قتلة و مجرمون

عبدة الشيطان من باليني: أسيماكيس كاتسولاس

يتميز سن الشباب برغبة المرء منا بالشعور بالإنتماء إلى فكرة أكبر، أو مجموعة نرى فيها القدوة و المثال، أحيانا نصيب و أحيانا أخرى نخطئ، و تكون العاقبة وخيمة، ليس فقط على الشاب الصغير المتحمس، و أنما على الأباء كذلك، الذين يستيقظون ذات يوم على حقيقة ضياع أبناؤهم و فلذات أكبادهم للأبد، و لهذا من المهم جداً على الوالدين أن يكونا قريبين من أولادهما و يوليهما العناية و الإهتمام و التفهم في مثل هذه السن الخطرة، و أن يكونا حذرين من دون أن يخنقوا الأبناء من حذرهما.
ففي مصر لازلت أذكر الضجة الإعلامية التي أثيرت حول قضية قصر البارون، ذلك الذي أسسه مهندس معماري بلجيكي متأثرا في بناءه بالحضارة الهندوسية في مطلع القرن العشرين، ليتحول في نهايات القرن نفسه إلى وكر لمتعاطي المخدرات من الشباب المهووسين بتقليعة عبادة الشيطان ولحسن الحظ فإن الأمور أنذاك لم تأخذ منحى أكثر كارثية أو دموية، لكنها مع الاسف أخذت ذلك المنعطف الخطير و المروع، في مكان أخر من اليونان.

و الآن سأخذكم دون إطالة أكثر إلى تفاصيل قصتنا اليوم. بطلها الاول شاب يدعى أسيماكيس كاتسولاس، من مواليد عام
عام 1972، تربى فى أسرة ميسورة الحال و هو طفلا هادئاً يحب القراءة ويدخر أمواله بحرص شديد ولديه عدد قليل من الأصدقاء، و يتمتع بذكاء فطري جعله من المتفوقين في دارسته.

كل هذا يشي بمستقبل واعد لصبي لايزال يستكشف العالم، ولكنه ما أن يتم السابعة عشرة من عمره، حتى يبدأ التحول الدرامي في شخصه و يصبح أكثر ميلاً للعدوانية والعنف، و يصيبه النفور ناحية والديه، و يفتعل المشاجرات بمناسبة و دون مناسبة.

و ماذا تكون كل تلك التحولات غير رغبة من أسيماكيس كاتسولاس في أن يعثر على مستر هايد الكامن في أعماقه ؟
بالطبع وفي مثل سنه، كان لا يزال متخبطا ً و لا يعرف الطريقة الأنسب لأن يكون القائد الذي يسود على أقرانه لكنه على أي حال يرغب في أن يسود و يقود، بغض النظر عما سوف يسودهم فيه أو يقودهم إليه !

حتى وجد ضالته أخيراً، قد تمثلت في موسيقى ” الهيفي ميتال” الصاخبة، و طقوس السحر الاسود وعبادة الشيطان.

فهو مثل شباب كثر حول العالم يتلقفون بإنبهار شديد كل ما تأتي به الرياح الغربية إلى بلادهم في شغف حباً بالموضة ذات الملابس الجلدية السوداء و التيشرتات المطبوعة، إلى جانب ذلك الجو العجائبي المثير، كغيره من الشباب و المراهقين في اليونان .

و لو أنهم بخلافه، كانوا يعودون إلى حياتهم و مشاغلهم اليومية، ما أن تنتهي تلك الحفلات الصاخبة و الجنونية، أما أسيماكيس؛ فإن هذه الحفلات و موسيقى الهيفي الميتال كانت هي جل حياته و لا شاغل له غيرها!

لذلك، عندما انهى المدرسة الثانوية في عام 1990، أخذ يطلع على كتب السحر الاسود، وكان أول كتاب اشتراه . كتاب به جميع اسماء الشياطين وأنواعها وطرق استحضارها والعناصر اللازمة لجلبها من جحيم النار إلى سماء وأرض البشر، و كان به أكثر من خمسين نوعاً منها،كل واحد منها يملك قدرته الخاصة و مايلزم لحضوره إلى عالم الإنس .
ثم سرعان ما راحت كتب السحر تتكوم فوق أرفف مكتبته؛

blank
أسيماكيس كاتسولاس

وراح يبذر من مال والديه على الحفلات الموسيقية وتعلم السحر فيخرج فى منتصف الليل دون أن يدري أحد، إلى أين يذهب و متى يرجع. و بات هوسه خارج نطاق السيطرة، و مثل أي زعيم طائفة يبحث عن مريدين، بدأ يحث أصدقاءه على تعلم السحر والانضمام إليه فى طائفة لعبادة الشياطين واستحضارها إلى العالم؛ الإ أن النفور أصابهم أزاء الفكرة، ووجدوها غير مثيرة للإهتمام !

و بالنسبة لوالديه، فالظن حملهما على الاعتقاد بأنها مجرد مرحلة لن تستمر طويلاً وأنهما ليسوا الأباء الوحيدون الذين عليهم التعامل مع هذا الهراء؛ فقد كانت هذه الأفكار تلقى رواجا عند الكثير من المراهقين والشباب في محاولة منهم للبحث عن الفردانية، و جل ما عليهما فعله هو التحلى بالصبر و الصمود كأبائهم الذين فعلوا الشئ عينه أمام تفشي ظاهرة الهبيز، التي أختفت من تلقاء نفسها مع مرور الوقت.

أما أسيماكيس كاتسولاس، فقد كان ضجرا ً و ناقماً كيف لا ووالديه يظنون أنه غريب الأطوار وأصدقائه رفضوا مساعدته على استحضار ملك الذباب من الجحيم حيث تتطلب الطقوس أكثر من شخص لاستدعاء الشيطان وبناء عليه قرر أن يسطح علاقاته بالاصدقاء القدامى، ويبدأ بالبحث عن اصدقاء جدد؛ أو بالأحرى أتباع جدد!

التشكيل الجديد

كان أسيماكيس يمتلك بالفعل مظهراً مهيباً وذكاء واضحا وكاريزما قائد لايشق له غبار. و حتى و إن كانت أفكاره غبية فهو لايزال يمتلك طريقه الطرح الجذاب لها!

و لذلك، سرعان ما استطاع ضم بضعة أشخاص معظمهم كان من طلاب المدارس الثانوية؛ لكنهم لم يكونوا على المستوى المطلوب من الخضوع الكامل، ولذلك استمر بالبحث حتى عثر على ضالته اخيرا.

في عام 1991 من خلال أجتذب أحمقين معدومي الشخصية.
‏الأولي هي ديميترا مارجيتي البالغة من العمر خمسة عشر عاماً وتقطن فى نفس الشارع الذي يسكن به. و بطبيعة الحال، و لكي يقنعها بأفكاره و تذعن له فإنه واعدها و مثل دور الهائم حباً بها و الغارق حتى أذنيه في غرامها.

blank
ديميترا مارجيتي

و لما كان له ما أراد، و أقتنعت بقدراته على السحر و التنجيم و التواصل مع الشيطان، طلب منها أن تقيم بمراسم انضمامها إلى الطائفة، و لكي يحكم سلطته عليها أكثر، كذب و أخبرها أنه كان عضواً سابقا ً في مجموعة من عبدة الشياطين، و أن عليها أن تحذوا حذوه في إجراء المراسم التي سيقوم هو بتحضير طقوسها بالفعل.
حيث جلب قطعة قماش سوداء وضعها على الأرض و رسم عليها نجمة خماسية، ثم أتى بخمسة شموع ووزعها على زوايا النجمة و أضاءها ، بينما تقف ديميترا عارية في منتصفها. بينما يحيط بها أسيماكيس بصفته كاهن المجموعة و بضعة أشخاص أخرين، وهو يحمل كتاب يدعي s.s. Necronomicon وبدأ يقرأ أجزاء منه، وعندما انتهى أعلن أنها قد بدأت طريقها نحو الشيطان.

وبعد الانتهاء من خداع ديميترا بقدراته المزيفة طلب منها أن تبحث له عن أعضاء أكثر جدية مثله تمام.

وقد وافقت الفتاة المتحمسة و عرفته بالأحمق الثاني الذي يدعى مانوس ديميتروكاليس فى أحد الحانات فى باليني، إذ كان حبيبها السابق الذي انفصلت عنه.

وقد انتهز أسيماكيس الفرصة كي يقدم مجموعته من عبدة الشيطان واستحضاره وقراءة المستقبل كما لو كان يقدم شركة استثمارية تدر ربحاً ما.

وقد وافق الاخير على الانضمام إليهم لكن بعد بضعة أشهر من هذا اللقاء وقد كان آخر شخص منضم من مجموع أعضاء لايتعدى العشرة أشخاص.

وقد كانت هناك طقوس لإنضمامه لا تقل غباءً عن سابقتها و هي كالتالي:

ذهب خمسة من الطائفة إلى منطقة إيميتوس، في سيسي، على بعد خمسة كيلومترات من كوروبي.
وطلبوا من مانوس إحضار كلب لقتله “لإثبات شجاعته، وهكذا رحل أسيماكيس وديميترا وشخص آخر يدعى أكيس الي مكان تجمعهم المعتاد. بينما ذهب مانوس وشاب منضم حديثا أيضا يدعي افاسيليس حتى يصطادوا الأضحية

وعندما عاد الشابان كان يحملا كلب، وفور وصولهما وضع مانوس الكلب على الطاولة،وقام بتقيد ساقيه إليها والحيوان المسكين يزمجر فزعاً لكن دون جدوى..

أقترب مانوس منه ببطء بينما يحمل فأسا داخل حقيبة، ثم رفعه لإعلي ونزل به على حلق الكلب المسكين ليقطعه و تندفع منه الدماء غزيرة تغطي جسده.
ولم يكتفي بذلك فقط؛ بل أخذ من نفس الحقيبة كأساً زجاجياً ووضع فيه الدم الذي كان يسيل من عنق الكلب وأمسك بالكأس ورفعه ناحية فمه كي يشرب الدماء على مرأى من باقي الأعضاء تحت ضوء الشموع الخافت!

وبعد اكتمال العدد المطلوب لإنشاء طائفتهم من عبدة الشيطان، بدأت المجموعة تنخرط
في احتفالات السحر الأسود والعربدة الجنسية التي تم خلالها تعذيب وقتل الحيوانات، إلى أن أدرك الملل أسيماكيس، وقرر أن ينتقل مع مانوس وديميترا إلي مستوي آخر أكثر شرا!

الجريمة الأولى

في السادس والعشرين من أغسطس 1992
بدأ أسيماكيس فى حالة سيئة، ولما سألته ديميترا عن خطبه، أخبرها بوجه يعلوه الاسي أن أحد الشياطين يريد فتاة بعينها لأنه أحبها كثيرا. ولذلك يجب أن ناخذها إلى الغابة فى سيسي، ومن ثم تختفي هناك ويحصل عليها الشيطان، و لكي تسير الحفلة بسلاسة، فإنه لابد من تفقد الفتاة وعيها لقليل من الوقت فقط!

blank
دورا سيروبولو

ومن ثم أتفقا فى المساء مع مانوس على طريقة استدراجها فى مكان معزول، وكانت الفتاة تعيسة الحظ الذين يتحدثون عنها، هي دورا سيروبولو البالغة من العمر 14 عاماً. فتاة مهتمة بطائفتهم وقد حضرت جلستين للسحر الاسود من قبل وتفكر جديا للإنضمام للمجموعة.

وهكذا كان مسألة استدراجها في منتهى السهولة، إذ أنتظرها الثلاثة أمام مدرستها في ميشالاكوبولو حتى خارجت، وقاموا بإصطحابها فى نزهة قصيرة ليبلغوها أنهم مهتمين بجعلها تعرف أكثر عن الجحيم
والأرض الثانية لهم بعد أن ينفذوا أوامر الشيطان!

لذلك يجب عليها أن تبقى تتجول معهم حتى منتصف الليل, إلى إن تبدأ تحضيرات مراسم السحر الاسود التي سوف تنضم اليهم فيها. و لم تتردد الفتاة المتحمسة لحظة واحدة و كانت متلهفة لإماطة اللثام عن بضعة أسرار من ذلك العالم الغامض المسمى بالجحيم. و ما شجعها على المضي قدماً بلا خوف في مغامرتها المجنونة هو وجود ديمترا معهم، وهو ما حرص عليه أسيماكيس منذ البداية كي تأمن جانبهم.

وبعد نزهة طويلة امتدت حتى المساء بالسيارة في ليكابيتوس،قاد أسيماكيس ومانوس وديميترا الفتاة
دورا سيروبولو إلى مكان مهجور ومنعزل في سيسي، وشرعوا فى إعداد بعض طقوس السحر الأسود، بينما الفتاة مأخوذة بفكرة أنها على وشك أكتشاف اسرار الجحيم.
ولها كل الحق في هذا الاعتقاد الساذج؛ إذ أنها كانت على وشك أن تعرف ماهية الجحيم، لكن جحيمهم هم لا جحيم الشياطين!

أثناء إعداد مانوس للطقس اخرج من حقيبته عدة شموع سوداء وقماش باللون الأسود به نجمة خماسية وكتاب “ممارسة السحر”، أخبروا دورا أنه لكي ينجح الطقس، سيتعين عليها أن تفقد وعيها لبعض الوقت، وقاموا بتقييد يديها، وجعلوها تركع وفي يديها المقيدتين شمعة سوداء وبدوا بضربها على رأسها بعصا حتى تفقد وعيها.
أنخرطت في البكاء و العويل بينما تحاول جاهدة صد الأذى عنها و تسألهم مذعورة “لماذا تفعلون هذا بي يا رفاق”؟
لكنهم لم يبالوا، و مضوا في غيهم، يكتمون أنفها وفمها لخنقها، و لما باءت محاولتهم بالفشل، أطبقوا على رقبتها حتى لفظت أنفاسها وماتت.

ولم يكتفوا بذلك، بل مضوا يقفزون فوق الجثة لتشويه لمعالمها، ثم أضرموا النيران فيها بعد أن سرقوا متعلقاتها الشخصية، وهربوا من المكان، مسببين حريقاً في غابة هيميتوس.

و بعودتهم، أحس كل من أسيماكيس ومانوس بالقوة التي تكسبهم إياها الأضحية البشرية في اعتقادهما بينما أحست ديميترا بالخديعة لان الإتفاق بينهم كان أن تفقد الفتاة الوعي لا أن تُقتل، لكنها تماهت مع شريكيها حفاظاً على حياتها من نفس مصير دورا.

الجريمة الثانية

بعد مرور عام كامل على الجريمة الاولى في 14 أبريل عام 1993، وفى عشية عيد الميلاد قررت المجموعة وبدون مشاركة ديميترا مارجيتي هذه المرة، أن يقدموا قرباناً للشيطان، لأن الإعتقاد حملهم مجدداً على أن القتل في الأسبوع المقدس سيجعل الشيطان يكافئهم بمزيد من القوة!

و كانوا هذه المرة أشد حرصاً من سابقتها على عدم إثارة أي نوع من الشبهات حولهم، و بالتالى كان إختيارهم للضحية عشوائيا من الشارع و لا صلة تربطهم بها تماماً كالقتلة المحترفين!
وفى تلك الليلة، وهم يتسكعون بحثاً عن ضالتهم في شارع ماراثون بالقرب من محطة الحافلات، ألتقوا غاريفاليا جيورجا، امرأة شقراء في عامها الثامن و العشرين، وهي أم لطفلين وتعمل كمنظفة فى فندق ببريطانيا. و قد جاءت تقضي إجازة عيد الميلاد مع أسرتها و للأحتفال والبهجة بعد أشهر من العمل الشاق في الغربة، لكن الصدفة التعسة قد ألقت في طريقها هذين الشابين المخبولين، ليقفزا في وجهها كالغربان و هم يسألانها عما تفعله. فأخبرتهما أنها متوجهة إلى منزلها في جليكا نيرا للقاء عائلتها وقضاء أجازة عيد الميلاد هناك.

blank
غاريفاليا جيورجا


لكنهم كذبوها في صرامة قائلين أنهم لا يصدقون أي مما تقوله، وحدسهم ينبئهم أنها تتعاطى المخدرات أو أنها تروج لها، أو كلا الأمرين، ثم أظهر لها مانوس بطاقه هوية لشرطي مزيفة صنعها لهم صديق يدعي بابيس زافراس “بإستخدام جهاز كمبيوتر”.
و طلبا منها أن تركب معهما السيارة لأنهما سوف يأخذاها إلى أقرب مركز شرطة للتحرى. وفى الطريق بدأ القلق يتسرب إليها و تنتابها الشكوك بأن هذان الشخصين ليسا من رجال الشرطة، فراحت تتوسل لهما أن لا يمسوها بسوء. فصارحها أسيماكيس أنهم بالفعل ليسوا شرطيين لكن زوجها دفع مال لكي يتبعاها
فبدأت بالتوسل مجدداً أن يتركاها وهي ستدفع أموال أكثر إذا أطلقوا سراحها ولم يخبرا زوجها بشئ، الإ أنهم رفضا و قاداها إلى مصنع كامبا للنبيذ المهجور فى باليني

بعد ذلك، قيداها بالحبل مجدداً وهي عارية ووضعاها فى السيارة . و أخذاها إلى سيسي مسرح الجريمة المفضل لهم، مع متعلقاتها الشخصية، ونصف الخروف الذي حصلت عليه من الفندق كهدية عيد الفصح و التي جلبته معه لأطفالها.

وحين توقفت السيارة أصيبت غاريفاليا بالتشنج وبدأت تنتحب بصوت مكتوم ولكنه كان كافياً كي يبث الذعر فى الجبانين الذين اختطافاها. و على الفور خناقاها داخل السيارة أمسك ‏مانوس ديميتروكاليس برقبتها وأسيماكيس كاتسولاس بساقيها حتى لا يصطدما بالزجاج الأمامي. لكن كان الإخفاق حليفهما، فالقيا بها خارج السيارة على الأرض وسحقا رأسها بحجر كبير، لعدة مرات حتى اختفت معالمها تماما..

ثم توجها بالسيارة إلى بيت مانوس حيث يقطن مع عائلته لإحراق ملابسها وأحذيتها وحقيبتها وبطاقة هويتها في المدفأة.

وعند حوالي الثالثة بعد منتصف الليل، وبينما كانت ديميترا مارجيتي تغط في النوم، أتتها مكالمة هاتفية من أسيماكيس قائلا لها بصوت منهك لم تعرف ديميترا أن كان بسبب التعب أما البكاء، أنهما عثرا على فتاة شقراء طويلة القامة ذات جسم جميل، وشعر طويل في نهاية جسر ستافروس باتجاه باليني وطلبا منها أن تتبعهما بعد أن أدعيا أنهما من الشرطة و أنهما أتجها بها أولاً الي مصنع مهجور ثم إلى كوروبي في سيسي

صمت قليلاً ثم أردف يتابع:” لقد سحقنا رأسها!” و انتهت المكالمة المروعة بعدها!

وفى اليوم التالى رميا المجوهرات والأصفاد والمسدسان المزيفان في المجاري في منطقة أجيا باراسكيفي.

الاعتراف

بعد ارتكاب الجريمة الثانية كان على مانوس ديميتروكاليس وأسيماكيس كاتسولاس أن يذهبا إلى أداء الخدمة العسكرية، بينما بدأت ديميترا بالاهتمام بما ستفعله فى حياتها وهكذا أصبح كل واحد منهم له عالمه المنشغل به.

وكانت الخدمة العسكرية الإلزامية لمانوس فى البحرية اليونانية وطوال فترة خدمته هناك وبعد ابتعاده عن عصابته الخرقاء.

كان عليه مواجهة أشباح ماضيه التي ظلت تلاحقه كل يوم حتى عندما يضع رأسه على الوسادة لينام لتتحول حياته إلى جحيم لا يطاق.

وضميره الذي ظل يبكته لسنتين أصبح الآن صياحه عالياً، وقد تظن عزيزي القارئ أن لا أحد يعرف بجرائمه عدا عصابته، ولكنه سبق واعترف لعائلته بتورطه بقتل فتاتين، تحت وطأة تعذيب ضميره له، وقد أرادت عائلته إبلاغ الشرطة، لكنه كان دائماً يهددهم بالانتحار، فأنتهيا إلى إلتزام الصمت لإنقاذ ابنهم!

وعندما اقتربت ليلة رأس السنة حصل مانوس على إجازة من البحرية ليحتفل مع عائلته.

وفي بيت العائلة بالذات، حيث يشعر المرء عادة بالدفء و الامان و يستمتع بلم الشمل و تبادل الأحاديث الودية كانت عودته هو بمثابة عقاب ألهي بشع لا تمل فيه خلالها جرائمه بالإلحاح على رأسه حتى سقط فريسة للمرض و الإعياء الشديدين، لدرجة جعلت أهله يحثونه ثانية على الإعتراف.

blank
ديميتروكاليس

فأتصلوا بكاهن أعتراف لدعوته إلى المنزل، و ما أن عرف مانوس ديميتروكاليس بوجوده، حتى ذهب للإعتراف له بكل شئ، وعندما انتهى شعر أنه أفضل حالاً وخصوصاً أنه قد قرر أن يذهب إلى الشرطة فى اليوم التالى، و لكن أولاً كان عليه الإتصال بديميترا وأسيماكيس، للتسكع في الحانة بدون أن يطلعهم على نواياه، لتكون هذه أخر مرة يجتمع فيها ثلاثتهم بمنأى عن أعين الشرطة!

وفي الصباح الباكر، ذهب مانوس للاعتراف بكل شئ ثم توجه بعد خروجه من القسم إلى بيته، ليوقظ ابيه من النوم و يقول: ” أبي، لقد أخبرت الشرطة بكل شيء. لا تخافوا فبالنسبة لي الآن. لقد تم فدائي”

ليتم استدعائه مجدداً مع بقية أفراد عصابته للعبادة الشيطان فى قسم الشرطة وينتظره والده بالخارج لمدة ثلاثة ساعات الإ أنه هذه المرة لن يخرج.

المحكمة

في ليلة رأس السنة الجديدة عام 1994، تم توجيه التهم لأعضاء طائفة عبادة الشيطان الثلاثة ومعهم أشخاص آخرين حضروا مختلف الاحتفالات الشيطانية، و أعتقلوا جميعا.
وكانت التهم هي: التواطؤ في ارتكاب جريمتي قتل، وانتحال شخصية رجال شرطة والاحتجاز غير القانوني، واختطاف قاصر، وازدراء الاديان وتشكيل عصابة لإرتكاب الجرائم.

وفى ٢٣ يونيو عام ١٩٩٥، ستبدأ محاكمة الثلاثة فى مدينة أثينا، و كذلك سيبدأ المتهمون بإلصاق التهم ببعضهم البعض.

حيث قال كل من ديميترا وأسيماكيس أن مانوس هو العقل المدبر لكل شيء ففي جريمة قتل غاريفاليا جيورجا شهد أسيماكيس أمام المحكمة قائلا أنه بعد وضعها داخل السيارة وأثناء القيادة طلب إليه مانوس أن يتوقف في أحد الطرق التي لا يوجد بها أحد، ترجل عن السيارة ووقف قليلاً ثم عاد وأخبره أنه حصل على موافقة الشيطان لقتلها.

blank

بينما قال مانوس أن أسيماكيس هو من طلب منه أن يأخذ حجراً ويضرب غاريفاليا على رأسها لإنها لا تموت ولكنه رد عليه بقول:

“من المستحيل بالنسبة لي أن أفعل شيئًا كهذا!”

فبادر هو بأخذ الحجر وضربها على رأسها بشراسة ووحشيه بكلتا يديه حتى فارقت الحياة.

أما بالنسبة لمقتل دورا سيروبولو، فقد قال
أسيماكيس أنه هو و ديميترا تركا الفتاة بعد أن بدأت تصرخ رفضا لإستكمال الطقوس، فذهبت ديميترا الي السيارة أولا ثم تبعها هو بعد حوالي دقيقتين وقد جلسا ينتظرا مانوس كي يجلب الفتاة لاصطحابها إلى المنزل، ولكنهما صدما برؤية نار تندلع ومانوس يركض حاملاً المجوهرات وساعة اليد في يديه ثم قال لهما أنه أغرق الفتاة بالبنزين وأشعل النار بها.وهكذا انطلقوا بالسيارة راحلين.

وفى هذه الأثناء كانت المحاكمة تحصل على زخماً إعلامياً كبيراً بسبب ظهور القنوات الفضائية الخاصة حديثاً وقد تصارع الصحفيين والتلفاز على تغطية الحدث.
ومع ذلك حافظ الجناة على عدم الادل باي معلومات امام الميكروفونات وعدسات الكاميرا،
وقد لُقبت الصحافة ديميترا فى ذلك الوقت بدمية الشيطان.

و بدأت المحكمة بسماع أقوال متهمين أخرين منضمين إلى الطائفة وشى أسيماكيس بهم فى محاولة منه لتوريط أكبر عدد من الأشخاص لإنقاذ نفسه.

وقد حكت فتاة تدعى كاترينا ريجاكي، وهي متهمة مع أختها ماريا بالشهاده الزور وذلك عندما أدلت بأقوال خاطئة فى بداية التحقيق للتغطية على الثلاثة بطقوس انضمامها قائلة:

“وضعوني على مذبح الغرفة معصوبة العينين. وقد طلب مني ماكيس وهو الإسم الذي اختاره أسيماكيس لنفسه داخل المجموعة وقال ان الشياطين أطلقه عليه أن أحمل سيفًا، وجعلني أستلقي على الطاولة، وقال لي كلمات لم أفهمها ثم جلب محقنة وأخذ الدم من إحدى يدي ليشربه الشيطان

فوضع الدم في كأس وابتعد قليلاً ليدعو الشيطان ليأتي. ثم كان هناك دوي قوي – لا أعرف ما هو شرب دمي وعند الإشارة طلبت من لوياثان، ورأسي منحني، أن ينزل إلى الجحيم.

ثم قال بصوت متغير: “هل تقبلي أن يتم تعذيبك على يد جلاد قديم؟”، ثم أجبت أنني أقبل

في ذلك الوقت طلب مني أن أبقي رأسي منحنياً وأفعل ما يقوله لي الشيطان الذي سيدخل الغرفة. قال لي ماكيس بصوت متغير: “أنا نوفا.

عصب عيني بمنديل، وضربني بعصا عشر مرات، وخدشني بأداة حادة حتى بدأت أنزف .

ليخبرني أن هذا الحدث يجب أن يتم تسع مرات وبعد ذلك سأتمكن من النزول إلى الجحيم.

أثارت كاترينا الفزع فى قلب من استمع لاعترافاتها، إذ لم يصدق أحد أن المراهقين والشباب لم يكونوا يكتفون بحضور الحفلات وشراء التيشيرتات والاستماع إلى موسيقى صاخبة مثلما ظنوا بل إن الامر كان أخطر من ذلك !

ثم بعد توالت الاعترافات من بقية الأفراد المنضمين وكلهم أجمعوا ان أسيماكيس كاتسولاس هو العقل المدبر والقائد لتلك الثلة من عشاق الجحيم حتى ديميترا قد غيرت أقوالها وقالت أنها كانت واقعة تحت تأثيره وأنه العقل المدبر لكل شيء

وقد صرح مانوس قائلا “أنني كانت فقط اتبع الأوامر لأن أسيماكيس كان يستطيع فرض إرادته بالاستبداد”

اعلان الحكم:

وبعد الاستماع الى كل تلك الشهادات عن تصرفاتهم الخرقاء حصل
أسيماكيس كاتسولاس: على حكمان بالسجن المؤبد والسجن 20 سنة وشهر، دون أي ظروف مخففة، بتهمة قتل دورا سيروبولوس، قتل غاريفاليا إيورغا، حرق غابة، الاحتجاز غير القانوني، خرق المبادئ، التشهير بالدين، اختطاف قاصر والتآمر والاغتصاب الجماعي.

ومانوس ديميتروكاليس: على حكمان بالسجن المؤبد و15 سنة وشهر واحد في السجن، دون أي ظروف مخففة لقتل دورا سيروبولوس، وقتل غاريفاليا جيورغا، وإحراق غابة، والاحتجاز غير القانوني، وخرق المبادئ، وتشويه صورة الدين، واختطاف قاصر، والتآمر والمشاركة في الاغتصاب.

ديميترا مارجيتي: 18 سنة و4 أشهر، مع عامل مخفف هو سن ما بعد المراهقة بتهمة التواطؤ البسيط في قتل دورا سيروبولوس واختطاف قاصر.

اما باقية الاعضاء فحصلوا على البراءة أو حكم بالسجن لبضعة أشهر مع ايقاف التنفيذ

وقد وقع هذا الخبر كالصاعقة على الجميع

فقد ظن والد مانوس أن ابنه سوف يحصل على حكم مخفف، لأن الشرطة أخبرته فى البدء أن الأمر ليس خطيرًا وأنهم ليسوا بحاجة إلى توكيل محام لأنه تقدم بمحض إرادته

أما والدة ديميترا مارجيتي فقد انفجرت في البكاء والي جانبها،
بينما كانت والدة الضحية الأولى دورا تصرخ بضرورة الحكم على ديميترا أيضًا بالسجن مدى الحياة.

اما والد أسيماكيس فقال “طوال حياتي سأكون بجانب طفلي. لقد عاهدت الله أن اخرجه من السجن. الجناة الحقيقيون هم من هم بالخارج. سأبحث عن مرتكبي الجرائم الأخلاقية. لماذا لا يستطيع طفلي أن يأمل؟ لا يزال عمره 20 عامًا”.

وبما أنه يتسأل لماذا لا يستطيع ابنه أن يأمل
فربما عليه الرد على نفس السؤال لكن لأطفال غاريفاليا الذين كانوا ينتظرون أمهم ولكنها لم تأتي ابدأ وتحول عيدهم الي كابوس و حسرة أو غاريفاليا المسكينة التي عانت فى حياتها من تحصيل لقمة العيش لتنتهي حياتها بتلك الطريقة البشعة.

أو ربما من الأفضل سؤال والدة دورا، التي اضطرت إلى سماع تفاصيل مقتل أبنته المراهقه مراراً تكرار!!

وقد انفجرت ديميترا مارجيتي في البكاء، بعد الاعلان عن الحكم ومضت تصرخ فى وجه المصوريين الذين يلتقطون الصور لها “أتوسل إليكم توقفوا”

ومانوس ظل خافضا رأسه مثلما كان يفعل طول المحكمة أو حتى عندما يسأله مذيع أو صحفي شئ ما كما لو أنه يشعر بالعار من الأمر برمته

أما أسيماكيس كاتسولاس وكأي معتوه يعرف نفسه فقد تجاهل كل ما بدا دراما غير ضرورية بالنسبة له وذهب ليصافح زافراس وهو أحد أعضاء الطائفة عقب حصوله على البراءة قائلا “مبروك يا رجل”لتنتهي المحكمة.

أين هما الآن؟


في نوفمبر عام 2001، أُطلق سراح ديميترا مارجيتي من السجن بعد ثماني سنوات قضتها في سجن كوريدالوس للنساء بسبب حسن سلوكها وفي عام 2005 تزوجت من مقاول بناء، وأنجبا طفلين. في يونيو 2015، ظهرت مجدداً على ساحة المحاكم بعد أن انفصلت عن زوجها وقدمت طلب للحصول على نفقة لأطفالها

وفي مارس عام 2013، أُطلق سراح مانوس ديميتروكاليس من السجن ، وعُرف لبعض الوقت أنه كان يعمل مبرمجا في شركة خاصة لبعض الوقت لأنه اكمل دراسته داخل السجن ثم انتقل بعد ذلك إلى منطقة نائية في الريف محاولا الابتعاد عن الأضواء
في ديسمبر عام 2016، تم إطلاق سراح كاتسولاس أيضًا من سجن أجيا حيث كان محتجزًا في جزيرة كريت.
وعلى مر السنين كان قد تقدم بأكثر من عشرة طلبات للإفراج المشروط وقد رفضت جميعها وهو الآن يمكث مع والديه ولا يوجد اخبار متعلقه بحصوله على ايه عمل.
لتنتهي قصتنا اليوم

المصدر
wikipediaoneman
guest
5 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

مرحباً .. يبدوا أنّك تستخدم حاجب إعلانات ، نرجوا من حضرتك إيقاف تفعيله و إعادة تحديث الصفحة لمتابعة تصفّح الموقع ، لأن الإعلانات هي المدخل المادي الوحيد الضئيل لنا ، وهو ما يساعد على استمرارنا . شكراً لتفهمك