تجارب من واقع الحياة

تحرش ثم وحدة

السلام عليكم أيها الإخوة الكِرام. من باب التفريغ عن النفس ومشاركة التجارب الحياتية، أقص عليكم ما جرى معي قديماً..

أنا فتى في السادسة عشرة، من عائلة بدوية بسيطة، ومن منطقة النقب.

منطقة النقب لوحدها كارثة وأنا لا أعمم عليها بشكل كلّي، بل فقط المكان الذي قدّر الله جل جلاله أن يُنزلني فيه.. مكان صحراوي معزول عن المجتمع لا فرصة فيه للذهاب لأي مكان أو رؤية أي أحد! ناهيك عن أنها معرضة للصواريخ في حالة الحرب. تتكون العائلة أو العشيرة بِأن يغادر الأبناء لمناطق معينة يبثون فيها الحياة ويُنجبون الأبناء والأحفاد فتزدهر المنطقة.

نتيجة هذا الإزدهار هو وجودي ومجاورة أبناء عمي وهم الوحيدون الذين تفاعلت معهم حق التفاعل الإاجتماعي قديماً (إذا استثنينا المدرسة).

ففي الطفولة الجميلة، كنت أغادر إلى منزل ابن عمي الذي يماثلني عمراً، نلعب ونتابع الرسوم المتحركة على غرار “دراجون بول” و “باور رينجرز”.. كانت أياماً جميلة.

لكن ما هو ليس جميلاً هو عندما بدأ إخوته من أمه وأمه الثانية (والده متزوج اثنتين) بالتحرش بي ومضايقتي كلامياً، تلميحياً وفعليّاً على مدار طويل تقريباً.. وهم أيضاً شاطرتهم الذكريات واللعب لكن يبدو أن كل ذلك كان دون قيمة. حتى أن أحدهم تقريباً أدخل.. تعرفون ما أقصد.. من خلال ما كنت أتوهم بأنه “لعب”.. طبعاً لم يحدث نزع للملابس لذا لا بأس.. تنتهى الأمر بأحد الأيام التي كنت فيها في بيت أحدهم ودعاني للحمام بطريقة مثيرة للشك. لا أتذكر كيف سار الأمر بسبب أن الحدث كان قبل سنوات لكن ما لا أنساه هو أني أغلقت الباب على وجهه وفررت هارباً.

حصل صدام وتجمعت العائلات كلها ومُنعتُ من الذهاب لهم فتلاشت كل الذكريات وتلطخت الصفحات. لم أعد أحدثهم أو أتفاعل معهم.. ربما باستثناء الصغار من المدرسة الإبتدائية.

القصة لم تنته هنا، فَكَرَد فعل انتقامي -مدفوعاً بأن لا أحد دافع عني بشكل جيد حسب رأيي- حطمت هاتف أحدهم فحدثت مشكلة أخرى تصادمت فيها العائلتان لكنها حُلّت.

هل انتهت المشاكل هنا؟ لا ..

قذفت منزلهم بالصخور في الليل فذهب والدي لل “درويش” يسأله عن أفعالي وهي عدّة لكن لن أذكرها كلها، وبعلم الرجال الصالحين، أخبر والدي أني المذنب. وبالمناسبة، ذهبت للدرويش الذي يعلم ما لا يُعلَم. وألقى علي تلك الحصوات الغريبة لا أعرف ماهيتها.

تعرضي للابتزاز الجنسي أو سمّوه ما تسمّوه جعلني أخسر ثقتي بمن كنت أظنهم يوماً أناساً طيبين، وأثر علي و *ربّما* فتح علي بوابة إدمان الإباحية نظيرَ أني تعرضت للإتهام من قبلهم بمشاهدتها وأنا بريء لكن لم يدم الأمر. على كل حال تبتُ عنها لاحقاً.

لقد تضاعفت الوحدة وصرتُ أكون علاقات عصبية مع الأدب والخيال. المغزى من تجربتي هي أن تجاوز الأمور والتركيز على أمور أخرى أهم بكثير. فضلاً عن أن هناك أصدقاء طيبين في كل مكان.

فعلت أموراً سيئة كثيرة بعد التعرض لكل تلك التحريضات الجنسية، جُلّها بعد عدّة سنوات، منها ما أفضل إبقائه سرّاً. ومع ذلك، فإني أقدر نعمة النسيان وتحسين الذات، ولو أن تطوير الذات وتهذيبها يتعارض بالضرورة مع نزوات النفس!

التجربة بقلم: فادي

guest
10 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

مرحباً .. يبدوا أنّك تستخدم حاجب إعلانات ، نرجوا من حضرتك إيقاف تفعيله و إعادة تحديث الصفحة لمتابعة تصفّح الموقع ، لأن الإعلانات هي المدخل المادي الوحيد الضئيل لنا ، وهو ما يساعد على استمرارنا . شكراً لتفهمك