تجارب ومواقف غريبة

تلك الفرقعة !

بقلم : عبدو عبد الرحيم العرائشي المغربي – المغرب
للتواصل : [email protected]

أرنبا برياً ضخماً , لم أر مثله في حياتي !

بسم الله الرحمان الرحيم ..أعزائي رواد الموقع الفريد , تحية لكم من القلب… بعد تردّد , قررت أن أشارككم إحدى تجاربي مع العالم الآخر , نظرا لغرابتها ! المهم مشاركتكم ..و أقسم لكم أن كل ما حدث صحيح , وبكل وعي وعيته…

المهم حدث هذا سنة 2000 ..حين كنت أبلغ من العمر ست عشرة سنة…

في إحدى الليالي الصيفية الحارة المقمرة , في إحدى الأرياف ..حيث كان يعمل أبي , و كانت تحتم علينا الظروف العيش مع أبي قرب مقر عمله .. و حيث لم يكن هناك وسائل ترفيه غير الجلوس والاستمتاع بهدوء المكان , مع إطلاق العنان للنكت أو سرد قصص الخوف أو لعب الغميضة …

في تلك الليلة جلسنا أنا وأخي (ع) وصديقي الجار (أ) الذي كان منزلهم يبعد بعض الأمتار عن منزلنا , بمكاننا المعهود وهو بقايا جزع شجرة كالبتوس عملاقة , طالتها أيادي المخربين ذات يوم في التسعينيات وأسقطتها بعد أيام من العمل , مخلفة وراء سقوطها أضرارا كارثية في صفوف شتى أنواع الطيور المسكينة , والتي وجدت نفسها بين عشية وضحاها بلا أعشاش بلا فراخ بلا مأوى ..وكان المستفيد الأكبر صاحب الحمام البلدي , بعدما بيعت له أطنان الخشب بأنصاف الثمن…

كنا نتجاذب أطراف الحديث نحو الساعة الحادية عشرة ليلا والنصف…وبما أن الليلة كانت مقمرة , فقد كنا كحراس الحدود , كل ما مر على أعيننا هو لنا…

فجأة و على بعد 10 أمتار تقريبا , وفي الجهة التي ننظر إليها كلنا , لمحنا يربوعا(كوباي) يمر مسرعا أمامنا.كان الحدث بالنسبة لنا كبداية لفيلم أكشن ستبدأ بعد قليل , فأخيرا سنكسر روتين الكلام , و نلاعب الكوباي المسكين ..والذي أتى به قدره إلينا , لكن هيهات…

كان صديقي (أ) لا يستطيع تفويت مثل هاذه المناسبات , خاصة لما استقرت مراقبتنا لذلك الفأر العملاق إلى توقفه تحت ضوء خافت لمصباح كهربائي , معلق بإحدى زوايا مخزن الحبوب ..والذي كان يعمل به أبي كوسيط تجاري ..

أنا شخصيا لم أحب ذلك المخزن أبدا , ولم أكن أرتاح له قط ..فمنظره من الداخل ومن الخارج يوحي بظلمته الفريدة وقرميده القديم المهنرئ , لقد كان من بقايا المستعمر الاسباني.
وقف ذلك الفأر اللعين على قدميه الخلفيتين , وحط يديه القذرتين على فمه نحو الخمس ثوان ..وبعدها اعتدل وركض وتوارى خلف الركن المظلم من ذلك المخزن المرعب.مر أمامنا المشهد , فرأيت البريق بأعينهما ..

طار(أ) من مكانه متحمسا , وأخذ من الأرض بعض الأحجار لممارسة هوايته ..
قال لنا : أنا سأتبعه و أنتما اذهبا في منحاه المعاكس من المخزن , لاعتراضه

أنا شخصيا لم أكن مرتاحا لتلك الفكرة , ولم أكن أحب الاعتداء على الحيوان .. لكن(أ)ركض مثل المعتوه , وتبعه أخي (ع) ..و تليتهم أنا ..

عندما وصلنا إلى الركن لم نجد شيئا .. فأكملنا إلى الجهة الخلفية من المخزن .. هنا كانت المفاجأة ! فقد رأينا جليّاً مع الجدار , أرنبا بريا ضخما ..لم أر نوعه في حياتي ! عيناه حمراوان براقتان , مثل أعين القطط لكنها حمراء , وأذنان طويلتان بامتدادات مثل الإبر , و وبر منتوف ..لم أرى في حياتي مثل ذلك الشر الذي كانت تنظر ألينا به , وكأني أرى عدوا واقفا أمامي ..و المنظر كان واضحا , لأن الجو كان مقمرا

تسمرت مكاني أنا وأخي من الخوف , فلم أعد أقوى على الحركة ..أما (أ) فقد صاح “يا لها من أرنب , سأصطادها…” ولوح بيده من أجل ضربها بالحجر ..فصرخت أنا بكل قوتي “لا إياك أن تفعل” ..لكنه قذف الحجر اللعين بكل قوته ..ولحسن الحظ ارتطم الحجر بالجدار . و لم يهرب الأرنب بل حدق ناحية (أ) ..

حينها سمعت أصواتا لم أسمعها من قبل , ولم أجد لها تفسيرا إلى حد الآن .. سمعت صوت مثل صوت صب شيء بارد على زيت ساخن جدا 3 مرات “تشششش تشششش تشششش” ..وبعدها مباشرة سمعنا ثلاثتنا فرقعة هائلة قريبة جدا من جسد (أ) ..الفرقعة تشبه تقريبا طلقة نارية ببندقية الصيد

أطلقنا حينها سيقاننا للريح إلى منزلنا , الذي لم يكن يبعد إلا بضع أمتار ..رأتنا أمي بتلك الحالة من الذعر, وأوجهنا لا يجري بها الدم من الخوف ..لم نشأ أن نخبرها , فقلنا لها : أننا سمعنا انفجارا , فهربنا

وسألناها : هل سمعته ؟ .. فقالت : أنها كانت جالسة منذ ساعة قرب الباب , لكنها لم تسمع شيئا , إلا آثار وقع أقدامنا ..تعجبنا حينها و ازداد قلقنا , وعرفنا أن الأمر كان خطرا علينا..

أوصلنا (أ) إلى منزله , وعدنا .. أذكر أني لم أنم تلك الليلة قط وحدي , فنمت بجانب أخي الأكبر (ح) الذي تعجب من تصرفي ..فعيناي لم تنامان , كنت أراقب باب الحجرة أنتظر اللحظة التي ستدخل فيها تلك الأرنب..

بعد الإلحاح , أخبرته بالقصة ..فتعجب كثيرا وجحظت عيناه , وصاح : تبا يا أخي !! انه إنذار من الجن

وحكى لي أنه في ظهيرة نفس ذلك اليوم , كان قد خرج هو وأخي (ع) و(أ)وأخوه الأكبر(ي) إلى مكان موحش بالنهر القريب من مكان سكنانا , والذي كان مرتعا خصبا للأرنب البري بمواسم صيده

كان ذلك المكان المقصود من النهر مليئا بالنباتات الشوكية والعليق وشجرة توت عملاقة ,وكل سكان تلك المنطقة كانوا يخشون حتى ذكر ذلك المكان من النهر بالخصوص , والتواجد به بانفراد بكل أوقات اليوم ..أما ليلا , فالمرور من هناك يعد جناية على النفس !

وهناك روايات قديمة تقول : أن ذلك المكان مسكون بكيانات شريرة وشيطانية ..وهناك رواية مشهورة عن راعي شاب أراد السباحة هناك , فلما قفز إلى الماء وغطس , لم يطلع أبدا إلى السطح

ولم يعد إلى الظهور مطلقا , رغم أن البركة هناك لا يتعدى عمقها المتر والنصف , ولم تكن تربتها من النوع الموحل … ورغم جهود البحث عن الشاب في المياه , لم يظهر له أثر ..حتى عندما تتبخر المياه كليا في شهر اوغست , لم يجدوا أثراً لهيكل عظمي أو شيء من ذاك القبيل…

المهم خلال رحلة بحثهم ..قال أخي أنهم طاردوا إحدى الأرانب داخل شجرة عليق كبيرة , لكنهم لم يتمكنوا منها ..وأكد أنه رأى بعض الشباب الذين يعرفهم جيدا في الضفة الأخرى من النهر , يحاولون الدخول إلى إحدى أشجار العليق الشائكة , و بأيديهم هراوات و فؤوس يبحثون عن أرانب على الأرجح ..ورغم مناداته لهم بأسمائهم بأعلى صوت من طرف أخي , إلا أنهم لم ينبسوا بحرف واحد ودخلوا لتلك الشجرة الشائكة…

أنا بعدها فهمت أن تلك الأرنب المتفرقعة كانت هناك من أجل تحذيرنا على عدم الرجوع لذلك المكان , لا من أجل الصيد ولا من أجل السباحة…

أعتذر على أسلوبي البسيط في السرد

تاريخ النشر : 2016-01-25

guest
31 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى