تجارب ومواقف غريبة

عندما يتبدد الواقع

 
بقلم : قصي النعيمي – سلطنة عُمان

 

لأجد شخص قد سبقني هناك و قد طمس الظلام ملامحه

تحيط بنا الظواهر الغريبة من كل مكان و تكتنفنا تفاصيلها من كل الجهات، فنحن نعيش في كون لا يزال ينبع بالعجائب المذهلة، التي تدعونا كل حين للنظر أكثر في تفاصيله الباهرة و أركانه العامرة، و لكن ما أن يتبدد نور الواقعية و ينسدل ستار المألوف أمام العجائبية، حتى نجد أنفسنا وسط دياجي العجز و في غمار أمواج الغموض العنيفة و ما لنا حيلة إلا الدهشة المحضة، هذا ما حصل لي و حصل لغيري و ربما حدث لك أنت عزيزي القارئ أيضا .

عندما كنت صغيرا درست في مدرسة قديمة البنيان قد قل طلابها كما خفت نجم شهرتها، و كان كل من حولي يدندن بأخبارها المخيفة و قصصها الغريبة، فكان كل من يسكن حولها من الطلاب يذكر لي كيف تضج زواياها الساكنة ليلا بل و كيف تتحرك الكراسي و الطاولات لأعلى و أسفل فجأة كلما خلت الصفوف و انتهى اليوم الدراسي، ربما كان كل ذلك من نتاج مخيلاتهم البريئة، و لكنه يظل راسخ في الأذهان خصوصا بعد أن هُدمت المدرسة فور رحيلي عنها و شاع بين الناس خبرها. لعل تلكم الظواهر أبت أن تفارقني فها أنا أصادفها مرة أخرى بعد أن ألتحقت بالجامعة، ففي ذلك اليوم اضطررت أن أسابق الزمن و أحضر للجامعة و لم يستكمل قرص الشمس بعد تجليه البهي و لم يتلاشى من ظلمة تلك الليلة إلا أقله، توجهت بخطوات سريعة إلى قاعة المحاضرات، هناك فَتحتُ الباب بهدوء شديد لأجد شخص قد سبقني هناك و قد طمس الظلام ملامحه و لم يتبدى منه إلا قامته، لم أعره إهتمامي لبرهة لأجده قد أختفى فجأة من أمامي إلى اللامكان فما كان مني إلا الهرب و قد ملئني الرعب و الهلع مما رأيت.

كانت تلك حكايتي مع الظواهر الغريبة، ربما لها تفسير و ربما لا، لكن هذه الدنيا بحر زاخر و ركن عامر. فمدينة تاوس هوم لا تزال قضية تنتظر حلا شافيا و جوابا كافيا ، فهل تلكم الهمهمات و الأصوات التي تخترق صمتها عزيف الجن أم موجات من الفضاء الخارجي …؟. و قدرة البعض على التواصل عن بعد خصوصا في المناطق البدائية دون وسيط أو آلة، فهل وجد الباحثون تفسيرا منطقيا لهذه الظاهرة أو “القدرة” الفريدة؟. و هل توصل الخبراء لأثر على حراس منارة جزيرة إلين مور المعزولة؟، و ماهو سر مثلث برمودا ؟.

يقترح كثير من العلماء حلولاً تبدوا لوهلة محاولة عاجزة أخيرة و أحياناً إحتمالا وارداً ضمن صفوفٍ من الإحتمالات التي لا تنتهي . لقد أقترح بعضهم أن كثيرا من الظواهر الغريبة كتحرك الجمادات و الأصوات المجهولة ما هي إلا تأثير قوة العقل البشري على الواقع الملموس ، بينما نرى آخرين يفندون ذلك ، إذ أن كل التجارب التي عرضوها للعامة كدليل على نظرياتهم لم تخل من شيء من الخدع و الحيل، كما لو افترضنا أن ما فعلوه كان كامل المصداقية فذلك يستلزم أن تحدث كل ظاهرة بعد جلسات جماعية متكررة من التركيز و التدبر لتلقي نتائج جلية، و هذا لا يستقيم، بينما يرجعها آخرون لأيادي العالم الخفي، عالم الجن، و لعل هذا الرأي هو الرأي الذي يحوز على قبول الكثيرين. و لكن لا يبعد الأمر من أن يكون نتيجة أحدهما ليحتمل كلا الرأيين، لتظل تلكم الظواهر عقبة أمام المنطق و فجوة مظلمة في سماء المعرفة.

 

تاريخ النشر : 2015-02-17

guest
17 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى