تجارب ومواقف غريبة

ذكريات لا تفارقني

بقلم : وحيد – السعودية

ذكريات لا تفارقني

حتى وصلت إلى مرحلة الجنون بحسب ما يظن الناس ..

عندما كنت بعمر 11 سنة تقريباً جرت العادة أن أرافق أخي وعمي وأخي وابن عمتي لزيارة قرية لا يكاد يتجاوز عدد سكانها 100 نسمة وهي تقع بالقرب من مدينة جيزان السعودية التي نسكن فيها ، كانت الرمال تغطي طرقات هذه القرية وكنا في كل زيارة نجتمع عند شخص يحكي لنا قصصاً عن العالم الآخر (الجن) ، خصوصاً أن هناك خرافة منتشرة في الأعياد عندنا تسمى " الجتيمه " وتزعم وجود كائن يخطف الأطفال في الليل .

تلك القصص لم تفارق مخيلتي فكنت كلما أتذكرها يفارقني النوم وأسمع أصوات غريبة تبدو كأنها أصوات أشخاص يتكلمون بلغة غير مفهومة وصادرة من الممر الذي يصل غرفتي بالصالة ، لكن حينما كنت أنظر إلى الممر يختفي الصوت ، فقررت وضع فراشي مقابل الممر لأنام وهذا الحل حجب عني تلك الأصوات.

بدافع الفضول

في فترة مراهقتي أو مرحلة الدراسة المتوسطة سمعت عن بيت مهجور يسمى "بيت عقيل" فيه دهاليز تحت الأرض فقررت الذهاب إليه وفعلاً تجولت به نهاراً وكان الناس يتحاشون المرور بجانبه ليلاُ إلى أن تمت إزالته ، كما كنت أسمع قصص عن أناس أصيبوا بالجنون لاستخدامهم كتاب " شمس المعارف الكبرى ".

ولما وصلت في دراستي إلى المرحلة الثانوية اصطحبني صديقي إلى شيخ يقرأ على الناس بطريقة جماعية فدفعنا الفضول للذهاب ، في البداية كنا نكتفي بمشاهدة ما يحدث وكنت أرى العجب العجاب هناك، أناس يدخلون بحال وينقلبون عند القراءة عليهم إلى حال آخر ، ومع مرور الوقت أصبحنا أنا وصديقي نساعد الشيخ بالإمساك بضحايا المس وذلك قبل أن تتغير قناعاتي حول المس ، حتى أننا كنا نحضر مسجلاً صوتياً بالخفية لنسجل أصوات المرضى، وبعد فترة توقفت تماماً عن الذهاب.

أصبحت ضحية

بعد حصولي على وظيفة في مكان نائي وكنت أسكن لوحدي وكنت أسافر خارج السعودية مع أصدقاء السوء وبعدها بفترة بدأت أشعر بثقل في الرأس خاصة وقت الصلاة وعند السجود لا أستطيع رفع رأسي من ثقله فقررت زيارة صديق لي ليتلو آيات الرقية الشرعية علي فلما وصل في قراءته إلى :" أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله " سورة النساء -آية 54 أظلمت الدنيا في وجهي وأحسست بنفسي في ظلام حالك وبرغبة في البكاء ثم بكيت وكان أصدقائي يمسكون بي لكنني كنت أصرخ فحسبوا أنه ليس صراخي وإنما شيء آخر مع أنني متأكد من أنه صراخي , وبعدها صرت فترة لا أنام لوحدي وبعدها نسيت الموضوع وعدت لسفرياتي مع أصدقاء السوء واستسلمت للأمر الواقع وانخرطت في المعاصي والمخدرات إلى أن أصابني بعد زواجي بسنة تقريباً مرض اضطراب الغدة الدرقية ونظراً لإهمالي تطور المرض إلى مراحله الأخيرة .

ازداد الأمر سوءاً حتى وصلت إلى مرحلة الجنون بحسب ما يظن الناس بحالتي (خاصة أن أكثر الأعراض بدت نفسية ) ونصحني شخص يعمل صيدلياً بعدم جدوى استخدام الأدوية لأن ما بي هو "مس" وصدقته و يا ليتني لم أفعل لأن الوهم الناجم عن اضطراب الغدة زاد سوءاً ، فمرة أسمع أصوات ومرة اسمع صوت خبط على البطانية التي بجانب سريري ومرة فتحت باب الحمام فسمعت صوت كالريح يمر بسرعة بجواري ومرة سمعت صندوق النفايات يتحرك وكنت عندما أتوضأ وأنام وأصحى أشعر بالآم مختلفة في جسدي حتى جاء اليوم الذي اقتنعت فيه بأن ما أصابني لم يكن مس أو شيئاً من هذا القبيل فشعرت براحة واستمرت لحد الآن ، ومازلت متأرجح بين الاستقامة والمعاصي وترك المخدرات والعودة لها إلى الآن وهذه الذكريات تأبى أن تفارقني.

تاريخ النشر 24 / 09 /2014

guest
19 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى