تجارب ومواقف غريبة

الليلة المشئومة

بقلم : سمارا – المغرب

الليلة المشئومة

وفي المساء تقل الحركة إلى أن تنعدم في آخر الليل ..

بمدينتنا متنزه كبير يطل على البحر، في النهار لا يخلو من الزائرين المحليين والأجانب ، وفي المساء تقل الحركة إلى أن تنعدم في آخر الليل ، ويوجد مقاهي منتشرة أمام مدخل المتنزه للترفيه ، وهو يبعد عن سكن جدتي ما يقارب الساعة مشيا على الأقدام .. وهنا موقع الحادث .

في يوم من أيام الخريف قرر خالي وصديقه التجول في ذاك المتنزه ، وفعلا ذهبا واستمتعا ببديع المنظر وجمال البحر الهائج … وبعد تعب المشي قررا الجلوس بأحد تلك المقاهي ، أخذا يلعبان لعبة الضامة (لعبة شعبية) ، ولم ينتبها للوقت ألا والنادل يخبرهما وباقي الجالسين القلائل بأنه حان وقت الإغلاق ، كانت الساعة هي 11:45 ، أي قرابة منتصف الليل ، فانطلقا خارجا لأخذ تاكسي ، لكن لم يجدا ولا وسيلة نقل ، فقررا أن يعودا مشيا ….

وهما في الطريق استوقفهما رجل طلب أن يصحبهما خصوصا وان الطريق مظلم بعض الشيء ليستأنسوا ببعضهم البعض ، فوافقا واخذوا يتبادلون أطراف الحديث من تعارف وكلام عام .. للآن كل شيء عادي ..

أخيرا وصلا لطريق فرعي فاستوقفهما الرجل واخبرهما بأنه سيكمل الطريق منه واخذ يودعهما ، لكن قبل أن يغادر طلب من خالي أن يلاقيه في مثل تلك الساعة التي التقاهما فيها ، فعنده شيء سيعطيه لخالي ، لم يصدقه خالي طبعا ، لكنه اقسم له بأنه خير له وعليه المجيء لكن كان شرطه الوحيد أن يكون لوحده ، بمعنى دون صديقه ، ولم يفارقهما حتى وعده خالي بأنه سيلتقيه غدا .

بالفعل بالليل عزم خالي أن يلتقيه ، فالتقاه صديقه وأصر عليه أن يذهب معه خوفا عليه ، فوافق وانطلقا حتى لقي الرجل ، أول ما رآهما استشاط غضبا و أمسك بصديق خالي من ذراعيه بكلتا يديه وقال له : " لم أتيت معه .. ألم أخبركما أن يأتي لوحده .. لم أصريت على المجيء معه " .. وأخذ يتخبطه بقوة وكأنه لعبة في يده …

من هول المنظر جرى خالي ورجله تسابق الرياح وهو يبكي إلى أن وصل البيت ، ومن دون أن يفتح الباب بمفتاح أو حتى يدق جرس الباب اخذ يضرب على الباب بكلتا يديه وينادي على جدتي وجدي بان يفتحوا له الباب ، فنهضوا جميعا من شدة الصوت وادخلوه ولسان حاله يقول : " لقد قتله .. لقد قتله " …

لم ينم خالي الليل بطوله ، شخصت عينه لزاوية واحدة وعجز لسانه عن الكلام وكل من في البيت لا يعلم ما حصل له رغم تكرار الأسئلة عليه وكل من في البيت لم يفهم شيئا .

ذهب خالي الآخر إلى بيت صديقه ليسأل عنه لكنهم أجابوه بأن ابنهم مع خالي ، وتوجسوا من أن يكون أصابه مكروه ، فأخذوا يبحثون عنه دون فائدة حتى الصباح ليفاجئوا بصديق خالي عائد إلى البيت والغبار يغطي ملابسه ، وعندما سألوه عن خبره قص عليهم ما حصل معه ، وانه عندما امسكه ذاك الرجل أحس وكأنه طار في الهواء وعندما استيقظ وجد نفسه تحت شجرة داخل المتنزه وكل أضلعه تؤلمه .

هذا ما حصل لصديق خالي وعاد لحياته الطبيعية كأن لا شيء حصل . لكن المسكين خالي بقي على حاله عرضوه على الأطباء الكل يقول بأنه سليم ولا يعاني من شيء عضوي وانه ربما تعرض لصدمة . أخذوه عند طبيب نفساني لكنه لم يكن يستطيع التحدث ولا الحراك وكأنه جثة هامدة لم تنفع معه لا مهدئات للنوم ولا أية أدوية ، فاستقروا على أن يأخذوه لراقي ليرقاه ، وأول ما بدأ الراقي بالقراءة اخذ ينتفض ويتكلم بكلام غير مفهوم ويصرخ ويتلوى حتى زالت عنه تلك الحالة وعندها اخذ في الرجوع إلى طبيعته واستطاع أن يتكلم .

أول ما قاله لهم أريد ماءا ، بعدها حكى لهم ما حصل معه ، فقال بأنه كان يرى مجموعة من الجن قبيحي المنظر كانوا يجبرونه على رؤية أشياء فظيعة كالأشلاء البشرية مقطعة والدماء تسيل منها ووجوه مرعبة لكنه كان غير قادر على الحراك ولا حتى إغماض عينه .

الحمد لله بعد تلك الحادثة عاد خالي لطبيعته وأحيانا كان يخبرنا على سبيل المزاح عندما نكون مجتمعين معه نحن أبناء أخوته وأخواته انه يرى جنية جالسة معنا ، فكنا نخاف ونبدأ بالتلفت في كل الجهات وهو كان يطلق العنان لضحكاته .

اريخ النشر 08 / 10 /2014

guest
15 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى