تجارب ومواقف غريبة

المدرسة المظلمة والقط الرملي

بقلم : منتخب بلغاريا 1994 – سلطنة عُمان

المدرسة المظلمة والقط الرملي
و ما هي إلا لحظات حتى بدأت اسمع مواء قط

منذ عدة سنوات كنت مسئولاً عن حسابات التغذية بإحدى المدارس وهي وظيفة مرهقة ، وفي احد الأشهر كان هناك خط بسيط بسبب تراكم الأوراق و هذا  كان كفيلاً بإرجاع أوراق حسابات التغذية من قبل المديرية وتأخر اعتمادها ، مما اغضب إدارة المدرسة واستدعاؤهم لي من مدينتي حالاً و أثناء أجازتي .

  غادرت مدينتي في الظهيرة متوجة إلى البلدة التي أعمل فيها و وصلت الضفة الأخرى عصراً ، ولكن بسبب تعسر وسيلة النقل تأخر وصولي للبلدة والمدرسة إلى وقت المغرب كانت المدرسة يومها مقطوعة الكهرباء بسبب نفاذ الوقود من المولد الذي يشغل الطاقة بها ، فهذا ما قاله لي العامل الهندي بالمدرسة وكانت غرفته بداخل المدرسة .

ذهبنا لغرفة المعلمين بالمدرسة المظلمة وعلى أضواء هواتفنا المتواضعة استخرجت سريعاً الأوراق المطلوبة لإعادة حساباتي وغادرنا الغرفة  و كان الوقت متأخراً للرجوع فأثرت البقاء والمبيت هناك وبحثت عن طعام العشاء وماء ، ولكني لم أجد أي طعام ، فما كان من العامل الهندي سوى مساعدتي في البحث ثم احضر لي وجبة قليلة اسكت بها جوعي .

ولكني اكتشفت لاحقاً أنها من بقايا طعام عمال شركة كانت تعمل بالقرب من المدرسة ، ولكن الحمد لله فأيامها قد لا يمكن لغيري الحصول على طعام في بعض الأوقات ، أخذت مفاتيح سكن المعلمين المجاور للمدرسة ، ودخلت السكن وكان مظلماً وحاراً بسبب إغلاق النوافذ فقمت بفتحها للتهوية ، ولكن بسبب هبوب الرياح التي تذرو الرمال فالمنطقة صحراوية و فضلت إغلاق النوافذ تجنباً لعدم اتساخ المكان واتساخي والإصابة بأمراض التنفس .

شغلت مصباح الهاتف و تنقلت بين الغرف لتجهيز فراش النوم وكنت في كل مرة أتنقل فيها بين الغرف اسمع طرقات على الأبواب والأثاث ، ولكن عددتها من تخيلاتي و حاولت البقاء بالسكن ولكن لم ارتح ، فقررت الرجوع لحظتها فحزمت حقيبتي واعدت المفتاح للعامل وغادرت المكان و وقفت بمكان انتظار المواصلات المتجهة لمدينتي .

ولكن تذكرت أن بالمنطقة يتواجد بها القط الرملي البري وقد سمعت حادثة أو حوادث لأناس تمكن من عضهم ، وللعلم فعضته تضر بصحة الإنسان فهي سامة وليست قاتلة ، و ما هي إلا لحظات حتى بدأت اسمع مواء قط ، وظهرت عيناه وبدا بالاقتراب واخذ يحوم حولي وكنت أستدير معه مواجه له ومتحفزاً لأي هجوم قد يبدر منه .

ولكن الحمد لله لم يطل الأمر حتى أتت نحوي سيارات للسكان المحليين عائدة من مكان ما ، و استغربوا وجودي في هذا المكان وبهذا الوقت وفي أيام الإجازة ، فأخبرتهم بالأمر وأنني انوي الرجوع إلى مدينتي فرفضوا وطلبوا من احدهم أن يستضيفني الليلة في بيته وهو ما كان ، نزلت في البيت الخشبي المتواضع للرجل وأكرم هو وأسرته مثواي ، وفي الصباح و بعد الإفطار أصر الرجلعلى إيصالي بنفسه إلى الضفة التي تتحرك فيه القوارب والسفن إلى مدينتي ، شكرت الرجل كثيراً على معروفه و وصلت المدينة سالماً .

 

 

تاريخ النشر : 2016-07-20

guest
27 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى