سراحه لكي يصل إليكم هذا الشعور .

سنقسم الآن أجابة السؤال السابق إلى قسمين ، قسم نعم و قسم لا و نرى كيف و ما هي الأمثلة و ما هي النتائج .

أولاً : إذا كانت إجابة سوْال لو لم يكن هناك موت هل كنّا سنشعر بالخوف هي نعم سيكون تفسيره كالآتي :

مرات عديدة ذهبت إلى السينما لحضور فيلم رعب مع أصدقائك و قطعت التذاكر و ذهبتم لشراء المشروبات و الفشار في جو مليء بالمرح و دخلتم القاعة و جلستم و أنتم تضحكون ، إذاً الجو محيط بك طبيعي ، مزاجك معتدل ، أعضاؤك الحيوية في قمة استقرارها و تجلس وسط أصدقائك و وسط جموع من الناس و يبدأ الفيلم و هنا تبدأ أعضاؤك العضوية في التغير و تشعر بالخوف و لا تستطيع النظر ، دقات قلبك في تسارع مستمر ، ما الذي يحدث ؟ ، لماذا أشعر بالخوف بالرغم من عدم وجود أي تهديد لحياتي الآن ! فأنا أشاهد فيلم وسط أصدقائي على شاشة عرض ، هل سيخرج شيء من الشاشة و يقتلني ؟ بالطبع لا ، إذاً حتى في عدم وجود ما يهدد حياتنا فسنشعر بالخوف و هذه هي إجابة السؤال لو لم يكن هناك موت هنالك مواقف معينة سنشعر معها بالخوف أيضاً .

ثانيا : إذا كانت الإجابة لا لن نشعر بالخوف لو لم يكن هناك موت :

أنت نائم في منتصف الليل و استيقظت على ضوضاء شديدة و اكتشفت أن هناك حريق في المبني الذي تسكن فيه ، ما الذي يجعلك لو في الحياة الواقعية أن تجري بهيستريا بخوف شديد و تقفز و تصرخ و تحاول بكل الطرق الخروج من المبنى ؟ هي غريزة البقاء ، لكن لو لم يكن هناك موت فلن تشعر بالخوف لأن النتيجة هناك ألغيت و لم تعد موجودة ، إذاً لو لم يكن هناك موت هنالك مواقف معينة لن تشعر معها بالخوف .

الخوف هو شعور غامض سنشعر به سواء كان هناك شيء يهدد حياتنا أم لا و سنشعر به سواء كان شيء غامض نراه بغتة كشبح أو أحد أقربائك فاجأك بظهوره .
حتى إجابة سوالي السابق كانت غامضة لو لم يكن هناك موت هل كنّا سنخاف و أعطيت أمثلة على نعم و لا .
أمثلة الخوف لا تقتصر على الأشباح و الجن و المفاجأة و الموت فقط ، بل هناك أنواع أخرى مثل أن تدعى إلى اجتماع و تقف تتكلم وسط عدد غفير من الناس فستشعر برهبة و خوف و تسمي هنا performance anxiety , هنالك أنواع عديدة للرهاب و الخوف من أشياء اجتماعية بالرغم أنه مهما حدث فيها فلن يهدد حياتك شيء .

النفس البشرية معقدة و غامضة لأقصى الحدود و مهما وصلنا من تقدم علمي فلن نستطيع تفسير كل شيء و هذه هي عظمة و قدرة الله.

هنا اعزائي القرّاء أحب أن أقترح عليكم اقتراحاً إن كُنتُم تريدون جزء ثاني من هذا المقال أكتب لكم فيه وقائع و أحداث حقيقية مختلفة مثيرة و غامضة حدثت فيها أمثلة عن الخوف بمختلف أنواعه و ردة فعل من يشعرون به في كل موقف ، فابعثوا ذلك في تعليقات حضراتكم لكي نغوص أكثر في هذا الموضوع الشيق و الغامض .

المصادر :

– ويكيبيديا
 

تاريخ النشر : 2017-11-19

guest
31 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى