ألغاز علميةكشكول

السياحة الفضائية: حلم أم علم؟

السياحة تجربة جميلة وبديعة، فَما الأجمل والأبدع من التنقل بين أحضان الأرض وتجربة مختلف الأماكن والتعلم منها ومن تاريخها واستعصار عُلومها؟
من الشرق للغرب، من الشمال للجنوب، ومن عواصم العالم دأبت الحركة السياحية على تنشيط فاعليتها المهنية لتُتيح للجميع تجربة مجال السفر والتَّفَسُّح، باثقينَ للأمل في إتاحة تأمُّل مختلف البيئات المخلوقة والمصنوعة لجميع السُّيّاح. وكانت الوسيلة لِتحقيق هذه الغاية الترفيهية والتعليمية هي استعمال عديدِ المركبات جوّاً، بحراً وبرّاً.
لكن الصورة النمطية للسياحة والسفر تحطمت في الأعوام الأخيرة لِتَشمل ما يُقارع الأصل، ألا وهي السياحة الفضائية، مصطلح قادم من المستقبل لكنه قيد التنفيذ والتجهيز.

الفضاء الخارجي شاسعٌ واسعٌ بِقدرِ ما هو مجهولٌ وغامض، مِمّا جعل أصحاب المليارات وذوي التطلع يبتدعون بِطُموح طرق جعله وجهة سياحية قادمة.

ومع التقدم التقني، الاقتصادي، الصناعي والإعلامي الذي حققته الدول الرائدة، بات حلم السفر السياحي للفضاء أقرب من أي وقت مضى، وأمست إمكانية جعل البشر روّادَ فضاء قريبةً ما بعيدة.

وعلى الرغم من ذلك، لا يزال اختراق الغلاف الجوي والمشي على المريخ أو القمر أمرانِ شديدا الصعوبة والخطورة، إضافةً لِكونِهِما متواجدان في سِياق المستحيل نِسبةً للتحديات العِلمية.
بَيْدَ أن هناكَ عدداً لا بأسَ بِهِ من المشاريع والشركات الناشئة والعادية التي قررت تحدي الصعاب وعقدت العزم على تحويل المستحيل لِحقيقة ملموسة.

ويظهر في نشاط هذه الشركات التنوع الملحوظ، فمنها ما تحترف بناء الفنادق ومنها ما تقتصر على توفير الجولات إلخ.. غير أن هنالك عاملاً مشتركاً بينها جميعاً، وهو اندراجها واندراج خططها ضِمن مبدأ التخطيط الأولي وليس لها أي إنجازات عمليّة بخصوص السفر في أرجاء الفضاء. لكن دغدغة الحلم والطموح ليست سيئة بعد كل شيء.. لِذا دعونا نتعرف على بعضِ هذه الشركات قبل أن نمضي قُدُماً.

شركة Virgin Galactic

شركة أمريكية من تأسيس رجلي الأعمال “ريتشارد برانسون” و “مايكل كولغلازير”. متخصصة بتقديم الرحلات التجارية للفضاء الخارجي. يقع مقرها الرئيسي في ولاية كاليفورنيا.

شِعارها الذي قد تصدق فيه “تحويل المستقبل إلى ما لا مفر منه”

أقول بثقة “قد تصدق فيه” لأن ما أنجزته حتى الآن مثير للإعجاب فقد أرسلت عينة تجريبية (اختبارية) خارج مدار الأرض في سنة 2018, وبالرغم من نجاح الإطلاق، إلّا أنه من الصعب ضَمان النجاح بِدون إنسان في الآلة.

شركة Space X

تقريباً، تعتبر هذه الشركة هي الأضخم في فئة السياحة الفضائية، أمريكية أيضاً. مملوكة من طرف أغنى رجل في العالم الأمريكي “إيلون ماسك” المعروف بطموحه الجنوني في استعمار المريخ مستقبلاً.

تُعرَفُ هذه المُؤسسة بإمكانياتها الحديثة والمتفوقة، إضافةً لِشُهرتها بين نظائرها.

لقد نجحت بالفعل في إطلاق مهام متنوعة بين استكشاف وبث خدمات الإتصال بالإنترنت.. لكن لا يمكن الإستهانة بِسبيس إكس أو مالكها الطَّموح، فقد أعلن إيلون ماسك في 2017 عن نيته في الدفع لأي زوج من الزبائن (زبونين) يتقدمان لِرحلة للقمر.
لكن المشروع فشل في النهاية واختفت فكرته.

شركة Boing

هذه الشركة الأمريكية هي في الأصل متخصصة بخطوط الطيران، لكن إن طرتَ في السماء، فَما الذي يمنعك من الطيران في الفضاء.

قامت “بوينغ” بتوقيع عدة إتفاقيات مع “ناسا” الغنية عن التعريف، وقامت كذلك بتصنيع كبسولات “Boing CST 100 Starliner” التي استخدمتها وكالة الفضاء الوطنية الأمريكية (ناسا) لتطوير مشاريع متعلقة بنقل البشر للفضاء الخارجي. طبعاً لم تأتِ نتائج ملموسة، لكن الوقت سيخبرنا إن كانت هذه الإتفاقيات نافعة.

نكتفي بِهذا القدر من الشركات ونوجه سؤالاً مهماً..

إن استطاع رواد أمريكيين أن يمشوا على القمر في 1956, فما الذي يمنعنا من المشي عليه في 2024؟ بل لِماذا لا تكون منازلنا مُحاطة بالكواكب عِوَضاً عن الأشجار؟ بالحديث عن الأشجار، لمَ لا نزرع في الفضاء؟

كلّها تساؤلات منطقية وتعكس رغبة الصنف البشري في الاستكشاف والتعلم والتجدد المستمر.

وَبِلا شك، فإن هناك منشآت ومراكز بحث موزعة على العالم هدفها تحويل الفضاء لِملعب إضافي يستفيد منه الجميع ويغتنم فيه المغتنمون. وذلك على الرغم من معارضة بعض الجِهات التي تدعي أن الإستمرار على هذا النهج سيضر البيئة.

ولكن هل نجح نقل البشر للفضاء حتّى الآن؟

إذا استثنينا الهبوط الأمريكي المثير للجدل لِباز ألدرين وتثبيت خطواته على أرض القمر، فإن معظم ما يتم إرساله للفضاء هو مجرد آليات وأقمار صناعية.. لأن إرسال أي إنسان لهكذا بيئة استثنائية غير مقبول أخلاقياً، حسناً، ربما روّاد الفضاء قبلوا المهمة وسمحوا بإرسالهم لذلك المكان المظلم، لكن هذا الأمر لم يكن بنيّة الاستعمار أو السياحة. فالسياحة تكون بتمكين الجميع.

أختم المقال القصير ببعض التصريحات التي تعكس وجهات النظر بخصوص السياحة الفضائية.

“لا أعتقد بأن الجنس البشري سيبقى على قيد الحياة خِلال الألفية القادمة ما لم نسارع إلى التوسع في الفضاء. هناك الكثير من الحوادث التي يمكن أن تحصل للحياة على كوكب واحد. لكنّي متفائل، سنمتد إلى النجوم”.

ستيفن هوكينغ، عالم فلك.

“سيحرِّرُ الصاروخُ الإنسانَ من قيوده المتبقية، قيود الجاذبية التي ما زالت تربطه بهذا الكوكب”.

فيرنر فون براون، مهندس صواريخ.

“السفر إلى الفضاء يعزز الحياة، وأي شيء يعزز الحياة يستحق القيام به. الموضوع يجعلك ترغب بالعيش للأبد”.

راي برادبوري، مؤلف خيال علمي.

 

المصدر
seaskyrevfine
guest
11 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى