أدب الرعب والعام

قصر الرعب

بقلم : دينا محمد – مصر

قصر الرعب
استيقظت و وجدت نفسي في هذا القصر المرعب ..

أنا وحدي هنا لا أعلم في أي زمان أو في أي مكان ، كلما أعرفه أنني مجرد إنسانة تائهة في هذا الظلام بين هذه الظلال المجهولة التي أراها من حين لآخر ، أينما ذهبت أجد أنني في نفس المكان ، يبدو أنه قصر لكنه مظلم و مخيف تتوالى فيه باستمرار صرخات مفزعة مجهولة المصدر .

أتذكر أنني ذهبت في رحلة استجمام مع صديقاتي قبل بدء العام الدراسي الأول لدينا بالجامعة ، خططنا كثيراً لهذه الرحلة و ظننا أنها ستكون من أجمل ذكريات حياتنا ، لكن للأسف تلك الأحلام أصبحت أوهاما عندما تعرضت سيارتنا للحادث . ما زلت أتذكر ، كان الضباب يغطي المكان كله ، فجأة ارتطمت السيارة بشيء ما و لم أستوعب شيئا إلا و أنا أرى صديقتاي معي و نحن نركض بعيدا قبل أن تنفجر السيارة و هي تحمل باقي البنات ، و لم نكن نستطيع مساعدتهن .

ركضت أنا وصديقتاي بأقصى سرعة لعلنا نجد أحداً يساعدنا و ينتشلنا من هناك. فجأة رأيت من بعيد إحدى صديقاتي قد سقطت على الأرض ، لم أستطع أن أراها جيدا ، لكن كانت تبدو وكأن أحداً يجرها من قدميها ، ظللت أجري و أبحث عنها إلى أن وجدتها في وضع لا يوصف ، كانت معلقة على شجرة ضخمة و هي ملطخة بالدماء و منزوعة العينين و بجوارها عبارة مكتوبة بلون أحمر : ( أهلا بكم في ضيافتي ) ، حاولت الهروب و أنا أفكر بصديقتي الأخرى لكنني لا أتذكر كيف فقدت الوعي بكل شيء .

هذا هو كل ما أتذكره قبل أن أستيقظ و أجد نفسي في هذا القصر المرعب الذي لم استطع الولوج إلا لغرفة واحدة منه شكلها مخيف و مظلم طوال الوقت ، لا أعلم كم مكثت هنا ، في كل يوم أجد أمامي طبقاً من الطعام يبدو بشكل غريب شهياً جداً ، ربما أنا أراه هكذا بسبب أنه لا يقدم إلي حتى يشتد جوعي و أكاد أفقد الوعي .

لقد استسلمت للأمر ، اعلم أنني لا أستطيع الفرار من هذا المكان ، أحس بأن هناك من يراقبني باستمرار ، ولكن لماذا يفعل ذلك ؟! هل هو شخص مختل ؟! لا أعلم ولكن أياً يكن أريد أن أخرج من هنا ، لقد سئمت هذه الحجرة وهذا القصر ، سئمت هذه الرائحة الكريهة وسئمت وحدتي . ليته يتركني ارحل أو يظهر لكي يواجهني فما يفعله بي غير ممتع أبدا .

مرت ليلة روتينية أخرى ، لا أعلم كم مضى من الوقت على مكوثي هنا فقد أصبح ليلي يختلط مع نهاري و لا استطيع التفريق بينهما ، لكن الوضع اليوم مختلف ، هذه الغرفة تبدو مختلفة عن التي كنت بها ، رائحتها نتنة و جدرانها ، ما هذا ؟ سائل أحمر يشبه الدماء يتقاطر منها ، مهلا هناك ستار سوف أزيحه لأرى ما خلفه ، سرير أبيض مغطى بالدماء !! و ما هذه ؟ رسالة !! ليتها تكون رسالة عفو أو مزحة أو أي شيء مشابه .

(أهلاً بك في مطبخي ، لقد انتهت فترة ضيافتك هنا ، لقد كنت ضيفة مطيعة ولكن للأسف نفذت شرائح اللحم التي كنت أقدمها لكِ من أجساد صديقاتك وقد حان دورك لتكوني وجبة للضيوف الجدد ، سوف أعطيك فرصة للفرار مدتها ثلاثون دقيقة ، و لكنني متيقن أن نهايتك ستكون عندي و أرجو أن تكوني قد استمتعت بضيافتي . إمضاء : المضيف المجهول . )

بدأت الركض بأقصى ما أستطيع ولكنني لا أعلم أين باب الخروج ، جميع الأبواب متشابهة لكنني لا أستطيع الاستسلام لن أكون فريسة سهلة ، ظللت أركض وأركض لا أعلم كم مضى من الوقت أسمع صرخاتي المرتفعة ، صوت دقات قلبي المرتعب يرتفع أعلى وأعلى ، أصبحت لا أسمع حتى أنفاسي . لا أستطيع التفكير في أي شيء ، لا أستطيع سوى أن أتخيل نفسي على هذا السرير و المنشار فوق جسمي يقطعني ببطئ ليصنع مني طعاما للضحايا الجدد ، لم أعد أستطيع الركض لكنني أركض غير مبالية بأنفاسي المتقطعة ولا بتعثرات قدمي كلما تقدمت خطوة إلى الأمام حتى سمعت صوتا يعلن انتهاء الثلاثون دقيقة .

وها أنا أغيب عن الوعي من جديد لأجد نفسي على سرير الموت مكبلة الأيدي مكتومة الأنفاس أمامي مرآة لأشاهد نفسي أثناء تقطيع جسمي أشلاء وها هو مضيفي يقول لي فلنبدأ العمل ، لقد انتهى الأمر سوف استسلم للواقع .

تاريخ النشر : 2014-12-29

guest
31 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى