أدب الرعب والعام

نهاية الصراع

بقلم : قيصر الرعب – السودان

نهاية الصراع
ظهر شخص عملاق أمامي ومنع المجس من الوصول إلي

“أحذر من الغريب المسربل بالظلام..آت من أرض لم يرها أنس ولا جان”

كانت هذه كلمات بائع الكتب الذي اكتشفت انه الحظرد..كنت امشي في الشارع في جو قوطي عندما ظهر لي وقال هذه الكلمات،و بالطبع قبل ان اسأله ماذا يعني أختفى كعادته..لا بد أنكم نسيتموني،أنا (محمود)..الذي سيعطيكم نصيحة،لا تصادق اي أحد..أذا كنت سيئ الحظ مثلي…

***

زارني الليلة (سليم) وهو جاري يعيش مع أخيه (عاطف) و يمكنك ان تعتبره صديقي بعد (أحمد)..أتى الي بعد الظهر..دعوته للجلوس فجلس و أزحت الستار عن النافذة كي يدخل ضوء الشمس شقتي..سمعته يقول لي:

“ارجع الستار..لا أحتمل ضوء الشمس”

أرجعت الستار وقال وهو يجول بعينيه في الشقة:

“لماذا تعلق أيآت قرآنية بهذه الكثافة ؟”

كنت أريد ان أثير رعبه واقول له لحمايتي من العشرين شيطان و لا أقدم تفسير لكن قررت ان أخبره بالقصة

“ان لهذا قصة سأحكيها لك..كنت أعمل في…

***

من يتخيل ان في واحد من هذه الأزقة دارت معركة رهيبة لم يشهدها أحد غير متسول لم يجد غير هذا الزقاق لكي يريح ظهره علي الحائط..أول ما رآه المتسول هو جسد رجل ضخم غير واضح المعالم يسد مدخل الزقاق وفجأة صاح الرجل:

“الفتى لن يصدقك..من الأفضل لك الأنسحاب”

ظن المتسول ان الرجل يخاطبه، كاد يقول له أنه لا يفهم ما يريده لكنه احجم عندما رأى بقعة سوداء، تتشكل في وسط الزقاق و تتخذ ببطء الشكل الخارجي لشخص ما..أصبح هو وسط الأثنين على يمينه الرجل الضخم وعلى يساره الشخص فجأة أصبح الشخص على مقربة من الرجل الضخم..خرج صوت يشبه الفحيح من الشخص:

“لن أنسحب لن تعيشو طويلا وسأقضى عليكم أنا بنفسي..وأنت أولهم”

كان المتسول يريد الهرب..لكنه اصيب بالشلل التام.. لقد ظن انه كابوس سيستيقظ منه ليجد نفسه نائم في الطريق،لهذا لم يصب بالجنون..انطلق شئ من الشخص يتجه نحو الرجل الضخم..و ارتجفت الوحوش في مخابئها…

***

…انتهيت من قصتي، أنتظر ردة فعل (سليم)..جحظت عيناه..وبدأ يتصبب عرقا..و أفلتت منه كلمات منها،كتولو فتاجن،أسوء كوابيسي..قلت له:

“هل أنت بخير؟”

نظر الى و في عينيه الرعب وقال بصوت مبحوح:

“لا شئ فقط تذكرت قصص (لافكرافت) الكابوسية عن كتاب(العزيف)..أن قصتك كأنها مأخوذة من كتاب (إينوخ) لا (العزيف)”

” قصتي حقيقية وليست من أدب الرعب لكي تقول مأخوذة”

“لدي قصة انا أيضا وهي حقيقية..

كنت أقود السيارة عندما…

***

هذا لا يحدث..هذا كابوس..هذه معركة من الجحيم نفسه لا بد أنه يحلم نعم..نعم هو يحلم هكذا كان المتسول يفكر وهو يراقب المعركة تدور أمامه التي أصبحت غير واضحة من الدموع التي تشوش بصره.. بدأ يردد ما يحفظه من الأدعية والآيات بصوت هامس..ارجع رأسه للخلف فضرب رأسه بالحائط فشعر بالألم،فأكتشف الحقيقة المريعة..هذا ليس كابوس..فجاة أختفى الرجل الضخم والشخص تاركين ورائهم متسول مجنون…

***

انتهى (سليم) من قصته،قلت له:

“العجوز…”فقاطعني قائلا:

“نعم.. أنه الشيطان نفسه..هل تتخيل لقد جلست مع الشيطان في طاولة واحدة و مع عبدة شيطان..”وارتجف لأنه يتذكر الموقف قلت له متابعا كلامي السابق:

“..ربما يكون شخص مجنون يجيد اللاتينية و الأنجليزية فقط.. ضاع في الغابة و ضرب راسه بشئ ما و فقد وعيه بالقرب من القصر، و ايضا ربما يكون سبب أختفائه انهم ضحو به بالفعل..و بالطبع الغراب والأغنية هي مجرد مصادفات..دعك من الشياطين،انا اعرف انك تحب قصص أدب الرعب..هناك كاتب أسمه أحمد خالد توفيق كاتب سلسلة ما وراء الطبيعة ما رأيك فيه؟”

“هذا افضل كاتب رعب من العرب يمكن ان تقراء له..”

“لكن سمعت بعضهم يقول أن قصصه غير مرعبة..وفيها سخرية اكثر من الرعب”

” أن لم تحب قصصه او شعرت بأنها ليست مرعبة.. فسوف يعرفك بكتاب رعب يمكن ان تجد عندهم الرعب”

“حسنا.. هل لديك بعض قصصه؟أود ان أستعيرها منك”

“لدي بعضها..لكن..سأحكي لك موقف مر بي..ذات مرة أعطيت- بعد ألحاح منه- قريب لي قصة ما بالرغم من أنها كانت قصة رائعة و كنت أحبها..أعادها لي بعد ثلاث أشهر كأنه كان يقراء صفحة كل يوم..و جدت في الصفحات الأولى بعض بقايا الطعام و في وسط القصة وجدت بقع زيت و بقع حبر و بقع غامضة ونتيجة ذلك اصبحت بعض الصفحات لا يمكن قراءتها و هناك سائل ما انسكب على الصفحات الأخيرة ليجعلها ملتصقة ببعضها ولا يمكن ان تقلب الصفحات و إلا تمزقت..بأختصار لم تعد القصة قابلة للقراءة.. انا أكره الذين لا يحترمون الكتب،ويعاملونها بهذه الطريقة..”

“لا تقلق فأنا مثلك و قراءتي سريعة”

“سأجلبها لك فورا”

نهض وتوجه الى الباب و خرج،كنت أفكر..متى قابلت (سليم) أول مرة..عصرت ذاكرتي لكن لم أتذكر..وبعد مدة من الأنتظار ظهر بائع الكتب وجلس على الكرسي المقابل لي..غريب هذا التصرف فهو يظهر في شقتي فقط ليتمتم بشئ ما و يختفي..عندما ظهر انطفء الضوء واصبحنا في الظلام لا يبدده سوى ضوء يأتي من مكان ما..لم أخف منه لأنني تعودت عليه..قال لي بصوته المخيف :

“أريد ان تساعدني أيها الغريب!”

دهشت من هذا الطلب،يطلب مني انا المساعدة..قلت له:

“في ماذا بالضبط؟”

“في القضاء على اعدائي واعداء البشرية”

نظرت له غير فاهم ما يقول فقال:

“انتم البشر تعلمون ان في هذا العالم يعيش نوعان من المخلوقات وهي الجن والأنس..لكن ما لم تعرفوه هو نوع ثالث أسمهم (بيستان) يعيشون في باطن الأرض..وفي بعض الأحيان يظهر هؤلاء القوم على سطح الأرض بشكل ضبابي..منذ الآلآف السنين كان هؤلاء القوم يعيشون في رخاء..حتى قرر فردان منهم ان يجرب دماء البشر..و جربوها و قالو انها لذيذة،وجائو يحرضون باقي قوم (بيستان)لشرب دماء البشر فأنضم نصف القوم اليهم بينما النصف الآخر رفضو شرب الدم و قررو أن يدافعو عن البشر..ليس لأنهم تعاطفو معهم او شئ كهذا لكن بسبب آخر لن أذكره..و نشبت الحرب بين قوم (دوكيا) الذين قررو شرب دم البشر ومعنى الأسم بلغتنا هو الدم و قوم (كورا) الذين تعاهدو بأن يحمو البشر مهما كلف الأمر..وحتي اليوم بقيت انا أخر أفراد قوم (كورا) وبقي عشرين من قوم (دوكيا) وهم الذين أتصل بهم الحظرد وسماهم الكيانات،أنا الآن الحاجز الوحيد بينهم وبينكم،أريدك ان تساعدني في القضاء عليهم”

..هذا يعني انه ليس شبح الحظرد سألته لماذا قال لي ذلك الكلام الذي يدل على انه الحظرد؟فلم يجب سألته لماذا قال بأنها شياطين وليست كيانات فلم يجب سألته:

“ولماذا أنا ؟”

“لأن العلامات لديك”

“اي علامات؟”

“لهذا اعطيتك الكتاب على أمل ان تقراءه..الكتاب على مر السنين حرف حتى وصل الى ما تعرفه عنه اليوم، و لكن في الكتاب الأصلي يوجد فيه كل ما قلته لك و يوضح ما هي العلامات التي تدل على ان صاحبها يتمتع بمناعة تمكنه من ألقاء التعويذة -دون ان يدمر نفسه- التي يمكنها تدمير العشرين الباقين من قوم (دوكيا)..انا أضعف و قريبا سيستطيع قوم الدم القضاء علي لذا ستكون انت ورقتي الرابحة التى سأستخدمها..”

سمعت في رأسي صوت البائع وهو يقول التعويذة:

(آشاه بين رينجن خآه ديس)

أذن هم يملكون هذه القدرة نقل الأفكار

“أذن يجب علي قولها الآن؟”

قال بحدة:

“لا ليس الآن..صديقك الذي هنا هو واحد من قوم (دوكيا) قلها عندما يأتي”

“مستحيل!! لقد قابلته قبل تعطيني الكتاب”

“قل لي هل تذكر بالضبط اين ألتقيتما؟و متى؟”

“لا أذكر لأن ذاكرتي…”

“ان قوم (دوكيا) لهم قدرات و منها أنهم يصنعون ماضي مزيف عنهم في عقلك..انطق التعويذة عندما يدخل فورا لأنه يستطيع قراءة الأفكار و سيعرف ما تنوى فعله..و سوف يحاول منعك..عندما تنطقها سيفنى قوم الدم”

قالها البائع و أختفى كالدخان

هنا سمعت صوت (سليم) يأتي من الباب:

“لقد أحضرت القصص”

فجأة تصلب عندما دخل و رأني وبدأ ظلام دامس يحيط به و وجهه يتحول الى وجه سيصبح ضيف دائم في كوابيسي..صرخ بصوت عالي و من بين صرخاته ميزت كلمة (كاردوس) وأمتد شئ يشبه المجس نحوي..لساني تجمد في مكانه ولا أستطيع النطق..ظهر شخص عملاق أمامي ومنع المجس من الوصول إلي وبدأت معركة أتمني لو أستطيع نسيانها..معركة..شنيعة..ان وصف (لافكرافت) لهم كان شبه صحيح..هل رأى (لافكرافت) هذا؟..كيف تحمل؟..أن ما يمنعني من الوثب من النافذة او طعن نفسي بسكين هو أنني في حالة شلل تام..دوى صوت الضخم في رأسي:

“أنطق التعويذة..أنطق التعويذة أيها الغريب” صوته كان صوت البائع نفسه لذا عرفت أن هذا الشخص الضخم أمامي هو بائع الكتب لكن بشكل مختلف..لكن سمعت صوت جديد داخل رأسي كالفحيح:

“لا تنطقها..لا تنطقها وإلا فالويل”عرفت أنه صوت (سليم)

هكذا أصبح هناك صراعين صراع أمامي وانا جالس على الكرسي كأنني مشلول..و صراع آخر في رأسي..وفي النهاية أنتصر صوت بائع الكتب في رأسي :

( آشاه بين رينجن خآه ديس)

نطقتها بعد جهد كبير..وفورا صرخ (سليم) كأن ألف مخلب يقطعه،وبدأ في التبخر حتى أختفى و أختفى بائع الكتب..عاد للمكان هدؤءه السابق و تغلبت على حالة الجمود التى أنا فيها وخرجت من الشقة..قابلتني تلك العجوز صاحبة البناية هل تذكرها؟،سألتها عن شقة الأخوين(سليم)و(عاطف) فقالت:

“لا توجد شقة فيها أخوين” وتابعت طريقها.. (أحمد) مصاص دماء.. (كمال) كان ميت عندما قابلت شبحه..(سليم)كائن قادم من باطن الأرض..من اليوم لن أصادق او أتعرف على أحد..وأنصحك أيضا بفعل الشئ نفسه أذا كنت سيئ الحظ مثلي..فمن يدري ربما صديقك..جارك..زميلك..هو مصاص دماء او شبح او كائن من باطن الأرض او أسوء..

رجعت الى الشقة وانا لا اعرف ما سافعله فقررت ان أكتب هذه الأحداث التي مرت بي كي لا أنساها وان كنت متأكد بأني لن أنساها..كتبتها على شكل قصة أحكيها لأشخاص لا وجود لهم لأنني لست من النوع الذي يقول”مذكراتي العزيزة حدث لي اليوم…”..هناك أشياء غير مفهومة..و أسئلة كثيرة تزدحم في رأسي و…هناك صوت ما في غرفة نومي،و صوت بائع الكتب يدوي في رأسي:

“ستموت”

***

“العشرين شيطان لن يتركوك…¤ستموت¤ قريبا ايها الغريب”

***

(الجزء التالي ليس من المذكرات)

أغلق (كاردوس) دفتر المذكرات و دوت ضحكات تسعة عشر كيان من حوله قال احدهم:

“البشري الأحمق لم يعلم أن بائع الكتب هو (كاردوس)من قومنا.. “

وقال آخر ضاحكا:

” لقد حسبه آخر شخص من قوم(كورا) بينما البشري الأحمق دمر آخر أمل للبشر”

قال آخر:

“من الجيد أنك فكرت في التعويذة يا (كاردوس)..كنا سنفتك به حين كان يريد حرق الكتاب لكنك نبهتنا الى التعويذة”

قال آخر:

“لقد كان البشري ضروريا للتخلص من آخر قوم (كورا) فهو الوحيد الذي يستطيع ألقاء التعويذة و…”

قال أحدهم بنفاذ صبر :

“صمتا” صمت الجميع وكفو عن الضحك وقال موجه كلامه الى (كاردوس):

“(كاردوس) لقد انهيت مهمتك بنجاح..”

قال (كاردوس) وهو ينحني:

“نعم يا(تورناسوك)حاكم قوم الدم وساحق جبال (اركنيا) واني أنتظر منك جائزتي”

“وأنت تستحقها..اليوم سنحتفل بكاردوس الذي ألقبه ب( (كاردوس) مدمر قوم (كورا)..و الأسم الذي ترتجف لدى سماعه الشياطين)..غدا البشرية ستعرفنا لكن بعد فوات الأوان”

ودوت ضحكات أفراد قوم الدم تتردد في أنحاء (رليه).

تاريخ النشر : 2015-09-12

guest
24 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى