مشكلة أبي

أبي مدخن شره، ابتلاه الله بذلك منذ سنين طويلة، ويدخن في اليوم علبتين كاملتين، أي أكثر من أربعين سيجارة، وقد أدت شراهته في التدخين إلى إصابته بالتهاب حاد ومزمن في صدره، عرفنا ذلك حين نقلناه إلى المشفى بعد أن لاحظنا خروج الدم من فمه، وهناك أخبروه بضرورة إقلاعه عن التدخين حتى لا تتأزم حالته الصحية أكثر.

ورغم علمه بأن التدخين هو السبب بما ألمّ به لكنه غير عازم على تركه أبدا، فأصبح يثير المشاكل في المستشفى ويصرخ على الممرضة مطالبا اياها بسيجارة فأعطاه أخي واحدة ليهدأ، مكث عندهم ليلة واحدة ثم خرج قبل أكثر من أسبوع وحرصت على أن أعطيه أدويته كما أخبرنا الطبيب، ولأنه مدمن أصبحت أعطيه من ثلاث إلى أربع سجائر في اليوم حتى يعتاد على تركه تدريجيا.

حاولت خلال هذه الفترة أن أشعره بأهميته ومدى حاجتي إليه وأن فقدانه خسارة كبيرة لنا، إذ أنه لا يمكن العيش دون أب لعله بذلك يشعر بي.

إقرأ أيضا: لا أفهم أبي

مشكلتي هي أنه يريد التدخين متى يشاء، لا يستطيع الصبر عنه وحين ينتهي من واحدة يطلب أخرى فأرفض، يغضب مني ويبدأ بالصراخ حتى أنه تهجم علي وضربني ويقول لي دائما أن الأعمار بيد الله وليس بيدي لأمنعه من التدخين ثم يتجاهل كلامي ويذهب إلى الخارج ويدخن.

اتصلت بأخي وأخبرته بما يحدث بعد فشل محاولاتي معه، جلس معه ونصحه كثيراً أن يبتعد أو يخفف منه على الأقل فوعده أنه لن يدخن لكنه سرعان ما يعود إلى عادته، ولم تكن هي المرة الأولى التي يقدم فيها الوعود وينكثها. وأصبح يدخن كما يريد فعجز أخي عن نصحه و اكتفيت أنا بإعطاءه العلاج فقط لأنني تعبت.

ماذا علي أن أفعل؟ وهل نأثم أنا وأخي إذا توقفنا عن نصحه؟ علما أنني فعلت ما بوسعي و حاولت منعه منذ سنين وذكرته كثيرا بعواقب التدخين، أي قبل أن يصل إلى ما هو عليه الآن ويلتهب صدره.

التجربة بقلم: مجهولة