قتلة و مجرمون

الدكتور أج.أج.هولمز و قلعته الدموية

بقلم : اياد العطار

هل لك عزيزي القاريء ان تتخيل فندقا بمئة غرفة , شبابيكها مغطاة بصفائح معدنية و لا تفتح ابوابها الا من الخارج , فندق يحتوي على الكثير من المتاهات و الممرات السرية القاتلة , فندق حوله صاحبه الى مصيدة , لألتقاط ضحاياه و التلذذ بتعذيبهم و قتلهم.

بينما كان جاك السفاح ينشر الرعب في مدينة الضباب “لندن” , كان هناك قاتل اخر لا يقل قسوة عنه يحصد ارواح ضحاياه في الطرف الاخر من المحيط الاطلسي , أقرأ معنا قصة القلعة الدموية الرهيبة التي بناها الدكتور أج.أج.هولمز و حولها الى مسلخ بشري مرعب.
 
ملاحظة : عزيزي القاريء للمزيد من المعلومات و الصور و المقالات عن الدكتور هولمز ما عليك سوى ان تكتب : “H. H. Holmes”  في اي محرك بحث على الانترنت.

كان يبيع الهياكل العظمية لضحاياه للمؤسسات الطبية!!

الدكتور أج.أج.هولمز و قلعته الدموية

 الى اليمين صورة فريدة للدكتور أج.أج.هولمز و الى اليسار في الاعلى صورة حقيقية لقلعة الرعب (الفندق) و ذلك قبل ان يحترق و في الاسفل صورة متخيلة نشرت في جرائد ذلك الزمان لهولمز و هو يقتل الطفل هوارد (ابن بيتزل)  ذو الثلاث سنوات بدم بارد و الى جانبها الصورة الحقيقية للطفل مع اخته و التي قتلها هولمز ايضا.

بداية الرعب

في عام 1887 خطى شاب وسيم الطلعة و فارع القامة الى داخل احدى الصيدليات الواقعة في ضاحية انجلوود في جنوب مدينة شيكاغو , تقدم نحو صاحبة الصيدلية و تسأل ان كانت تبحث عن شخص يمكنه ان يساعدها في ادارة العمل في الصيدلية , كان التعب و الارهاق باديا على وجه السيدة و التي كانت تدير الصيدلية لوحدها بسبب اصابة زوجها الدكتور أ.اس.هولدن بمرض السرطان فوافقت على الفور خاصة عندما علمت ان الشاب الواقف امامها و اسمه اج.اج.هولمز هو طبيب , و ربما كانت لوسامته ايضا , الدور الاكبر في حصوله على الوظيفة.

كان هولمز شعلة من النشاط في عمله , و كانت لوسامته و مزاحه و ملاطفته للزبائن (خصوصا السيدات) الاثر الكبير في الزيادة المضطردة في مبيعات الصيدلية الامر الذي جعل اعجاب و ثقة السيدة هولدن تزداد بمساعدها الجديد , و شيئا فشيئا تركت له الصيدلية و اصبح هو المدير الفعلي لها , كانت طموحات هولمز لا حدود لها , و كان ينتظر الفرصة المناسبة لتحقيق ما يصبو اليه  , و قد واتته هذه الفرصة عندما توفى الدكتور هولدن المالك الفعلي للصيدلية فتمكن هولمز من اقناع ارملته ببيع الصيدلية له , و قد وافقت السيدة هولدن بشرط ان يسمح لها بالبقاء في السكن في الشقة الواقعة في الطابق العلوي من الصيدلية و قد وافق هولمز على ذلك , الا ان السيدة هولدن اختفت فجأة بعد فترة قصيرة , و قد اخبر هولمز الجميع بأن السيدة هولدن قد انتقلت الى كاليفورنيا لتعيش مع اقاربها و لم يرها احد بعد ذلك ابدا , و في الحقيقة , لم يكن متوقعا ان يراها احد , لأن هولمز كان قد قتلها.

من هو أج.أج.هولمز؟

ولد هيرمن وبستر ميدغيت في مدينة غلامنتون , نيوهمشاير عام 1860 في عائلة متوسطة الحال ترجع اصولها الى اوائل المستوطنين الاوربيين في تلك المنطقة , كان والده مدمنا على الكحول , الا انه كان يحظى بأحترام السكان و كان مديرا لمكتب البريد في المدينة. في فترة مبكرة من حياته ابدل هيرمن اسمه الى أج.اج.هولمز و هو الاسم الذي سيعرف به لبقية حياته و يرتكب به جميع جرائمه الدموية , كان طفلا مشاكسا دائم الوقوع في المشاكل , كان قاسيا , يتلذذ بأيذاء الحيوانات و الاطفال الصغار , الا ان الحسنة الوحيدة التي تحسب له , هي انه كان دوما طالبا متفوقا في دراسته. اكمل الثانوية في سن السادسة عشر و بعدها بسنتين في عام 1878 تزوج من كلارا.أ.لافرينج , تقدم للدراسة في كلية الطب في شيكاغو و قام بدفع اقساط الدراسة عن طريق زوجته كلارا التي ورثت بعض المال من عائلتها , مبكرا اثناء دراسته ابتكر هولمز وسيلة لجمع المال , فقد وجد طريقة لسرقة الجثث من مختبر الكلية , حيث يقوم بتشويهها بشكل يوحي بأنها تعرضت الى جريمة قتل ثم يقوم بزرعها في اماكن مختلفة من المدينة و عند اكتشافها يقوم بجمع مبالغ التأمين على الحياة و التي قام هو بسحبها على الاشخاص الذين قام بسرقة جثثهم مدعيا بأنهم من افراد عائلته.

في عام 1879 ترك نيوهامشاير مسافرا , تاركا خلفه زوجته كلارا التي لن تراه مرة اخرى في حياتها. تنقل هولمز لمدة ست سنوات في الكثير من المدن الامريكية و قد كانت هذه الفترة من حياته غامضة نوعا ما حيث لم يستطع المحققون ان يعرفوا على وجه الدقة ماذا فعل هولمز خلالها و لكن الناس (كالعادة) الفوا الكثير من القصص و الاساطير حول هذه الفترة المبهمة من حياته.
في عام 1885 انتقل الى مدينة شيكاغو و تزوج من فتاة من عائلة موسرة اسمها مارتا بلكنب و التي عن طريق اموال عائلتها قام بفتح مكتب للطباعة الا ان الاعمال لم تجري بصورة جيدة مما اضطره الى تركه و الى هجر زوجته , ليظهر مرة اخرى في جزء اخر من مدينة شيكاغو , مساعدا في صيدلية الدكتور هولدن و التي تمكن بالتدريج من الاستيلاء عليها كما شرحنا سابقا.

القلعة الدموية

قام هولمز بمرور الوقت بشراء المحلات و الاراضي المجاورة للصيديلة حيث قام فيما بعد بتشييد بناء ضخم من ثلاثة طوابق سماه الجيران بـ “القلعة” لضخامته و شكله الغريب. كانت القلعة من تصميم هولمز نفسه و قد عمد اثناء البناء الى تغيير العمال عدة مرات بحجة ان عملهم غير متقن لكي لا يتمكن احد من معرفة اسرار البناء و الاحاطة بأقسامه سواه , كانت “القلعة” بناية عجيبة حقا , الطابق السفلي منها كان يحتوي على عدة متاجر فخمة بالأضافة الى صيدلية هولمز , اما الطوابق العليا فكانت تضم مكتب هولمز اضافة الى مئة غرفة صماء نوافذها مغلقة بصفائح معدنية , و ابوابها لا تفتح الا من الخارج!! و كانت تحتوي على العديد من المتاهات و الممرات السرية , بعض السلالم كانت تفضي الى ابواب تفتح على علو شاهق و لا يوجد خلفها سوى فضاء الخربة الخالية وراء القلعة , و الكثير من الابواب تفتح على جدران مغلقة , و كانت اغلب الغرف مزودة بنظام انذار معين يستطيع عن طريقه هولمز معرفة ان كان احد النزلاء يروم الفرار من القلعة , كانت هناك انابيب لنقل الغاز تمتد الى جميع الغرف و لكن فتحها و غلقها لا يمكن التحكم به الا من مكتب هولمز , و اضافة الى ذلك كان هناك سرداب كبير اسفل القلعة يحتوي على براميل من الاحماض الكيمياوية و على افران لحرق الجثث.

اكتمل البناء نهاية عام 1891 و قام هولمز بأفتتاحه كفندق استعدادا للأحتفالات الضخمة التي كان يجري التهيؤ لها في شيكاغو بمناسبة مرور اربعمئة عام على اكتشاف كولمبوس للقارة الامريكية و التي تصادف عام 1893.

لمدة ثلاث سنوات قام هولمز بأستخدام البناية لتعذيب و قتل ضحاياه الذين كان هولمز يختارهم من الفتيات الموظفات عنده , في المتاجر الموجودة في الطابق السفلي للقلعة , حيث كانت احدى شروط الوظيفة هو القيام بسحب بوليصة تأمين على الحياة يدفع هولمز اقساطها و يكون هو في نفس الوقت المستفيد الوحيد منها. و كذلك كان هولمز يستمتع بتعذيب و قتل بعض العشاق الذين يجدون في فندقه مكانا مناسبا للأختباء عن عيون الرقباء , اضافة الى بعض النزلاء من المسافرين الذين يقذفهم حظهم التعس لقضاء الليلة في فندق هولمز , و في بعض الاحيان كان يعمد الى قتل نزلاء فندقه بكل سهولة بأن يفتح انابيب الغاز الموصولة الى غرفة المجني عليه , و لم يستطع اي شخص من اكتشاف ما يقوم به هولمز لأنه لم يكن يبقى على اي شخص يعمل كمنظف او عامل في القلعة لأكثر من اسبوعين , يقوم بعدها بأيجاد حجة لفصلهم من العمل و لا يقوم بدفع اجورهم , لأنه حسب قوانين ذلك الزمان فأن العامل لا يستحق اجرته ما لم يكمل شهرا كاملا في وظيفته , لذلك يعتقد الكثير من المحققين بأن هولمز لم يدفع بنسا واحدا كأجور للمستخدمين خلال السنوات التي قضاها في القلعة.

اغلب ضحاياه كن من النساء و خاصة الفتيات الشابات اللواتي كان يصطادهن بوضع اعلانات في الجرائد لطلب موظفات ليعملن في متاجره و احيانا كان يضع اعلانات للزواج مستغلا وسامته في الايقاع بضحاياه اللواتي كان يختارهن بعناية , حيث يفضل ان لا يكون لديهن عائلة , حتى لا يبحث عنهن احد عندما يختفين , كما كان يحرص ان لا يخبرن احد على مكان عملهن الجديد و ان يجلبن معهن جميع ما يملكن من مدخرات بحجة تشغيلها و اعطائهن فوائد و ارباح على اصل المبلغ.
و ما ان تتطأ اقدام الضحية ارضية الطوابق العليا للقلعة حتى تتحول الى سجينة بيد هولمز , كان يتلذذ بأغتصابهن و تعذيبهن و كان يبقي على بعضهن لعدة اسابيع حتى يسأم منهن فيقوم بقتلهن , ثم يقوم بأحراق جثثهن او اذابتها في براميل الحمض , و كانت له طرق مبتكرة في أستخراج الهياكل العظمية لبعضهن و من ثم بيعها كموديل تعليمي للمؤسسات الطبية.

لكن هولمز لم يقتل دوما النساء اللواتي كن يقعن في قبضته , و انما استخدم بعضهن كمساعدات له في تنفيذ جرائمه و الايقاع بضحاياه , و كانت احداهن هي جولي التي قدمت مع زوجها و ابنتها الى شيكاغو , حيث عمل زوجها كموظف في متجر الجواهر الذي كان يديره هولمز في الطابق السفلي للقلعة , و سرعان ما وقعت جولي في حب هولمز و اصبحت عشيقته , و قد هجرها زوجها و ترك العمل لدى هولمز بعد ان بدأت شكوكه تزداد حول علاقتها معه , فبقت هي و ابنتها للعيش مع هولمز في القلعة , و يعتقد المحققون بأن جولي كانت على علم بالجرائم التي يقوم بها هولمز و انها ساعدته في بعضها , لكن ايامها مع هولمز انتهت سريعا , فأثناء اعترافاته , اقر هولمز بقتله لجولي خلال عملية اجهاض كان يقوم بأجرائها لها بنفسه , و انه قتل ابنتها الطفلة بيرل بالسم لتنتهي جثتها بعد ذلك مع امها في براميل الحمض في السرداب , ثم قام ببيع هيكل جولي العظمي الى احدى المؤسسات الطبية في شيكاغو , و قال هولمز ان السبب الرئيسي لقتلها هو انها اصبحت تتصرف بطيش بسبب غيرتها المتزايدة عليه , “لقد كان علي التخلص منها في كل الاحوال , لقد اصبحت ضجرا منها” هكذا اخبر هولمز للشرطة.

من ضحايا هولمز البارزات , اميلين ساكرند و هي فتاة رائعة الجمال اغواها هولمز بالعمل لديه مقابل راتب كبير و لكنها انتهت في احدى غرف القلعة التي لا يخترقها الصوت , و قد اعترف هولمز فيما بعد للمحققين بأنه كان مولعا بالفتاة و ابقاها حية لمدة شهر كامل اغتصبها خلاله مرارا ثم قام بقتلها بعد ان ضجر منها , و بعد ذلك بفترة اتى خطيبها رالف للبحث عنها لكنه لم يغادر القلعة مرة اخرى , و قد اعترف هولمز بأنه قتل رالف خلال احدى تجاربه العلمية التي كان يجريها على ضحاياه و التي احداها هي قياس مدى تحمل جسم الانسان للتعذيب , فقد قام هولمز بصنع طاولة لتشريح ضحاياه , تتمدد بشكل يجر معه الجسد المربوط عليها حتى يصل الى مرحلة التمزق.

بداية السقوط

بعد انتهاء احتفالات معرض كولومبوس العالمي في شيكاغو , حدث ركود اقتصادي في المدينة , لذلك تركها هولمز و سافر الى تكساس حيث قام بالأستيلاء على ميراث ميني ويليامز , و هي فتاة من عائلة موسرة في تكساس , و التي اصبحت عشيقة هولمز و شريكته في جرائمه لمدة عام , ميني لم تكن تقل دناءة عن هولمز , و قد قامت بقتل شقيقتها بنفسها و الاستيلاء على ارثها , لكن هولمز , الذي لم يكن يفضل الابقاء على شاهد على جرائمه , قتلها فيما بعد و قام بالاستيلاء على ثروتها , و اراد هولمز بناء قلعة جديدة في تكساس على غرار قلعته في شيكاغو , و لكنه سرعان ما تراجع عن فكرته هذه لأن القانون في تكساس كان قويا و غير متساهل مع الجريمة.

سقوط هولمز بيد العدالة كان بسبب اخر عملية احتيال قام بها هو وشريكه القديم بنيامين بيتزل , حيث اقنعه هولمز بتزوير موته حتى تحصل زوجته مناصفة مع هولمز على مبلغ 10000 دولار , و قد وافق بيتزل الذي كانت اوضاعه المالية صعبة و كان مدمنا على الكحول و اب لخمسة اطفال.
لكن هولمز قام بقتل بيتزل فعلا و تقدم للحصول على مبلغ التأمين , ثم قام بخداع زوجة بيتزل التي كانت تعاني من ضروف مالية صعبة للغاية , و اقنعها بأن تبقي على ثلاثة من اطفالها بعهدته و ان تذهب لتعيش مع والديها حتى يتم استحصال مبلغ التأمين و حصولها على حصتها , ثم قام هولمز بالتنقل مع الاطفال عبر عدة ولايات امريكية في الشمال حيث كان ينوي الفرار الى كندا , و قام هولمز بقتل اطفال بيتزل الثلاثة (الصورة اعلاه) في محطات مختلفة اثناء رحلة الفرار التي استمرت حتى القي القبض عليه في بوسطن اواخر عام 1894  , و الطريف في الامر , ان هولمز لم يلقى القبض عليه بتهمة القتل و انما بتهمة سرقة حصان في تكساس , و هي تهمة لم يعرها هولمز اي اهتمام و كان يخطط للخروج من السجن , و الهروب مع زوجته الثالثة جورجينا.

من سوء حظ هولمز , ان الشرطة  قامت بأجراء تحقيقات عنه اثناء مدة احتجازه , و قد قام حراس قلعته الدموية في شيكاغو بأخبار الشرطة بأن هولمز لم يكن يسمح لهم ابدا بتنظيف الطوابق العليا من القلعة , مما اثار شكوك الشرطة و لذلك قرروا تفتيش الطوابق العليا.

دخلت الشرطة الى القلعة ليلا , لم يكن المحققون يتخيلون حتى في احلامهم ما سوف يجدونه في داخل قلعة الرعب , كان الصمت و السكون الموحش يلف كل شيء , و على الاضواء الباهتة لقناديل الشرطة , لم تكن لترى عزيزي القاريء سوى نظرة الخوف و الترقب المرتسمة على وجوه المحققين و تسمع صوت دقات قلوبهم التي كانت تتزايد بأضطراد مزعج و هم يكتشفون  في احد الافران الموجودة في مكتب هولمز , اجزاء من جسد امرأة اضافة الى خصلات طويلة من شعرها , و في السرداب وجدوا برميل خشبي ضخم يحتوي على سائل غليض او كما اسموه فيما بعد (شوربة الموتى) , و كان يمكن تمييز جثة طفل صغير لم تذوب تماما يعتقد المحققون بأنها تعود الى بيرل ابنة جولي عشيقة هولمز السابقة.

اسم بعد الاخر , بدأت تتكشف اسماء الضحايا الذين اختفت اثارهم في قلعة الرعب , كاتي , التي كانت تدير مطعما في القلعة و اختها ليز و كذلك ابنتها آن , اختفوا و لم يعثر لهم على اثر , ويلفرد كول , احد الاشخاص الذي دخل مرة الى قلعة هولمز , اختفى بعدها الى الابد , هاري ووكر , الذي عمل سكرتيرا لهولمز لأيام معدودة لم يره شخص بعدها , و مضت القائمة تطول يوما بعد الاخر و تضاف اسماء جديدة لأشخاص اختفوا و تبعثرت اشلائهم في “شوربة الموتى” و تلة العظام , التي كان هولمز يحتفظ بها في السرداب و يصنع منها هياكله العظمية التي يبيعها للمؤسسات و الكليات الطبية.

لقد قدرت الشرطة عدد الضحايا بين 100الى 200 ضحية , لكن بعض المحققين يظنون ان العدد الحقيقي لا يقل عن 230 ضحية ,  بسبب كثرة المفقودين في شيكاغو اثناء الاحتفالات بمعرض كولمبوس العالمي و الذين لم تعثر الشرطة على اثر لهم , لكن الرقم الذي تمت محاكمة هولمز على اساسه هو 27 جريمة قتل بضمنهم بيتزل و اطفاله الثلاثة , و ذلك على الرغم من ان الشرطة عثرت على الكثير من الجثث في السرداب , الا انها كانت مشوهة و متداخلة بشكل كبير بحيث لم تستطع الشرطة تمييز اغلبهها , معظم ضحايا هولمز كن من النساء , و لكن كانت هناك جثث لبعض الرجال و الاطفال.

هولمز نفسه اعترف في البداية بـ 27 جريمة فقط و لكنه عاد و ادعى البرائة ثم صرح لاحقا بأنه ليس هو المذنب الحقيقي في عمليات القتل لأن جسده مسكون من قبل الشيطان , و بسبب هذه الادعائات و الاكاذيب المتناقضة , وجد المحققون صعوبة في توثيق اعترافاته و لازالت جرائمه تحيطها الكثير من الغموض حتى يومنا هذا.

نهاية الوحش

في 7 ايار / مايو ، 1896 تم شنق هولمز في فلادفيا , و قد حيكت الكثير من الاساطير حول عملية اعدامه , ولكن طبقا لمراسل جريدة “النييويورك تايمز” الذي كان متواجدا في غرفة الاعدام , كان هولمز هادئا و لم يبدي اثر للخوف او القلق , كما انه لم يمت بسرعة , و انما ظل يتلوى لمدة لا تقل عن العشرة دقائق , و احتاج خمسة عشر دقيقة لكي يتأكد موته!! و لكن الاساطير لم تنتهي بعد اعدامه , فما زال الكثيرين يصرون بأن روحه الغاضبة لازالت تتجول في شوارع شيكاغو و ان هناك الكثير من الحوادث العجيبة التي حدثت بعد وفاته منها احتراق قلعته الدموية في حادث غامض.

اغرب شيء , هو قبر هولمز , فقد طلب وفقا لوصيته بأن يدفن على عمق عشرة اقدام و ان يصب الاسمنت المسلح على تابوته حتى اعلى القبر , و لا احد يعرف لماذا طلب ذلك بالضبط , البعض يظن بأنه كان يخاف ان تستخرج جثته بعد موته و يتم العبث بها , كما فعل هو دوما مع جثث ضحاياه.

لسنوات عديدة ضلت القلعة الدموية تنتصب في ضاحية انجلوود , لم يجرؤ احد على السكن فيها او حتى الدخول اليها , و ضلت مهجورة حتى عام 1938 , حيث قامت الحكومة بهدمها و بناء مكتب للبريد محلها.

لقد ذهب هولمز الى الابد , و لكن الرعب الذي سببه بقى يلقي بضلاله على الوجوه عندما يذكر اسمه , و بقت كلماته الاخيرة تتردد مع صوت الريح التي تعصف بشوارع شيكاغو في ضاحية انجلوود , حيث كانت تنتصب يوما ما قلعته الدموية :

“لقد ولدت و الشيطان يعيش في داخلي , انا لا استطيع ان اخبركم بأني قاتل , كما لا يستطيع الشعر وحده ان يلهم اغنية … لقد ولدت و “الشر” يقف الى جانب سريري كالعراب (المرشد) و انطلقت معه الى العالم , و لقد كان معي منذ ذلك الحين ….”. أج.أج.هولمز

هذه القصة نشرت بتاريخ 09 /02 /2008

guest
53 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى