أدب الرعب والعام

كرة النّدم

شهدت الشوارع العتيقة والأضواء الخافتة في ضاحيةٍ من الضواحي خمسة شُبّانٍ حوّلوا ملتقاهم، ملعبٌ كروي، إلى محضر ندم وحزن ونحيب.

“لقد سرقت الدكان! أنا لص لقيط!” قال الأوّل ثم ضرب ما حوله بقوة.

“المسكينة! كل ما أرادته هو أن تزور صديقتها والبراءة بادية على مُحَيّاها.. فجاء وحش وكذب عليها بشأن الطريق فأضلَّ سبيلها.. من يدري ما مصيرها؟ ربما أمست ضحية للذئاب”.

أما الثالث فما كان منه من حديث إلّا
“جبنٌ بدر منّي فهربت من الجيش وسمحت للإرهابيين بذبح زملائي.. أوّاه يا لضعفك يا فؤاد”..

والرابع جاهَر:
“لا أدري ما أصابني ودفعني إلى قطع شتلة البندورة تلك، أضعت مجهود ذلك الصّبي الصغير الذي كانت جل غايته أن يزرع البذور”.

خامسهم قال بأسى:
“ما خطبنا؟ لما نحن أشرارٌ لا نحب الخير للآخرين؟ دجاجةٌ كانت تقطع الطريق فانقضضت عليها وأجهزت على حياتها!”.

“يا للفظاعة!” صاح الرفاق الأربعة، ثم أردفوا بتخوّف:
“وما سبب ذلك العدوان؟”

ليأتيهم الجواب منه وهو ممدّد على الأرض منزلاً طرف قبعته:
“هذا ما يحيرني ويعصف ذهني.. كلنا أشرارٌ منبوذون لو انكشفنا.
نلتحف بالمعاصي ونختبئ في وكرِنا كالجرذان والثعالب!”

إستمرت الحال والصمت هو الحَكَم، واقتُطعَ بفطانةِ أحدهم حيث أشارَ إلى ما مُيِّزَ:

“وما الذي دهانا حتّى ندمنا على ما فاتَ اليوم دوناً عن كل الأيام؟”

“فعلاً، لم نكن نفكّر بأفعالنا السيئة من قبل. إلّا هذا اليوم صار كلما يشغل بالنا فعلٌ افتُعِل”.

فكر خمستهم بِما طُرِح، ولم يكن عند أحدٍ التفسير.
مدفوعين برغبة الإبتعاد عن تأنيب الضمير، داعبوا الكرة وجالوا بها الملعب بالتمريرات والتسديدات وأثناء ذلك قال قائل قبل أن يسجّل هدفاً بهلوانيّاً:

“حقاً إننا مذنبوب، إلّا أن ركل الكرة يجلب لي صفاء الذهن فلا أركز إلّا على تسييرها في مسارٍ ما.”

إتفق معه الأصحاب واستمروا في لهوهم لما يُقارب الساعة ونصفها قُبيلَ أن يظهر من الباب المظلم نتيجة تعطّل المصابيح فريقٌ من مخلوقات غريبة يحسبها الناظر أصنافاً فضائية.

كانوا خمسةً تماماً، يُشِعُّ منهم لونٌ بنفسجي تتّصف به أجسادهم الغريبة.
تقدّم قائدهم أمام المذهولينَ ثم قال بشيء من الحزم
“إنه لمن الجيد أن ذهنكم صافٍ حتّى تُلاعبونا دون أن يتضرر أدائكم، لكن قبل المُشاجرة على الكرة دعوني أعرّفكم بأنفسنا..
نحن أنتم، لكن في لحظةٍ تجرّدتم فيها من إنسانيّتكم وسلكتم مساراً مذموماً غيرَ مُبَرَّر. ومن منطلَق فرض سيطرتنا التّامة عليكم، سنواجهكم في النشاط الوحيد الذي تهربون فيه منّا.”

إعصار من الحيرة والفزع الممزوج باللامبالاة عصف بأذهان الفريق، إلّا أن دقائق معدودات من التفكير والقنوط أسفرت عن قُبول التحدي. كان ذلك قُبيل أن يستفسر أحدهم قائلاً:

-وما ذا الذي يُثبت كلامكم؟ والأهم، ما لَنا إن عليكم تغلّبنا؟
القائد: إن لم تكن هيئتنا الفريدة كافية لِنَنال ثقة حضراتكم، فإني أُخرج لكم شيئاً (يُخرِج محفظة نقودٍ للعلن) ها هي النقود التي (يُشير بِيَدِهِ نحوه) سرقتُها!

-غريب.. تُشير بإصبعك نحوه وتتهم نفسك؟

-لأني أنا من سرقت، أنا أنتَ إذ قرّرتَ القرار.. أنا نُسخةٍ شقيّةٌ مِنك، ولا أمَلَ لكم في القضاء علي أو على نظائري إلّا بالفوز والإنتصار علينا في لعبتكم هذه. ولعل هذا يُجيب عن السؤال الثاني، هزيمتكم لنا في الميدان تعني بالضرورة مَماتَنا.

-إذاً أنتم من تسبّبون تلك المَتاعب!

-كلّا، لا، ما هذا بِما يُبتغى.. الحق أنكم أنتم من تسبّبون المتاعب لأنفسكم، لكننا نتاجُ ذلك فَحَسب.
(بنفاد صبر) يكفينا جدالاً، إن أردتم تغييراً فهلمّوا بِنا نتنازَل!

على أرض الملعب، إنتصفت الكرة إيّاها ويامنَها فريقٌ وياسَرَها فريقٌ بدا كلٌّ منهما كأنه جيشٌ جُهِّزَ بالعِتاد. أمّا الصدمة فخفّت من مكنون المُذنِبين.. البشريّين!

لم تكن ركلة البداية، التي حسبها الإنسُ طبلَةَ حربٍ، الوحيدة التي انطلقت باندفاع، فقد اندفع معها كلُّ الغازين دفعة واحدة وبِخَطٍّ اُفُقي لم تشُبه شائبة ليتبادلوا بين بعضهم تمريراتٍ علويّةً ما استطاع خصمهم مراقبتها أو إيقافها.

واستمرت الإنطلاقة الصاروخية تاركةً خلفها الواقفينَ مُرتابين، حتّى أن ريَبَتَهُم زادت ما أن سُجَّل ضدّهم هدفاً رأسيّاً دونما عَناء.
ذاتُ الهدف الذي احتفل به مُحرِزُهُ بتشفّي وتهكّم.

“يا لبراعتهم! هم نحن فعلامَ تفوّقهم علينا؟ ألا يجب أن نكون في نفس المستوى؟” قال قائلٌ تلقّى الجَواب:

“لقد جابهوا الرياح وتخطّونا باستراتيجية هجومية بسيطة لكن ماكرة.. وقد أبدَوا في ذلك كمّاً كبيراً من القوة البدنية ودقّة التمرير والتّسديد وحتّى الوثبة النهائية، ما كان ذلك من فراغ”.

-الجميع (بصوتٍ واحد) وما الذي ملئَ الفراغ؟

-رَوْا حالَنا! بائسين مساكين يندبون ذاتهم التي أذنبت والتي تُلاعبهم وتسحقهم بالنتيجة!

-خفّف عنك.. ما هو إلّا هدفٌ واحد.

-لن يغدو واحداً إن أكملنا اللعب، بل سيناطحه الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس! (يرمي قبعته أرضاً من شدة الغضب).

جاءَ الضعف واليأس ضيفاً ثقيلاً على من أرادوا هزيمة المنكدين عليهم. ومع مهارةٍ باللعب تميّز بها المُنافِس، أصبح إيقافه وإيجاد نقطةُ ضعفٍ فيه أولويّةً.

“لكن ما سبب بريقهم؟”
“هم نحن”
“خصومنا من كياننا أقوياء على عكسنا”
“هم غلّةُ الذّنب”

كان هذا ما يفكّر فيه الأربعة الذين طنّت أقاويلهم مسامع خامسهم وهو يحلّل الكلمات حرفاً حرفاً.

وبحنكةٍ وذكاء، إكتشف سر القوة وكبحها، فأعاد قبّعته على رأسه وأومَأ لزملائه بأن وَجَدها قبل أن ينطق:
“سبب بريقهم وتوهج أجسامهم، وسبب قوتهم، وسبب تغلّبهم علينا هو أنهم المتفوقون علينا بالفضيلة.”

ثم تابع “طالما أنّنا لم نَتُب أو نعوّض ما ساءَ من فِعلنا، فستبقى هذه الكائنات تستغل الثغرة الأخلاقية، فهي كالطفيليات تتغذى على موارد سلبية من الطرف الآخر أو بالأحرى الضحية الأخرى.”

لم يستغرب الأصدقاء ما سمعوه، بل إن الإستغراب كُمِنَ في فكرة أنهم ما فطنوا لذلك من وقتٍ أبكر.

على الفور، سأل القائد وقتاً مُستقطعاً. ما خابَ طلبُه، فقد أجازَ لهم زعيم النظائر قائلاً:
“استقطعوا من الوقت ما تشائون، فإن مصيركم معروف لن يتغير”.

الفريق (بِسُخرية): بل مصيرك أنت أيها الظالم معروف، كَمَصير ملك الروبوتات الذي ذاقَ الهَلاك!

غادر الشبّان العازمون على تغيير الواقع الملعب، فبقي الآخرون يتسامرون ويتجاذبون أطراف الحديث.

أحدهم تأفف من حال العرق البشري وسعيه للشرور والآخر طرح فكرة القضاء عليهم وإحلال الخير والطمأنينة في الأرجاء، وانتهت السلسلة بأحدهم يُخرجِ هاتفاً ويعرض عليهم مقالاً عن عبيد الشيطان ترك الآخرين في حالة سخطٍ وانتقادٍ لِمن سارَ في مسار إبليس وأعوانه.

في الطريق، شدّد الرّجل على وجوب التوبة أوّلاً وآخراً واستدل بحديثٍ مفاده أن التائب عن الذنب كمن لا ذنب له، ثم تطرق لما لا مفر منه، وهو تعويض من آذوهم، وختم نصيحته باعتماده خطة نصفها دفاع والنص الآخر اندفاع.

“فلنجمع مبلغاً من المال نعطيه لمن سرقناه” هكذا أمَرَ الرئيس مرؤوسيه.

“بل من سرقه” قال السارق مصحِّحاً ثم أردف بِطيفٍ من أطياف الخجل “هذه جريمتي الشنعاء، غير أني أتقبل مساعدتكم!”

كانت أول خطوة هي أن أعادوا المال لصاحب الدكان متأسفين معتذرين ولو أن ذلك اقتضاهم أن يعبروا على سبع حارات وعشرين متجراً..

فور تسليمهم المال، ضُعضِعَ استقرار تلك الكيانات.

“توهجي وجسمي يرجف!” “أواه يا قوتي إنها تخبو” كان هذا لسان حال الخمسة المُضرّين.

وبعد دفع المستحق، توجّهت الشّلة صوْب موضوع آخر هو موضوع إزهاق روح الدّجاجة فما كان من الجاني عليها إلّا أن اشترى بِضعَ دجاجاتٍ وفّرَ لها المأوى والمأكل وخِلافِه…

وكانت نتيجة ذلك “ضعفاً جبّاراً” ساوَرَ الأعداء.

تضاعفت النتائج بعد أن ذهب أحدهم إلى مشتلٍ قد قطع ودمّر منه سابقاً فَزَرع فيه.

كان كل شيء يسير على ما يُرام، مُصلحٌ وإصلاحه نافع.
ولكن الحالَ ما دام، فَمَع قضيتان معقدتان طالَ مسيرهم نحو تلك الفتاة التي أضل أحدهم سبيلها.

“يا لي من نكرة! ما كان يجب أن أخدع المسكينة.. ها نحن ذا في الغابة ولا ندري..

أصوات صرخاتٍ تستغيث النجدة قاطعت الأخير، الذي تقدم هو ومن معه ناحيتها فوجدوا ضرغاماً يكاد يُطبق فكّيه على فريسته، والتي كانت محظوظة إذ هرولت إليها المجموعة وأنقذتها. فاثنان أوقفا غرز الأنياب، والآخران حرّراها وبقي واحد فقط، قاتل الدجاجة، ركل الليث بقوة وبأس شديدين فما كان منه إلّا أن ولّى فِراراً.

“أنقذتموني! يا لسعادتي وراحتي!”

“بل لم ننقذ شيئاً، الواقع أن زميلنا قد خدعكي خدعةَ طيش شباب، فصرتي بهذه الحال.”

“أعتذر بشدة، منزل صديقتكي في الحي الثالث بجانب عمارة الشلطنطنغبوظي، أنا أعرف كل ذرة في هذه المدينة!”

“على رِسلكم، ما حصل شيء” قالت وهي تودعهم راحلة.

أُنجِزَ أربعة أخماس واجبهم، وتهالك درع خصومهم.

فؤاد، الجبان الذي يشاء الشجاعة، كان عليه أن يثأر لزملائه في الجيش.. وبالفعل، إنطلق وخاض غمار الرّحال في الجيشِ حديثِ النشأة.

نسي الأفراد أن هناك من ينتظر قدومهم في الملعب، فاستكملوا حياتهم بشكل اعتيادي.

لم يضر ذلك الكائنات الطيفية في شيء، فقد كانت تستمتع بتصفح الإنترنت والتعلم عن الأرض والفضاء وغيرهما أكثر من مجاراة لاعبين ضعفاء في لعبةٍ ما.

لم يُفلح فؤاد في واجبه ولم يعوّض لحظاتٍ كان فيها عبئاً على مصفوفة الجيش، فقد لقى حتفه في منزلٍ مدني كانت جحافل الإحتلال قد فخّخته.

كالصاعقة والبرق، نزل الخبر الذي انتشر كالنار في الهشيم على الفريق الذي أبدى بوتقةً عملاقةً من مشاعر الحزن والرثاء. وفجأةً، على حين غرّة، تذكروا مباراتهم ضد نسخهم السابقة، لقد ظنّوا بَزَوالِها، بَيْد أنهم كانوا هناك صابرين متحمسينَ الحماسَ الأوّل.

“كدنا ننساهم، وكيف نغلبهم بعد أن استشهد زميلنا وبقينا نحن فقط؟” سأل سائل.

“أتذكرون عندما أخبرتكم بخطّةٍ نصفها دفاع ونصفها اندفاع؟” ردَّ العقل المدبّر. ثم تابعَ، نحتاج وقوداً إضافيّاً حتّى تصبح الأربعة أكبر من ما زادتها عدداً واحداً.

تعجب الحضور وفهموا المقصد. قد عرفوا بأنهم سيواجهون خمس قطع شطرنج بأربعةٍ منها، لكن الأكيد أن الخمسة جميعهم بيادق قد استُنْزِفوا. والأربعة ملوك وخيول.

بهمّة وعزم التائبين، راح الخمسة في سبيلهم يلوّنون مدينتهم بأفعال الخير، أفعالٌ كانت عدوّةً للمخلوقات الطيفية التي بدأت في الإنهيار كحفنةِ رملٍ غاصت في الماء.

إنتهى الوقت المستقطع وبدأ وقت المواجهة. هكذا صاحوا بصوتٍ جماعي وهم يجرون ناحية الملعب.

“أخيراً قد عُدتُم، هيّا فيكفينا ما ضاع من وقتٍ تدرّبتم فيه”.

وقف العقل المدبّر وقفة المُفترس ونادى فريقه وفي خضم ذلك شرح الخطة:

“يا شباب، سيهاجموننا كما فعلوا أول مرة، بخطٍ أفقي ثابت، لكن هذه المرة سيكونون أبطأ ولن تساوي غلّة إبداعهم ترسانةَ عدمٍ.
ومن هذا الباب، سيكون اثنان منّا خلف ذلك الخط والمسافة بينهم متباعدة وسأكون أنا وأنت يا طلحة أمامهم والمسافة بيننا متقاربة، وحالما تحوز الكتيبة الخلفية الكرة ستمررها بشكل علوي للأمام ثم ستتقدم هي فتصبح الكتيبتان كتيبةً تجعل عدوّاً خلفها يغرق في الغُبار.”

-عُلِم، عُلِم، عُلِم.

استُكْمِلَت المباراة وبانَت قلّة التناسق في صفِّ الأعداء، الذين لم يعترضوا على تفوُّقِهم العددي بل ظنّوا بأنه مفتاحُ نصرٍ مُبين.

بشكل غير متوقع بالنسبة للمخطِّطين، لم يشكل الأعداء ذلك الخط الأفقي، بل بسبب هشاشتهم، كوّنوا شكلاً منحنياً.
ولم يمنع هذا الظرفُ العقلَ المدبّرَ من تغيير الخطة بارتجال.

“تغيير في الخطة! طلحة، غسّان، رامي أسرعوا ودافعوا أمامهم بنمطِ هرمٍ ثلاثي، فليتقدم اثنان ويسلبا الكرة، ثم مرّراها لرأس الهرم، ومن بعد ذلك فليسدّدها هو نحوي! وأنا واثق، تسديدة ما تمريرة!”

نفّذَ اللاعبون التعليمات بِحذافيرها بنجاح، ووسط تعب المنافسين، تردد رأس الهرم بالتسديد فعهده أن التسديد يكون ضد المرمى وليس ضد زميله، غير أن تشجيعاً داخليّاً طاوعه على عدم الإعتراض.

كانت الكرة تأتي إليه كأنما هي نسيم رياح الخريف إذ اصطدمت بشجرة، فركلها ركلةً جبّارةً مثل تلك التي ضرب بها الأسد في الغابة. فعانقت الشباك من مسافةٍ بعيدة، وباغتت أعدائهم الذين ترنّحوا رويداً رويداً حتّى زالوا من الوجود وكانت آخر كلماتهم
“كان هدف التعادل، لكنه تعادل قاتل”.

فرحٌ وبهجةٌ عمّت الأرجاء! وحُمِّلَ الهدّاف على الظهور في موكب النصر الذي تراجع شيئاً فشيئاً حتّى غابَ عن الأضواء.
أضواءٌ شهدت شبحاً أزرق اللون نظر إليهم وتبسّم.. لقد كان اسمه الذكريات.

guest
1 Comment
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

مرحباً .. يبدوا أنّك تستخدم حاجب إعلانات ، نرجوا من حضرتك إيقاف تفعيله و إعادة تحديث الصفحة لمتابعة تصفّح الموقع ، لأن الإعلانات هي المدخل المادي الوحيد الضئيل لنا ، وهو ما يساعد على استمرارنا . شكراً لتفهمك