أدب الرعب والعام

ملاحقة الصوت

بقلم : xأحمدx – لبنان

ملاحقة الصوت
كل من دخل هذا الجبل لم يخرج منه أبدا ..

ذهبت ذات يوم مع صديقي عمر الى مدينة الملاهي متشوقين لركوب القطار السريع الجديد الذي يقال عنه أنه يخطف الأنفاس , ما دفعني أنا كعاشق للرعب أن أذهب لأجربه في يوم عطلتي عن الجامعة.. قصدنا أولا شباك التذاكر وطلبنا تذكرتين لركوب القطار, كان قاطع التذاكر رجلا طاعنا في السن , لحيته بيضاء والتجاعيد تملأ وجهه.ويبدو أنه لاحظ حماسي للتجربة فقال بصوت ضعيف :

لا تتحمس للرعب يا بني فهذا يؤدي الى هلاكك.

فقلت له: هلاك؟ هه.. انا أضحك في وجه الموت.

الرجل:هل أنت قادر على قبول التحدي مهما كان مرعبا؟

أنا:بكل تأكيد

الرجل: لا تلمني لاحقا اذا.

ثم رفع يده واشار الى جبل بعيد وقال: على قمة ذلك الجبل يوجد صندوق, تتخزن فيه كل صرخة ألم أو خوف منذ بدء التاريخ واذا فتح أحد هذا الصندوق, سيسمع صوتا مخيفا لدرجة أن قلبه سيصل الى حنجرته وسترتعد فرائصه ويغمى عليه. ولكن كل من دخل هذا الجبل لم يخرج منه أبدا.

أنا :وكيف أصل الى القمة.

فسكت الرجل ثم أعطانا التذكرتين وقال : “اتبع الصوت “

عند رجعتنا الى المنزل,سالني عمر:

ما بك؟ لم تتأثر أبدا عند ركوب القطار ولم تنطق بحرف طوال الطريق.هل أصابك مكروه؟

فاجبته:ستذهب معي في العطلة القادمة الى الجبل الذي اخبرني عنه قاطع التذاكر.

عمر :كما تريد فأنا لم أصدقه على أية حال.

في الاسبوع التالي عقدنا العزم وركبنا السيارة وانطلقنا.بعد حوالي ساعتين ,وصلنا الى كعب الجبل ولم تعد السيارة تستطيع الدخول لكثافة الاشجار ,كان الجبل مخيفا و مظلما لان أوراق الشجر لم تسمح الا لخيوط قليلة من اشعة الشمس أن تتسلل الى أرض الجبل. فنظرت الى عمر فوجدته يرتجف من الخوف.

فقلت له: اذا كنت خائفا فلا داعي لأن تدخل معي .

فقال بصوت مرتجف:اسف يا أحمد.

ودعت عمر ونزلت اشق طريقي بين الشجيرات .وصلت في النهايةالى طريق مشمس خال من اي نبتة .لمحت في نهايته رجلا يجلس على الارض فاقتربت ببطئ شديد حتى أصبحت واقفا أمامه وكان مطأطأ رأسه فرفعه.

يا الهي انه قاطع التذاكر!! ولكن بثياب مهترئة وشعر منكوش وعيون بيضاء قد اختفى منها البؤبؤ.

قلت بصوت متقطع :ك.. ك.. كيف وصلت الى هنا؟!!

الرجل:أمامك خياران اما أن تسلك الطريق الذي على يميني وتتحمل النتائج في سبيل وصولك الى الصوت أو أن تأخذ الطريق الذي على يساري فتصل الى مغارة تجد فيها ما تريده من الذهب ولكن لن يمكنك بعد ذلك ملاحقة الصوت.

كانت الافكار تتعقد وتتضارب في رأسي ,فيكف وصل الرجل الى هنا ؟وأي ذهب يتحدث عنه؟

ولكن حب المغامرة في قلبي دفعني الى سلك الطريق الأيمن . وما ان تقدمت بضع خطوات اذ بالرجل يمسك قميصي من الخلف ,فالتفت اليه وقلت له: ما بك؟

فقال بصوت خفيف مخيف وقد اعتلت وجهه ابتسامة خبيثة:لقد سلكت الطريق الخاطئ.

ثم اخرج من بين ثيابه المهترئة خنجرا حادا ودفعني بقوة على الأرض وانهال علي بالضرب المبرح ورفع يده ليطعنني بالخنجر واذ بشاب يضربه بعصا غليظة على رأسه ثم يتبعه الضربة تلو الضربة حتى سقط على الارض صابغا ايها بدم اسود.عندما استعدت وعيي وقفت لارى من هذا الرجل واذ به عمر قد لحق بي .

فقال عمر:هل سنعود الان؟

فأدرت ظهري وقلت :لم أتي الى هنا لكي أعود.

عمر :وأنا معك .

وانطلقنا نكمل طريقنا,كنت أسال نفسي حينها عدة أسئلة:هل كان ذاك الرجل من الجن؟واذا كان كذالك ألا يجب أن يكون له أقرباء ؟ ماذا اذا جاءوا لينتقموا؟….. قطع تفكيري صوت عمر وهو يسألني : من اي طريق الان؟

انا :لا أعرف.

واذ بصرخة الم تأتي من ناحية الشمال.

فقلت لصديقي :الصوت!انه الصوت .يجب أن نتبع الصوت!

وبدأنا بالركض فقد أصبحنا قريبين جدا.ولكن كأن المتاعب السابقة لم تكفي,فقد بدأت الأرض تهتز من تحتنا فنظرنا وراءنا واذ بجيش من رجال يشبهون ذاك الجني يركضون نحونا . فأسرعنا بالركض ,وكانت ارجلنا تسابق الرياح . واذ بصديقي عمر يقع على ركبته ويصرخ من الوجع.

ماذا افعل؟ هل اعود اليه؟ هل اتركه؟

لا لن اتركه فو لم يتركني , و عدت اليه احاول رفعه , ها هم يقتربون ,سنموت لا محالة.

فصرخت صرخةفيها القليل من الامل قلت فيها :ياااا الله .وفجاة توقفوا عن الركض , نعم لقد توقفو! لا بل هم يهربون! رفعت عمر حتى وصلنا اخيرا الى الصندوق . سأفتحه لأرى أكبر رعب في العالم ,نعم سأكون شجاعا سأفتحه,لم نقطع كل هذا من أجل العودة سأفتحه,سأفتحه. مددت يدي ببطئ وامسكت الصندوق ,أنا قريب جدا.كنت على وشك فتحه لكني سمعت صوت امي يقول:احمد,احمد, استيقظ صديقك عمر ينتظرك.

يا الهي هل كان كل هذا حلما؟!!؟ لااصدق!

خرجت لاحمد بوجه خائب وسألته ماذا يريد.

فقال :ألن نذهب الى الجبل الذي أخبرنا عنه الرجل؟

فارتسمت على وجهي ابتسامة صغيرة وقلت :

“بالطبع سنفعل”

تاريخ النشر : 2015-10-09

xأحمدx

لبنان
guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى