العراف

الـعـنـف . .

إنّ المتأمل في تاريخ البشرية الطويل بداية بعصور ما قبل التاريخ ، لَيَعلم بأنّ الإنسان تعلم إستعمال قبضته قبل إستعمال عقله ، فقد نجح في إستنباط أدوات و أفكار جهنمية تثير حيرة العلماء إلى يومنا هذا رغم نقص المصادر المتاحة و بساطة تفكير أسلافنا ، و لكنّها غريزة البقاء ربّما ، من ألهمت إنسان العصور السحيقة للدفاع عن نفسه و حماية عشيرته من هجمات الإنسان و الحيوان على حدّ السواء .
إنتهت عصور قانون الغاب و دخلت الإنسانية إلى الحضارة أفواجا ، و لكنّها لم تتخلص للأسف من مفاهيم العصور الحجرية ، فالعنف تحوّل من وسيلة للنجاة في حالة الخطر المحدق إلى سلوك يومي في البيت ، في المدارس ، في العمل ، في الشارع …. و كأنّ ما بلغناه من عنف لم يرضي غرائزنا الحيوانية ، فأوجدنا مفهوما جديدا لهاته الضاهرة ؛ العنف من أجل الترفيه !
فتحولت وسائل الإعلام و مختلف الفنون (سينما/ مسرح/ رسم/ غناء/رياضة..) إلى سلسلة من الأفعال و السلوكيات العنيفة ، و أضحى القتال و الشتم و التعذيب الجسدي و النفسي أنجع الوسائل للرفع من نسب المشاهدة و الإقبال على الإستهلاك المرضي ، و لكن دعونا بداية نتفق على تعريف واضح للعنف ..
العنف لغة هو “خطاب أو فعل مؤذ أو مدمر يقوم به فرد أو جماعة ضد أخرى و لجوء غير مشروع إلى القوة ، سواء للدفاع عن حقوق الفرد او حقوق الجماعه” . أما إصطلاحا ، فقد إختلفت وجهات النظر في تعريف هذه الظاهرة .
فبينما يرى البعض (و على رأسهم فرويد) بأن العنف هو نزعه طبيعيه في الإنسان ، وتستند إلى رغبه تدميريه ، و تعبر عن نزعة تلقائية لكل كائن عضوي نحو الموت .. فإن البعض الآخر يرى أن العنف ليس سلوك طبيعيا اساسيا ، وان علم النفس الحيواني يؤكد أن الحيوانات لا تكون عنيفة إلا في حالات معينه ، وان العنف في هذه الحالات هو وسيله وليس غاية .

و ينقسم العنف إلى نوعان :

* عنف مادّي أو جسدي : فيه يتعرض الشخص للضرب أو الأذى ، سواء بجزء من أجزاء الجسم أو بأداة ما . كما أنه يشمل أي تصرفات ينتج بسببها أذى جسدي (و ينضوي تحته العنف الجنسي/التلاعب بالغذاء ، العلاج أو درجات الحرارة التي يحتاجها الفرد) .
* عنف نفسي : يحدث عندما يلجأ أحد للتهديدات أو التعليقات والتعاملات الدونية بهدف السيطرة على تصرفات الآخر وتوليد شعوره بالخوف والقلق (كالترصد/ العزل الاجتماعي / الضغط على أحد لعمل تصرف ما دون رغبته ومنعه من اتخاذ قراراته بنفسه/العنف اللفظي و هو من أكثر أنواع العنف انتشارا سواء كان يدرك مستخدميه بأنه عنف أم لا وهو الكتابة أو النطق بالشتائم والألفاظ الخارجة اتجاه شخص ما.)

و مع تطوّر المجتمعات ظهرت تصنيفات جديدة لظاهرة العنف ، كالعنف ضدّ المرأة ، العنف الأسري ، العنف الديني ، العنف المدرسي ، العنف الإقتصادي و غيرها… و للسائل أن يسأل لما كلّ هذا الإهتمام بظاهرة وجدت بوجود الإنسان أو لعلّها سبقته مع ظهور أوائل الكائنات الحية على سطح الارض ؟
ربما لأنّ العنف تحول من وسيلة إلى غاية ، و أضحى قاعدة سائدة لا تثير إنتباهنا حتى , بعد أن كان إستثناء مذموما و ظهور ما يسمى بالعنف الترفيهي الذي شئنا أو أبينا يغذي نزاعات الفرد الأكثر توحشا و ساديا .
فماهو رأيكم أعزائي زوار موقع كابوس في هاته الظاهرة ؟ .. و إليكم بعض الأسئلة التي قد تساعدكم في الإجابة ، و لكنها مجرد إقتراحات قد تتجاوزونها لتقصوا تجاربكم الخاصة إن أمكن طبعا .
1. هل تظن بأن العنف غريزة إنسانية يصعب التحكم فيها و كبحها، أم أنه إضطراب سلوكي شاذ يستوجب التدخل لمعالجته ؟
2. هل ترى بأن العنف قد يكون مبررا في بعض الأحيان ؟ أم أنك ترفضه رفضا تاما ؟
3. هل سبق و تعرضت للتعنيف سواء ماديا او لفظيا ؟ و كيف واجهت الأمر ؟
4. هل تلجأ للعنف أيا كان نوعه لحل مشاكلك ؟
5. هل أنت من هواة وسائل الترفيه التي تتركز على العنف (سواء افلام/ العاب فيديو/رياضه..)؟ و إن كانت الإجابة بنعم ، فماهو سر حبك لهذ النوع من الترفيه ؟
6. ماهي أسباب تفشي العنف بجميع أنواعه في المجتمعات الحديثة ؟
7. كيف يجب التعامل مع الإنسان الذي يلجأ لاستخدام العنف في تعامله مع الأخرين ؟ هل بردعه بوسائل قانونيه (السجن مثلا) أم بوسائل علاجيه بحته ؟
8. هل أنت من أنصار نظرية تقنين العنف التي تبرر إستعمال العنف في ظروف معينة (كاستجواب المجرمين الخطرين/ تعذيب الاعداء في الحروب…) ؟
9. ما رأيك في بعض أنواع التعنيف (الأسري و ضد المرأة كمثال) التي يتم تبريرها بدوافع عاطفية كالحب و الخوف على مصلحة الضحية من قبل المعتدي ؟

بقلم : سلمى عبد الوهاب – تونس

تاريخ النشر : 2015-10-03

guest
69 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى