تجارب من واقع الحياة
لأنني أبن ذلك الرجل
أحياناً أقول ما أقسى أن تعيش في مكان ليس مكانك ولا حياتك |
أردت كتابة قصتي لأنه لم يستطيع أحد سماع صوتي ، فقط تعبت من الحديث ، تعبت من كوني المذنب .
هذه قصتي :
أبي متحرش جنسي لا يترك شيء يمشي على الأرض إلا وتحرش به وأنا لا أبالغ ، لقد أصبحت سمعت العائلة في الحضيض بسببه في كل الأرجاء ، وبالطبع أنا واحد منهم فقد تحرش بي و جعلني أنسان مهزوز و منطوي على نفسي و ضعيف الشخصية ، مما زاد من تنمر الناس علي لم يرحموني ويرحموا طفولتي ، الشتائم تُطلق علي ، القاذورات تُطلق علي ، حتى وصل الأمر للاعتداء علي ضرباً و اغتصبني بقضيب معدني ، و لولا لطف الرب لما كنت على قيد الحياة ، عانيت الكثير وتمزقت أمعائي وأجروا لي عمليات لم يشعر بالألم غيري ( ما ذنبي ؟ ) لماذا كل هذا العذاب ؟ إلا أنني أبن ذلك الرجل !.
وبعد هذه الحادثة انغلقت على نفسي حتى أنني أخشى الخروج من المنزل والذهاب للمدرسة ، كلما أردت الخروج يخالجني البكاء ولا أستطيع الخروج ، لذلك غبت عن المدرسة أيام طويلة ، ولكن في يوماً من الأيام طرقت الشرطة باب منزلنا و اقتادوني للتحقيق لأنني مشتبه به بقضية تحرش جنسي لفتاة ،
تم تعذيبي نفسياً وجسدياً وأخبروني أن شخصاً شاهدني مما يثبت إدانتي وأنني منحرف وأنني أشبه أبي بسجله الإجرامي ، وأجبروني على الاعتراف بذنب لم أكن فيه أو اقترفته مع أن تلك الأيام جميعها قضيتها بالمنزل ، لم يصدقني أحد وكان جوابهم أن المجرم دائماً لا يعترف بجريمته وأنني أفسدت حياة البريئة ، والصدمة أن الفتاة في العشرينات وأنا لا أعلم من هي و لم أراها في حياتي ، وهي تعرفت علي بأنني أنا الفاعل ، أنذاك كنت فتى لم يتجاوز 13عاماً.
حُكم علي بالسجن في الأحداث 4سنوات ظلماً و قهراً و جحيماً ، أقسم أنني لم يأتي يوم ولم أبكي فيه خوفاً على نفسي .
خرجت من السجن وأنا بعمر17عاماً ، وفي نظر الجميع أنا مقزز ومجرم ومنحرف ولم يتركوني في حالي ، فالكثير من التهديدات وصلتني ومن بينها وضع معدة خاروف ذات رائحة نتنة معلقة على باب منزلنا .
أمي طلبت الخلع منذ فترة طويلة من أبي وتركتني لديه ولم تسأل عني ، ذهبت لزيارتها و لكنها طردتني ، أردت أن أحتمي بها ، أردت حنانها ولكنها فاجأتني بضربها لي ، ولم أتوقع هذا منها أبداً
الجميع ضدي .
و بعدها بأشهر اقتادتني الشرطة للاشتباه بي بجريمة تحرش جنسي ، وهذه المرة لا يوجد شاهد أو أدلة وأيضاً تعرضت للضرب المبرح فقط حتى أعترف بالجريمة ، أخبرتهم بنفس الذي قلته أنني لست الفاعل وأنني أنكر ذلك ، وأخبرتهم بأني بريء حتى تثبت إدانتي ، و لكنهم سجنوني بحجة أنه لا يوجد غيري و أن مكاني هو السجن ، و هذه المرة سُجنت 6 سنوات.
الحياة ذلتني و قهرتني ، فقط لأنني أبن ذلك الرجل.
خرجت هذه المرة و جمعت ما تبقى من أغراضي و رحلت إلى مدينة أخرى كان همي أن أبتعد ، لن يقبل أحد بتوظيفي ، لم يقبل أحد تزويجي و لم يقبل أحد حتى أن يقدم لي سكن بسبب الماضي ، عشت بالشارع و عندما يفتح المسجد أدخل إليه أسترخي في بيت الله وعندما يغلق أذهب إلى الخلف أضع بعض الكرتون وأنام كالمشردين ، الرب لا ينسى عباده المظلومين لأنه لم ينساني و لقد بعث لي أصحاب الخير وساعدوني وساندوني رغم معرفتهم أنني خريج سجون منذ الطفولة ، أكملت دراستي بسببهم و دفعوني للنجاح ، دفعوا تكاليف الكلية ، درست صيدلة .
سأبقى أعزب ولن أتزوج ما حيت حتى لا يأتي يوم ويخبرني به أبني أنه يتمنى لو لم أكن والده .
في الأخير أردت أن أقول:
كان يمكن أن أكون ميت الأن ولم يذكرني أي شخص سوى أنني نكرة المجتمع ، ولكنني دائماً ما أقول الرب قد لطف بي رحمني و لولاه لكنت هائم لا أعرف طريقي ، بالإضافة إلى أنني تعلمت درس وهو أنني دفعت ثمن أخطأ أبي !.
أحياناً أقول ما أقسى أن تعيش في مكان ليس مكانك ولا حياتك ، وأنا شعرت بذلك !.
هذه هي تجربتي عن الحياة .
و شكراً لكل من قراء تجربتي من البداية إلى النهاية.
تاريخ النشر : 2020-09-06