قتلة و مجرمون

قصر الجرائم

بقلم : ردينة العتيبي – السعودية

قصر الجرائم
قصة أول قاتل متسلسل في التاريخ الامريكي

"لقد ولدت و الشر يكمن بداخلي, لم استطع فعل شيء حيال كوني قاتلاً مثلما لا يستطيع الشاعر فعل شيء حيال الإيحاء الذي يجعله يغني" الدكتور. هـ. هـ هولمز

بنى هرمان موجت قصر الجرائم في عام 1893, و في نيته أن يجعل منه مكانا مثاليا لإرتكاب العديد من جرائم القتل التي راح ضحيتها الكثير من الرجال والنساء ومن زوجات لهرمان و موظفين و نزلاء في القصر, ويعتبر هرمان فعلياً أول قاتل متسلسل في التاريخ الأمريكي. كان القصر مبنياً من الآجر و يتكون من ثلاثة طوابق و مائة غرفة, و درج بلا نهاية و أبواب لا يوجد خلفها إلا جدران من الطوب و ممرات تدور حول نفسها في حلقة مفرغة, كان القصر باختصار عبارة عن فخ و متاهة تؤدي للموت.

من هو هـ.هـ هولمز؟

قصر الجرائم
هيرمان موجت .. او الدكتور هولمز ..

ولد هيرمان موجت عام 1860 في كولومبيا لأب غني عمل كمدير للبريد لمدة 25 عاما و كان مواطنا محترما بين من يعرفونه, و قد كانت عائلته من أوائل الاوروبين الذين استوطنوا في تلك المنطقة.

عندما كان صغيرا كان يقع في الكثير من المشاكل و كان معروفا بقسوته وحبه لتعذيب الحيوانات و الأطفال, لكنه عوض ذلك نوعا ما بكونه طفل ذكيا جدا و محباً للعلوم, كان الطلاب في المدرسة يتنمرون عليه و كانوا يعرفون انه يخاف من زيارة الطبيب فكانوا يأخذونه إلى هناك بالقوة و كانوا يجبرونه على رؤية الهياكل العظمية في العيادة ليثيروا الرعب في نفسه.

في السادسة عشر من عمره و بعد ان تخرج من الثانوية العامة غير موجت اسمه إلى هنري هوارد هولمز , و في عام 1878 تزوج من امرأة تدعى كلارا ابنة احد المزارعين في هامبشاير و التحق في نفس الوقت بكلية محلية لدراسة الطب حيث قام بدفع تكاليف دراسته من ميراث زوجته, لكن لا حقاً تم قبوله في جامعة ميتشغان لدراسة الطب والجراحة فيها في آن أربور و أثناء ذلك انجب من زوجته طفلا اسماه روبرت.

خلال دراسته في الجامعة طور مهارة خاصة حيث قام بسرقة الجثث من مختبر الجامعة و عمل على تشويهها او حرقها لتبدوا كأنها تعرضت لحادث معين, ثم بعد ذلك يذهب إلى شركة التأمين مدعيا أن أصحاب هذه الجثث هم أفراد عائلته ليحصل على مبلغ التأمين بعد ان يكون قد قام بتأمينهم. و بعد ان حصل على مبلغ 12,500 دولار و هو مبلغ كبير لاحد الجثث التي قام بتأمينها هو و أحد شركاؤه والذي اصبح لاحقاً طبيبا معروفا في نيويورك, ترك آن آربور و هجر زوجته كلارا و ابنه بينما عادت هي إلى نيوهامبشاير و لم ترى هولمز بعد ذلك.

عهد من الاحتيال

اختفى هولمز لمدة ستة اعوام و لم يستطع احداً تحديد ما هي النشاطات التي قام بها خلال هذه المدة من حياته او اين كان الا انه خلال واحدة من هذه السنوات انخرط في بعض الأعمال المشروعة في سانت بول و اكتسب احترام المجتمع هناك, فسلموه احد المتاجر التي أعلنت إفلاسها, فقام بمليء هذا المتجر بأنواع البضائع و قام ببيعها بسعر منخفض ثم تلاشى مع عائدات المحل.

اتجه من سانت بول إلى نيويورك و عمل فيها كمدرس في إحدى المدارس و استأجر غرفة في منزل احد المزارعين بالقرب من قرية مور فوركس, ثم بدأ في إغواء زوجة المزارع و أقام علاقة غرامية معها, و فجأة في أحد الايام استيقظ المزارع في الصباح ليجد ان هولمز قد إختفى من دون ان يدفع ايجار السكن المستحق عليه و مخلفاً وراءه سيدة حامل و هي زوجة المزارع.

ذهب إلى شيكاغو ليختبئ من دائنيه و بدأ يبحث عن عمل و كان ذلك في عام 1985 و قام بتأسيس عمل و افتتح مكتبا في ويلميت مدعياً انه مخترع, اثناء ذلك رفع قضية من أجل تطليق زوجته كلارا, لكن القضية طالت و تمت المماطلة فيها حتى عام 1891, لكن هذا لم يمنعه من الزواج من إمرأة اخرى تدعى مارليت بالكناب ابنة رجل الاعمال جون بالكناب. انجب من زوجته الجديدة طفلة لكن بالرغم من ذلك فإن مارليت كانت تعيش في ويلميت بينما ذهب هولمز للعيش في شيكاغو و لا أحد يعرف سبب ذلك, و يقول عنه والد زوجته انه حاول ان يخدعه و قام بتزوير احد الصكوك ليجعلها بإسمه, و لما واجهه بمعرفته بموضوع تزوير الاوراق حاول هولمز تسميمه الا انه نجا من ذلك, بعد ذلك انهت مارليت زواجها منه عام 1889.

قصر الجرائم
شيكاغو 1880 ..

في شيكاغو و قد كانت الأعمال في بداية ازدهارها و نموها هناك, كانت هناك صيدلية تقع في انغلوود غرب شارع 63 تديرها إمرأة تدعى السيدة او الدكتورة هولدن, و حيث ان ادارة الاعمال تعتبر امرأ يفوق طاقة النساء في ذلك الوقت فرحت السيدة هولدن انها وجدت من يساعدها في الصيدلية حين تقدم لها هولمز باحثا عن عمل تحت اسماً مستعار و هو الدكتور هنري هولمز, و شعرت انه سيكون اضافة استثنائية للصيدلية, فحصل على عملً بدوام جزئي عند السيدة هولدن في صيدليتها، و كانت ملكية الصيدلية اساساً تعود لزوجها السيد هولدن , و الذي توفي بعد وقت قصير من حضور هولمز, لأنه كان يعاني من مرض مزمن و ترك الصيدلية تحت مسئولية أرملته.

في ذلك الزمان كان الصيدلي يعد كيميائياً وكانت الصيدليات مخزناً لجميع أنواع الاكاسير والجرعات، و عندما كان الصيدلاني و الكيميائي الدكتور هولمز يقوم بتركيب حتى أبسط وصفة طبية، كان يفعل ذلك بفخر و تباهي، كما لو كان عالماً كيميائياً في خضم أداؤه لبعض الطقوس الغامضة. كانت أصابعه الطويلة الشاحبة تتحرك بمهارة الجراح و وجهه الوسيم ينقبض في تركيز و اهتمام وعيناه الزرقاوين تصبحان اكثر اشراقاً.

لكنه لم يكن كأي عالم لا يستطيع التميز أو التكيف من الناحية الاجتماعية, كان هولمز شخصية اجتماعية كفؤ، كان يرتدي ملابسه بشكل يجعله يظهر بمظهر الرجل النبيل و كان يحسن التعامل مع الزبائن و ذا سلوكيات ساحرة و جذابة. كان أدبه و حس الفكاهة لديه يجلب للصيدلية العديد من الزبائن خاصة السيدات في الحي. وبالإضافة إلى ذلك، احتفظ بعين حادة على دفاتر الحسابات و كان شديد الاهتمام بالأرباح و بمدخول الصيدلية. بإختصار كان المساعد المثالي للسيدة هولدن.

قصر الجرائم
لم يطل الوقت حتى اثبت هولمز جدارته في عمله ..

لم يمض وقت طويل حتى بدا هولمز انه مدير الصيدلية أكثر من كونه مساعداً. اصبح يقضي المزيد والمزيد من الوقت في العمل مع دفاتر الحسابات والدردشة اللطيفة مع السيدات اللواتي كن يحضرن إلى الصيدلية، و كان البعض منهن يقضي الكثير من الوقت فيها من أجل عملية شراء صغيرة جدا. أصبح الدكتور هولمز شخصية مألوفة وظهر أنه يتجه لمكانة رائدة في مجتمع الأعمال المحلي.

كانت الصيدلية تحقق إرباحا أسعدت السيدة هولدن لكن هولمز كان على العكس منها فهو لم يكن راضياً عن وضعه و كانت لديه الكثير من الخطط و التصورات التي تدفعه للأمام, حاول هولمز ان يشتري الصيدلية من السيدة هولدن لكنها رفضت ذلك, و من المحتمل انه حدث بينهما خلاف بسبب هذا. في عام 1887 اختفت السيدة هولدن من دون ان تترك اية اثر و عندما تم سؤاله عن مكانها ادعى هولمز انها ذهبت إلى كاليفورنيا. لم تظهر الارملة بعد ذلك و لم تترك عنوانا لمراسلتها عليه. و بعد اختفاء الارملة تعيسة الحظ امتلك هولمز الصيدلية مدعيا انه اشتراها منها قبل رحيلها إلى الغرب و لم يكن بالامكان التأكد من ذلك لأن لا أحد يعرف مكان الارملة ليسألها عن صحة هذا الامر.

قصر الجرائم
كان بارعا في الاحتيال على النساء ..

و في عام 1989 بدأ هولمز عهداً جديداً في حياته الاجرامية حيث كان خلال ذلك الوقت يتنقل بين الولايات في رحلات قصيرة و يقيم العلاقات مع النساء الثريات و يحتال على الكثيرين من ضمنهم شركات التأمين, و بعد رحلة قصيرة إلى انديانا في مهمة نصب و احتيال يختص بالتأمين مع شريكه الذي لازمه في كثير من الاحيان بنجامين بيتزل وعاد منها رابحاً, ليشترى الارض المقابلة للصيدلية و في ذهنه ان يقوم ببناء قصراً هائلاً عليها. في نفس الوقت استمر في ادارة الصيدلية كالمعتاد, و اضاف لها منضدة مجوهرات و قام بتوظيف جواهري شاب في المحل و هو نيد كونور الذي حضر مع زوجته جوليا و ابنته بيرل للعمل عند هولمز, و سكنوا في الشقة التي تعلوا الصيدلية.

بدأ هولمز يميل لزوجة كونور جوليا و قام بفصل مسئول الحسابات و تعيين جوليا بدلاً منه, لكن كونور اكتشف وجود علاقة بينهما بعد مرور وقت قصير على ذلك, فقام بهجر زوجته وابنته و ذهب للعمل في مكان آخر و لم يسأل عنهما بعد ذلك, و كانت جوليا قد لعبت دورا كبيرا في الخدع و حيل التأمين التي حاكها هولمز لاحقاً. ثم قام هولمز بالتأمين على حياة جوليا و ابنتها بمبالغ كبيرة و وضع نفسه المستفيد الوحيد من بوليصات التأمين هذه.

القصر الرهيب

قصر الجرائم
خارطة الطابق الثاني للقصر العجيب ..

خلال ذلك كان اهتمام هولمز منصباً على القصر الذي يجري بنيانه, و أثناء عملية البناء قام هولمز بالإشراف على عمال البناء و كان هو شخصيا المهندس الخاص لهذا القصر و كان يقوم بطرد العمال عند الانتهاء من بناء كل قسم من أقسام القصر مدعيا الغضب الشديد تجاههم لأسباب مزيفة و تعيين عمال آخرين و هكذا دواليك حتى الانتهاء من بناء القصر بالكامل, وكانت نتيجة ذلك أن لا أحد باستثناء هولمز لديه أدنى فكرة عن تصميم هذه المتاهة، و التي استخدمها لصالح رغباته المجنونة العديد من المرات. لم يدفع هولمز مقابل مواد البناء التي استخدمت لبناء القصر و لم يدفع رواتب الموظفين أو المقاولون الذين تعاقد معهم أبداً.

كان القصر يتكون من ثلاثة طوابق و قبو, و كان الطابق الأول يتضمن عدة محلات و مخازن, بينما احتوى الطابقان العلويان مكتب هولمز وأكثر من مائة غرفة بالإضافة إلى غرف معيشة فسيحة, و كانت معظم هذه الغرف مخصصة للضيوف الذين لم يخرجوا من القصر أبداً.

كان المبنى بكامله مليء بالشراك, كانت الأبواب تفتح على جدران من الطوب, و كانت النوافذ مغطاة بالحديد و كل الجدران تحوي ثقوب سرية لاختلاس النظر, و كانت السلالم لا تؤدي إلى أي مكان, بالإضافة إلى وجود المزالق في الغرف و الممرات لكي يتم إرسال الضحايا من خلالها إلى القبو بشكل أسرع و أوفر للجهد وللوقت.

تم تصميم القبو كما لو انه مختبر هولمز الخاص حيث كان هناك طاولة تشريح و أدوات جراحية, محرقة, و مخلعة قابلة للتمدد, و كان يحتوي كذلك على براميل مليئة بحمض الأسيد و حفر مليئة بالجير. كان هولمز في بعض الأحيان يرسل ضحاياه عبر المزالق إلى القبو و يقوم بتشريحهم و سلخهم, و في أحيان أخرى يقوم بإحراقهم في المحرقة او إذابتهم في حمض الأسيد.

كانت غرف القصر عازلة للصوت و احتوت على أنابيب غاز بحيث يقوم هولمز بخنق ضحاياه بالغاز عندما يشعر بأنه يرغب بذلك, و كانت مزودة بأجهزة إنذار ترسل طنيناً في غرفة المعيشة الخاصة بهولمز إذا ما حاول احد الأشخاص الهرب, و يُعتقد انه أبقى ضحاياه أسرى محبوسين في غرفهم لعدة أشهر قبل أن يقوم بقتلهم

قصر الجرائم
المعرض العالمي في شيكاغو 1892 حضره الملايين ..

أتم هولمز بناء القصر في عام 1892 و قام بتغيير مكان الصيدلية و جعله في الطابق الأرضي من القصر, اسماه قصر المعرض العالمي (لم تكن هناك أية سجلات تفيد أن هولمز قام بتسمية هذا القصر بأية اسم, لكنه كان لعدة أجيال معروفاً بين الشرطة, والسكان المرعوبون في إنجلوود ب(قصر الجرائم)), لأن المدينة كانت ستستقبل 27 مليون زائر من مختلف الأجناس لزيارة المعرض العالمي الذي سيقام في العام القادم, أعلن هولمز انه سيخصص العديد من غرف القصر لزوار المعرض حيث يمكنهم الإقامة فيها حتى نهاية المعرض و عودتهم من حيث أتوا. لم يعد الكثير من السياح بعد نهاية المعرض و يقال ان قائمة المفقودين كانت طويلة, لكن المؤكد هو أن 50 شخصاً من المفقودين كانوا من ضحايا القصر.

لم يكن إعلانه عن وجود غرف في القصر لاقامة السياح هو ما جلب له العديد من الضحايا فقط, فقد وضع الإعلانات في الصحف يقدم من خلالها فرص عمل للنساء الشابات اللواتي اتين للقصر باعداد كبيرة, و حين يتلقى رداً على إعلانه من احداهن كان يقدم لها العديد من التفاصيل عن الوظيفة و يؤكد لها انه بعد انتهاء المقابلة الشخصية سوف يكون بإمكانها اختيار المنصب الذي ترغب به, وبعد ان يتم قبولها يزودها ببعض التعليمات التي تتضمن ضرورة ان تقوم بحزم جميع حقائبها و مستلزماتها و بسحب كل اموالها من البنك و ذلك لأنها ستكون في حاجة للمال لكي تستطيع البدء في مكانها الجديد. من ضمن التعليمات التي كان يقوم بتزويدهن بها هي الابقاء على اسمه و معلوماته سراً معللاً ذلك بأنه يخشى من منافسيه الذين يحاولون دائماً الحصول على اية معلومة تخصه لإستثمارها ضده. و بعد ان يحضرن لمكان العمل يتحقق هولمز من التزامهن بالسرية التي طلبها منهن, طبعاً كن يلتزمن بذلك و لهذا السبب بقين سجينات في القصر حتى يقوم بقتلهن لاحقا.

قصر الجرائم
صورة القصر الرهيب ..

كذلك وضع هولمز اعلانات اخرى في الصحف يصور نفسه على أنه رجل ثري يبحث عن زوجة, مع نفس التفاصيل التي كانت متضمنة في عرض الوظيفة. و بعد مرور عامين قابل هولمز إمرأة تدعى ميني وليامز و كانت تعمل معلمة في مدرسة خاصة, نشأ اهتمامه بها بعد ان علم أنها سوف ترث ثروة عقارية في تكساس. حضر بصحبتها الى القصر مدعيا انها ستعمل سكرتيرة له لكن جوليا لم تظن ذلك و عرفت ان هولمز يحب هذه الفتاة و يريد استبدالها بها و لم يجعلها هذا التغير في الاحداث سعيدة. لم يمضي الكثير من الوقت حتى اعلن هولمز خطوبته منها.

بعد خطوبته على ميني بوقت قصير اختفت جوليا و ابنتها, وعندما اتى كونور لا حقاً ليسأل عنهما اخبره هولمز انهما ذهبتا إلى ميتشيغن. لكن في اعترافاته للشرطة اخبرهم انها ماتت اثناء إجراءه عمليه اجهاض لها, لكنه اعترف لاحقاً انه قتلها و سمم ابنتها لأنه لم يعد يطيق غيرتها وقال (كنت سأتخلص منها على أية حال, لقد تعبت منها).

ميني و الدور الذي لعبته

قصر الجرائم
حثت على قتل ايميلي ..

عاشت ميني سنة كاملة في القصر و لعبت دورا هاما في موت جوليا وابنتها و يقول المحققون انها مذنبة بمعرفتها للجرائم التي حدثت في القصر و سكوتها عنها, كما يعتقدون انها هي من حثت على قتل ايميلي فان تيسيل و هي فتاة جميلة عملت ككاتبة اختزال في معهد كيلي في دوايت، إلينوي, عرف هولمز عنها عن طريق صديقه بنجامين بيتزل عندما كان في رحلة علاج من ادمان الكحول هناك و اخبره عن جمالها الفائق, فقام هولمز بالاتصال بها و عرض عليها و ظيفة عنده براتب اعلى فقبلت على الفور و حضرت للقصر, كانت ايميلي مخطوبة لرجل من انديانا يدعى روبرت فيلبس و كانت تفتقده و تفتقد لعائلتها بعد مرور وقت على وجودها في القصر و كانت تنوي ان تذهب لإنديانا لتتزوج بخطيبها, لكن هولمز قام بحبسها في إحدى الغرف العازلة للصوت و قام بإغتصابها, ثم بعد ذلك قام بقتلها لأن ميني اعترضت على رغبته الشهوانية لهذه المرأة الجميلة. في وقت لاحق ارتكب خطيبها روبرت خطأ فادحاً و أتى يبحث عنها في القصر و كانت هذه اخر مرة شوهد فيها حياً, حيث قام هولمز بإجراء تجربة التمدد عليه و التي كانت الوسيلة التي قتله بها. وقد ضع هولمز الكثير من ضحاياه الاحياء على طاولة التمدد التي قام باختراعها و هي اداة شبيهه بالمخلعة و كانت تقوم بمد الشخص إلى نقطة الانفصال, و كان يقول أريد أن أرى إلى أي مدى يمكن للإنسان ان يتحمل الالم قبل ان يموت.

قصر الجرائم
المخلعة .. تستعمل لسحب الجسد حتى يتمزق ..

في عام 1893 تم تحويل عقار ميني في تكساس لرجل يدعى بنتون ليمان و الذي كان في الواقع بنجامين بتزل. لاحقا في نفس العام توفي شقيق ميني في حادث منجم في كولورادو تم تدبيره من قبل هولمز. قام هولمز بدعوة آنا شقيقة ميني للقصر لزيارتها و لزيارة المعرض العالمي, ثم قام بإغرائها للبقاء في القصر, و اثناء بقاءها في القصر قام بإغوائها لتقيم علاقة معه و من ثم أقنعها لتوقع على وثيقة تختص بحصتها في عقار في فورت ورث. بعد شهر من ذلك اختفت آنا و عللت ميني غيابها بأنها عادت لتكساس. اوضح هولمز لاحقاً اثناء التحقيق معه جراء القبض عليه ان ميني قتلت شقيقتها آنا بعد ان علمت بتواطئها معه و دخلت الاثنتان في جدال حاد ثم قامت بضربها بكرسي على رأسها و ماتت على الفور, بعد ذلك قامت مع هولمز برمي جثتها في بحيرة ميتشيغن.

سافر هولمز و ميني إلى دنيفر برفقة فتاة شابة و هي جورجينيا يوك و كانت خطيبة لهولمز, و قد جاءت إلى شيكاغو مع سمعة مشوهة تبحث عن عمل لدى هولمز, اخبرها هولمز ان اسمه هنري هوارد و أن ميني ابنة عمه. عندما وصلوا إلى دنيفر تزوج هولمز و جورجينيا و كانت ميني شاهدتهم. بعد انتهاء حفل الزواج الذي لم يحضره الا ثلاثتهم اتجهوا إلى تكساس لتحصيل عقار ميني, وبعد ذلك دبرا خدعة هناك.

سرقة عربة الخيول

اشترى هولمز عدة عربات للخيول خاصة بالسكك الحديدية بأوراق نقدية مزورة ووقع على الأوراق باسم "أو. سي. برات". ثم تم شحن الخيول إلى سانت لويس وبيعها, و حصل هولمز منها ثروة لا بأس بها. لكن آثار هذه الخدعة ستأتي عليه لاحقاً و تقضي عليه.

عاد الثلاثة إلى شيكاغو و بعد وقت قصير من عودتهم اختفت ميني بشكل أثار التساؤل و أخبر هولمز الشرطة انها بعد أن قتلت شقيقتها في فورة من الغضب و العاطفة فرت إلى اوروبا. صدقت الشرطة ما قاله لأنهم كانوا يظنون ان هولمز مواطن شريف. ظهر لاحقاً ان هولمز قتل ميني حيث اعترف للشرطة بذلك و لكن لم يتم العثور على جثتها ابداً و يعتقد انه قام بإذابتها في الأسيد كما فعل بالآخرين.

سقوط هولمز

قصر الجرائم
بعض ضحايا هولمز من النساء ..

في يوليو 1894، اعتقل هولمز للمرة الأولى. لم يكن سبب اعتقاله هو إحدى جرائم القتل التي ارتكبها ولكن بسبب خدعة عربة الخيول السابقة والتي انتهت في سانت لويس. قامت جورجينيا بدفع الكفالة و إخراجه فوراً من السجن.

أثناء وجوده في السجن، كان هناك سارق قطارات مدان اسمه ماريون هيدغيبث, يقضي حكما بالسجن لمدة 25 عاما. اخذ هولمز و ماريون يتحدثان ثم دبر هولمز معه خطة ليخدع بها إحدى شركات التأمين للحصول على مبلغ 20000 دولار و ذلك بأن يقوم بعمل تأمين على حياته ثم يزوير وفاته. هولمز وعد هيدغيبث ب 500 دولار مقابل أن يزوده باسم محامي بارع يمكن الوثوق به. فقام بتوجيهه إلى العقيد جيبثا هاوي، شقيق المدعي العام، وبعد ان اخبره هولمز بتفاصيل الخطة وجد هاوي أن الخطة رائعة جداً.

ذهب هولمز إلى ولاية رود آيلاند و حجز غرفة في أحد الفنادق بأسمه, ثم قام بسرقة جثة ، و أحرقها، و شوه رأس الجثة و أخذها إلى منتجع شاطئ البحر في رود آيلاند ودفنها على الشاطئ. ثم بعد ذلك حلق لحيته وغير مظهره، وعاد إلى الفندق، مسجلا نفسه تحت اسم آخر, و ادعى انه صديقاً لرجل اسمه هولمز ويريد ان يستعلم اين يجده. عندما تم اكتشاف الجثة على الشاطئ، تعرف عليها بأنها تعود لصديقه " هولمز" وقدم بوليصة التأمين البالغة 20000 دولار لشركة التأمين مدعيا انه المستفيد من بوليصة التأمين على حياة صديقه العزيز هولمز. لكن شركة التأمين اشتبهت في وجود خدعة في الامر و رفضت الدفع. عاد هولمز إلى شيكاغو دون الإلحاح على شركة التأمين لكي لا يفتضح أمره, وبدأ بتلفيق نسخة جديدة من المخطط نفسه.

وبعد شهر، عقد هولمز اجتماعاً مع بنجامين و هاوي, وتم وضع خطته الجديدة موضع التنفيذ. ذهب بتزل إلى فيلادلفيا مع زوجته، كاري، وافتتح محلا هناك لبيع وشراء براءات الاختراع تحت اسم بي. إف بيري. بعد ذلك قام هولمز بعمل بوليصة تأمين على حياة بتزل. وكانت الخطة ان يقوم بتزل بشرب جرعة دواء من شأنها أن تفقده الوعي لفترة معينة. ثم يقوم هولمز بوضع الماكياج على وجهه لجعله يبدو كما لو كان قد تعرض لحروق شديدة. ومن شأن الشاهد الذي سيرى ذلك ان يقوم باستدعاء سيارة الإسعاف و حين يذهب الشاهد، فإن هولمز يقوم بوضع الجثة التي كان قد سرقها مسبقاً في مكان "صاحب المتجر" و هو بنجامين بتزل. بعد ذلك سيتم أبلاغ شركة التأمين أنه توفي. بالطبع سوف يحصل بتزل على جزء من المال في مقابل دوره في عملية الخداع كما هو متفق عليه , لكنه سيعلم قريباً أن هولمز لا يمكن الوثوق به ابداً!

قصر الجرائم
بنجامين بتزل ..

وقع "حادث" في صباح 4 سبتمبر, عندما سمع الجيران دوي انفجار من مكتب براءات الاختراع. وجاء نجار يدعى يوجين سميث إلى المكتب بعد ذلك بوقت قصير، ووجد الباب مغلقاً والظلام يعم المبنى. لسبب ما، أصبح قلقا واستدعى الشرطة إلى مكان الحادث. كسروا قفل الباب ووجدوا رجلاً قد تعرض لحروق شديدة ملقى على الأرض. و بسرعة اعتبروا الوفاة نتيجة وقوع حادث وتم نقل الجثة إلى المشرحة. بعد 11 يوما، لم يأتي أي أحد ليطالب بالجثة وهكذا تم دفن الميت في حقل الفخار المحلي.

علمت الشرطة أن القتيل (بتزل) قد جاء لفيلادلفيا من سانت لويس وطلبت من شرطة تلك المدينة البحث عن أقارب له هناك. وفي غضون أيام، قدم المحامي هاوي دعوى على شركة التأمين نيابة عن كاري بتزل وبذلك جمع مال التأمين. احتفظ هاوي ب 2500دولاراً لنفسه واستولى هولمز على الباقي. وقدم في وقت لاحق 500 دولار إلى السيدة بتزل ولكنه استرده لاحقاً مدعياً أنه سيستثمره من اجلها و أجل أولادها.

تم دفع المستحقات دون تردد والجميع حصل على نصيبهم من المال، باستثناء بنجامين بتزل و ماريون هيدغيبث. لم يكلف هولمز نفسه عناء الاتصال بلص القطار مرة أخرى، غير أن هذا الأمرا لم يعجب هيدغيبث. اختمرت الفكرة في رأسه ثم قرر تسليم هولمز للشرطة. أوضح مخطط هولمز للأحتيال على شركة التأمين لشرطي من سانت لويس يدعى الرائد لورانس هاريجان، الذي اخطر بدوره محقق شركة التأمين، غاري وقام هذا بإبلاغ المعلومات التي حصل عليها لفرانك غيير، وكيل بينكرتون، و الذي بدأ التحقيق على الفور.

لم يتلق بن بتزل نصيبه من المال هو الآخر، و حتى لو كان قد حصل عليه فهولمز لم ينوي الابقاء عليه حياً. ما لم يخبر به هولمز أحدا هو أن الجثة التي اكتشفت في مكتب براءات الاختراع لم تكن جثة مسروقة و تم تشويهها، ولكن كانت جثة بن نفسه! فبدلاً من تقسيم المال مرة أخرى قررهولمز قتل شريكه و حرق جثته بحيث يصعب التعرف عليه. ابقى هولمز هذه الخطة سرية بينما كان هو وجورجينا يسافرون مع كاري بتزل وأطفالها الثلاثة. و كانت كاري تعتقد بأن زوجها كان مختبئا في نيويورك.

قصر الجرائم
اليس وهوارد بتزل .. قتلهما هولمز هم وشقيقتهم الاخرى ..

شوهد الثلاثي لآخر مرة في سينسناتي ثم في انديانابوليس في الأول من أكتوبر. ثم أرسل كاري إلى الشرق وبقي الأطفال في رعاية هولمز وجورجينا. رتب هولمز مع كاري لمقابلته في ديترويت، حيث أكد لها أن زوجها مازال يختبئ هناك. وكان قد وصل إلى ديترويت قبل عدة أيام من الموعد المحدد، ووضع الأطفال الثلاثة في منزل إحدى العائلات بالإيجار. ثم ذهب إلى ولاية انديانا، و عاد مع جورجينا و استأجر لها للإقامة مع عائلة أخرى. عندما وصلت كاري، و ضعها في منشأة أخرى. ثم بدأ التحرك عبر البلد، وهو مدرك على ما يبدو أن الشرطي بينكرتون كان في مطاردته. استمرت الرحلة لمدة شهرين تقريبا ولكن في 17 نوفمبر 1894، انتهت الرحلة عندما وصل هولمز إلى بوستن, وتم اعتقاله فيها وأرسل إلى فيلادلفيا.

اعتقل هولمز بسبب حيلة عربة الخيول السابقة التي قام بها هو و ميني وحورجينا في ولاية تكساس. تم تخييره بين اعادته إلى تكساس و اعدامه كلص خيول أو أن بإمكانه أن يعترف باحتياله على نظام التأمين و التي أدت إلى وفاة بن بتزل. بالطبع اختار الاحتيال في مجال التأمين، وأرسل إلى فيلادلفيا. في الطريق إلى هناك، عرض هولمز على حارسه 500 دولار مقابل ان يوافق الرجل على تنويمه مغناطيسيا و بعد ذلك يفر هولمز هارباً من دون ان يقع اللوم على الحارس. ورفض الحارس هذا العرض بكل حكمة.

تم كشف خدع التأمين جميعها. وبعد أسبوع، تم تحديد مكان جورجينا في منزل والديها في ولاية انديانا وكانت كاري بتزل في برلنغتون، فيرمونت، حيث قد استأجر لها هولمز بيتا صغيرا لها تعيش فيه في حين إنتظارها وصول أسرتها. وكان هولمز قد عاش في المنزل معها لعدة أيام ولكنه قد غادر غاضبا عندما استجوبته حول حفرة يقوم بحفرها في الفناء الخلفي. وصلت الشرطة للاعتقاد بأنه كان يحفر قبرها، ولكن لسبب غير معروف اختار عدم قتلها. ألقي القبض على السيدة بتزل واقتيدت إلى فيلادلفيا ولكن أفرج عنها بعد وقت قصير, و لم توجه اليها اية تهمة ابداً.

اسرار هولمز المظلمة

قصر الجرائم
بدأت الشرطة تحقق في جرائم هولمز ..

بدأ شرطي المباحث غيير يكشف ببطء الأسرار المظلمة لهنري هوارد هولمز، ولكن حتى المحقق غيير الرجل المحنك لم يكن مستعد لما كان ينتظره. بدأ بالتدقيق في اكاذيب هولمز و هوياته المتعددة التي انتحلها، على أمل العثور على أدلة تقوده لمعرفة مصائر أطفال بتزل الثلاثة. في هذه المرحلة، لم يكن لديه فكرة عن كل الضحايا الآخرين. هولمز أقسم أن ميني ويليامز كانت قد أخذت الأطفال معها إلى لندن، حيث كانت تخطط لفتح صالون للتدليك، ولكن غيير كان متأكد من أنه كان يكذب. في يونيو 1895، اقر هولمز بالذنب في تهمة واحدة تختص بالاحتيال في مجال التأمين, لكن المحقق غيير وسع تحقيقاته.

طوال استجوابه، رفض هولمز الكشف عن ما حل بأطفال كاري بتزل الثلاثة، هوارد، نيلي وأليس. و خوفا من حدوث الأسوأ سعى المحقق غيير لاكتشاف مصيرهم بنفسه – وسرعان ما اصبحت مخاوفه حقيقه. في شيكاغو، علم ان بريد هولمز يتم تحويله يومياً إلى نيويورك ومن نيويورك إلى ديترويت، و من ديترويت إلى تورونتو، ومن تورونتو إلى سينسيناتي، ومن سينسيناتي إلى انديانابوليس ثم من هناك يبدأ من جديد. لاحق غيير مسار هولمز لمدة ثمانية أشهر من خلال الغرب الأوسط وكندا، وتوقف في كل مدينة ليتحقق من المنزل الذي استأجره حين يقيم في كل مدينة من تلك المدن. في ديترويت، كان البيت الذي قد استأجره هولمز لا يزال شاغراً وعثر على حفرة كبيرة تم حفرها في القبو.و ارتاح غيير عندما وجد ان الحفرة فارغة.

في تورونتو، بحث غيير لمدة ثمانية أيام قبل أن يجد الكوخ رقم 16في شارع فنسنت كان قد استأجره رجل يطابق اوصاف هولمز كان مسافرا بصحبة فتاتين صغيرتين. و قد اقترض الرجل (هولمز) مجرفة من أحد الجيران، و ادعى انه يريد استخدامها لحفر حفرة لتخزين البطاطا فيها. اقترض غيير نفس المجرفة، وعندما حفر في نفس الموقع، وجد جثث نيلي واليس بتزل عدة أقدام تحت الأرض.و في غرفة نوم في الطابق العلوي، وجد صندوقاً كبيراً و كان موصول به انبوب مطاطي و يتصل مع انابيب غاز. من الجلي انه خدع الفتاتين و اخبرهما انه يريد لعب الغميضة معهما و جعلهما تصعدان إلى ذلك الصندوق و قام بخنقهما بالغاز.

قصر الجرائم
احتال على الفتاتين ليدخلا الصندوق ثم خنقهما بالغاز ..

هذا الاكتشاف الصادم جعل غيير يعمل بجهد اكثر ليتوصل لما حدث لهوارد بيتزل. بعد استجواب الجيران اخبروه ان الفتاتين قالتا ان لديهما أخ يعيش في انديانابوليس. مع هذا الدليل الصغير ذهب غيير إلى انديانا و بحث خلال 900 منزل بشق الانفس عن أي دليل يتعلق بهولمز. في النهاية و في ضاحية ارفينغتون, و جد منزلاً قد استأجره هولمز لمدة اسبوع. كان المنزل شاغراً لم يستأجره احد منذ هولمز و في موقد المطبخ, وجد غيير البقايا المتفحمة لهوارد.

قام غيير و شرطة شيكاغو بالبحث في مسكن هولمز في مدينة ويندي. و كان غيير متأكداً انه سيجد اجابات اكثر لإسئلته في القصر. دخل غيير القصر مع بعض المحققين الآخرين و أخبرهم عامل النظافة الذي كان يعمل في القصر ان هولمز لم يسمح له ابداً بتنظيف الطوابق العليا من القصر

لم يكن غيير و لا المحققين الآخرين قادرين على نسيان ما وجدوه في القصر.خصصت المباحث عدة أسابيع لبحث ووضع خطة لكل طابق من طوابق القصر. تم استخدام الطابق السفلي من قبل هولمز نفسه كمتجر أدوية، متجر للحلوى، مطعم ومحل مجوهرات. وقد تم تقسيم الطابق الثالث من المبنى إلى شقق صغيرة وغرف للضيوف و التي على ما يبدو لم يتم استخدامها.

ثبت ان الطابق الثاني كان متاهة ضيقة، ممرات متعرجة مع ابواب تفتح على جدران من الطوب، وسلالم مخفية، وأبواب مستترة بذكاء، وأروقة عمياء، بالاضافة إلى اللوحات السرية والممرات الخفية, وقبو سري كبير بما يكفي لشخص واحد ان يقف فيه. و كانت غرف الغاز محلية الصنع و مطلية بالحديد ومجهزة بمزالق من شأنها أن تحمل الشخص مباشرة إلى القبو. و أدرك المحققين الآثار المريعة لهذه الغرف عندما وجدوا اثر طبعة قدم على باب إحدى الغرف من الداخل. وكانت الطبعة صغيرة تعود لامرأة حاولت الهروب من مصير قاتم في تلك الغرفة الصغيرة

بالإضافة إلى كل الاشياء الغريبة في ذلك الطابق، فإنه يحوي 35 غرفة. نصف هذه الغرف صممت كغرف النوم العادية، وكانت هناك مؤشرات على أنها قد احتلت من قبل مختلف النساء اللواتي عملن لدى هولمز، و من قبل المستأجرين الزوار خلال اقامة المعرض أو من قبل فتيات كان هولمز قد اغواهن متحيناً الفرصة لقتلهن.

قصر الجرائم
كان بارعا بأستدراج الضحايا وقتلهم ..

وكانت العديد من الغرف الأخرى بلا نوافذ أو انه كان يتم حبس الهواء عنها عن طريق إغلاق الأبواب. و كان البعض منها مزوداً بصفائح من الحديد و الحرير الصخري مع علامات حروق على الجدران، و كانت مزودة بأبواب عبارة عن افخاخ تؤدي إلى غرف صغيرة في الاسفل، أو كانت مجهزة بنفاثات غاز مميتة تستخدم لخنق أو حرق النزلاء الغافلين المطمئنين.

تضمن الطابق الثاني كذلك شقه هولمز الخاصة ، التي تتألف من غرفة نوم وحمام وغرفتين صغيرتين تستخدمان كمكاتب. وتقع الشقة في الجزء الأمامي من المبنى، وتطل على شارع 63. في أرضية الحمام عثرت الشرطة على باب فخ مخبأ تحت سجادة ثقيلة وسلم ينزل إلى غرفة تقع حوالي ثمانية أقدام تحت الارض. وكان لهذه الغرفة بابان واحد يؤدي لدرج يقود إلى الشارع والآخر يفضي إلى مزلق يؤدي إلى القبو.

في "غرفة الرعب" في القبو فوجئ الرجال اكثر من ذي قبل. تقع هذه الغرفة سبعة اقدام تحت كامل المبنى و تمتد تحت رصيف الممشى الامامي. هنا، وجدوا طاولة تشريح هولمز التي كانت الدماء متناثرة عليها، و أدواته الجراحية اللامعة التي تساعده على ممارسة مهاراته الجراحية التي تعلمها حيث كان يقوم بسلخ ضحاياه و يبيع هياكلهم لكليات الطب. كان هناك ايضاً مختبره المريع الخاص بآلات التعذيب، وجرار مختلفة مليئة بالسم, وصندوق خشبي يحتوي على عدد من الهياكل العظمية تعود لضحاياه من الاناث.

في داخل أحد الجدران كانت هناك محرقة، مع موقد حديدي ثقيل لإشعال النار و موقد آخر، مزود ببكرات يمكن من خلالها إزلاق الضحية ببطء في النيران. و كانت المحارق لاتزال تحتوي على رماد الضحايا و على أجزاء من العظام التي لم تحترق بالكامل لأن الحرارة لم تكن عالية. ومن خلال البحث في الرماد وجدوا ساعة معصم كانت تعود لميني وليامز، وبعض أزرار الملابس والعديد من الصور المتفحمة. كما وجد غيير تحت السلم كرة مصنوعة من شعر امرأة وكانت ملفوفة بعناية في قماش.

تم العثور كذلك على برميل كبير من الاحماض الحارقة وحفرتين مليئتين بالجير مدفونة في الارض، كانت قادرة على التهام شخص بأكمله في غضون ساعات. أيضاً تم اكتشاف كومة متحللة من الجير في غرفة صغيرة كانت قد بنيت في الزاوية, في هذه الكومة عثر على بصمة تعود لإمرأة .

قصر الجرائم
حوى القصر على الكثير من الأسرار ..

وجدوا العشرات من العظام البشرية وعدة قطع من المجوهرات، ربما انها تعود إلى عشيقات هولمز. واحتوى موقد خشبي يتوسط القبو على قصاصات من القماش, واستدعي نيد كونور إلى القلعة لتحديد ثوب مليء بالدم كان يعود لجوليا. و في حفرة في منتصف الارضية، تم العثور على المزيد من العظام, تم فحصها من قبل الطبيب، ويعتقد أنها عظام طفل صغير يتراوح عمره ما بين ستة وثمانية اعوام. بعد ذلك لم يكن مصير بيرل كونور محل تساؤل.

في العشرين من يوليو، بدأ بعض العمال في المدينة بحفر نفق تحت شارع رقم 63. كانت هناك رائحة غاز عالقة في الهواء وحالما هدم الرجال جدار الغرفة اكتشفوا ما يشبه الخزان الكبير أو غرفة مبطنة بالمعدن. و كلما تقدموا إلى الداخل كلما كان القبو يعبق أكثر برائحة الموت, مما اضطرهم إلى العودة إلى الوراء. و في لحظة فجائية، انفجر الخزان، و اهتز المبنى مرسلاً شرارات من اللهب إلى القبو. تم دفن الرجال في أكوام من الحطام ولكن لم يصب احداً منهم بشكل جدي. و كان الخزان مبطناً بالخشب والمعدن وكان طوله يبلغ 14.

كان الدليل الوحيد في الغرفة هو صندوق صغير عثر عليه في وسطها. عندما تم فتحه من قبل الإطفائي جيمس كينيون، تبخرت منه رائحة الشر, فركض الرجال المتجمهرون بعيداُ، باستثناء كينيون، الذي تغلبت عليه الرائحة. ووفقا لصحيفة نيويورك العالمية، "انه تم جره وحمله إلى الطابق العلوي، وكان يهلوس و يتصرف كالمجنون لمدة ساعتين متواصلة."
بعد إجراءات الحفر، واكتشاف وفهرسة الضحايا المحتملين لهولمز ظل "قصر الجرائم" (كما أطلق عليه لاحقا) شاغرا لعدة أشهر. ليس من المستغرب، انه لفت انظار المتفرجين و الفضوليين من جميع أنحاء المدينة, حيث شاهد أهالي حي إنغلوود المتفرجون مع مزيج من الخوف والبغض، و هم مفجوعين من الامور المريعة التي جلبت الحشود إلى شوارعهم. و لم تبدأ الصحف بعد بمليء صفحاتها بالقصص والرسوم التوضيحية عن الجرائم ولكن الشائعات قد انتشرت بسرعة حول ما تم اكتشافه هناك. ولقد ذهل الناس في شيكاغو أن مثل هذه الأمور يمكن أن تحدث بينهم – في مدينتهم المجيدة! و يُعتقد أن عدد ضحاياه يتراوح بين 100-200 ضحية, بناء على البقايا البشرية التي عثروا عليها و على شهادات الجيران الذين اكدوا رؤيته يدخل القصر برفقة العديد من النساء الشابات اللواتي لم يروهن يخرجن أبداً, و كان معظم ضحاياه من النساء الشقراوات مع بعض الرجال و الاطفال.

نهاية القصر و بداية الاساطير

قصر الجرائم
مكتب بريد حكومي ينتصب اليوم في مكان قلعة هولمز ..

في 19 اغسطس, تم احراق القصر ومساواته بالتراب. بعد منتصف الليل بدقيقة دوت ثلاثة انفجارات في الحي, و اندفع ضوء هائل من القصر المهجور, و خلال اقل من ساعة بدأت الجدران تتداعى على نفسها . وجدت اسطوانة غاز بين الحطام و سرت الشائعات جيئة و ذهابا بين من يظن ان شريكاً لهولمز احرق القصر عن بكرة أبيه ليخفي تواطؤه مع هولمز في كل هذه الجرائم المريعة, و بين من يظن ان احراق القصر تم ارتكابه من قبل الجيران الغاضبين .لم يتم الكشف عن هذا اللغز و لكن تمت ازالة القصر إلى الابد

ظلت الارض التي بني عليها القصر فارغة حتى تم بناء مكتب البريد الامريكي عليها عام 1938 أخيراً. لم ينسى الكثيرون احداث قصر هولمز او الحكايات التي يرويها اشخاص انهم سمعوا أنيناً وبكاءً يأتي من الارض. كانت هذه الحكايات شائعة في المجتمع لعدة سنوات و يظن البعض ان اشباح ضحايا هولمز يجوبون المكان و هم يبحثون عن السلام و ربما الانتقام لترتاح ارواحهم اخيراً. و تم نبذ وتجنب قطعة الارض التي تكسوها الاعشاب النامية و التي تثيرالرعب في النفوس و يعتقد الكثيرون انها مشوبة بالموت و الدماء التي سفكت على ظهرها. كان العديد من السكان الذين عاشوا هناك وقتاً طويلاً يسيرون في طريقهم متخذين الجهة الاخرى من الشارع, حتى لا يمروا بمحاذاتها .

حتى بعد ان تم بناء مكتب البريد على تلك الارض الدموية, حدثت اشياء غريبة, يقول الاشخاص الذين يعبرون الشارع مع كلابهم بمحاذاة مكتب البريد ان كلابهم تنسحب بعيداً محاولة الهروب, و كانت تنبح و تأن من شيء يمكنها رؤيته او الشعور بوجوده, بالاضافة إلى ذلك, فإن موظفي البريد واجهوا بعض الامور الغريبة, و كانوا يسمعون اصوات غير مألوفة بينهم.

نهاية هولمز

قصر الجرائم
انهار هولمز وبدأ بالبكاء ..

بدأت محاكمة هولمز في فيلادلفيا في عام 1895 قبل عيد الهالوين و استمرت لمدة ستة أيام فقط, لكنها كانت واحدة من أكثر المحاكمات إثارة في ذلك القرن. قامت الصحف بنشر أخبار المحاكمة بطريقة صارخة ومثيرة ,إلى جانب نشرها لأسرار القصر و التي تكلم عنها الشهود في كامل تفاصيلها, عندما وقفت جورجينا للشهادة انهار هولمز و بدأ بالبكاء و النحيب شاعراً بالخيانة او بالذنب ربما.

في النهاية طرد هولمز محاميه وحاول تولي الدفاع عن نفسه كعادته دائما حينما يتولى المهمة. قيل أن هولمز كان في الواقع مذهلاً و ذكياً وداهية كمحامي ولكن ذلك كان دون جدوى. تداولت هيئة المحلفين لمدة ساعتين ونصف فقط قبل أن تعود لتحكم بإدانته. يقال ان هيئة المحلفين لم تمضي الا دقيقة واحدة حتى وافق جميع اعضاؤها على ادانته, ولكنهم استغرقوا وقتاً اطول قبل العودة إلى المحكمة من اجل المظاهر.

حكم القاضي عليه بالاعدام في الثلاثين من نوفمبر. و حاول الاستئناف في المحكمة العليا في بنسلفانيا لكنها اكدت الحكم و رفضت الاستئناف و رفض حاكم الولاية ان يتدخل. حدد له تاريخ السابع من مايو 1896 لتنفيذ الحكم, قبل تسعة ايام فقط من عيد ميلاده السادس و الثلاثين.

بحلول ذلك الوقت كانت قصة هولمز قد اصبحت معروفة للعلن و كان الناس غاضبين مرعوبين و راضين بالحكم, خاصة في شيكاغو, حيث المكان الذي كان الشر يحدث فيه. قدم هولمز اعترافا بالتعذيب و القتل الذي ظهر في الصحف و المجلات, موفراً سلسلة طويلة من الانحراف الذي لا يقارن الا بإنحراف القتلة الاكثر جنوناً على مر التاريخ. حتى لو تم تنميق قصته فأن الادلة الفعلية على جرائمه تجعله أحد القتلة الاكثر نشاطاً في البلاد.

لم يشعر بالندم ابداً حتى النهاية. و قبيل إعدامه، تمت زيارته من قبل اثنين من القساوسة الكاثوليك في زنزانته و أخذوا بالتواصل معه، و على الرغم من ذلك رفض ان يسأل المغفرة عن جرائمه. تم اقتياده من زنزانته إلى حبل المشنقة ووضع غطاء أسود على رأسه, فتح الباب الذي تحته وسقط هولمز. سقط رأسه على كتفه، ولكن أصابعه كانت منقبضة وكانت قدميه تتحرك لعدة دقائق بعد موته، مما جعل العديد من المشاهدين ينظرون بعيدا. و على الرغم من أن عنقه كُسرت بسبب قوة السقوط، و الحبل كان مشدودا بقوة بحيث انغرس في رقبته، لكن قلبه واصل النبض ما يقارب 15 دقيقة, وقد أعلنت وفاته أخيراً في الساعة 10:25صباحاً.

لعنة هولمز

قصر الجرائم
صورة نشرتها له احدى صحف ذلك الزمان في زنزانته قبل اعدامه ..

كان هناك اسطورتين مروعتين مرتبطتين بإعدام هولمز. ادعت أحداهما أن صاعقة انفجرت في السماء في نفس اللحظة الذي كسر حبل المشنقة عنقه, لكن هذا لم يكن أكثر الامور غرابة. كانت الاسطورة الخارقة هي لعنة هولمز, بدأت القصة بعد فترة وجيزة من إعدامه، مما أدى إلى التكهنات بأن روحه لم ترقد في سلام!. يعتقد البعض أنه كان لا يزال يقوم بعمله الشنيع من قبره. وحتى بالنسبة للمتشككين، كانت بعض الأحداث التي وقعت بعد وفاته مثيرة للحيرة و التساؤل بعض الشيء.

بعد وقت قصير من وضع جثمان هولمز في قبره, و تحت طنين من الاسمنت, ظهرت اول حادثة وفاة غريبة. كان الدكتور ويليام ماتن، الطبيب الشرعي الذي كان أحد الشهود الرئيسيين في المحاكمة هو اول من استفتح سلسلة الوفيات حيث سقط فجأة ميتا من تسمم بالدم.

تلى ذلك العديد من حوادث الوفيات في تسلسل سريع, فبالإضافة إلى الطبيب الشرعي, فإنه تم تشخيص القاضي الذي حكم على هولمز بالإعدام واحد الاطباء الذين اشرفوا عليه بإصابتهم بمرض نادرا لم يكن معروفاً من قبل. تلاهما مراقب السجن الذي كان هولمز مسجوناً فيه حيث قتل نفسه, و لم يتعرف احد على دواعي انتحاره. و تعرض والد احد ضحاياه إلى انفجار غاز ادى إلى موته احتراقا, بالاضافة إلى العميل فرانك غيير الذي يتمتع بصحة جيدة بشكل استثنائي, اصيب فجأة بمرض شديد لكنه استطاع ان يتخطاه.

لم يمض وقت طويل بعد هذا, حتى اشتعلت النيران في مكتب مدير الاستحقاقات الخاص بشركة التأمين التي خدعها هولمز من قبل و احترق المبنى. دمر كل شيء في المكتب باستثناء نسخة مؤطرة لمذكرة توقيف بحق هولمز وصورتان شخصيتان له. ظن الكثيرون من الاشخاص المقتنعين بالفعل بوجود لعنة هولمز ان كل ذلك بمثابة تحذير لا يحمد عقباه.

بعد عدة اسابيع من شنق هولمز وجد احد القساوسة الذين صلوا مع هولمز قبل اعدامه ميتاً في باحة كنيسته الخلفية. عزى الطبيب الشرعي موته إلى انه تعرض للتسمم لكن التقارير تفيد انه تعرض للضرب المبرح و للسرقة. بعد ايام قليلة من ذلك تعرض لينفورد بايلز، الذي كان رئيس هيئة المحلفين في محاكمة هولمز لصدمة كهربائية، في حادث غريب تسببت به الأسلاك الكهربائية فوق منزله

حتى ماريون لم يسلم

قصر الجرائم
ماريون .. لاحقته اللعنة ..

في السنوات التالية تعرض العديدين ممن كانوا متورطين مع هولمز بأي شكل من الاشكال للموت بطرق عنيفة, بمن فيهم سارق القطارات ماريون هيدغيبث. بقي ماريون في السجن بعد ان ابلغ الشرطة عن هولمز, بالرغم من توقعه ان ينال اعفاءً لقاء تسليمه لهولمز الا ان ذلك لم يحدث. في نفس اليوم الذي اعدم فيه هولمز تم نقله إلى سجن ولاية ميزوري لينهي محكوميته هناك. و بمرور الوقت كان لدى ماريون العديد من المناصرين لقضيته منها بعض الصحف التي كتبت عن دوره في القبض على هولمز. و جراء مزاعمه بشأن إعادة تأهيله و انه قضى كل يوم في السجن في قراءة الكتاب المقدس, أخيراً في عام 1906, حصل على العفو و اطلق سراحه.

تم القبض على ماريون في سبتمبر 1907 لنسفه خزانه في أوماها, نبراسكا. تمت محاكمته ووجد مذنباً و حكم عليه بالسجن لعشر سنوات. أُطلق سراحه بعد وقت قصير عندما وجدوا انه كان يعاني من السل, و بالرغم من حالته الصحية, كون عصابة جديدة و حاول في منتصف ليلة رأس السنة من عام 1910 ان يسرق صالوناً في شيكاغو دوناً عن (الاماكن الأخرى). و بينما كان يضع النقود من الدرج في كيس من نسيج الخيش, دخل رجل شرطة إلى المكان من دون سبب, و ادرك من فوره ان هناك سرقة تجري في المكان فأطلق النار من مسدسه على اللصوص و مات ماريون قبل ان يلمس الارض.

هل هو جاك السفاح؟

يعتقد جيف موجت حفيد هولمز من الجيل الثالث في كتاب قام بتأليفه و هو (الشيطان في المدينة البيضاء), أن هولمز مسئول عن الجرائم التي ارتكبت في لندن عام 1888 و نسبت لجاك السفاح, حيث انه اختفى لفترة من شيكاغو في هذه السنة, و عند مقارنة خط يد كل من الرجلين وجد تطابق بنسبة 98% , و أظهر رسماً حديثاً لجاك السفاح نشرته سكوتلاند يارد لشاهد عيان وجود شبة غريب بينه و بين هولمز.

قام مكتب المباحث الفيدرالي بمقارنه صورة هولمز مع الصورة المرسومة لجاك السفاح في كمبيوتراتهم و ذهلوا بما وصفوه انه اقرب تطابق حصلوا عليه في حياتهم المهنية.

قامت هوليوود بتحويل الكتاب الى فيلم بنفس العنوان و قام ليوناردو ديكابريو بآداء دور هولمز

المصادر :

Chilling tour inside serial killer H.H. Holmes “Murder Castle”
THE MURDER CASTLE OF H.H. HOLMES
The Murders of HH Holmes

H. H. Holmes – Wikipedia

H.H. Holmes Biography – Murderer (c. 1861–1896)

تاريخ النشر 05 / 05 /2015

guest
103 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى