لحظات !
لما نتجاهل حقيقة الموت ؟ |
و هاهو شريط حياتي يمرّ أمام عيناي : ضحكاتي ، دموعي ، احبابي ، أعدائي , نجاحي و فشلي , جميعها لحظاتٍ سُرِقت من رصيد عمري…
و انا الآن أجهّز ترحالي لأغادر عالمي , الذي عهدته منذ اللحظة الأولى لميلادي .. أنها حتماً قيلولتي الأبدية !
كم اشفق اليوم على عينايّ , اللتان تتقلّبان يُمنةً و يسرى في محاولةٍ يائسة منها لحشد أكبر قدرٍ من اللحظات الأخيره , لأصطحابها معي .. و كأنها لم تملّ طوال هذا الدهر , من كمّية الحشد و التخزين !
كم غريب أن يتجاهل الإنسان فكرة الموت , رغم انها اكثر الحقائق المؤكّدة التي ستحدث لنا عاجلاً ام آجل ؟!
فلو اقتنعنا من الوهلة الأولى ان حياتنا كرحلة قطار , ولوّ استوعبنا على الأقل تلك الحقيقة ! لتجهّزنا لما بعد وصولنا للمحطة الأخيرة.. و لأعددنا الأفضل لرحلة ما بعد الموت !
فالموت هو القانون السائد على الجميع , هو الحقيقة المطلقة .. و رغم بزوغها كالشمس , لكننا ننساها او بالأحرى نتناساها , و نحيا الحياة كما لا ينبغي لنا أن نحياها..و لا نذكر الموت كما ينبغي ان نُحيّ ذكراه , الواقعة حتماً لا محالة
كم يومٍ مرّ من عمري ؟..و كم شهر ؟..و كم سنة ؟!.. كم مرّة تذكّرت فيها انني كائن سيُفنى بعد مضيّ الأجل ؟!..لعلّها مرّاتٍ معدودة , قبل ان تُشغلني الحياة عن التفكّر فيها .
والآن !! و هآ انا ذا على فراشي , استعدّ للقاء هذا الشبح الخاطف كما صوّرتهُ دائماً لنفسي ..و تتأهّب روحي لهجران جسدي بعد سنين من الرفاق .. و اليوم سيفكّ الوثاق ..و ستلتفّ الساق بالساق .. و الى ربي سيكون المساق..
ماهي الاّ لحظات من الألم و الأنين.. تتبعها راحة ابدية ..”سرمدية خالدة”..
تراني ماذا أرى الآن ؟! بعد أن أصبح بصري حديد ! .. أنه نفق يشعّ منه ضوءٌ شديد.. تأوى إليه أرواح الموتى الأشباح..
لكن لما الخوف ؟! فلعلّ الأزهار على مشارفه و الزركشة العجيبة على أبوابه , و رائحة الطيب تنفذ منه ، و الطمأنينة تحويه ! كل هذا سيجعلك حتماً في شوق لسلوكه مع السالكين ..
مهلاً !! الم اتحرّر بعد ؟! .. كم انا متشوّقٌ للذهاب , متشوّقٌ لرحلتي الثانية و الأخيرة..
يااه ! انظروا هناك !! انهم يحلّقون كالطيور بلا اجنحة !.. يضحكون و يمرحون .. يبدون في سريرتهم مرتاحون !.. و بمن في الأرض غير مبالين !..يتراقصون بالعراء , بأثوابهم البيضاء و الخضراء السندسية ..و بأجسامهم المضيئة .. و بأصوات تكبيراتهم الشجيّة !..
لحظة ! .. هاهي ذا روحي في الطور الأخير من التحرّر , من ذاك الجسد المادي المعتمّ .. و مازال امامي لحظات من النبضات المتسارعة و الشهقات !!
آخ .. أيّ .. آآآه !!! …. نعم هاهي ..هاهي روحي تخرج !! .. سأحصل على الراحة الأبدية بعد قليل !
آآآآآآه !!!!
————
♡تحرّر الكيان عن الأبدان
♡أصبحتُ حرّاً بلا احزان
♡و تراقصت روحي بين الأكوان
♡ يمرّ بنفقٍ تخرج منه الألحان
♡تكبيرات و تهليلات تعبق بالوجدان .
تاريخ النشر : 2016-03-01