عندما يطرق آذاننا في وقتنا هذا خبر عن أسرة تتكون من ثمان أو تسع فأكثر من الأطفال نشعر بالغرابة . رغم أنه منذ عقود قليلة فقط وفي مجتمعنا العربي كان عدد الأطفال في الأسرة الواحدة أحيانا يبلغ 15 طفلاً ويزيد . وذلك الاختلاف بين الأمس واليوم طبعا يرجع للمتغيرات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية وغيرها . فما بالك إذن إن سمعنا بالهندي (زيونا شانا) الذي أنجب 94 طفلا من 39 زوجة! . أو الرجل الذي أنجب أكثر من ألف طفل؟ . وهو سلطان مغربي أنجب أولاده من 4 زوجات و500 جارية ! . وقصتنا اليوم أيضا غير عادية بطلتها امرأة وليس رجل تبلغ من العمر تسعة وثلاثين عاما حاليا . أنجبت 38 طفلاً من بطن واحد وأب واحد ! .
ماما أوغندا
وفقا للإحصائيات، فإن حجم الأسرة في إفريقيا هي الأكبر في العالم . إذ يبلغ معدل الخصوبة في أوغندا لوحدها 5.6 طفل لكل امرأة . وهو أكبر معدل في العالم ويعد ضعف المتوسط العالمي البالغ 2.4 طفل .
و ماما أوغندا هو اسم مستعار أطلقته وسائل الإعلام على امرأة أوغندية من إفريقيا تدعى السيدة مريم ناباتانزي . مسلمة الديانة .. أنجبت في الحقيقة 44 طفلاً مات منهم ستة أطفال . وبقي لها ما مجموعه 38 طفلا ( 22 صبيا و 16فتاة ) .
الحقيقة المدهشة أن هؤلاء الأطفال ولدوا على شكل توائم ! . فباستثناء ولادة واحدة .. فإن ماما أوغندا أنجبت توأما 4 مرات وثلاثة توائم 5 مرات وأربعة توائم 5 مرات بالإضافة إلى ولادة واحدة .
إقرأ أيضا :أسطورة ماما بينات (الأم العظيمة)
تبدأ قصتها عندما تزوجت وهي في سن الثانية عشرة من عمرها . واليوم هي أم عزباء تعيل أطفالها بمفردها بعد أن تخلى عنها زوجها الذي عانت معه هاربا منذ ثلاث سنين . حيث أنه لم يستطع تحمل كثرة الأعباء الهائلة والمصاريف . وياليته اكتفى بذلك، إذ أنه قام بسرقة كل ماتملكه وتدخره من مال . تقول ماما أوغندا وعلى وجهها ابتسامة مشرقة أن الأطباء أخبروها أن مبيضيها كانا كبيران على غير العادة . وبالتالي فإن خصوبتها مرتفعة جدا ووسائل منع الحمل مثل الحبوب قد يسبب مشاكل صحية لها . فالحمل هو وسيلة لتخفيف الضغط على جسمها، لذا امتنعت عنها واستمرت بإنجاب الأبناء حتى العام 2017 أين أدى خطأ طبي لقطع الرحم .
في قرية محاطة بحقول البن على بعد 50 كيلومترًا شمال كمبالا الأوغندية . تعيش السيدة مريم ناباتانزي مع أطفالها في أربعة منازل ضيقة مصنوعة من كتل إسمنتية ومغطاة بالحديد المموج . ينام اثنا عشر من الأطفال على أسرة معدنية بطابقين مع مراتب رقيقة في غرفة واحدة صغيرة ذات جدران مغطاة بالسخام . و في الغرف الأخرى يتراكم بعض الأطفال على مراتب مشتركة بينما ينام الآخرون على الأرضية الترابية .
ولأن إطعام عدد هائل من الأطفال ليس سهلا إضافة للرسوم المدرسية والرعاية الطبية، تعمل ماما أوغندا كل شيء تقريبا مثل تصفيف الشعر وتزيين النساء للمناسبات ، وجمع الخردة المعدنية وبيعها . وحتى تخمير الجين المحلي وبيع الأدوية العشبية . تقول إن يوما واحدا قد يتطلب 25 كيلوغراماً من دقيق الذرة . سبعة كيلوغرامات من الفول ، وثلاثة أخرى من السكر، وأما الأسماك أو اللحوم فهي تعد من الأطعمة النادرة .
إقرأ أيضا : نساء في ثياب الرجال: قصص بين النجاح والتخفي
على جدار في إحدى غرف منزلها تعلق ماما أوغندا صورًا فخرية لبعض أطفالها المتخرجين من المدرسة . بالنسبة لها كان على الجميع أن يدرس . أيضا فالأسرة الكبيرة تتعاون مع بعضها في البيت ، الأطفال الأكبر سنًا يساعدون في رعاية الصغار . ويساعد الجميع في الأعمال المنزلية مثل الطهي .
يقول ابنها الأكبر إيفان ذو 23 عامًا ” أمي مرهقة ، والعمل يسحقها ، ونحن نساعد حيثما أمكننا ، مثل الطهي والغسيل لكنها لا تزال تتحمل العبء الكامل على الأسرة . أشعر بالذنب بها تجاهها. اضطررت إلى ترك المدرسة الثانوية عندما نفد المال لأساعدها ” .
تتحدث ماما أوغندا عن مشاعرها تجاه أبناءها بالكثير من الفخر والسعادة، فبعد أن تحملت هي نفسها طفولة صعبة ومأساوية . فإن أعظم أمنياتها هي أن تؤدي واجبها و يكون أطفالها دوما سعداء .
قبل سنة من الآن زار الرحالة واليوتيوبر المشهور جو حطاب ماما أوغندا في عقر دارها. وكان من أوائل من عرف العالم عليها . فهي تعد ثاني أكبر منجبة للأطفال في العالم بعد الروسية السيدة فاسيلييف التي أنجبت 69 طفلا !! .
ختاما
لا يخلق الله شيئا عبثا، والحكمة فيما قدره سبحانه . إن ما يلفت النظر حقا ويثير الدهشة ويبدي الإعجاب بماما أوغندا هو ذلك الصبر اللامحدود والقدرة الهائلة على التحمل والتعايش مع تلك الأوضاع الصعبة والمزرية . وهذا يثبت أنها امرأة حديدية ذات قلب قوي وإرادة عظيمة . وستخلد ولا شك على صفحات التاريخ .
ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس ، لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع ، وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .