أدب الرعب والعام

لم اقتله صدقوني

بقلم : aisha – مصر
للتواصل : [email protected]

لم اقتله صدقوني
قفزت من الخزانة سريعاً و أخذت سكينه و طعنته في فخده !!

بدأت حكايتي عندما ذهبت عائلتي لزيارة أحد الأصدقاء بينما جلست أنا وحيدةً في المنزل ، أنا أحب الانفراد بنفسي كثيراً ؛ لأنني شخص انطوائي جداً ، و ذلك بسبب حادثة حصلت معي و أنا صغيرة .. عندما قتلت أمي برصاصة طائشة من أحد الأشخاص أمام عيني ، و للأسف لم تتمكن الشرطة من القبض على الجاني فقد لاذ بالفرار ..

بعد هذه الحادثة أصبحت شخصاً يحب العزلة كثيراً و يكره الاختلاط بالناس .. بعدما خرجت عائلتي أشعلت التلفاز لأشاهد بعض الأفلام و بينما أنا جالسة أشاهد التلفاز سمعت صوتاً من خارج الغرفة و كأنه يوجد أحد غيري في المنزل ، و بعد تردد كبير قررت أن أذهب لأستطلع الأمر ، فإذا بي أجد شخصاً ممسكاً بسكينٍ في يده ..

 يا إلهي إنه لص ، ماذا سأفعل ؟ .. قررت فوراً أن أختبئ و أتصل بالشرطة ، لكن للأسف يبدو أن ذلك اللص قد لمحني و قد ناله الفزع كذلك لأنه ظنّ أن المنزل فارغ ، تماماً كأي فتاة ركضت إلى غرفتي و اختبأت داخل الخزانة ، تبعني ذلك اللص إلى الغرفة و أخذ يبحث عني ، إلى أن تقدم ناحية الخزانة .. يا إلهي يبدو أنه سيجدني الآن و سيقتلني حتما ، ماذا أفعل ؟؟

استللت عصا كانت بجانبي داخل الخزانة و عندما قام بفتح أبوابها فاجأته بضربةٍ بالعصا على رأسه فسقط مغشياً عليه ، قفزت من الخزانة سريعاً و أخذت سكينه و طعنته في فخده ، ثم ركضت بسرعةٍ خارج المنزل بعد أن ألقيت السكين على الأرض بجانب اللص .. كيف فعلت هذا ؟؟ حقاً أنا شجاعة !! الحمد لله على تصرفي السريع في هذا الموقف ، توجهت إلى جيراننا و طلبت الاتصال بالشرطة ثم بعدها اتصلت بأهلي ، و بعد مدةٍ من الزمن حضر الجميع ..

أخبرتهم بأن اللص لا يزال في المنزل و هو مطعونٌ بفخده من قبلي مما سيجعله غير قادرٍ على الهرب .. لم يستغرب أهلي من كلامي لأنهم يعلمون أنني شجاعة بتلك المواقف و أنني سأفعل أي شيء للدفاع عن نفسي .. المهم قرر اثنان من الشرطة اقتحام المنزل ، يبدو عليهما أنهما مبتدئان في العمل بالشرطة ، اقتحما المكان و ما هي إلا دقائق حتى نادى أحدهما على الضابط باللاسلكي و طلب منه الدخول سريعاً ، و ما إن دخل الضابط حتى نادى على والدي ليلقي نظرةً على ما حصل ..

–    أنظر يا سيدي !! يبدو أن ابنتك لم تقم بطعنه في فخده بل في منتصف قلبه حتى فارق الحياة !!
–    والدي باندهاش : و ماذا ستفعلون الآن يا حضرة الضابط ؟ هل ستعتقلون ابنتي ؟؟!
–    لا يا سيدي لا تخف ، هذا النوع من القتل يسمى بـ ” الدفاع عن النفس ” ، فقط سنقوم بأخذها إلى مركز الشرطة لتدوين أقوالها و اتخاذ بعض الإجراءات اللازمة ، يمكنك أن تأتي معنا طبعاً بصفتك والد الفتاة ..
خرج أبي و هو ينظر إلي باستغراب ثم قال ..
–    أعلم أنك شجاعة و يمكنك الدفاع عن نفسك ، لكني لم أتصور يوماً أنه بإمكانك القتل يا ابنتي !! لكن الحمد لله على سلامتك و أنا سعيد أنك لم تصابي بمكروه .
–    ماذا يا أبي ؟؟ قتل !! أنا لم أقتله صدقني ، أنا طعنته في فخده فقط صدقني !!

نظر أهلي جميعاً لي باستغراب على ما فعلت و لكن صدقوني أنا لم أقتله و لا يمكنني قتل أحد ، حتى و لو كان مجرماً ؛ ليس لدي الشجاعة الكافية لذلك ، قام أحد الشرطيان اللذان قاما باقتحام المكان بتهدئة روعي و أخبرني أن لا أخاف من شيء ؛ لأن هذا يعتبر دفاعاً عن النفس ، نظرت إليه باستغراب ، في هذه الأثناء كان هناك بعض الأطفال يلعبون بالكرة في المنزل المقابل لمنزلنا فطارت الكرة و اصطدمت بقوة في بطن الشرطي الذي كان يتحدث معي ..

ما هذا ؟؟ هناك شيء غريب حصل للتو !! ما هذا الصوت الذي سمعته عندما ارتطمت الكرة ببطن الشرطي ؟؟ .. لحسن الحظ أن الشرطي لم يغضب لأن الضربة لم تآلمه ، أخذت الكرة و اعتذرت منه ثم رميتها للأطفال .. لكن حقا ما هذا الشيء الذي شعرت به ؟ هنالك شيء غير طبيعي يحدث ، ربما يكون متعلقاً بما جرى معي ، لا لا أريد أن أتذكر ، يكفي ما حصل معي إلى الآن ، الجميع يرونني قاتلة لكنني بريئةٌ حقاً ..

سألني الضابط عن سلاح الجريمة فأخبرته أنني نسيت أين ألقيته ؛ لأني كنت خائفة حينها ، أخذوا يبحثوا عنه كثيراً لكنهم لم يجدوه .. المهم ذهبت مع أبي إلى مركز الشرطة و هناك قاموا ببعض الإجراءات اللازمة معي و هناك أخبرنا الشرطي أن هذا اللص هو أحد أفراد عصابة خطيرة يبحثون عنهم منذ مدة ، لكن يبدو أن أفراد العصابة الباقيين تخلوا عنه لذلك بدء يتسلل إلى المنازل ليجد ما يسرقه لنفسه ..

و قبل أن يسمح لنا بالذهاب أخبرني الشرطي أن الإجراءات لم تنتهي هنا بل سنكملها في الغد ، يا إلهي متى سينتهي هذا الكابوس ؟ ما هذا اليوم السيئ ؟؟

في اليوم التالي استيقظت على صراخ والدي و هو يقول بأن الشرطة اتصلت به و طلبوا منه الحضور فوراً بصحبتي لأن الأمر خطيرٌ جداً ، ذهبتُ مع أبي و أنا منزعجة ، لكن ما إن وصلت حتى عرفت أن الأمر خطيرٌ فعلاً ؛ فقد أخبرنا الشرطي أنهم وجدوا الشرطيين اللذين اقتحما المنزل مقتولين بداخل قسم الشرطة ، أحدهما قد سلخ وجهه و بجانبه ثياب زميله فقط ، بينما وُجدت جثة محروقة خلف مركز الشرطة تعود لرجل و قد خمنوا أنه الشرطي الآخر ؛ و ذلك لأنهم وجدوا بطاقته الائتمانية في مكانٍ ليس ببعيد عن الجثة ..

سأل والدي الضابط أنه لماذا يعتقدون أن الأمر يتعلق باللص الذي قتلته أنا ، لماذا لا يكونان قد قتلا من قبل شخص آخر حاقدٍ عليهما و ليس من تلك العصابة ، أجابه الشرطي أنهم وجدوا قداحة بجانب الشرطي الذي قُتل داخل مركز الشرطة و أن هذه القداحة ليست عادية ؛ لأن شكلها غريب جداً و عندهم معلومة تقول أن أحد أفراد العصابة يدخن بشراهة و يستعمل قداحة غريبة الشكل و أنها صنعت خصيصاً له ، هذا ما أثبته بعض الشهود ، و قال أيضاً أنني قد أكون في خطر ؛ فهم يعتقدون أن أفراد العصابة يحاولون الانتقام مِن كل مَن كان له شأن في مقتل زميلهم و أولهم أنا ..

ثم أضاف أن الشرطة اعتبرت القضية دفاعاً عن النفس ، أي أني لن أحاسب على فعلتي  ، و قد تكون تلك العصابة علمت بالأمر فقررت الانتقام .. بعد أن أنهى كلامه شعرت برعشةٍ تسري في جسدي إثر كلام الضابط و أخذت أسرح في هذه الكارثة التي حلّت بي ، ثم استفقت على كلام أبي الغاضب و هو يقول : هل أعجبكِ ما نحن فيه الآن ؟ ألم أخبرك كثيراً أنك تجلبين لنا المشاكل دوماً ؟ لكنك لا تصدقينني ..

لن ألوم والدي طبعاً ؛ لأني أعلم أنه خائفٌ علي أكثر من خوفي على نفسي ، و أنه غاضبٌ لا أكثر .. عدنا إلى المنزل و لكن لحظة !! يا إلهي لقد نسيت هاتف والدي في مركز الشرطة ، سيوبخني الآن ، كيف و هو لا يطيق النظر لوجهي ، حسناً يجب علي أن أحضره من مركز الشرطة ، المركز ليس ببعيد عن المنزل ، أعلم أن في ذلك تهور ؛ لأني مستهدفةٌ من قبل العصابة ، لكن بالتأكيد لن يحدث لي ضرر و أنا في المركز ، ثم أن أبي يحتاج إلى الهاتف ؛ لأن الضابط سيتصل به حتماً ؛ ليخبره عن كل ما هو جديد في القضية ..

تسللت تحت جنح الليل إلى مركز الشرطة ، و من حسن حظي أن والدي لم يسألني عن هاتفه ؛ فما نحن فيه أنساه أي شيءٍ آخر ، حسناً هذه فرصتي لأعيد الهاتف ، لكن لحظة !! ما هذا ؟؟ .. أيعقل أن ينام حارس المركز هكذا ؟؟ ما هذا الإهمال !! لكن ذلك من حسن حظي أيضاً ؛ حتى أحضر الهاتف سريعاً دون أن يوبخني أحد أفراد الشرطة ..

دخلت إلى المركز و إذ بي أجده فارغاً تماماً ، ماذا الآن ؟ لم أكن أعلم بأن مركز الشرطة يُغلق أبوابه في الليل مثل باقي المحلات التجارية ، حسنا سأذهب إلى الغرفة التي تركت فيها الهاتف ، دخلت إلى الغرفة لكن أين وضعت الهاتف ؟ لقد وجدته إنه أسفل المكتب ، و ما إن نزلت إلى أسفل المكتب حتى توقف سريان الدم في جسدي ؛ فقد فُتح الباب و دخل أحد الأشخاص إلى الغرفة ، من هذا الذي يدخل إلى مركز الشرطة ليلاً و هو من المفترض أنه مغلق ؟ يبدو أن ذلك الشخص يبحث عن شيء ، أمعنت النظر جيداً و إذ به الشرطي الذي يفترض أنه قُتل و احترقت جثته !! الحمد لله أنه حي و لكن لماذا جاء إلى هنا في هذا الوقت المتأخر من الليل ؟ حسناً بما أنه شرطي فلماذا أنا خائفة ؟ لا داعي للاختباء سأخرج الآن و أعتذر ..

و ما إن كاد أن ينصرف حتى خرجت من أسفل المكتب فالتفت إلي بتوتر قد بدا على وجهه ، أنا آسفة يا سيدي إن كنت أخفتك لكنني نسيت هاتف والدي فعدت لأخذه ، لكن سيدي عن ماذا تبحث لعلي أساعدك ؟ هكذا قلت له ، وما إن أنهيت جملتي حتى امتلأ المكان بأفراد الشرطة و قد وجهوا أسلحتهم نحو الشرطي بجانبي ، ثم قال الضابط باستهزاء بعد أن أخرج القداحة من جيبه ..

 أتبحث عن هذه ؟ هل تظن أن هناك مركز للشرطة يغلق و ينام حارسه ؟ فعلاً لقد أوقع بك غباؤك بالفخ يا أحد أفراد العصابة ، تلك الفتاة كانت محقة عندما قالت أنها طعنت اللص في فخده لا في قلبه ، لكن أنت وزميلك ، أقصد فرد العصابة الآخر ، دخلتما إلى المنزل بحجة أن تلقيا القبض على اللص  فقمتما بقتله و أخفيتما السكين ، ثم قتلت زميلك هنا و أحرقت جثة قد كانت معك و رميت بجانبها بطاقتك الائتمانية لنظن أنك قتلت على يد احد أفراد العصابة ، ببساطة أنت هو الفرد الرابع من العصابة و الذي يمتلك القداحة و قد جئت لتأخذها بعد أن سقطت منك هنا ؛ لأنك تعلم أننا سنجد بصماتك عليها و سنعرف حقاً أنك كنت تخدعنا بالتظاهر أنك واحد منا ..

هنا لم يعرف المجرم ماذا يفعل ، لكن كما الأفلام وضع السكين على رقبتي و هدد الشرطة بأن يتركوه و شأنه و إلا قام بقتلي !! أخذني معه رهينة و هرب و اختبأ في مكانٍ قريب من مركز الشرطة و الشرطة لا تزال تبحث عنه ، يبدو أنني دمرت مخططات الشرطة و يبدو أنني سألقى حتفي هنا على يد ذلك المجرم .. ما هي إلا دقائق حتى سمعت الشرطة صرخة مدوية فهرعوا سريعاً إلى حيث الصوت ، فوجدوا المجرم مطعوناً بسكينه و أنا أبكي بجانبه ، أخبرتهم أنني خفت و لم أعرف كيف أتصرف و تمكنت من طعنه عندما غفل عني لبرهة ، نعم هذه المرة أنا من طعنته دفاعاً عن النفس .. أو هكذا هم ظنوا ..

لم يعلموا ما كان يدور بداخل رأسي حينها ، منذ أن قابلت ذلك الشخص و أنا أعرف أنه المجرم ، عندما اصطدمت الكرة ببطن الشرطي سمعت صوت معدن فظننت أنها اصطدمت بمسدسه ، لكن الشرطة لا تضع مسدساتها في بطونها ، بل ذلك الشخص يخفي سكيناً في بطنه تشبه تماماً السكين التي كان يحملها اللص ، أما عن سكين اللص فأنا من أخفيتها ، نعم قررت أن آتي إلى هنا بحجة البحث عن هاتف والدي لأنني كنت متأكدة أنه قادم ليأخذ قداحته ، جئت لكي أقتله و ها أنا قد فعلت ، طعنته بالسكين التي كانت معي لأنه من الصعب جداً أخذ السكين من يده لأنه كان يضعها قرب رقبتي ، بعد أن طعنته بسكيني وضعت سكينه مكان الطعنة ليظنوا أنني طعنته بها ، و أخفيت التي كانت معي و قلت لهم أنني كنت ادافع عن نفسي و صدقوني ، رائع لقد نجحت خطتي و أخيراً قتلت ذلك الشخص الذي كنت أبحث عنه منذ زمن  ، نعم و أخيراً انتقمت لأمي ..

تاريخ النشر : 2016-03-27

aisha

مصر
guest
30 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى