اساطير وخرافات

نجمة خضار

بقلم : قاتل الاساطير – الجزائر

نجمة خضار
خرجت العجوز وقالت لهن يا بناتي هيا ادخلن معي إلى المنزل لتساعدنني

كانت نجمة خضار فتاة شابة وشاطرة وحاذقة تتصف بالجمال والذكاء وكانت محبوبة من طرف قريتها ، وذات يوم كانت تلعب بعيداً عن المنزل مع صديقاتها بالقرب من الغابة ولا يوجد في هذا المكان إلا منزل غريب تسكنه عجوز .

و بينما كانت البنات يلعبن خرجت العجوز وقالت لهن يا بناتي هيا ادخلن معي إلى المنزل لتساعدنني في غزل الصوف ، جرت نجمة خضار والبنات إلى الداخل وبدأ الجميع في بشم الصوف وغزله وعملوا بجد ونشاط ونسوا الوقت حتى تفطنت نجمة خضار وقالت ” أوه لقد غربت الشمس ونحن منهمكات في العمل ولم نشعر بالوقت ” ثم خرجت خارج المنزل وتفاجأت بالظلام ثم عادت تجري إلى البنات قائلة ” هيا يابنات لقد أظلم الليل هيا بسرعة نعود إلى المنزل”

وقفت البنات يتهيأن للخروج فقالت العجوز ” يا بنات لقد حل الظلام والقرية بعيدة وربما في طريق عودتكن تجدن عفاريت أو حيوانات كبيرة تأكلكن” فخافت البنات وبدأت إحداهن تبكي وهذه الفتاة تسمى ببنت الراعي وكانت فتاة مسكينة وغبية ، قالت نجمة خضار ” لاباس يا جدتي سوف نعود إلى أهلنا فهم متحيرون علينا ولا شك أنهم يبحثون عنا ” فقالت العجوز “لقد رأيت البارحة عفريتاً قريباً من المنزل أكل مجموعة من الغنم وهو يظهر أثناء غروب الشمس في مثل هذا الوقت ، لا بأس يا بنات ابقين الليلة معي أستأنس بكن و تستأنسن بي ، وحضرن العشاء فأنا مريضة جداً “

أصبحت بنت الراعي تبكي وتبكي عندما سمعت بالعفريت والبنات نظرن إليها ثم بدأن في البكاء أيضاً ، قالت نجمة خضار ” لا بأس يا جدة سوف نبقى معك الليلة وفي الصباح الباكر سوف نرجع إلى القرية يا بنات “

حضرت البنات العشاء وتعشين مع العجوز وكانت تبدي لهن الفرحة وحسن الضيافة ، وبعد ذلك دعت العجوز البنات إلى الفراش وقالت لهن :
” ارقدن يا بنات ارقدن كي تعدن إلى الدار حمرا راني تفقس في لقميلات وكبتعود الدار بيضة راني نغربل في الدقيقات وكي تعود الدار كحلة ، راني راقدة “

عندما سمعت نجمة خضار هذا الكلام الذي يوحي بمعاني كثيرة فهمت معناه وعرفت حقيقة هذه العجوزة الماكرة وقالت ” ما أجمل كلامك يا جدتي ، هيا اذهبي لتنامي فإنك مريضة وأنا والبنات سوف ننام في الحين لأننا تعبات “
ذهبت العجوز إلى الغرفة الأخرى وتركت البنات بعد أن نامت كل واحدة ، و بعد أن خرجت وأغلقت الباب نهضت نجمة خضار و قالت: ” استيقظن يا بنات استيقظن ، هل نمتن حقاً ؟ إن هذه العجوز هي غولة ولقد فهمت من كلامها أنها تنوي أن تأكلنا جميعاً ، إنها غولة وتحولت إنسانة عندما رأتنا نلعب هيا بنات نهرب هيا “

أيقظت نجمة بنت الراعي وقالت لها ” أفيقي أفيقي هذه ليست عجوز لأنها غولة تنوي بينا شراً ، هيا نهرب ” 
فردت : ” اتركيني أنام اتركيني أين نهرب هذه جدتي “
نجمة خضار : ” هيا هيا”
بنت الراعي : “آه اتركيني آه لا أريد الذهاب هذه جدتي”
وعندما رفعت بنت الراعي صوتها خافت نجمة خضار وخرجت بسرعة هي والبنات تجري كل واحدة أكثر من الأخرى في جنح الظلام .

دخلت العجوز بسرعة إلى الغرفة بعدما سمعت الصوت المرتفع فدخلت على الفتاة المسكينة بنت الراعي وأقبلت نحوها وتحضرت لكي تأكلها وقالت من أين أبدأ
فقالت بنت الراعي ابدئي من الأذنين اللذان لم يسمعا إلى بنات عمها ، فبدأت تأكلها من أذنيها حتى التهمتها ثم لحقت البنات ، فبنت الراعي لم تستمع لكلام نجمة والبنات وبسبب حماقتها ورفعها صوتها أيقظت الغولة وضحت بنفسها لكي تمنح نجمة خضار وباقي البنات الوقت للهرب

استمرت البنات في الجري حتى وصلن إلى واد فوجدن الحملة وهيجان الوادي ولم يستطيعوا المرور عبره فتوقفن أمام الواد الهائج و لمحن وراءهن الغولة متلهفة لأكلهن وهي تقترب منهن ، فبدأت البنات بالبكاء والعويل في تلك الليلة الموحشة ، هنا رفعت نجمة خضار رأسها إلى الواد وخاطبته :
” احبس يا واد العسل والسكر ماك نشرب في لقمة وأنت تعقبك بخطوة “
فنجمة قامت بمدح الواد وشكره فتوقف الواد عن الهيجان فقطعته نجمة خضار وبنات عمها ، وعندما قطعنه عاد إلى الهيجان فوصلت الغولة وقالت :
“احبس احبس ” (بمعنى توقف) ، لكن الواد كان يهيج فسألت نجمة خضار ” ماذا قلتِ للواد حتى توقف عن الهيجان ؟ (ظناً منها أن نجمة حمقاء وغبية وستخبرها بالطريقة)
ردت نجمة خضار: ” قلت له احبس ياواد لجرا ” (اي أنها ذمت الواد وأنبته)
فقالت الغولة هذا القول إلى الواد فزاد هيجاناً حتى لحق رجل الغولة وسقطت في الواد وهي تصيح وأخذها الماء حتى وجدت شجرة دفلة في الواد وتمسكت بها وتمكنت من الخروج بفضل دهائها .

ذهبت البنات في فرح ومرح يعتقدن إن الغولة ماتت وتخلصن من شرورها ، لكن فجأة ظهرت لهن من العدم ففزعت البنات واخذن يجرين وهي تجري وراءهن ، فكادت تمسكهن بعد أن تعبن إلا أن الحظ كان معهن ، فنجمة خضار رأت سلوقي (أي كلباً) فقالت : 
“ياهداف يارداف يا جباد الرية من بين لكتاف اذا قتلت الغولة ندفنك في السرير والحرير ” 
فجرى السلوقي نحو الغولة وانقض عليها وأكلها ، ثم بعد ذلك ارتاح الجميع ومشت البنات عائدات إلى القرية متنكرات في الطريق كأنهن رجال حتى لا يعرف قطاع الطرق أنهن بنات ، وبينما هن كذلك إذ جاء إليهن رجل وسألهن: ” يا أيها الرجال هل رأيتم بنات في طريقكم ؟ “
فسكتن جميعاً إلا إن نجمة خضار عرفت بأنه أخوها يبحث عنهن فسألته “وكيف حال قريتكم ؟”
فرد عليها : ” ملي صدت نجمة خضار ما حنت ناقة على حوار .. 
بمعنى منذ ذهاب نجمة والبنات ذهب الخير معهم ففراقها كان صعبا على عائلتها وقريتها فقد كانوا يمثلن حلاوة القرية
فكشفت نجمة عن نفسها وفرح أخوها وجاءت زوجة الراعي تجري وسألت عن ابنتها فعلمت بما أصابها فسقطت ميتة مع الأسف .

ملاحظة : هذه أسطورة تتعلق ببادية من الأرياف الجزائرية وبالتحديد بمنطقة أولاد دراج المسيلة ، كما أن القصة مشهورة عندهم إذا أردت أن تسمعها بطريقة احسن مني فعليك بزيارة المنطقة ، كما أن الوادي في الأسطورة موجود حقيقة ويطلق عليه وادي سلمان هو وقبر الكلب السلوقي
 

تاريخ النشر : 2017-12-23

guest
42 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى